|
هل ستخطو اوربا على خطى لندن في محاربة الأرهاب ؟
زهير كاظم عبود
الحوار المتمدن-العدد: 1284 - 2005 / 8 / 12 - 11:31
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
مامن شك أن الحملة الدولية على الأرهاب لم تكن بالمستوى الذي يقضي على منابعه وأصوله ، ولاهي بالمستوى الذي يقضيعليه ويحمي الناس من شروره ، وأن الوقفة الدولية لاتخرج الا عن دائرة الأستنكار والشجب الدوليين ، ومايحدث في عدة مناطق بالعالم يشير الى قدرات عسكرية متنامية لقوات الأرهاب الدولي ، ولايمكن ان يتم هذا النمو بعيدا عن معرفة القوى الكبرى في العالم ، بالأضافة الى تمكن هذه القوى الأنتقال والتغلغل في المجتمعات الأوربية بطرق باتت معروفة . ويقينا ان المواقف السياسية ومواقف الأستنكار والشجب لاتستطيع وحدها حماية المواطن من الأرهاب ، كما لاتوقف مجرى الدم البشري والموت الذي أصبح هدفاً لهذه التنظيمات المتطرفة ، والتي لاتعرف غير القتل والتخريب والتفجير وأيقاع الخسائر بين اكبر عدد ممكن من الناس ، بغض النظر عن اديانهم وقومياتهم وجنسياتهم وافكارهم بل وحتى اجناسهم واعمارهم . ولكون هذه التنظيمات الأرهابية أستغلت الحماية التي وفرتها لها الدول الأوربية التي اعتقدت انها تقوم بتطبيق حقوق الأنسان في حماية الأعتقادات الدينية لمثل هذه الجماعات ، فوفرت لها فرصة الأقامة واللجوء والتجنس والأندساس وسط مجتمعاتها لتمارس حريتها . غير ان هذه الدول الأوربية تناست أن لائحة حقوق الأنسان تنطبق على البشر الأسوياء ، وليس على من يوظف جسده النتن لقتل الأبرياء حيث يخرج عن دائرة البشر الاسوياء ، وأن هذه الدول فهمت انها بتوفير الحماية القانونية لهذه الجماعات انما تحمي الحقوق الأنسانية التي تكفلها قوانينها ، متناسية أن هذه النماذج لاتفهم معنى الحياة الا بالموت ، ولاتفهم معنى الحرية الا بالخراب وكما فات عليها ان تتفهم هذه العقليات التي حصرت فكرها في حقيبة المتفجرات التي تقتل الأبرياء وسط الأسواق وباصات المترو والقطارات ، اعتقاداً قاصراً منها ومن عقول قياداتها أن مثل هذة الأفعال الخسيسة والجبانة ، انما ستنصرها على أنظمة الدول الأوربية التي وفرت لأعضائها لقمة العيش والكرامة والجنسية ورعت اطفالها وعوائلها ، بعد ان فرت مذعورة من بلدانها لاتلتفت الى الخلف حيث لم تكن لها ادنى قيمة . حقاً أن الحملة الدولية لم تكن بالمستوى الذي يوازي الخطورة الأجرامية لمثل تلك المجموعات ، والتي توفر لها المال والسلاح والدول التي تتعاطف معها وتوفر لها السبل الكفيلة بأيصال صوتها وافكارها البعيدة عن العقل الأنساني ، والداعية بفخر ارتكابها الجرائم الانسانية . وبالرغم من النداء الدولي والأجماع الداعم لمحاربة الأرهاب ، فلم تزل دول عديدة وتحت أغطية مختلفة توفر هذا الدعم للتنظيمات الأرهابية بزعم انها تنظيمات اسلامية ، وانها تعبر عن تطرفها بوسائلها الخاصة ، غير انها تشترك معها في ارتكاب الجرائم ضد الانسانية حين تسمح لها أن توظف قنواتها الفضائية لتمرير خطابات المعتوهين من قادتها المتلبسين بالفكر الأجرامي والغاطسين حتى آذانهم بالجرائم الأنسانية ، اعتقاداً منهم انهم سينتصرون على الأنسانية ليصيروا خلفاء وأمراء وملوك وأباطره يحكمون وفق مزاجهم وهواهم ودينهم ومذهبهم الجديد . وأذ وقعت اوربا تحت مطرقة الأرهاب في جرائم راح ضحيتها أناس ابرياء جريمتهم ان دولهم منحت القاتلين الغطاء والمبرر والسبب الذي يجعلهم يقيمون فوق اراضيها ، سواء كمتجنسين او مقيمين بشكل شرعي أو غير شرعي ، وبعد ان ثبت لهذه الدول غباء التنظيمات الأرهابية ، وعدم تفريقها بين السلطات والمواطنين ، وبين الجيوش والأبرياء العزل والفقراء العاملين من الناس ، وبين الفعل السياسي والقتل ، لجأت الى أعتقال عدد من عناصر هذه الأوكار لتقدمهم الى المحاكمة . ومع هذا الأمر زاد من اعتقاد اعضاء هذه الشبكات أن الحس الأنساني لدى هذه الدول لم يزل يوفر لها الحماية ويتعامل معها بانسانية واضحة ، ولايمكن ان يسحب منها الغطاء الذي وفرها لها . وثبت بما لايختلف عليه احد ، ان عناصر هذه الشبكات الارهابية ممن وفرت لهم الدول الأوربية الغذاء والأمان والسكن والكرامة ،برهنوا على خسة عقولهم وتنكرهم للجميل وبروز جراثيم الجنوح نحو الجريمة في عقول اعضائها ، حيث لجأ عدد منهم الى تفجير جسده النتن بقطارات المترو و بالباصات التي تحمل الفقراء من الناس انتقاما من الأنسانية ، ودليلاً على الأنحطاط الفكري والديني والأخلاقي الذي تعتقده هذه العناصر . و يشار إلى أن إجراءات متشددة اعلن عنها رئيس الوزراء البريطاني توني بلير وذلك في إطار خطط حكومته لمواجهة الآرهاب ، منها التفات الحكومة البريطانية الى خطورة التحريض الذي يمارسه بعض في بريطانيا على الأرهاب ، وهذا التحريض يتناسب فعليا مع الفعل الجرمي وتصل عقوبته الى نفس المستوى في عقوبة الفعل الاصلي ، والتحريض على الأرهاب والقتل يتخذ اشكال عديدة منها التحريض بالكتابة أو بالخطابة أو بتمجيد الفعل الأجرامي أو حث السذج على ممارسة هذه الجرائم ، واستغلال الواهمين والحالمين بتصوير هذه العمليات الأجرامية افعال جهادية ، كماتفعل صحيفة عربية خاوية تصدر في لندن مدعومة من جهات اسرائيلية ، والدور الخطير الذي يقوم به رئيس تحريرها الذي يؤيد الافعال الاجرامية التي تقوم بها التنظيمات الارهابية من خلال تمجيده بابن لادن وتبريره الجرائم التي ترتكبها عصابات الارهاب في اوربا ، مع انه يحتمي بأوربا ويعيش في لندن ويحمل الجنسية البريطانية ، مما يشكل خطورة كبيرة على المجتمع البريطاني . أن قيام الحكومة البريطانية بسحب الجنسية من المحرضين على الأرهاب يجعل من هذه المواجهة تأخذ مسارها الطبيعي والحقيقي ، فسحب الغطاء القانوني عن هذه النماذج سيجعلها تتقافز كالفئران لاتعرف اين تلوذ ، بعد ان تحاصرها القوانين وتلاحقها العدالة ؟ يقينا ان البلدان التي جاءوا منها لن تكون لهم موضع ترحيب ، كما لايمكن ان يلقوا الحماية القانونية لأفعالهم وتحريضهم ، ولهذا سيلجأ العديد منهم الى الفرار والأختباء ( وهي سنة أقدم عليها الرئيس البائد قبلهم ) ، وسيتلون العديد منهم يغيرون جلودهم ويمسحون كتاباتهم التي يحرضون بها على قتل الأبرياء ، اعتقاداً منهم انهم يستطيعوا التخلص ، ولكن العدالة والقانون في بريطانيا بدأ في تطبيقاته السليمة حماية لأرواح الناس وحماية للقوانين الأنسانية التي استغلتها هذه الشراذم . أن القاء القبض على المحرضين لايقل اهمية عن القبض على الفاعلين ، وعلى المجتمع الدولي والمنظمة الدولية الالتفات الى الدور التخريبي والأجرامي الذي تقوم به بعض الفضائيات العربية التي سيطرت عليها عقليات موالية للتنظيمات الأرهابية ومتعاطفة معها ، وسخرت أمكانياتها لخدمة الأرهاب ، واصبحت مجموعات تحمل الفكر الأرهابي تسيطر على أكثر البرامج الموجهة للذهن العربي ، الخاوي والبائس والمنهزم ، لتزيده خواءاً وتوغل في ابقاءه منهزما والمساهمة في جعله يعيش في الأحلام غير الحقيقية بأنتظار القائد والمخلص والفارس الذي لايجيء . وأذا كانت لبريطانيا التي اوجعها الأرهاب وأستباح حرمة اهلها وقوانينها ، وداس بقدمه العفنه على كرامتها ، ان تقدم على حقها المشروع في الدفاع عن شعبها وأراضيها وقوانينها ، في سحب الجنسية ورخصة الأقامة عن المحرضين على الأ{هاب ، نرى لزاماً على المنظمة ألدولية أن تدرك اهمية هذا القرار ، وان يصار الى الأحتذاء ببريطانيا من باقي الدول الأوربية التي يعشش فيها الفكر الأرهابي والمتطرف ، والذي ينخر جسد مدنها الآمنة والجميلة ليحيل حياتها الى جحيم وجرائم يندىلها جبين البشر . التحريض واضح وصريح وموجود في السويد والمانيا والدنمارك وأستراليا وهولندا ويتخذ اغطية مموهة غير انها بالية ومكشوفة ، وما ان تتخذ هذه الدول قراراتها المتطابقة مع العدالة الأنسانية فأنها تحصن بلدانها وتحمي شعوبها من الخطر الكامن بين ظهرها ، ومن طبيعة هذه التنظيمات والمحرضين على الأرهاب الغدر ، فقد جبلوا على كل الصفاتالغادرة والجبانة والخسيسة ، وسوف لن يتوانوا في سلوك أخس السبل والرديء من الوسائل في سبيل ايقاع الأذى بالناس ، ليس بقصد اسقاط الأنظمة السياسية في اوربا ، وليس بقصد اجبار الأوربيين على اعتناق مذهبها وأفكارها ، وانما بقصد الأثبات للعالم خسة عقلية الأرهاب ودنائته وعقم تفكيره وتردي سلوكه ، مما يوجب ان تكون وقفة دولية تتناسب مع الخطورة الأجرامية التي يشكلها التحريض على الأرهاب ايا كانت اشكاله .
#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نداء الى الامم المتحدة والى المنظمات الدولية والانسانية كافة
-
قتل المخطوفين
-
فارسية الكرد الفيلية
-
هل تكفي ثلاثة دقائق للصمت ؟
-
حرب الأرهاب ضد الأنسانية
-
صدام أخذنا بقانون القوة فلنأخذه وأعوانه بقوة القانون
-
ياسالم البدراني
-
نداء الى الأخوة في الجمعية الوطنية العراقية
-
رسالة الى الوطن
-
فيلق العراق الاعلامي
-
مرثية الى العامل احمد عبد الأمير
-
الأبيض والأسود
-
نريده عراقيا
-
هولير التي لن يتوقف حلمها ابدا
-
في بيتنا أيراني
-
ماذا يريد الأيزيدية من الدستور العراقي الجديد
-
زمن الخفافيش
-
القتل الخطأ .. القتل الغبي
-
فهمي هويدي يحلل من موقع الظالم
-
السنابل العراقية تصير 71 سنبلة
المزيد.....
-
نيللي كريم تعيش هذه التجربة للمرة الأولى في الرياض
-
-غير محترم-.. ترامب يهاجم هاريس لغيابها عن عشاء تقليدي للحزب
...
-
أول تأكيد من مسؤول كبير في حماس على مقتل يحيى السنوار
-
مصر.. النيابة تتدخل لوقف حفل زفاف وتكشف تفاصيل عن -العروس-
-
من هي الضابطة آمنة في دبي؟ هذا ما يحمله مستقبل شرطة الإمارات
...
-
حزب الله يعلن إطلاق صواريخ على الجليل.. والجيش الإسرائيلي: ا
...
-
بعد مقتل السنوار.. وزير الدفاع الأمريكي يلفت لـ-فرصة استثنائ
...
-
هرتصوغ ونتنياهو: بعد اغتيال السنوار فتحت نافذة فرص كبيرة
-
الحوثي: الاعتداءات الأمريكية لن تثنينا
-
-نحتاج لمواجهة الحكومة لإعادة الرهائن-
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|