صبري يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 1282 - 2005 / 8 / 10 - 08:08
المحور:
مقابلات و حوارات
ـ أنتَ في الغربة، ماذا فجّرت لديك معاناة الغربة؟
صبري يوسف،
لا أشعر بالغربة بالمفهوم الدقيق لكلمة غربة، فأنا سعيد جدّاً رغم أني أعيش غربة مزدوجة، ومع هذا أتمتّع بغربتي وأحوّلها إلى وطن حنون، لأن رحيق إبداعي ينبع من أوجاع غربتي العميقة في الحياة، لهذا تتعانق غربتي مع إهتياجات قلمي فيلد شعراً من لون الندى، عبرت البحار والمسافات بحثاً عن الغربة كي أفجّر هذا الغليان الشعري والقصصي، ويزعجني جدّاً عندما أجدني مستقرّاً، فلا أهدف إلى الإستقرار بالمفهوم التقليدي للكلمة، لهذا أضحك من الأحبّة عندما يقولون تفضّل، تزّوج كي تستقرّ، فأجيبهم، أنا أخطِّطُ أن لا أستقرّ، أن أبقى متوفّز المشاعر والأحاسيس، لا أحب الروتين، ولا الإستقرار، أحبّ أن أكون متوتراً، قلقاً، غائصاً بالتفكير، بالشوق، بالحنين، بالعشق، بالتحليقات مع عوالم الحرف، لهذا أختلف مع مَن ينزع نحو الإستقرار، ولا أخفي عليكم أن مَن يظنُّ أن الزواج هو نوع من الإستقرار، يخطأ كثيراً، لكنّه سُنَّة الحياة بصيغة ما، وأنا لا تناسبني هذه السنّة، سنّة الحياة، أريدُ أن أخرقها، أن أقفز عليها ولا مانع عندي أن أتواصل معَ الأنثى ـ الحياة بعيداً عن الروتين وشكليات المراسيم!
لا أملكُ في الدنيا سوى قلمي وغربتي، هما رأسمالي الوحيد، وأعتزّ تماماً أنني لا أملكُ من متع الدنيا سوى قلمي وغربتي، فهما المتعة التي أجوب في رحابهما أبهى الخمائل وأنسج من خلال محطّات غربتي رؤيتي، ربّما يدهشكم أن أقول أن غربتي وأنا في مسقط رأسي كانت أعمق وأنا في أعماق غربتي، لهذا قلت لدي غربة مزدوجة، فأنا كنت أعاني الغربة وأنا بين أحضان أسرتي وبيئتي وترابي، والآن أصبحت غربتي غربتان، الغربة الأولى يضاف إليها الغربة المشلوحة فوق شواطئ البحار البعيدة، لكن الذي يعيد إلى غرباتي المتعدّدة توازنات الروح هو هذا القلم الندي الّذي أفرشه فوق وجنة غرباتي فتأتي أشواقي المشتعلة في غربة هذا الزمان عبقة كأزهار الزيزفون لأنني أسقيها بجمرة الشوق إلى التلال البعيدة، إلى معابر الروح، إلى الطفولة، إلى خصوبة الأنثى، إلى السلام والوئام، إلى إنسان من نكهة الربيع، من لون السديم الغافي فوق ينابيع الروح!
#صبري_يوسف (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟