|
الشيكات لن تحل مشكلات الجيش في غزة
عاموس هرئيل
الحوار المتمدن-العدد: 4543 - 2014 / 8 / 14 - 09:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الكف عن القتال، بفضل هدنة الـ 72 ساعة، التي تم إحرازها في القاهرة، ترك للجيش الإسرائيلي وقتاً ليحصر عنايته أيضا في النظر الى الأمام، الى معارك الميزانية التي تنتظره بعد أن تنتهي الحرب في غزة. وفي حديث ضابط رفيع المستوى من هيئة القيادة العامة مع صحافيين، عُرض بصورة أكثر حدة الطلبين اللذين صيغا أثناء الحرب: الأول أن الجيش يحتاج الى زيادة ميزانية كبيرة تبلغ مليارات الشواكل لا لتغطية نفقاته في غزة فقط بل لاستعداد أفضل للحروب القادمة التي قد تنشب. والثاني أنه لا يوجد ما يُتحدث فيه الآن عن تقصير مدة الخدمة الإلزامية للشبان، الذي أجازته الكنيست بالتصويت على قانون تقاسم عبء الخدمة قبل أقل من نصف سنة. اذا كان هذان الطلبان يبدوان معروفين من مكان ما فليس ذلك أمرا عرضيا، فقد عرض الجيش الاسرائيلي طلبات مشابهة – زيادة ميزانية كبيرة والغاء تقصير مدة الخدمة العسكرية – وحصل على ذلك بعد الحرب السابقة في لبنان في العام 2006. ولم تُثر مسألة مدة الخدمة الالزامية بعد في نقاش حقيقي، لكن الصراعات على الميزانية بين وزارتي المالية والأمن قد بدأت. ويبدو أنه ينبغي أن نقول في هذه المسألة عدة اشياء ولا سيما من وجهة نظر تقبل الحاجة الى زيادة كبيرة على الميزانية الامنية بسبب نفقات الحرب وفروق الجاهزية والاستعداد التي تم الكشف عنها في اثنائها. يجب مثلا أن نُذكر بأن الميزانية الامنية زادت زيادة عجيبة منذ نهاية 2006 فما بعدها، وتمتع الجيش الاسرائيلي بسبع سنوات من الوفرة في الميزانية تقريبا الى أن تم تعيين حكومة نتنياهو الحالية في العام 2013، وفي تلك السنوات تم انفاق مبالغ ضخمة على المشتريات (ومبالغ أصغر على التدريبات) وعلى القوة البشرية والأجور ومخصصات التقاعد بنسب زادت فقط بسبب مشكلات بنيوية في الميزانية. وتم التقسيم الداخلي للموارد مع رقابة خارجية قليلة، وتلك ظاهرة نأمل ألا تتكرر على إثر الحرب الحالية. يبدو في غزة ايضا كما كانت الحال في لبنان أن الجيش عمل بلا حساب اقتصادي تقريبا. ولا توجد أية قدرة بالطبع على فرض التوفير في اطلاق النار في ذروة القتال. ولا يحاسب أحد قائد لواء يستقر رأيه على اطلاق 200 قذيفة بدل 100 قذيفة ليُخلص قوة عالقة في مشكلة. لكن معطيات أولية من الجبهة تفضي الى تخمين أنه وُجدت هنا نفقات ضخمة في مجال استعمال المدافع والتسليح الدقيق لسلاح الجو ايضا، بقدر ما، وحدث ذلك والجيش يقاتل في جبهة واحدة (لا في سيناريو جبهتين يفترض أن يكون الجيش الاسرائيلي مستعدا له). وقد طلبت اسرائيل اثناء الحرب أن تُفتح مخازن الطوارئ الأميركية الموجودة في البلاد كي تستعملها. يُبرز الجيش الاسرائيلي في الخلاف على الميزانية قضية ناقلة الجنود المدرعة إم113 القديمة التي قُتل فيها سبعة من مقاتلي غولاني في معركة في حي الشجاعية بعد اصابتها بقذيفة "آر.بي.جي". والدعوى المكررة هي أن تقليص النفقة على ناقلات الجنود المدرعة "نمر" أفضت الى الدخول في مركبة قديمة غير مدرعة. لكن هذه الدعوى تتجاهل الأخطاء العملياتية التي تصاحب إدخال الوسائل القديمة، وهي أخطاء لم ينته الجيش الاسرائيلي بعدُ من التحقيق فيها. وقد كف الجيش الاسرائيلي كما جاء في صحيفة "هآرتس" عن استعمال وسائل أقدم في القطاع في العام 2004 ، وامتنع عن إدخالها الى الميدان في عملية "الرصاص المصبوب" بعد خمس سنوات، لكنه اختار استعمالها هذه المرة. وبعد إصابة ناقلة الجنود المدرعة في الشجاعية نُقلت ناقلات النمر والناقلات المسماة "أخزريت" المدرعة من الشمال الى الجنوب لإمداد القوات في غزة. قد يكون الجيش الاسرائيلي محتاجا الى ناقلات نمر اخرى. لكن يُحتاج الى تفكير منظم قبل هذا الاجراء الذي يكلف نفقة مالية لا يستهان بها. ويجب أن يحدد الجيش لنفسه برقابة من المستوى السياسي التحديات العملياتية التي تنتظره، وكم من ناقلات الجنود المدرعة يحتاج من اجل ذلك، وما هي المنظومات الدفاعية الفعالة ("معطف الريح" من انتاج "رفائيل" أو "المهماز" من صنع الصناعات العسكرية) التي تُركب عليها. للجيش الاسرائيلي آلاف كثيرة من ناقلات الجنود المدرعة القديمة، ولا يستطيع في أي سيناريو أن يستبدل بها عددا مساويا من ناقلات النمر التي هي أبهظ كلفة بكثير. إن الفرق في ناقلات الجنود المدرعة لا يمكن أن يطمس على اسئلة اخرى تتعلق باعداد القوة مثل نوع استعدادها لمواجهة حرب عصابات في منطقة مأهولة بعامة وفي وسط تحت الارض (ملاجئ وأنفاق) بخاصة. ولا شك في أن الذراع البرية ظُلمت في العقود الاخيرة قياسا بسلاح الجو. لكنه لا يمكن من اجل اصلاح ذلك الاكتفاء بتوجه دفتر الشيكات المفتوح. كشفت الحرب في غزة عن فرق كبير مقلق بين ما استعد الجيش له وبين العدو الذي لقيه بالفعل، وليست تلك مشكلات يمكن التغلب عليها بحملة مشتريات فقط.
("هآرتس")
#عاموس_هرئيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المقاومة الضحية الكبرى للانقسام
المزيد.....
-
مسؤول مصري لـCNN: وفد حماس بالقاهرة الأسبوع المقبل لبحث المر
...
-
العراق.. تراجع عن مطلب خروج الأمريكيين
-
ضربة جديدة لحكومة ميلوني: إعادة 43 مهاجرا من ألبانيا إلى إيط
...
-
متظاهرون يتصدون لمحاولة طرد أحد المستأجرين من حيّ تاريخي في
...
-
51 مليون يورو .. بيع سيارة مرسيدس للسباقات تعود إلى الخمسينا
...
-
رئيس جمهورية بريدنيستروفيه: احتياطيات الفحم لتوليد الكهرباء
...
-
لافتات في غزة دعما لموقف السيسي ورفضا للتهجير على أنقاض الحر
...
-
الخارجية الروسية تؤكد أهمية عرض الممارسات الدموية للقوات الأ
...
-
-أمريكيون موتى-.. خبير يذكر ماسك بـ-الأهوال- التي رأتها القو
...
-
أسير محرر يعود إلى غزة ليكتشف مصرع زوجته وطفلته خلال الحرب (
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|