|
الإفلاس السياسي كما يرصده الشاعر المغربي سليمان مستعد
عزيز باكوش
إعلامي من المغرب
(Bakouch Azziz)
الحوار المتمدن-العدد: 4546 - 2014 / 8 / 17 - 21:42
المحور:
الادب والفن
زجليات “شوية من بزاف” أوبزاف من شوية” للشاعر والزجال المغربي سليمان مستعد الصادر سنة 2007 لا تعني بالنسبة لسيكولوجيا البشر سوى المعاناة ، ولأن هذه الأخيرة قدر وحاجة وضرورة ، فهي تكتسي طابع الحربائية تارة ، وتكشف عن نفسها سهلة متمنعة، في بصمات يصعب تفكيكها للوهلة الأولى تارة أخرى . هي ليست مجرد كلام في كلام ، هي قوس ينبض في القلب ، وقلب يسرد تفاصيل العذابات للسلوى بأنين . وبالمفيد، ألم يلتف ، وجع يتلوى ، ودم بارد لزج يسيح على الجنبات الثكلى ، بحثا عن منعطف استقرار ، بلسم روح ومشكاة حقيقة تبدد ظلاما ولا تلعنه ، هو الأمل المرفوق بصيحة الأمل ، هو الأمل المرتقب إذن عزيز باكوش : الدوحة – قطر – صيف 2014 ليست كل الأحزاب المغربية في وضعية فقدان البوصلة السياسية ، بحيث لم تعد قادرة على التعبئة و التأطير الحزبي ، فثمة أحزاب وإن تراجعت قدراتها لأسباب انتقالية يتداخل فيها التنظيمي بالقدرة على التعايش في ظل المتغيرات السوسيو ثقافية ، تظل مؤثرة في المشهد السياسي الوطني وفاعلة في همومه وأوجاعه . هذا ما يمكن القبض عليه بوجع لئيم بين سطور قصائد باكورة إنتاج الأديب والزجال . وتوخيا للدقة ، فإن حالة إعلان الإفلاس السياسي اليوم كما تم رصدها في ديوان ” شوية من بزاف” للشاعر والزجال المغربي سليمان مستعد بشكل عام ، وكما اقتنصها في مقاربته للأحزاب من صنف”إدارة وخدمات” على نحو خاص ، تستدعي منا كمتلقين ألف سؤال عن الجدوى ، ومسافة غير قابلة للتجسير من التردد والتأمل . ليس لأن هذه الكائنات الحزبية ، تحولت بقدرة قادر من هيئة مدنية فاعلة ومتفاعلة إلى أحزاب للأسر و العائلات و الأصدقاء ، بل لأنها استقرت في حالة صراع دائم على اقتسام ما تقدمه الدولة من غنيمة على شكل دعم من أموال الشعب و خيراته و باسم الانتخابات وتحت يافطة الديمقراطية . و في قراءته للواقع السياسي الوطني ، يكشف الشاعر سليمان مستعد بوضوح في ديوان ” شوية من بزاف” الصادر سنة 2007 عن جوانب من عملية الفوضى التي طالت المجال السياسي ، عبر تخصيب الأحزاب وولادتها عقب كل استحقاق ، ويخلص إلى الحقيقة الصادمة والسؤال المدوي ، كيف إذن لمثل هذه الأحزاب المولودة بقرار رسمي أن تنجح في بناء وطن وهي لم تستطع تنظيم نفسها وهيكلة بناءها ؟ كل هذه المؤشرات التي رصدها شاعرنا تحيلنا على حجم الشعارات و الوعود التي تقدمها هذه الأحزاب” الإدارية” التي لا أفق تنظيري لها ، ولا رؤية مجتمعية تؤطر رؤيتها للسياسية لإصلاح التاريخ والحياة والمجتمع سوى خلط الأوراق ، إنها عبارة عن جملة وعود خائبة ، وانتظارات كسلانة تتسم بالعبثية والسخاء ، وتعمل بجد على استبلاد الناس وترسيخ ثقافة الرشوة والانتهازية في نفوسهم ، وتسعى جاهدة وبكل ما أوتيت من مكر ودهاء لتقدمها على طبق من ذهب للمواطنين لحظة الاستحقاقات الانتخابية . لكن هذه الوعود الكسلانة المضمخة بشراء الذمم ، سرعان ما تتبخر بعد كل محطة انتخابية. المحصلة أن هذه الأحزاب التي تدعي أنها عريقة ومتجذرة و لها تاريخ في الوطنية ، لم تنجح في تغيير أي شيء من واقع معيش المواطنين البسطاء ، لكنها بالمقابل ، نجحت في تغيير وضعية أسر و عائلات بعينها وزكت التحاقهم بنادي الأثرياء دون حسيب أو رقيب، لتستمر المعاناة الشعبية في أوساط الطبقات السفلى للمجتمع ، و يكبر معها التهميش و الإقصاء و الاستغلال الممنهج و النصب و الاحتيال على الناخبين ” ويخلص شاعرنا في قصيدته ” قلب الديوان ونبضه” إلى أن هذه الفئة السياسية المستهترة ” حولت المشهد الحزبي في شموليته إلى مسرحية رديئة الإخراج ، و البليد هو من يسعى إلى الذهاب إلى المسرح واقتناء التذكرة لمشاهدة العرض في 47 قصيدة زجلية هي أضمومة ديوان ” شوية من بزاف ” يلامس الشاعر سليمان مستعد محور الحياة من خلال مكوناتها المفصلية العلاقات والناس . ويستلهم في قراءته للزمن السياسي المغربي واقعه ومعيشه ، من خلال سيميولوجية الرمز الذي اتخذه الحزب شعارا له ، ليعلن نهاية “الأحزاب المغربية ” . ورغم أن القراءة المنجزة تطمح أن تكون ساخرة ومباشرة في مجاراتها للوقائع والأحداث ، إلا أن ما يعاب على الشاعر مؤقتا هو وضعه كافة الأحزاب التى تؤطر المشهد السياسي الوطني في سلة واحدة . في قصيدته ” رموز الانتخابات ص 53 ينجز سليمان قراءة سوداوية بكل المقاييس . فيرى أن ” السفينة ” لي ما بغات تدينا ، نبدلو الحال بما حسن والله فيها لا مشينا” في إشارة إلى فشل حزب المؤتمر الوطني الاتحادي المنشق عن الاتحاد الاشتراكي في تدبير رحلة الانشقاق، واستقراره في نقطة اللارجوع دون التقدم قيد أنملة وعن حزب رمزه” الدار” قال إنها من برا كتبهر فشكلها والمنظر كبرمنها الكوزينة ” في إشارة إلى أن معظم حملاتها وبرامجها تقوم على الزرود .وعن رمز البراد ” يقول” دخلت لك بالبراد / كرشو كبيرة وزراد ، والراس خاوي منقاد ، وبغا عاد يتهلا فينا ” الشاعر هنا يقيم علاقة جدلية بين البطن المنتفخة والرأس الفارغ تفضي إلى نموذج حزبي مترهل يتسم بالجمود والمرضية وإذا كان رمز” السبع ” بوقفتو تيخلع / ياكل ما يشبع ، يشبه القط في الركينة ” . فإن ” الجمل” ” عيا وحط الثقل تجرو بسنسلة وحبل ، ما خصو غير التبينة ؟ لأنه حيوان عاشب ليس إلا أما” الحصان” لي غدر وخان، وشمت كل الفرسان وناوي يشمت فينا/ فلا أمل له ولا حظ له ثانية مع النخبة التي تذوقت لسعاته . أما ديك ” العين “فهي دوما مفتوحة وبلا ودنين/ شاهدة على الروينة ” ويأسف الشاعر ، متسائلا ” كيف حول الجشع السياسي “النخلة ” من رمز للجذور والعطاء إلى ” تمرها كلو دفلة عمر شانها يعلا ، ولا شينهار تصير بنينا “.فيما حزب ” الكف” الى شفتو كتوقف، كنتلف، وكنحلف وكتشدني لغبينة “ او دخلت لك “بالميزان ” مرة مايل وحشمان، ومرة مترنح وزعفان قولو باش وعدتينا “ ودخلت ليك” بالشميعات ” كل وحدة مسيلة دميعات من النقد ماشبعات طامعة هي تضوي علينا . ودخلت لك بالنحلة خلات الجبح ومشات للدفلة ، وعودها ما تحلا ، مذاقها كيف الطينة . ودخلت لك بالباب المسدود فوجه لحباب ، خفنا ندخلو يتسد علينا ” أما رمز “زوج يدين” كيباتو متعاهدين وتفقين غير علينا ” يقول الشاعر أما “المفتاح ” ما فيه نفع ولا ربح ، تصدى من نهار طاح ، لازم يتمضى فلمالكينة.”فيما أضحت “السبولة ” مازينة ما مقبولة تصلاح علف لعجولة ” طلع على ” المصباح ” ضو الصباح بعد ما ضوى فالافراح شتاق يضوي علينا ” ولما كان “السلوم ” مصنوع من درج معدوم به طلعوا علينا ” فإن “الكتاب ” كلوسؤال وعتاب ولا صفحة فيها جواب ” أما ” الهلال ” فهو ما يقصار ما يطوال، مستور ورا الجبال ، ديما مخبي علينا ” أما “السيارة” فقد جاءت ” فزمان هاك ورى، ناوية تدوزفينا “ ” راس لغزالة ” قرون ماضية قتالة و ودنيه تقول لالا ، ما حشم يبتسم لينا لكن “المكانة” لي دقاتها عيانة ، ديما معطلة علينا ” أما ذلك “الخنجر” موروث من عهد عنتر، مولاه يتيبختر ولا دايها فينا “ وفي إشارة دالة على الاحترام والوقار نعت الشاعر الوردة بلالا ” للا الوردة لي شنقاتها يد واحدة، وتعطات مذبالة لينا “ ويقتفي مستعد خطوات الجاحظ في التنكيل بالمفسدين حين يتخذ لهم أسماء حيوانات ، وكما فعل لا فونتين أيضا نراه يتفادى تسمية الأشياء بمسمياتها ، لكنه يترك للقارئ ذكاءه المتقد ص 48 ” هدنت الحركة والفنطازية، كلها قال رميو عليا ، ولي حسب الزيادة شاطليه ، وبقى ناقصو واحد في الميا “داها الزعيم لي حسب ليها ، أما السخي عزعلي “ في قانون المساءلة والعقاب ، لا يرى الشاعر أفضلية مكرسا بذلك التوجه الحقوقي والديمقراطي ، حيث يجب أن يسود القانون الجميع مهما كان جاههم وارتقت طبقتهم ” فالمعاصي ما كاين ما تتخير/كلنا نستهلو لعقوبة ” ص5 ويرصد الشاعر أوجاع مدينته سواء على مستوى البيئة حيث أصبحت العاصمة العلمية في بعض جوانبها مطارح نفايات من فرط الإهمال والتقصير وانعدام الضمير ، حين يصدح ” كل واحد نظف بيتوا وتهنا / وضاقت حومتنا بالروايح والازبال، التلوث صبح واحدمنا ، الجمال بهات ومابقات لومعنى / وتوزعت اللومة بين نسا ورجال/ ص7 ولأن لا معنى للجمال في مدينته ، فهو يوجه أصابع الاتهام إلى المثقفين والنخبة ويحملهم مسؤولية ذلك الانحذار ، لكنه في التحذير لا يستثني أحدا من خطورة الآتي ” يالمتعلم والقاري ، الخطر جا من عندنا ، حذاري حذار ص8 وفي مكان آخر من الديوان ، ينتقد الشاعر سياسة الحكومة التي أفرغت القرى من سكانها وأجبرتهم على الرحيل صوب المدن بسبب غياب مخططات لفك العزلة وتنمية الوسط القروي . ثم ينعي المدينة وهي تتبدون جراء هذا النزوح الكبير الهجرة من القرية إلى المدينة التي تحولت في بعض أحزمتها إلى أكواخ ، وهنا يدعو الشاعر إلى عدم الاستخفاف بالظاهرة التي يصفها باللعنة ” ويصرخ في وجه الجميع ” الخطر يحدق بنا ص8 وفي قصيدته “سبقونا الروامه” ص 10 يستنهض سليمان مستعد همم القبيلة ، ويدعو الجميع إلى ركوب موجة الحداثة وتحريك العقول صوب العلم والتكنولوجيا ، بدل الاقتصار على الأساطير والفتاوى المريضة التي تنهل من الأفخاذ والشهوات” ففي وقت ” دارت التيكنولوجيا طريقها في البحار ، لا زلنا نتباهى بصنعة اليدين ” الصناعة التقليدية التي لا تتجاوز الاهتمام بها المعارض المحلية ، ولا تضمن مستقبل ممتهنها ، هنا يصرخ” ما بقا رقاد ياناس ، حركو لعقول ، نتفاداو ما ضاع فسنين طويلة ” لعلنا نقولو صاروخنا طار ، وخلاص من ألف ليلة ص10 وفي قصيدته “فين أنت” يستجوب الشاعر صديقا له إلى أي جهة سياسية ينتمي ؟ وحين يجيب ” مانا من اليمين مانا من الشمال ” يصدح ” محذرا ” هذا السوق حامي ياالعامي / مرة نلهت في العقبة ومرة تجرد لحدورة/ عييتهم بسكاتك ما بقات فيك غير الصورة / ثم يضيف في القصيدة ذاتها ” اللقمة صغيرة وعبورة / ولا عملتي بمشورة يالعامي مرات “كثيرة”يلعب بك السمسار ولا تجيب للدنيا خبار” وفي الصرخة ذاتها ، يحذر سليمان سماسرة الانتخابات وسدنة المركب الوصولي الانتهازي المصالحي بمصير أسود يلف مستقبلهم ويرهن مصير البلاد ، على أنه لا يكتفي بإعلان الظلام بل يشعل شمعة ، ويقدم وصفته الأخلاقية لأولئك الذين “مالهم في الربحنصيب، لكنهم يجنون من الخسارة لهم وللتنمية الحقيقية في مجتمعهم قنطارا” ص11 وينتقد مستعد بلا هوادة سمارة العقار والمنهشون العقاريون الجدد الذين اغتنوا بانحيازهم للمركب المصالحي والانتهازيون الجدد الذين أصبحوا مثل بالونات كذب بمناسبة وبغيرها ، وانتقلوا فجأة من صفر أملاك “لاشيء ” إلى مالكين لحضيرة سيارات وعمارتين ” محذرا ” ايلا انسيتي شكون انت ، ارجع للصور لقديمة: ص15 حرام تخدعنا مرة اخرى ، ولا كفاتك تبسيمة ، الشمتة كانت مرة محال تكون ديما ” تماما كما في قصيدته ” انتظر” يتوعد الشاعر المفسدين ويعدهم بفجر الحقيقة ” يمكن يجيك الرد على بغتة تمل الدنيا ومافيها ، وتقول في نفسك ياليت,,,, ” ص16 وينتأ الشاعر مستعد جروح السياسة في قصيدته ” الرفاق فيهم وفيهم” ويقدم صورة واضحة عن التباس مشهدها حيث أصبح ” المكون الوطني” مجرد لا فتة للذكرى ، فيما انبرى المفسدون مثل ثعالب ماكرة للسطو على هذا البعد الوطني وتلويثه بلبوسه انتخابيا “غاب الطير الحر في عطلة مفتوحة / في إشارة الى تراجع فكر التنوير واليسار والاشتراكية ، وترك مكانها مؤقتا لأحزاب نبتت فجأة ، بعدما استغلت فسحة حقوقية اختلط فيها الحابل بالنابل ، وبات لي يسو ولي ميسواش زعيم سياسي ” بعد ما صار” الوطني الصادق المجاهد الحقيقي فزمانو غريب ” ولأنهم ذئاب ، فإن الثقة لا تكون أبدا في الذئب ” يخلص الشاعر ص21 لكنه يستحضر بوعي رحيم الشقاق بين رفاق الأمس والالتباس الأيديولوجي الحاصل في العقدين الأخيرين ين “الرفاق الذين فيهم وفيهم، فيهم العسل وفيهم الحنطل ” و يستهجن المنتخبين أصحاب الشكارة الذين لا حظ لهم في أخلاق السياسة ، وباتوا رحلا تارة ، من اليسار الى اليمين وطورا من اليمين إلى اليسار في أقوى عملية التباس يشهدها الواقع السياسي الراهن ، الذي يكون له شاعرنا بالمرصاد فيصدح مصنفا ” لي يتلون بحال الحرباء ، ولا يخيط بلون اكحل ” وما يلبث الشاعر يسرد الاختلالات والانكسارات والهزائم المجتمعية لطبقاته الاجتماعية ، يعري ويكشف اختلالات المرحلة برمتها ، الى ان يقذف بالقارئ الى عالم الوعود والانتظارات بلا أفق . وفي قصيدته ” أيوب” ص28 يرثي الشاعر أوجاع من شاء قدره أن يختار مهنة التعليم ، فيشرح آلامه مستشهدا بصور وتجارب وأحداث ” آه ثم آه ” لو يحضر أيوب الصابر / ويشاهد رجل التعليم وبنبرة الساخر المستهزئ بوعي / كيف جرى لك ياحكيم؟ / رواتب قليلة / دمات القلب لكريك/ من جهة ثانية يستهجن كرونولوجيا الإصلاح التربوي غير المجدي ، ويعرض واقع التعليم مشاكله وقضاياه من خلال مكونه الجوهري الأستاذ الذي لا يستطيع مقاومة عجزه الصحي وهمومه المهنية وتنكر المجتمع وتبخيسه لدوره ” خليني ساكت خليني / وسكاتي ليه مغزى ومعاني / إلى نسرد هموم التعليم / مُحال نحصيها بلساني/ لمرفح فينا مديون/ والساكت جامع لعيوب “ وفي ناحية ثانية ” ينتقد المتاجرين في الدروس الخصوصية ” ولي مبلي بالدروس الخصوصية النقط والمعدل بالثمن ، ما عندو مبرر يستند عليه، إلا الغلا المرض والسكن/ راتب شهري ينضاف ليعندو / عايش لهفة فتنة ومحن” . ص31 ويصنف سليمان مستعد أنواع الهموم والانشغالات التي ينصرف الأستاذ لها ضمن اهتماماته وينشغل بها ” اذ فيما هناك صنف”حاضي الدرجة والرتبة/ حاضي التعويضات العائلية / يخطط في ورقة وقلم/ عقلو كلو مع التسوية ” وهي أمور ذات طبيعة قانونية، لكن تكالب العديد من المشاكل منها ما يحسب على سوء التدبير ، ومنها ما هو موكول لقلة الإمكانيات ، جعل الجشع وعدم الاعتراف وأحيانا المحسوبية وعدم الإنصاف تبحث لها عن حيز فترسمه بواقعية ، تفرز مضاعفات تؤثر سلبا على الشكل الاجتماعي للمدرس وتجعله في موقع الاستبخاس والتقليل من الأهمية .ص32 ولما كان الحقل التعليمي يزخر بتناسل نقابي ” أكثر من 20 نقابة تعليمية ” ما أشكل الأمر وجعله أكثر التباسا . فإن الشاعر جعل من رصد هذه الاختلالات من مهامه، وتساءل عن من عكر أجواء العمل النقابي الجاد المتمثل في عمل المركزيات النقابية الجادة والأكثر تمثيلية ؟ في هذا السياق يكشف الشاعر سلوكات شاذة طبعت فئة استغلت العمل النقابي كمظلة للتنصل من المهام الوظيفية والتربوية ، ونسيان هموم القسم ، الذي تكون المدرس لأجله وصرفت عليه الدولة من أموال الشعب ، فأصبح هذا النقابي يطبخ الملفات النقابية للانتقالات والتفرغ ووو…، ونسي ما يمليه عليه الواجب الوطني الأخلاقي والتربوي ” فانعدام الأخلاق في بعض النقابات سبب بلانا” و يخلص الشاعر سليمان أن كل ما رصده وكشف عنه في ديوانه الشعري من هموم مهنة التدريس ومتاعبها ، مجرد نقطة في بحر . ويتعمق الجرح حين يقارن بين وضعية المدرس بين الأمس واليوم ” هنا يستهجن فتور الدولة وتعاطيها وتحاملها أحيانا حين يتعلق الأمر بالوضع الاجتماعي للمدرس من حيث غياب شروط العمل الضرورية خاصة بالمناطق النائية ، ما يتناقض ورسالته الحضارية في قصيدة الموسومة ب”بداية دمار” ص37 يعتبر الشاعر ” عشبة ” التنفيحة بداية دمار للعقل والمجتمع ، حيث لا حظ أنها انتشرت بسرعة البرق في أوساط الشيوخ والشباب على حد سواء ، وهو موضوع فاح واطلق الريحة / ويذكر الشاعر مكونات هذه الآفة التخذيرية التي اجتاحت الشباب في الآونة الأخيرة ” منديل وكوزة وغبره/ مطحونة ومخلطة بالتدريحة/هذا ماد يدُو كيف الساعي / وواحد مجلخ منخارو جليخة/ وليشاغل السبابة والابهام / والاخر مسيحة في صدرو تسييحة/ وفي مرة دفعه الفضول إلى استنشاق القليل من التنفيحة على سبيل التجربة “ماتهنا حى شم وعطس عطسات/ تبع كل عطسة بصيحة/ ويصفها بالسم في بيت آخر / سموتخدير ما يهادن / يبلي ويتعمد الطيحة . وفي مكان آخر ،لا يهادن في التعاطي الصارم مع مدمني هذه المادة المخذرة من الشباب ، فيجرم الشاعر مدمني هذا الدمار العقلي ” الذي يذبح المخ الحي ذبيحة/ لويشاوروني في فالعقوبة والزجر / كل نفايحي خصو طريحة/ النفايحي معفون معفن ولو ينفح مخزون/ معذرة عشاق التنفيحة “ص38 وفي قصديته ” مني منك” ص 45 يقارب الشاعر سيكولوجيا الناس من خلال الصداقات والعلاقات الإنسانية المتشابكة المنفعية تارة ، والصادمة في أحيان كثيرة ، و ينبه الشاعر سليمان مستعد قراءه إلى أنه لا يمتلك الحقيقة المطلقة ، وأن مهمته هي فقط محاولة الكشف عن بعض اختلالات المجتمع الحياة والناس من خلال آلية الرصد المتاحة لديه ، هي الشعر التي يمتلك كفاءتها والجرأة المطلوبة ولا يتردد في الجهر بامتلاك مفاتيح أبوابها المنيعة لنصغ السمع له هو يعلن ” بدأه سيرة الحديث لكنه يضيف / وخليت لك أنت تختم “ ولأن الحياة مجرد موسم للتبوريدة ” سربة جاية وتحنّت سربة” فلا غرابة من التذمر من غبرتو وعجاجوا ” أي من الزوابع والغبار الناتج عنها ” وحينما تفتر الحركة كلها ، يقول رميو عليا / لي باع وشرى في خواض الليل / ولي حسب الزايد وشاط ليه / وبقا ناقصو واحد في الميا / سربة سلام شاركت اليوم/ وسربة علام مادارت مزية / وفي النهاية “داها الزعيم لي حسب ليها/ أما السخي عز علي “ص48 سليمان مستعد من مواليد 1957 متزوج وأب لأربعة أبناء ، رجل تعليم زجال ، عضو وممثل سابق في جمعيات ، مهتم بظاهرة المجموعات الغنائية ، ومن مؤسسي الجامع الوطنية لموسيقى الأجيال في الثمانينيات
#عزيز_باكوش (هاشتاغ)
Bakouch__Azziz#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فاس والكل في فاس 305
-
نيابة فاس تحتفي بالمتفوقات والمتفوقين من تلامذتها برسم الموس
...
-
معطيات إحصائية عن نتائج الدورة العادية لامتحان نيل شهادة الب
...
-
فاس والكل في فاس 304
-
المثقف العربي .....اليوم وغدا
-
فاس والكل في فاس 303
-
في سابقة .. جمعية مدنية تدافع عن حق التلميذ في الغش
-
في الحاجة إلى الإطار القانوني لترشيد النشر الإلكتروني بالمغر
...
-
فاس والكل في فاس 302
-
الصحافة الإلكترونية : تدفق كبير في الأسماء والنطاقات ، والحا
...
-
فاس والكل في فاس 301
-
قراءة في كتاب - الإخفاق الاجتماعي بين الجنس والدين والجريمة
...
-
ضيف وموهبة برنامج إذاعي يحضن المواهب الشابة في الإبداع الادب
...
-
فاس والكل في فاس 300
-
الدين والمجتمع الدكتور إدريس مقبوب
-
تحديات تدبير ظاهرة احتلال الملك العام بالحواضر
...
-
فاس والكل في فاس 299
-
فاس والكل في فاس 298
-
الهدر المدرسي بين هاجس التنمية وتضليل الأرقام
-
إرساء بنية تحتية للاتصال شاملة قصد تدبير المعلومة عن قرب وتو
...
المزيد.....
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
-
تونس: أيام قرطاج المسرحية تفتتح دورتها الـ25 تحت شعار -المسر
...
-
سوريا.. رحيل المطرب عصمت رشيد عن عمر ناهز 76 عاما
-
-المتبقي- من أهم وأبرز الأفلام السينمائية التي تناولت القضية
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|