أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محسن لفته الجنابي - شؤون عسكريّة شفّافة وعلنيّة














المزيد.....

شؤون عسكريّة شفّافة وعلنيّة


محسن لفته الجنابي
كاتب عراقي مستقل

(Mohsen Aljanaby)


الحوار المتمدن-العدد: 4545 - 2014 / 8 / 16 - 23:54
المحور: كتابات ساخرة
    


موروثنا المعاصر غني بالصور و العبر يا قرّاء الخير و أستغرب أن لانستعين بها في علاج ما نعاني من حيرة وجفاف ففيها الكثير من الحلول , هناك موروث حصلنا عليه مجاناً يمكننا تأطيره تحت عنوان (ما خبرناه أثناء الخدمة في الجيش) , فمن تلك المنظومة يمكننا أخذ القوالب الجيدة لتنفعنا في مواجهة التحديات في الشارع والبيت , صحيح أنها رحلة عذاب مكروهة وشر لابد منه لكن (الشهادة لله) فيها جانب مفيد حين تجبر الجندي على التحمل والضبط و أستيعاب الدرس ليكون كل بناء جديد يسعى أليه خال من كل رجس .
وردتني حكاية عباس خرابه (لم أتأكد إن كان أسمه الثاني أسم أبيه أم لقب أطلق عليه) ذلك الجندي الأحتياط الذي خدم في جبهة البسيتين في بداية عقد الثمانين , كان القصف مستمر و المرء هناك ما بين الحياة و الموت , أقتصر واجبه على الأعاشة وجلب الأرزاق (الطعام) الى رفاقه بسيارته الـ (أيفا) يستغل عادة ظلام الليل لتفادي الرصد والقصف وأعتاد عندما يذهب الى الخلفيات (وهي مناطق بعيدة عن القتال) أن يسترق من واجبه أطول فترة ممكنة لمشاهدة التلفزيون في الحانوت , وأستمر على تلك الحال لشهور , في أحد الأيام وبينما كان مبحلقاً في الشاشة صاح :
(أشتعل أبيّچ حمدية .. فضحتينا الله لاينطيچ) , وأستمر يصرخ بهستيريا حتى أنتبه كل الحاضرين : (حمديه طالق .. حمديه طالق .. حمديه طالق .. وكلكم شهود) .
أستغرب كل من حوله من تلك الأحجية فيما غادر الحانوت للأبد , لكن أستغرابهم لم يطل , فالجيش مثل الحواري لايبقى فيه سر , فقد تبين أن (عباس) شاهد زوجته (حمديه) وهي بثوب البيت حاسرة الرأس مع (كفشة) الأستيقاظ من النوم وقد نسيت نفسها لتكشف (مفاتنها) وهي تهتف وسط الناس حين زارهم السيّد الرئيس , أنتهت حكاية عباس ولا يوجد درس .

صدر لي في بداية خدمتي كجندي مكلف أمر بالذهاب الى معسكر الراشدية للعمل في غرفة الحركات بمهمة خرائطية - كتابية لها علاقة بأختصاصاتي الفيزيائية , كان المكان المحدد غرفة عمليات على شكل قاعة كبيرة يجتمع فيها القادة والأعوان , وجدت الجميع يتحدث بهمس عما جرى ليلة أمس و عرفت الحكاية على الفور , فقد أقتيد للسجن أثنان من الضباط برتبة عميد ركن (أنا على ثقة بأن أغلبكم لايعرف معنى تلك الرتبة في ذلك الوقت) , وسبب أيقافهما و من ثم أحالتهما لمحكمة عسكرية هو أنهما كانا في خفارة (المبيت في مكان العمل وهو مقر القيادة ) , وأتصل أحدهما بالآخر بالهاتف بهدف الخلاص من الليل الطويل بأحراق الوقت , فساقهم الحديث الى المحظور , حين سخروا من زوجة أحد الرموز الدينية الكبيرة و وصفهم لحالتها ليلة الزفاف وهي صغيرة السن , تمت مواجهتم بالدليل وكان شريط تسجيل ثم الحكم عليهم بالطرد مع ستة أشهر حبس , كنت وزملائي منهمكين بالعمل حين سمعنا أحد القادة يقول لقادة أدنى منه (مؤسسة الجيش نظيفة لاتسمح بوجود الجراثيم من أي جنس) , هنا أيضاً لايوجد درس.

وصلت عصر يوم كئيب في بداية التسعينات الى الصويرة قادما من التاجي , تم نقلي كجندي أحتياط الى وحدة فعالة للحرس الجمهوري , قدمت نفسي للمساعد (كان الآمر غير موجود) , أسمه على يافطة المكتب أضيف له لقب (الهربود) فأمر أن أعمل في قلم الوحدة , بعد يومين أخبرني جندي من العمارة (أسمه هاشم) أن أحد السجناء يريدني , وذهبت أليه كان نائب ضابط أسمه (أبو كاظم) رجل بغدادي ضخم أشيب لم أعرفه , سألني وهو متأكد (أنت من فلان منطقة ؟) أجبته بنعم ,( تعرف فلان بفلان قطاع , تعرف علّان من محلة الفلانية ), عرفت مما ذكر الكثير , أخبرني حكايته و كيف أنه أعتقل أثناء الهرج والمرج الذي رافق حرب الكويت من قبل الأمن ثم أحالوه الى الأستخبارات , كانت معاناته مليئة بالظلم زادها سوء الحظ , عجز عن الوصول الى وحدته في ذلك الوقت فأتهموه بأنه ضد الحكومة في وقت صعب, أنتهزت أول فرصة لمفاتحة المساعد بقضيته فتعاطف معه وأجاز لي التصرف على أن أستعطف ضابط الأمن , كان المساعد من الفلوجة أكتشفت (أن أسم جدّه هربود) ورغم شدته المفترضه لكنه يملك أنسانية (نسميها الغيرة العراقية) , تم تكييف المجلس العسكري ليكون على قياس ما عاناه (أبو كاظم) من توقيف , فصدر القرار بالأفراج عنه وأن يرسل مع مأمور , كنت أنا بالطبع , الغريب أن أهله قطعوا الأمل بعودته , فكانت فرحتهم لاتوصف بعد وصولنا للبيت , مرت سنين طويلة على تلك الحكاية لكنها عادت للظهور مع تدهور الوضع في العراق بعد الأحتلال بسنين , فـ (ابو كاظم) رد الواجب لي بـ (واجب) أكبر منه لا يسعني الواقع لشرحه , جسّد مفهوم الوقفة الأنسانية بحسب قواعد تسديد الدين , هنا أيضاً لايوجد درس .



#محسن_لفته_الجنابي (هاشتاغ)       Mohsen_Aljanaby#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أزمة الأعلام وثقب الهلام
- حكاية حقيقية حصلت البارحه
- فرقة أم علي و الفرقة 35
- مقالب الشيطان الرجيم
- الوصفة السحرية للسلام في العراق
- داعش يهدد نيويورك
- أنفخ بويّه أنفخ
- موجز واقع العراق
- أستغاثة من عالم آخر لأولي الألباب
- داعش المريخ وعراقيو كوكب الأرض
- كيف تحصن بيتك من الجرذان وحتى الفيل
- قفّصَ يقفّصُ تقفيصْ
- أستغاثة من الهنود الحمر
- رسالة في زجاجة مكسورة
- القطة تأكل أبنائها للمرة الثالثة
- أصطعيس دمر البلاد
- تأوهات من ذيچ الأنتخابات
- بين الشعب والنخب بلوه أبتلينا
- حكاية من الثمانين !
- دعوة أوباما و بوتين للترشّح في أنتخاباتنا


المزيد.....




- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محسن لفته الجنابي - شؤون عسكريّة شفّافة وعلنيّة