مريم نجمه
الحوار المتمدن-العدد: 1284 - 2005 / 8 / 12 - 11:40
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
فبعد مرورنا بالحضارات الأولى وإرثها .. , والإمبراطوريات القديمة وحروبها من الشرق والغرب .
ثمّ نشؤ وظهور الأديان التوحيديّة وصراعاتها , وما رافقها من تطوّر وإغناء روحي وثقافي وفكري وفلسفي .. , واضطهادات في الوقت نفسه .
كلّ تلك الخطوات والمتغيّرات .. والمراحل والنقلات التاريخية التي مرّت بها بلادنا ومنطقتنا , ولّد بالطبع تراكم معرفي وحضاري شامل , استمرّ حتى سقوط بغداد على يد المغول . ثمّ الإحتلال العثماني - 1514 - 1918 - الأمر الذي أدّى إلى إنقطاع حضاري دام أكثر من ثمانية قرون .. , وما رافقها من سياسة التتريك والإفقار والنهب والحروب.. وقائمة طويلة من النكبات ..( التعصّب التخلّف والجهل .. وتقسيم المواطنة إلى درجات وفق التمييز الطائفي والعنصري , ووفق نظام ( الملل والنحل ) - بكسر الميم والنون - .... ؟
مما خلّف وراءها تركة ثقيلة من الخراب في كل مناحي الحياة .. , ما تزال اّثارها السلبية شاهدة حتى يومنا هذا .
هذا الخراب الذي طال البشر .. والحجر , بما افقر .. وصحّر .. الأرض والتربة .. من غطائها النباتي , والعقل بالأميّة بالتهجير والسجن والهجرة .. والخوف من السلطان .
وتكريس الإقطاع .. ونظام الباشاوات والأغاوات .. والولاة , والعبودية , وسيادة المجتمع العشائري القبلي الرجعي المنكمش والمتقوقع على نفسه , البعيد عن الإنفتاح والتحرّر , والذي انعكس على الفكر بالدرجة الأولى , والعلاقات الإجتماعية .. والأسرة .. وعبودية المرأة أخيرا .
بعد تلك الحقبة السوداء الطويلة .. , انتقلنا من "" تحت الدلف لتحت المزراب "" , "" من غريب سلمونا لغريب ", كما تقول أمثالنا الشعبية .
فقد دخلت بلادنا بعد الحرب العالمية الأولى - 1916 - 1918 - تحت الإستعمار الغربي ( الفرنسي الإنكليزي والإيطالي وغيره ) , فكان من الطبيعي أن تنشأ على إثر ذلك حركات سياسية وثقافية وتحرّرية .. , وهذا ما حصل فعلا .
ففي منتصف القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين تقريبا أخذت تتشكّل أحزابا وحركات وطنية , ولدت ونمت في حضن الإستبداد والإحتلال والإستعمار , فتفجّرت على شكل ثورات وانتفاضات هنا وهناك .. , وتمرّدات , وعصيان مدني , وعاميّات شعبية , عدم دفع الضرائب , , الهجرة , الهروب من الجندية ووووو .. جمعيّت , ومنتديات , وأحزاب .. الخ .
وكذلك .. نتيجة إحتكاك الشرق بالغرب , وبالعكس -
وعن طريق الحروب .. , والتجارة .. , والعلم , والبعثات , والإرساليّات , وغير ذلك من وسائل الإتصال والتبادل
أصبح التفاعل أمر ضروري .. ويومي ملموس .
ففي هذه الفترة المفصليّة من حياة الشعوب .. , بين قرن وقرن , واحتلال واحتلال , إلغاء وإلغاء , نفوذ ونفوذ .. , وثقافة وثقافة , أخذت المرأة العربية ترافق التطوّر والتحرّر , والحداثة والتجديد .. .. والطموح للحريّة والتقدّم .. والتغيير , وتجاوز الجمود الفكري الذي فرضه ( تابو ) التقاليد الرجعية .
ربما قد سار ورافق بالتأكيد .. إمتدادا لعصر النهضة والتنوير وروّاده في أوربا - وروّاد النهضة في المشرق العربي .
فمع هذه التطوّرات , والتأثيرات الداخلية .. والخارجيّة .. , أخذت المرأة العربية تنخرط وتدخل المعترك السياسي , والثقافي , والأدبي , والإعلامي, بالإضافة إلى الإقتصادي .. , وتشارك المجتمع المدني إلى جانب أخيها الرجل وتجسّد هذا الفعل , بظهور وإنشاء وتأليف المنتديات الأدبية بالعشرات في كلّ البلاد العربية .. , من إصدار الصحف والمجلاّت والكتب وغيرها .
إلى النشاطات السياسية , والتظاهرات ضد التواجد العسكري الأجنبي ومشانقه لأحرار الأمة - إعدامات 6 أيار في دمشق وبيروت - وغيرها . وضد الغلائ والمجاعة , وارتفاع أسعار الخبز " العيش " ومطالب إقتصادية وسياسية وإجتماعية أخرى .
وبعد ذلك أخذت المرأة تتعمّق وتتطوّر عاما بعد عام .
وما صور الأفلام السينمائية , والصحف , والمجلات القديمة .. والقافلة الطويلة من الرائدات .. سوى صورة ناصعة مشعّة وجديّة عن التطوّر الذي بدأ يتقدّم ويدخل مجتمعاتنا.. , قبل أن يأتي نظام العسكر في الخمسينات من هذا القرن , وما زال , والتيارات الدينية الرجعية فيما بعد .. , ويجهضوا هذا الحلم ... !
لذلك .. فإن بداية الخطوات الرائدة والجريئة للمرأة العربية التي سارت بها منذ بداية النهضة وحتى اليوم , في المرحلة المبكّرة والتي ذكرتها سابقا .. , علينا أن ننبشها ) ونبرزها ونكتبها بأمانة , وإخلاص ووفاء .. وموضوعيّة , لأنها جانب مهمّ من خطواتنا الثقافية التقدّميّة والإنسانيّة , العلمانية المتحرّرة من كلّ قيود الرجعيّة , والمغفلة من بعض الإعلام مع الأسف - وإن بدأ بالاّونة الأخيرة يسلّط الضؤ على جانب منهن ّ وبشكل خجول .. !!! ؟
فمنذ ذلك الوقت أخذت المرأة تناضل ضد الجور والإستبداد والعقلية العثمانية الرجعية المتخلّفة والمتعصّبة , عقلية ( الاّغاوات والحريم , والحرملك وو والسخرة والإحتقار والفوقية والتتريك .. وإلغاء العقل ) .. ثمّ الإستبداد الإقطاعي والبرجوازي الحديث فيما بعد , وما أدخله من مظاهر جديدة في السلوك والعلاقات والشرائح الإجتماعية .
وهكذا .. تكون قد سارت المرأة ومشت مع حركة الوعي التي اجتاحت منطقتنا علما ونضالا وعملا.. , ضد الظلم والعنصرية والتفرقة والتمييز , ضد الإحتلال والإقطاع , وأرباب العمل . وشكّلت أوانتسبت للأحزاب والجمعيات والمنظمات .. والنقابات . وحضرت أو أقامت المؤتمرات النسائية المبكّرة وغيرها من الفعاّليات والنشاطات الإجتماعية التي تحارب الجهل والأميّة والتعصّب الديني ومظاهره الخارجية , البعيد عن الإيمان الحقيقي الذي يعني التسامح واحترام الاّخر مثل ماهو .
وهنا .. , لا بدّ لي أن أسجّل للتاريخ , ما كنا قد بدأنا به في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات من القرن الماضي - في نشرة ( اليعربية ) , والزيارات التي كنا نقوم بها لأسر وعائلات الرائدات والروّاد في دمشق من قبل - منظمة النساء الثوريات - وكتابة وسبر و " نبش " تاريخنا الشعبي والوطني .. , وحياة نسائنا المغمورات وإبرازهنّ كصور ورموز شاهدة .. ناصعة .. على فكرهن الوطني والتقدّمي المبكّر .
وأقولها سرا وعلنا .. لو كنت في مركز المسؤولية , لكنت قد صنعت تماثيل لهن .. وأسميت شوارع بأسمائهن , وقمنا بزيارة قبورهن ووضع باقات الزهور في كلّ مناسبة .. , لكي نربّي الأجيال والنشئ الجديد على الحبّ والإحترام لكل عنصر أعطى وساهم رجلا كان أو إمرأة . وبهذا نكون قد جسّدنا وطبّقنا القول بالفعل والعمل , وهذه هي وحدها الثقافة الإنسانية ...التي يجب أن تتعمّق .. وتنتصر .. وتسود , لتزهو مجتمعاتنا بالجمال والخير والإحترام ... والمساواة .
طوال قرن من الزمن وأكثر ..
لقد برزت أسماء وعناصر نسائية .. ورائدات بالوطنية , والثقافة , والإبداع الفني المتنوّع , والغناء , والتحرّر الفكري .. , والجمعيات النسائية , والمنتديات الأدبية والهيئات المدنية والمؤتمرات والنوادي وغيرها .. وهنّ كثر - أبرزهنّ .. على سبيل المثال لا الحصر ..
الرعيل الأول -
ماري عجمي -ماري مرّاش - مي زيادة - نظيرة نور الدين - نازك العابد - نازك الملائكة - بنت الشاطئ - هدى شعراوي - فاطمة اليوسف .
ومن الرعيل الثاني :
فدوى طوقان - حنان عشراوي - لطيفة الزيّات - نوال السعداوي - فريدة النقاش - غادة السمّان - كوليت خوري - جميلة بوحيرد - لويزا حنّون - اّسيا جبّار -إميلي فارس إبراهيم - إميلي نصرالله - .
وإذا كان هذا الموضوع لم يشمل جميع نضالات المرأة العربية في جميع الأقطار , لعدم توفّر المصادر في غربتنا , وبعدنا عن الوطن والإستقرار وانقطاع كل الإهداف المرسومة وإجهاضها , وبعد ضياع وسرقة وتوزّع وتشتت مكتباتنا , ودراساتنا , .. اّمل أن أستكمل ذلك في المستقبل .
يتبع -
#مريم_نجمه (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟