|
و هل تختار أن تفقد ذاكرتك ج2
هبه محمد نور الدين
الحوار المتمدن-العدد: 4546 - 2014 / 8 / 17 - 11:27
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
عندما تريد ان تنسى أشياء او مواقف او خبرات مرت بك .. او ذكريات مؤلمة يكون أمامك خياران .. الأول هو ان تعانى من هذه المواقف والذكريات المؤلمة وتحاول نكرانها .. ورفضها .. ولن تنتهى .. وسوف تظل فيما يسمى فى علم النفس بالصراع .. وهو المعاناة والحيرة بين اختيارين قد يكونوا كلاهما سيء .. وهو ان ترفض هذه الذكريات هذا الخيار الاول فى الصراع وهى لن ترفض ولن تدفن .. والخيار الثانى فى الصراع ان تتركها موجودة وتظل تعانى من تبعاتها كلما تذكرتها ..
وهناك خيار أخر يكون نتيجة عن الصراع يتصرف فيه العقل اللاوعى بدلا منك ويتخذ قرار بفقدان ذاكرة إما بشكل جزئى لهذه المواقف ولا تتذكر عنها اى شيئا ويحدث هذا فى الذكريات المؤلمة التى ترتبط بموقف صادم .. او موقف عنيف او انفعالى زائد .. او يحدث فقدان للذاكرة بشكل كلى مؤقت فيما يسمى بالشرود الأنشقاقى وفيه تنسى كل شيء عن هويتك الأصلية وتظل لفترة هائما وقد تصنع حاضر جديد ثم تعاود تذكر الماضى بما فيه ..
وتدخل فى متاهات .. ولعلك قد شاهدت فيلم العذاب امرأة للنجم محمود ياسين حينما يمر بصدمة انفعالية مع زوجته التى تقوم ببطولة الدور نيللى .. حينما تشككه فى أبوته لطفله .. ويحاول ايجاد أدوار اخرى فى الحياة من البداية إلى ان يتعرف على هويته الاصلية .. هذا يختلف عن ازدواج الشخصية الذى يوجد فقط فى التراث النظرى ونادرا مايوجد فى الواقع ..
على كلا هذه الخيارات التى تكون امامنا عندما نحاول رفض او كبت او دفن هذه الذكريات غير المرغوبة والماضى المرير ..او الذى لا نرضى عنه .. وقد يعانى البعض من أرق وصداع نصفى من جراء هذا الرفض .. والغريبة انك طول الوقت بتحاول تضحك على نفسك وتقول انك بخير.. انت كويس .. انت خلاص مسحت الماضى .. نسيته .. وطول الوقت جسمك بيرفض كذبك .. بالارق والصداع .. بعدم الراحة ..وبأشكال كتيرة .. بالظبط زى بطل الفيلم اللى اتكلمنا عنه فى الجزء الاول من المقال دا ..
طيب والحل ؟؟ الحل ان الماضى قد حدث بما فيه من أخطاء .. من ألام .. من واقع قد يكون سوداوى .. قد تكون شريك فى هذا الماضى .. وقد تكون ضحية .. وقد تكون جانى .. فى كل هذه الحالة يجب ان تتعلم مما مضى .. وتحاول تغيير .. لكن التغيير خطوة تأتى بعد الاعتراف ..
يجب ان تعترف ان هذا ماضى قد مضى .. ثم تقبل هذا الماضى .. بأخطائه .. نحن لانصمم موقفا الكترونيا فنصنع فيه الكمال المنشود .. نحن نعيش حياة تتداخل فيها ارادتنا مع ارادة الأخرين مع ارادة الخالق جلا وعلا .. وبالتالى لسنا متحكمين فى كل النتائج بالشكل الكامل .. ويجب ان نقبل ذلك ..قد تختلف مع تسمية الله .. او قد تنكر وجود .. ولكنك فى النهاية سوف تسميها قوى الطبيعة .. اى فى النهاية هناك قوى تفوق قدراتك .. وبالتالى الحل لهذا الماضى هو القبول .. ان تقبله .. وان تقبل ان اجتراره .. ورفضه طوال الوقت لن يجدى .. وطول الوقت هيظهرلك الماضى اللى بتحاول ان تقتله او تؤئده من ذاكرتك ويقولك .. انا موجود ..
اذا عيش بالماضى .. ضع فى وعيك .. ضعه امام عينيك .. دعه يتأبط ذراعك وفى خلال هذه التمشية معا .. اخبره انك تعلمته منه الكثير وانك شاكر لوجوده ..ولا تظل منكر لوجوده فتعانى بالظبط كما يعانى من يريد ان يغلق الباب على أصبعه يظل يتألم ولا يغلق الباب .. هكذا الماضى هو جزء منك .. جزء من وقتك .. من حياتك ..
كيف تريد ان تمحيه .. ان تمحى حياتك .. حتى ان كان فيه أشخاص اضروك .. اسائوا إليك .. ألموك .. فى النهاية انت ايضا كنت فى هذا الماضى .. وفيه جزء منك .. هل تحاول بتر ذراعك حينما يظهر فيه "دمل" او تصاب فيه بالحساسية ؟؟ لذلك انا معك قررت ان اقبل الماضى بكل سوئاته وحسناته .. بكل شروره وخيراته .. بكل ألامه وسعادته .. بكل مافيه من أشخاص مرغوبين ومرفوضين ..بدلا من الصراع الغير منتهى ..مع جزء منى ..
#هبه_محمد_نور_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماذا يحدث في دمشق بعد عملية طرطوس الأمنية؟
-
أذربيدجان تقيم يوم حداد وطني غداة مقتل 38 شخصا في حادث تحطم
...
-
لقطات جوية لشاطئ دينامو في أنابا بعد كارثة بيئية
-
سلطات البوسنة والهرسك تعتقل وزير الأمن
-
إغلاق مضيق البوسفور أمام حركة السفن
-
-كلاشينكوف- تختبر مسيّرة عسكرية ضاربة
-
في اليوم الـ447 للحرب: الرضّع يتجمدون من البرد في غزة واليون
...
-
القضاء الإداري يقبل طعن المبادرة ضد إلغاء انتداب موظفة بالمج
...
-
-يجب علينا ألا ننتظر ترامب لإتمام الصفقة مع حماس- - هآرتس
-
وفد استخباراتي عراقي يزور دمشق للقاء الشرع (صور)
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|