أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي بنساعود - صبايـا ما بعـد منتصـف الليـل














المزيد.....

صبايـا ما بعـد منتصـف الليـل


علي بنساعود

الحوار المتمدن-العدد: 1283 - 2005 / 8 / 11 - 11:29
المحور: الادب والفن
    


ترى ماذا يفعل الآخرون حينما يحل الليل، ونأوي نحن المتعبين من اللهاث وراء اللقمة إلى فراشنا؟

مهلا عزيزي القارئ، لا تتسرع في الجواب، وتعال معنا لنقوم وإياك بجولة في بعض الفضاءات- اللغز، ونعاين الجواب، ونكتشف أننا وإياكم كنا "فدار غفلون" وسيكون مزارنا ناديا ليليا بفندق مصنف شهير.

الساعة الآن تشير إلى منتصف ليلة باردة، والمدينة مكناسة الزيتون.

بعد الأداء، نفتح الباب... الظلام حالك... نخطو خطوة وثانية فثالثة... الرؤية صعبة تعوقها حركة المصابيح الملونة الخافتة، وكثافة الدخان، وصخب موسيقى غربية منبعثة من حيث لا ندري.

أمامنا أشباح تتحرك... أشد ذراع مرافقي وأسير خلفه... نقتعد أقرب أريكة موليين ظهرينا للباب... أستوي في جلستي وأبحلق حولي ذات اليمين وذات الشمال. أمسح الفضاء... تبدو لي القاعة فسيحة والطلاء داكنا. في العمق "كونتوار" وفي الوسط حلبة رقص أرضيتها من خشب، حولها أرائك... على اليسار مصطبة تحتلها فرقة موسيقية...

حيثما وليت وجهك فثمة ابتسامة أنثوية ترحب بك... مباشرة على يساري، صلعة تزيدها أشعة المصابيح لمعانا... في حجر صاحبها "سطاشية" بضة... على يميني شيخ ملتح ضخم الجثة، تحت إبطه أخرى لم أتبين ملامحها.

أثارت انتباهي عجوز في حوالي الثلاثين من عمرها... تراقص هذا هنيهة، وتلحق بالآخر لتملأ كأسه بعد أن تفرغه في جوفها، وقبل أن تغادره تنادي من تؤنس وحدته في انتظار عودتها.

يبدو أن الشعار هنا هو: نادموا وراقصوا ما طاب لكم مثنى وثلاث ورباع ...

النادل في الخدمة، دون أن تناديه "يكرمك" بالقنينة حتى قبل أن تنهي شقيقتها.

لا حضور هنا لغير الـ:"مارلبورو" والسجائر المحشوة... الجميع ينفث... وفي الزوايا المعتمة، وأمام الكونتوار، تتبادل اللمسات والقبل السافرة...

مغني الفرقة يقلد "الساهر" الآن، يتأوه من حواء لك، تلك التي أنسته الداء وأمدته بالدواء...

بين فينة وأخرى يحل فوج لينضاف للآخرين... أصعق وأنا أرى بضعة مراقهين يدخلون بينهم ثلاث صبايا كاسيات عاريات... لا يمكنني أن أتخيلهن سوى بوزراتهن متأبطات محافظهن ومتجهات صوب الإعدادية.... والغريب، أنهن معروفات في هذا المسمى "ناديا" والدليل أن الفرقة خصتهن بتحية موسيقية خاصة... والأغرب أنهن استجبن لها برقصات احترافية داعرة: هذه ترقص صدرها، وتلك مؤخرتها، والأخرى ما تحت سرتها!!!

يسيل لعاب الأصلع... لا يتمالك نفسه... يزحف نحو الحلبة... وبأريحية، يعلق على صدر الأولى ورقة نقدية ويقبلها على شفتيها... يكاد يقع أرضا من كثرة الشرب... تشد أزره، تساعده على العودة إلى مكانه، يشد ذراعها فتجلس جنبه. تصله تحية الجوق فيقهقه ويعب كأسه دفعة واحدة.

يقوم الشيخ بدوره، ويصفف على حزام تنورة من كانت تهز شيئها خمس ورقاب نقدية زرقاء!!! ويعانقها مراقصا إياها...

رغم حالة السكر، وكل تلك المثيرات، فالهدوء يخيم على المكان، ولعل الفضل في ذلك يعود لثلاثة "ﭬيدورات" شداد غلاظ موزعين على القاعة مراقبينها، وعلى أهبة الاستعداد للتدخل متى دعت الضرورة لذلك.

إن كنت وحيدا أو خجولا مثلي، ولم تتجرأ على استدعاء واحدة لتؤنسك، فستأتيك من تلقاء نفسها، وسترقصك، و ترقص لك، وتنادمك، بل إنها لن تبخل عليك بخيراتها، ما تبقى من سويعات تلك الليلة، بمقابل لا يتجاوز 500 درهم!!! إياك أن تفكر في السمي? أو السما? أو أن تطلب تخفيضا، وإن فعلت مثلي، فستوضح لك أن السعر مخفض بسبب الكساد الذي يعرفه السوق، وأن نصيبها من هذا المبلغ زهيد، إذ لها شركاء فيه!؟ وستتظاهر بالانصراف. إن صمدت، ولم تتراجع، فتيقن أنها ستعود إليك شريطة أن ترى في المبلغ الذي اقترحته عليها بقيه لها، إذ أن الزبناء، كما ترى، قليلون.

وإن كنت في كامل وعيك، وتأملت وجهها، فستبدو لك صادقة والدليل صوتها المنكسر ووجهها الشاحب رغم كثرة الأصباغ.

الوقت هنا يمر بسرعة، والساعة الآن تشير إلى الثالثة صباحا، ولا يبدو أن أصحابنا هؤلاء يفكرون في النوم، نتذكر أن الشغل ينتظرنا بعد ثلاث أو أربع ساعات، نغادر المكان تاركينه وأهله للصخب والعتمة والدخان.



#علي_بنساعود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قطاع الصحة بالرشيدية: خصاص في البنية التحتية والتجهيزات والم ...
- السجن المدني بالرشيدية: اكتظاظ وتجويع ووضعية صحية متردية
- المجلس الإقليمي للرشيدية يؤبد التملص من أداء الديون العمومية
- المجتمع المدني يتدارس -الخطة الوطنية للطفل بالمغرب-
- مؤتمر -الجامعة- يوصي بإعادة بناء الوحدة النقابية وتجاوز واقع ...
- جمعيات تطلق برنامجا للإدماج الاقتصادي
- النساء وجودة التعليم
- نساء تافيلالت تخضن غمار تجربة العرض
- التربية غير النظامية بالرشيدية:المعيقات وسبل التجاوز
- التربية، والحماية من سوء المعاملة، والحق في الرأي والتعبير/أ ...
- ّالساسيّ في تجمع جماهيري بالرشيدية: الوضع السياسي شاذ، واليس ...
- الوضعية البيئية بإقليم الرشيدية/تدهور حد الخطورة ومبادرات عل ...
- ابتدائية الرشيدية تحكم بسجن مراسل صحفي
- فراعنة ورزازات
- ورزازات مسيرة رغم العسكرة والمنع
- نساء تافيلات أمية وفقر ومعاناة
- كلنا في الهم شرق
- بمناسبة - طي صفحة الماضي- بالمغرب


المزيد.....




- تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
- حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي ...
- تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة ...
- تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر ...
- سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
- -المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية ...
- أموريم -الشاعر- وقدرته على التواصل مع لاعبي مانشستر يونايتد ...
- الكتب عنوان معركة جديدة بين شركات الذكاء الاصطناعي والناشرين ...
- -لي يدان لأكتب-.. باكورة مشروع -غزة تكتب- بأقلام غزية
- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي بنساعود - صبايـا ما بعـد منتصـف الليـل