عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 4554 - 2014 / 8 / 25 - 05:44
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
الأعتراض الأخر يأتي ليس من العلماء والمؤرخين والمستشرقين بل يأتي من التوراتيين الذين ينكرون ذكر نزول إبراهيم وزوجته وأبنه إلى مكة وبناء بكة وبقية الرواية الإسلامية يستندون فيها إلى أنه لا توجد فى الكتاب المقدس كله ولا كلمة واحدة تشير إلى أن إبراهيم ذهب إلى مكة أو شيد الكعبة,ومن المؤكد أن حياة إبراهيم وتنقلاته مذكورة بالتفصيل في الكتاب المقدس: 1ـ ففي (سفر التكوين 11: 31) خروج إبراهيم من أور الكلدانيين وإقامته فى حاران 2ـ وفي (سفر التكوين 12: 1- 8) مجيئُه إلى أرض كنعان إلى شكيم، وبيت إيل، وبناؤه مذبحا للرب 3ـ وفي (سفر التكوين12: 10 توجهه إلى أرض مصر بسبب الجوع 4ـ وفي (سفر التكوين 13 : 1-4) رجعوعه إلى إلى بيت إيل وسكنه في أرض كنعان ثانية 5ـ وفي (تكوين 25: 8- 10) موت إبراهيم، وَدَفَنَ إِسْحَاقُ وَإِسْمَاعِيلُ له فِي مَغَارَةِ الْمَكْفِيلَةِ (مدينة الخليل الحالية بفلسطن). 6ـ ولا توجد أية إشارة عن ذهاب إبراهيم إلى الجزيرة العربية كما تدعي الأساطير والروايات التراثية الإسلامية.
التوراة التي كتبت بالعبرية وبلغات أخرى لم تترجم للعربية والكثير من اليهود العرب كانوا لا يجيدون العبرية كلغة تدين وأول من ترجمها كان (سعيد بن يوسف (892- 942) كما كتب تفسيراً لمعظم أجزائه، وهو ما جعله متاحاً للجماهير اليهودية التي كانت لا تعرف العبرية. ويُعَدُّ سعيد من أوائل الذين درسوا اللغة العبرية دراسة منهجية, وتُعدُّ ترجمته للتوراةِ هي أول وأهم التراجم العربية للتوراة على الإطلاق, وقد ترجمها سعاديا الفيومي مباشرةً من العبرية وكتبها بالخط العبري, وأصبحت هي النسْخة القياسية لجميع اليهود في البلاد الإسْلامية. ولقد مارست هذه النسْخة تأثيرها على نصارى مِصْر, وتبنى هذه الترجمة أبو الحسَن السامري, ونقلها إلى التوراة السامرية في القرن الحادي عشر والثاني عشر الميلادي) .
الأهم في هذه الترجمة أنها كشفت لأول مرة أهم الحقائق التي ينكرها صوت وقلم المؤرخ التوراتي عن مكة وعن وجود مكة في زمن النبي إبراهيم ع وهي الدائرة التي تتمخض عنها كل الكتابات التي تحاول نسف فكرة الدين الإسلامي كدين سماوي من خلال إنكار مسألة وجود مكة وبكه وأن ما بني على أساسية مهمة يمكن أن يصحب عرضة للتشهير لو تم نسف هذه الأساسية من كون النبي محمد ص هو أخر الأنبياء ومن سلالة إبراهيم الخليل .
تاريخية بكة في الكتاب المقدس(بإقرار اليهود العبرانيين والسامريين)بكة = تجيء (مجيء) =Bach = ב-;-א-;-כ-;-ה-;- ,إن كلمة يجيء أو المجيء العربية, كْتَبت بالعبرية في الكتاب المقدس 40 مرة هكذا : ת-;-ב-;-ו-;-א-;- أو 47 مرة هكذا י-;-ב-;-א-;-ו-;-, ولكنها لم تُكتب في الكتاب المقدس كله هكذا " ב-;-א-;-כ-;-ה-;- (بكه)" إلا خمس مراتٍ , أربع منهن فقط في سفر التكوين وهم : (التكوين 10/19, 10/30, 13/10, 25/18) .. ومرة واحدة في سفر الملوك الأول( 1 ملوك 18/46 ) .. وفي فقرتين فقط من الفقرات الخمس جميعاً جاءت في الحديث عن العرب بني يقْطان وهم العرب العاربة, وعن العرب بني اسْماعيل وهم العرب المستعرِبة ..
التوراة التي جمعها موسى بأمر الرب بعد حوالي 900 سنه من وجود نبي الله إبراهيم أي في القرن الحادي عشر أواخره أو في بداية القرن العاشر قبل الميلاد بأبعد الأحوال ذكر مكة مع الإشارة إلى وأما العرب بنو اسْماعيل فهم ينْحدِرون من أبناء اسْماعيل الإثنى عشَرَ رئيساً : ( نبايوت وقيدار وادبئيل ومبسام ومشماع ودومة ومسا وحدار وتيما ويطور ونافيش وقدمة) في القرن السادس أو السابع عشر قبل الميلاد ( باعتبار الزعم التوراتي)... (التكوين 25/18) وسكنوا من حويلة الى شور التي امام مصر حينما تجيء نحو اشور). امام جميع اخوته نزل..
عند اليهود السامريون واليهود العبرانيون التلمودين إقرار واضح وصريح بأن إسماعيل وأولاده الأثني عشر مع ملاحظة جدا مهمة هي أرتباط الرقم أثني عشر بالدين الإبراهيمي من اليهودية والنصرانية والإسلام أنه قاسم مشترك من أسباط وأنصار وعين ماء وذرية إبراهيم وذرية يعقوب وإسماعيل وهذه الملاحظة ذات مغزى يمتد إلى أثريات وأدبيات الأديان الثلاث فيما بعد , المهم أن الإقرار حاصل ويمكننا أن نستنسخ من كتاب الأساطير السامِري Asatir , والتي قد تعني المخفي والمُخبأ , وهذا الكِتابُ عند يهود السامِرة يُوازي تماما كتاب المدراش أو التلمود اليهودي عند اليهود العبرانيين في أهميته وفي نسْبتِهِ إلى موسى.
كما يمكننا أن نرد من كتاب تفسير الأساطير وأسمه" Pitron" ما يؤكد ما جاء بسفر التكوين 25/18, وكما يلي.
• أ) نصُّ كتاب الأساطير:
• Chapter VIII. [Birth of Moses.]
• 1. And after the death of Abraham, Ishmaelreigned twenty seven years.
• 2. And all the children of Nebaot ruled for one year in the lifetime of Ishmael,
• 3. And for thirty years after his death from theriver of Egypt to the river Euphrates-;- and they built Mecca.
• 4. For thus it is said "As thou goest towardsAshur before all his brethren he lay." وترجمته .
• 1- وبعد موت ابراهيم, حكم اسماعيل 27 سنة
• 2- وجميع أبناء نبايوت حكموا عاماً في حياة إسْماعيل
• 3- ولثلاثين عامً بعد وفاتِه من نهر مصر إلى نهر الفرات, وبنوا مكة.
• 4- ولِذا فإنه قيلَ : " عندما تجيء نحو اشور أمام جميع اخوته سكن".
من كل ما تقدم تتضح هوية المقولة التي كثير ما يرددها البعض من أن مكة ليست أكثر مدينة نشأت بالصدفة لظرف تأريخي أفاد منه العرب ووافقهم عليه الإسلام لأسباب دينية وصاغ الرواية بتسلسل أسطوري كي يثبت لمن يؤمن بالإسلام أن هذا الدين له صلة بالتنبؤات الإبراهيمية القديمة أو أن النبي محمد ص هو من نسل إبراهيم ع من قريب الفكرة أو من بعيد التفكير كما جاء مثلا كتبه عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين يقول "إن القصة التي تحدثنا بهجرة إسماعيل بن إبراهيم إلى مكة ... نرى في هذه القصة نوعا من الحيلة في إثبات الصلة بين اليهود والعرب وأقدم عصر يمكن أن تكون قد نشأت فيه هذه الفكرة إنما هو هذا العصر الذي أخذ اليهود يستوطنون فيه شمال البلاد العربية .
وقد كانت قريش مستعدة كل الاستعداد لقبول مثل هذه الأسطورة في القرن السابع للمسيح أمر هذه القصة إذن واضح. فهي حديثة العهد، ظهرت قبيل الإسلام، واستغلها الإسلام لسبب ديني إن قصة العرب العاربة والمستعربة وتعلم إسماعيل العربية من جُرْهُم، كل ذلك حديث أساطير، لا خطر له، ولا غناء فيه .
#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)
Abbas_Ali_Al_Ali#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟