أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق ناجح - البابا شنودة الثالث .. شاعراً














المزيد.....

البابا شنودة الثالث .. شاعراً


طارق ناجح
(Tarek Nageh)


الحوار المتمدن-العدد: 4550 - 2014 / 8 / 21 - 19:32
المحور: الادب والفن
    


البابا شنوده الثالث (1923-2012).. قالوا عنه فيلسوف القرن العشرين .. وأعلنته الكنيسة القبطية قديس من القديسين .. وهو بحق حبيب الملايين .. مسيحيين ومسلمين .. فالمحبة والتسامح هي أساس كل دين .. إذا إستمعت لبعض أحاديثه أو عظاته سيُدهشَك  بقوة حُجَتُه وسلامة أفكاره وذهنه اليقظ الحاضر وخفة ظِلِّه ( قفشاته الحاضرة ) وذاكرته الفولاذية ( فهو يحفظ الكتاب المُقَدَّس عن ظهر قلب ، بأسْفَارِهِ وأصْحاحاته وأعداده ( آياته ) وأرقامِها، إلى جانب مئات الكتب التي قرأها خلال  رحلة  حياته سواء دينية ، تاريخية ، أو أدبية ) ، وهو دائماً لديه أجابة لأي سؤال ، فهو موسوعي المعرفة الدينية والثقافية ، فهو بحق مُعَلِّم الأجيال على مدار أكثر من نصف قرن منذ آن ألقي على عاتقه مسئولية الخدمة الدينية أسقفاً للتعليم على يد البابا كيرلس السادس ثُمَّ بطريركاً خلفا له ( 1971-2012 ) .
ومما يعرفه الكثيرون أن البابا شنوده كان شاعراً قديراً ، حفظ آلاف الأبيات من الشعر الجاهلي وحتَّى الحديث ، ولكن بسبب نشأته الدينية ثم رهبنَته في سن الشباب ، وإنخراطه في الخدمة الدينية ، جعل ما وصل إلينا من شعره هو الديني والروحي لراهب  زاهد في الدنيا ومُتَعِها يهيم على وجهه في الصحراء يلهج لسانه بالتسبيح والتراتيل أو قابعاً في مغارته يقرأ تعاليم وسِيَّر الرهبان الأولين وتَفَاسيرَهُم . يحيا كطيف أو خيال ليس له غرضاً أو هدفاً سوى الحياة مع الله بين الكهوف والجبال ، حيث السكون والصمت الرهيب و الإحتمال . وهو ما عبًَّر عنه في قصيدة " من تكون " والتي نظمها في مغارته سنة 1960 ، حيث قال فيها :-
كُلَّ ما هو لك صمت وسكون    ..    وهدوء يكشف الْسِّر المصون
إعتزلت الناس حَتَّى ما ترى.   ..    غير وجه الله ذي القلب الحنون
وفي عام 1946م ، وفي سنوات رهبنته الأولى  ، راح البابا شنوده يُعَبِّر عن الدوافع والأسباب التي دفعته إلى الرهبنة في قصيدة "غريب" حيث يقول :-
تركت مفاتن الدنيا    ..    و لم أحْفَل بناديها
ورحت أَجُّر تِرحالي   ..   بعيداً عن مَلَاهِيها
أطوف ههنا وحدي    ..   سعيداً في بواديها
بِقيثاري ومِزمَاري.    ..   وألحان أُغَنَّيها 
وساعات مُقَدَّسةٍ.      ..   خَلُوت بخالقي فيها
وفي مغارته الكائنة في صحراء مصر الغربية ، والتي تبعد عن الدير ساعة أو بعض ساعة سيرا على الأقدام ، وفي عام 1961م ، نَظَمَ قَصيدَّته "همسة حُبٍّ " ، والتي قد يظن القارئ للوهلة الأولى من عنوانها ، أنها عن العشق والهوى . هي حقاً عن العشق ، ولكن ليس عشق الرجل لإمرأة  بل عشق  يذوب فيها القلب والنفس في الذات الإلهية ، وهي أقصى ما يطمح اليه العابد الزاهد ( في كل الأديان وعلى مََّر الزمان ) ، حيث قال :- 
قلبي الخفَّاق أضحى مَضجًعك      ..      في حنايا الصدر أخفى موضٍعَك
قد تركت الكون في ضوضائِه.      ..      و أعتزلت الكل كي أحيا معك 
ليس لي فكر ولا رأي ولا.           ..       شهوة أخرى سوى أن أَتبَعَك 
ومن قصيدَّته "تائه في غربة" ، والتي نَظَمَهَا أيضاً في المغارة عام 1961م ، فيقول بلسان الراهب العابد الزاهد :-
لست أدري كيف نمضي أو مَتى     ..           كل ما أدريه أنَّا سوف نمضي
في طريق الموت نجري كلنا.          ..           في سباق ، بعضنا في إثر بعض
كبخار مضمحل عمرنا.               ..           مثل برق سوف يمضي ، مثل وَمض
ويكمل قائلاً :-
قُلْ لمن يبني بيوتاً ههنا :             ..            أيها الضيف ، لماذا تبني ؟
قُلْ  لمن يزرع أشواكاً ، كفى.        ..            هو نفس الشوك أيضاً سوف تجني
وكما ترى عزيزي الـقارئ ، كم كان قداسة البابا شنودة متمكناً من مفرداته اللغوية ، وكيف كانت مطية سهلة يجوب بها في عالم الشعر في سهولة ويسر .
وهكذا أيضاً عزيزي القارئ ، فإن كل الأديان السماوية تؤكد أن كل ما على وجه الأرض فانٍ ، ولا يصحب الإنسان معه إلى العالم الآخر سوى عمله الصالح ، وإيمانه بالله الواحد الذي يشرق شمسه على الصالحين والطالحين  ، على الأشرار والطيبين ، وحسابه في المنتهى ، يوم قيامة الخلق أجمعين .



#طارق_ناجح (هاشتاغ)       Tarek_Nageh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الرجل الذي أضاع في الأوهام عمره
- من هيفاء لصافينار .. ياقلبي لا تِحتار
- قرية فوق صفيح ساخن
- ما بين الكاريزما و فوبيا البيادة
- هل ضرب أحمد زكي .. السبكي ؟؟؟
- باسم يوسف 00 وشئ من الخوف
- دير أبوحنس .. والفتنة القادمة


المزيد.....




- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...
- روسيا.. العثور على آثار كنائس كاثوليكية في القرم تعود إلى ال ...
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- -الأخ-.. يدخل الممثل المغربي يونس بواب عالم الإخراج السينمائ ...
- عودة كاميرون دياز إلى السينما بعد 11 عاما من الاعتزال -لاستع ...
- تهديد الفنانة هالة صدقي بفيديوهات غير لائقة.. والنيابة تصدر ...
- المغني الروسي شامان بصدد تسجيل العلامة التجارية -أنا روسي-
- عن تنابز السّاحات واستنزاف الذّات.. معاركنا التي يحبها العدو ...
- الشارقة تختار أحلام مستغانمي شخصية العام الثقافية


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - طارق ناجح - البابا شنودة الثالث .. شاعراً