أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محسن لفته الجنابي - فرقة أم علي و الفرقة 35














المزيد.....

فرقة أم علي و الفرقة 35


محسن لفته الجنابي
كاتب عراقي مستقل

(Mohsen Aljanaby)


الحوار المتمدن-العدد: 4543 - 2014 / 8 / 14 - 17:19
المحور: كتابات ساخرة
    


فرقة أم علي يعرفها أهل البصرة و كثير من العراقيين , مجموعة من نساء سمراوات كبيرات في السن و معهن فتيات صغيرات يصرعن الفارس الضرغام بنظرة عين , شكلن فرقة غنائية شعبية البعض يقول أنها نسخة عراقية من فرق (الطگـاگـات) الموجودة لحد الآن في الخليج و البعض الآخر يقسم أن تلك الفرقة سومرية بحته والدليل أرتداء نسائها أقنعة فيها خيوط ذهبية و أستخدامهن للقيثارة والدفوف , أم علي هي قائدة الفرقة , أعرف ذلك منذ سنين , حصلت معي صدفة في العام سبعة وتسعين حين أشار لي رفاقي الى النظر لشاب كان يجلس قربنا يرتدي دشداشة خليجية بيضاء فيما كنت معهم في جلسة خميسية في نادي الشطرنج , تهامس أصدقائي بأن ذلك الشاب الجالس قربنا هو (علاوي) أبن أم علي قائدة الفرقة الزبيرية البصراوية أيّاها , ساقنا الفضول لنتعرف عليه عن قرب فأدرنا الكراسي نحوه وبادرناه بالتحية والحديث , رجل ثلاثيني أسمر ضئيل الحجم بوجه فيه تجاعيد غطتها أبتساماته التي يوزعها علينا في تواصل غريب , كذلك فعل رفيقاه الجالسين قربه , كان يحمل طيبة أهل البصرة وعفويتهم المعروفة للجميع , أمطرناه بالأسئلة وكأنه مخلوق مرّيخي وصل توّاً الى كوكب الأرض , عرفنا منه أن لتلك الفرقة جذوراً قديمة و مثيلات عديدة , تقدم الفن الشعبي البسيط للناس من شتى الطبقات في مناسبات الزواج والختان وكل ما يصادفهم من أفراح و سرور , وعرفنا أيضاً أن لتلك الفرقة نظام داخلي ينظم أمورها يصدر عادة بعد التداول بين أعضائها لتصدقه رئيستهم أم علي , أختيار الأغاني و الألحان تتحمله أم علي ومساعدتها والعلاقات و الحديث مع الرجال ممنوع وكل من يشتبه بأقامتها علاقة مع أحدهم تطرد على الفور , تكلمنا حينها بكل شيء , لا أعرف كيف ساقنا الحديث الى العام ستة وثمانين وأخبرت الجالسين أن (فرقة أم علي) كانت تسمية تطلق على أحدى الفرق العسكرية في نفس العام المذكور , وجدت نفسي أتحدث عن هجوم الفاو و تداخل معي الموجودين ومعهم ضيفنا (أبو حسين) , يبدو أنني الفاعل في الربط بين الأثنين , مجتمع أدمن العسكرة فلا يكاد أن يمر حديث دون أن يتطرق المشاركون فيه للحرب و المعارك والجيش , المهم أن لجزء الحديث علاقة مع جوهر الموضوع .
في العام ستة وثمانين صدر قرار من السلطة آنذاك بأحالة (بعض) أفراد الشرطة و الأمن الى الجيش , أختاروا منهم الفائضين عن الحاجة وهم بالآلاف وتم أرسالهم الى الى الجبهة دعماً للجيش , طبيعة هؤلاء (الشرطة والأمن السابقين) تختلف عن طباع العسكر , فهم كانوا يخدمون في مناطق مدنية آمنة لم يروا معارك مباشرة عدا مايسمعون عنها في المذياع والتلفزيون , مظهرهم العام يفضحهم , كانوا ذوي (كروش) همهم الوحيد التسلية والأكل و الصخب عكس عادات أفراد الجيش , تم تجميعهم بعد نقلهم في تشكيل (أعتقد أنها الفرقة خمسة وثلاثين) , حصلت تلك الفرقة على أسم لاينساه الجميع , فقد أطلق عليها الجنود آنذاك أسم (فرقة أم علي ) ولذلك أسباب أبدأ بها , أن قائد الفرقة كان ذو حس موسيقي مغرم بالـ (كيف) و(الونسه) و بتربية الطيور , فقلده أعوانه و حتى الجنود , كان كل مساء يستدعي أمراء الألوية و الأفواج ليشكلوا فرقة موسيقة , يستمر الغناء والرقص حتى أنقضاء الليل بخليط من أغاني شعبية تبدأ من سعدي الحلي وإنتهاءاً بسلمان المنكوب , كان ذلك يحصل بالتزامن مع وقت عصيب مر بالعراق جعل الجميع مرتعب مخذول فقد هوجمت الفاو بغتةً وأحتلت من قبل الأيرانيين .
قرارات السلطة بعد غزو الفاو أتسمت بالسرعة و التخبط , لكن الأمر المؤكد أن كل الفرق مشمولة بالدخول لأستعادتها في أسرع وقت , حتى أتى الأمر في منتصف الليل ( برقية فورية - المصدر نون : على الفرقة 35 التحرك الفوري لحجابات المملحة في خلفيات الفاو لتحريرها , أنتهى ) , صاح أفراد الوحدات المجاورة ممن خبروا الحرب (أجاك الموت ياتارك الصلاة ) يقصدون ما سيلحق بتلك الفرقة من دمار و ثبور , شخص كان موجود في منطقة (كوت سوادي) رأى بعينيه دخول (فرقة أم علي 35) الى أرض المعركة , كان أفرادها يرقصون بهيستيريا و يغنون بأعلى أصواتهم لايعرفون ما سيواجههم من مصير ولم يكونوا مستعدين , فلم تمض سوى ساعات معدودة حتى بانت طلائع الهزيمة الكبيرة , شهداء تركوا في أرض المعركة بالمئات و أمتلأت وحدات الميدان الطبية بمن بقي منهم حي , يقولون أن الأحياء الذين بقوا من الفرقة (35) أعلنوا التوبة و بدأوا يتعلمون الصلاة بل أن بعضهم للمرة الأولى بدأوا يصومون , مرّت سنة كاملة على أحتلال الفاو و دخل الناس في العام سبعة وثمانين , وفي وسط تلك الحقبة صدر الأمر بهيكلة الفرقة أياها ثم ألغائها لينضم أفرادها مع أفراداً من فرق أخرى مدمرة الى فرقة المدينة (والتي أبيد أيضاً أفرادها بسبب الهجوم المقابل الغير محسوب) صارت خليطاً من جنود مختلفين ولكن بعد مرور وقت قصير أنصهروا أمام التحدي الذي فرضه الواقع دون ملاحظة أي فوارق في الطباع و المهارة والتدريب , ومرت سنة أخرى حتى دقت ساعة الهجوم الكبير , كان هذه المرة مخططاً له و مدروس , أستوعب الجميع ماحصل فأتخذوا مايلزم لمواجهة الظروف , وتم تحرير الفاو والفضل في ذلك لأفراد الفرقة (35) ومن معهم ممن أضيفوا لقوات المدينة , أنتهت الحكاية و العبرة في الدرسين , الأول أن كل المنظومات تأخذ من البيئة والموروث ويبقى الفاصل في نجاحها أو فشلها هو مدى ألتزامها بالنظام الداخلي الموضوع آنياً و المعالج لكل التحديات مهما تكون , فرقة أم علي ماكانت ستكون لولا ألتزامها بالقوانين العصرية بكل المتون , وكذلك الفرقة (35 - أم علي سابقاً) كادت ستنقرض لو لم يتم الأخذ بيدها من خانة الفشل الى صالة الأصلاح الملائم لتكون من المؤثرين , أما الدرس الثاني , فأن كل منظومة مهما كانت غارقة بالتبعية للأهواء والعواطف يمكن أنتشالها لتكون كما تريده الظروف , منظومات كثيرة عندنا وصمت بالفشل يمكن أصلاحها بدل أن تنقرض ولذلك وجب التنويه , والعاقل يفهم أما المجنون فليس له الحق بالسباب والعويل عساكم سالمين.



#محسن_لفته_الجنابي (هاشتاغ)       Mohsen_Aljanaby#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقالب الشيطان الرجيم
- الوصفة السحرية للسلام في العراق
- داعش يهدد نيويورك
- أنفخ بويّه أنفخ
- موجز واقع العراق
- أستغاثة من عالم آخر لأولي الألباب
- داعش المريخ وعراقيو كوكب الأرض
- كيف تحصن بيتك من الجرذان وحتى الفيل
- قفّصَ يقفّصُ تقفيصْ
- أستغاثة من الهنود الحمر
- رسالة في زجاجة مكسورة
- القطة تأكل أبنائها للمرة الثالثة
- أصطعيس دمر البلاد
- تأوهات من ذيچ الأنتخابات
- بين الشعب والنخب بلوه أبتلينا
- حكاية من الثمانين !
- دعوة أوباما و بوتين للترشّح في أنتخاباتنا
- رئيس البلدية يغازل السيدة فيروز
- واجبات مستحبات الله وكيلك كلاوات
- الخامط والمخموط والجاهل بينهما


المزيد.....




- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...
- انطلاق فعاليات معرض الكويت الدولي للكتاب 2024
- -سرقة قلادة أم كلثوم الذهبية في مصر-.. حفيدة كوكب الشرق تكشف ...
- -مأساة خلف الكواليس- .. الكشف عن سبب وفاة -طرزان-
- -موجز تاريخ الحرب- كما يسطره المؤرخ العسكري غوين داير
- شاهد ما حدث للمثل الكوميدي جاي لينو بعد سقوطه من أعلى تلة
- حرب الانتقام.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 171 مترجمة على موقع ...
- تركيا.. اكتشاف تميمة تشير إلى قصة محظورة عن النبي سليمان وهو ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - محسن لفته الجنابي - فرقة أم علي و الفرقة 35