أعلم ولا أدري !

محمد ابداح

الحوار المتمدن-العدد: 4543 - 2014 / 8 / 14 - 21:27
المحور: كتابات ساخرة
    

أعلم ولاأدري !!

سافر أحد فلاسفة اليونان يوماً ، في طريقه لقرية تشتهر بكثرة علماءها، وتتميز بشدة دهاء حكمائها، وحدّة المناظرات الجدلية بين فلاسفتها، وقبيل إقتراب فيلسوفنا من تلك المدينة، قابل راعي غنم في طريقه، فسأله:
كم يبعد المسير عن المدينة؟ فأجابه الراعي : أعْلمُ ولا أدري! فأمض قدماً كي أخبرك !!.
تعجب الفيلسوف من جواب الراعي وقال في نفسه ياله من غبي ..، يقول أمضي قدماً في طريقك وسأخبرك!!، ثم مضى في طريقه باتجاه المدينة، وبعد أن ابتعد الفيلسوف قليلاً، صرخ الراعي بأعلى صوته : تحتاح إلى يوماً كاملاً!!..
وعندئذ عاد الفيلسوف أدراجه باتجاه الراعي وقال له باستعجاب : أمرك غريب أيها الراعي.. سألتك كم يبعد المسير عن القرية ، فقلت لي أعلم ولا أدري، فإمض قدماً كي أخبرك، وبعد أن ابتعدت عنك صرخت عليّ من خلفي بصوت عالي: ( يوماً كاملاً!!)، فلمَ فعلت ذلك ؟ فما دمت تعلم بأن الوصول إلى القرية يحتاج لمسيرة يوماً كاملاً، فلمَ لمْ تخبرني منذ البداية، وقد كنت بجوارك، لكنك أنظرتني حتى ابتعدت عنك، ثم صرخت خلفي بأعلى صوتك كي أسمع إجابتك ، فما سبب ذلك ؟؟
فأجابه الراعي بهدوء بالغ : إنني فعلاً أعلم كم تحتاج المسافة للمدينة من المسير، ولكني لم أكن أدري طبيعة مشيتك، وبعد المسافة بين خطوتك، فامهلتك حتى سرت قليلاً ، وبعدها قدّرت بأنك ستحتاج إلى يوماً كاملاً كي تصل للقرية، بناءاً على هذا النحو الذي تسير فيه!!.
تبسّم الفيلسوف اليوناني ، وقال للراعي : لقد كنت أعتقد من قبل، بأنني أعلم علماء أثينا وأحكم حكمائها، ولكنك اليوم أثبت بأني وبعد كل هذا الوقت.. لا زلت أتعلم ... ( وقد كان هذا الفيلسوف هو سقراط) ..
وعليه فإنه من واقع الحياة العملية لمعظم الناس ، فإنهم يعلمون في الحقيقة ماذا يريدون، ولكنهم لايدرون من أين يبدأون، وكيف يترجمون افكارهم لأفعال، وهذا الأمر يشمل غالباً الأفكار الإيجابية التي تدور في عقول معظم البشر، وفي الحقيقة لايتطلب أمرتحقيقها سوى بعض الجلسات الذاتية مع النفس، لتقوية الإرادة وبعض الجهود الإضافية، والتي تنتهي غالباً ما، بتسوية شبه عادلة مع الطموح الشخصي للإنسان، وعليه فنحن نعلم بأننا نستطيع تحقيق مانريد، ولكن لاندري إلى ما ستؤول إليه الأمور إلا بعد المضيّ ، برغبة جادة وعزيمة ثابتة، في طريق تحقيق أهدافنا.

المحامي محمد ابداح

#محمد_ابداح (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات