امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 4553 - 2014 / 8 / 24 - 10:34
المحور:
المجتمع المدني
هل أكتبُ لنفسي ، أي لكي اُفرِغ شُحناتي السلبية .. وأيضاً لأُرضي جُزءاً من غروري ونرجسيتي ، وأُنَفِسَ عن ما يختلج في دواخلي من غضبِ وشعورٍ بالإحباطِ والتهميش ؟ .. أم أكتب للآخَرين ، وألعبُ دَور المُصلِح والمُوّجِه .. المٌنتَقِد للسلبيات والكاشِف للنواقِص ؟ . سألتُ البارحة ، نفسي ، هذا السؤال .. وبعد ساعاتٍ من الأخذ والرَد ، توصلتُ الى إجابة : لا أدري ! . في الواقع ، لستُ واثقاً ولا مُتأكِداً .. من السبب الذي يدفعني دفعاً ، للكِتابة ، ولا لِمَنْ أكتُب ، ولا حتى جدوى الكتابةِ أصلاً . لكن مثل أشياءٍ كثيرةٍ أخرى في الحياة ، التي " هي أيضاً بلا جدوى .. بل رُبما تكون الحياة نفسها ، بمُجملها .. بلا جدوى ".. فأنني أستمرُ في الكتابة على أيةِ حال .
أما أن أكتب لِذاتي فقط .. فلا أُصّدِق ذلك .. فلو كانَ ذلك صحيحاً ، لما حرصتُ على إطلاع أصدقائي المُقرَبين ، على ما أكتب ( بعض الذي لا أنشُره ) ، وطلب معرفة آرائهم . فلِمَ أهتَم بآرائهم ، إذا كنتُ أكتب لنفسي ؟ .
ولو كنتُ أكتبُ للآخرين .. فَمَنْ يضمُن ان آرائي صحيحة ومواقفي صائبة وأحكامي مُتَزِنة ؟ .. أم انهُ يجب تفكيك كلمة " الآخَرين " ، فهي واسعة جداً ، بحيث تصبح بِلا معنى . فرُبما أستهدفُ جُزءاً من الآخَرين .. ولكن أي جُزء ؟ هل ذاك الذي يُؤيِد آرائي جُملةً وتفصيلاً " حتى لو قرأ السطر الأول فقط !" ؟ وأرتاحُ لثناءهم عليّ وتنتفخُ أوداجي للمديح الذي يكيلوه لي ؟! . أم ذاك الجزء من الآخَرين ، الذي يقرأ بِتمَعُن ويُفّكِر ويُقارِن ، وينتقِد ويُحاول تفنيد آرائي ؟ فأغتاضُ في داخلي وأكظُم ذلك ، وأرُد عليهِ بِلُطف مُدّعيا الديمقراطية والتفهُم ... وأنا ألعنُ والديهِ في سّري ! ؟ .
هل أكتبُ مُدافِعاً عن " أفكارٍ " عادلة ، مُحّدَدة وواضحة وصريحة ؟ .. لكن أين هي الأفكار التي ، تحمل هذه الصفات المثالية ؟ .. إذا كنتُ أنا نفسي ، لا أعرف بصورةٍ مُؤكَدة ، ما هي .. فكيفَ أنّصِبُ من نفسي مُحامياً عنها ؟ .
أقرأُ لساعاتٍ .. رُبما لأنني لا أمارس مهنة ما .. فلديّ الوقت الطويل .. للقراءةِ والكتابةِ والتأمُل . لكن هل جَعَلَتْني القراءةُ والتمَعُن والتعمُق .. واثقاً .. مُتأكِداً .. جازِماً ؟ .. لا أشعرُ بذلك في الواقع .
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟