حيدر الحيدر
الحوار المتمدن-العدد: 4542 - 2014 / 8 / 13 - 05:46
المحور:
الادب والفن
بتكليف من رئيس التحرير لإجراء لقاء معه .. قصدت مقر عمله .. ليستقبلني بكل حفاوة ٍ وترحيب بوجهٍ بشوش وابتسامة لا أظن بأنها مصطنعة ، كما لا اعتقد بأنها حقيقية ..
نهض ليصافحني بحرارة وأجلسني قبالته مرحّباً بقدومي .
كان المكان الذي جلسنا أنا وإياه فيه نظيفاً يلمع بالنقاوة لدرجة ٍ لا تصدق .
لا أخفيكم سراً فهذا المكان هو مكتب أحد أبرز الزعماء السياسيين في البلد .
وقبل أن نتبادل الحديث في مسألة تخص أمن البلاد والعباد ..كانت هناك ثمّة ذبابة تطن ، وتحوم بجناحيها حولنا .. لتثير اهتمامي أكثر من الرجل .. عجباً ما الذي جاء بها الى هذا المكان الخالي من أي أثر ٍ للقذارة ، والمكيَّف بأفضل أنواع التبريد والمعروف بنقاوته ،
وهي لا تحيا إلا في المزابل ، ولا مكان لها في الأروقة النقية كما هو معلوم .
لا بد من سرٍّ لوجودها في هذه الساعة وفي هذا المكان !
الذبابة استمرت في طنينها وما لبثت وان استقرت فوق كفّ جليسي وحول أصابعه الرقيقة .
طردها بإستحياءٍ فعادت من جديد ، وكلما حاول ذلك عادت بعناد لتهبط فوق أصابعه .!
قال لي غريب أمر هذه الذبابة العنيدة .
ونهض بإتجاه المغسلة القريبة وفتح سيلاً من الماء على يده اليمنى وسكب شيئاً من المطهرات أو المعقمات عليها لعلّها تغني ، تمَّ مسحها بمنديل أبيض شفّاف .
وما أن عاد الرجل لمكانه حتى عادت الذبابة لتهبط من جديد على الكف ذاتها ...!
قكّرتُ في أمر هذه الذبابة وخاطبتُ نفسي لعلَّ هذه الذبابة تريد إخباري بأن تلك الكف
التي صافحتني بحرارة ملوثة وملطّخة بدم ٍ لا يزول ،
فالذبابة مزودة بجهازٍ للشم تستطيع من خلاله شم رائحة الدم ، ولها خرطوم دقيق جداً
تستطيع به تمييع الدم وامتصاصه ..
شكراً أيتها الذبابة .. علمت الآن ان تلك الكف ملطخة بالدم وتعيش على جراح الآخرين ...
وهذا ما أخبرت به رئيس التحرير عند عودتي ،
فقام على الفور بإنهاء خدماتي ..!
يا لخيبتي .. لم أكن أعلم ان هذه الصحيفة تابعة لذلك الزعيم السياسي المعروف .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بغداد ـ تموز 2014
#حيدر_الحيدر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟