أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - رضا محافظي - - رقان - في الذاكرة














المزيد.....

- رقان - في الذاكرة


رضا محافظي

الحوار المتمدن-العدد: 1282 - 2005 / 8 / 10 - 07:42
المحور: الارهاب, الحرب والسلام
    


لا يمر شهر أوت من كل سنة في الجزائر دون أن يثير في الذاكرة الجماعية الجزائرية الأشجان و دون أن يحيي في ضمائر الجزائريين الجراح و يقلب عليهم المواجع .

ففي بداية هذا الشهر يتذكر العالم بألم عميق القنبلتين النوويتين اللتين رمت بهما الولايات المتحدة الأمريكية على مدينتي هيروشيما و ناقازاكي باليابان سنة 1945 م ، و تتذكر الجزائر بهذه المناسبة التجارب النووية التي قامت بها السلطات الفرنسية في الصحراء الجزائرية و في مدينة " رقان " على وجه الخصوص .

فقد قامت فرنسا في يوم 13 فبراير من سنة 1960 م بتفجير قنبلة نووية بالقرب من رقان يقال أنها تعادل في قوتها ثلاث مرات قوة القنبلة النووية التي رمى بها الأمريكان على مدينة هيروشيما . و قد أتبعت العملية بعمليات أخرى في الصحراء الجزائرية سواء كانت تجارب داخل باطن الأرض أو خارجها معرضة بذلك حياة
و صحة كل مخلوق في الصحراء إلى خطر أكيد . صحيح أن التجارب المذكورة لا تتطابق في تاريخها مع تاريخ القاء القنبلتين على هيروشيما و ناقازاكي الا أن التفات العالم اليها كل سنة في شهر أوت يحيي في نفوس الجزائريين جرح ما عانوه من استغلال فرنسا للأرض الجزائرية لاجراء تجاربها النووية .

أذكر انه عندما كنت متواجدا بالصحراء الجزائرية في خلال أدائي لمهامي الوظيفية سنة 1998 م التقيت بوالد أحد الأصدقاء الذين اعرفهم و الذي يقطن بإقليم توات الذي يضم إداريا مدينة " رقان " و مـا جـاورهــا و بالضبط في قرية صغيرة بالقرب من " زاوية كنتة " تدعى " تيوريرين " . و قد روى لي هذا الشخص (الذي وافته المنية بعد لقائنا بسنوات قليلة) بعض ما عاين و بعض ما يعرف حول موضوع التجارب النووية الفرنسية بالصحراء الجزائرية و هو الذي كان - لسوء حظه - معرضا بصفة مباشرة لخطر تلك التجارب .

لقد أخبرني أن السلطات العسكرية الفرنسية أعلمتهم آنذاك أن حدثا كبيرا سيقع في تاريخ معين حددته لهـم و أنه يتوجب عليهم فور سماعهم لدوي انفجار قوي أن يجثموا على الأرض و أن يضعوا رؤوسهم في التراب و أن لا يعودوا إلى حالهم الذي كانوا عليه إلا بعد عودة الأمور إلى طبيعتها الأولى و زوال صوت الانفجار
و ما يتبعه من آثار . كما أن السلطات العسكرية أعطت كل شخص يقطن هناك قلادة بسيطة مع كل واحدة منها قطعة معدنية صغيرة بها رقم تسلسلي يقابل هوية الشخص الذي يحملها وفق ما كان قد تم تقييده- قبل توزيع القلادات - في سجلات خاصة تحضيرا لعملية الانفجار . و الهدف من وراء ذلك واضح وضوح الشمس في وضح النهار كما يقال ، و هو أن يتم التعرف إلى الجثث في حال تشوهها من جراء الانفجار و لمعاينة الخبراء نتائج الانفجار على أجساد أشخاص تم اختيارهم ليكونوا موضوع تجارب من طرف بلد تدعي سلطاته زورا و الى غاية اليوم أنها كانت ترمي الى جلب الحضارة للبلاد التي احتلتها شرق الكرة الأرضية و غربها . و قد قبل الناس آنذاك الموضوع كما طرح عليهم و أحاطوا رقابهم بالقلائد الفرنسية في سذاجة و بساطة بدو الصحراء الذين تعمدت فرنسا محاصرتهم بالجهل و الحرمان و لم يكن يخطر ببالهم - بطبيعة الحال - انهم يواجهون خطرا حقيقيا ، و لم يكونوا يعرفون حتى معنى عبارة قنبلة نووية .

كما يروي لي والد صديقي أن الأرض التي وقع بها الانفجار أجدبت و لم تنبت و لا عشبة واحدة منذ ذلك الوقت و أن الحيوانات ماتت جميعها . كما أن الناس هناك – ممن بقي حيا - لاحظوا بعد العملية غرائب في ولاداتهم الجديدة و أمراضا حصدت أرواحا عديدة على مرأى منهم دون ان يعرفوا لها تفسيرا واضحا ، و لم يعرف اولائك المساكين البسطاء أن الأمر برمته نتيجة مباشرة للانفجار الذي اختارت فرنسا أن تكون أرضهم مأواه و أن يكونوا هم كباش فدائه .

و لم يسلم من تلك الفاجعة – حسب نفس الراوي – الجنود الفرنسيون ذاتهم (أو البعض منهم على أقل تقدير) . ذلك انه عندما اقتربت ساعة الحسم و دنا موعد الانفجار عرفت الوحدات العسكرية المتواجدة بالمنطقة المعنية غيابا مفاجئا لكل القيادات و الإطارات العسكرية من المنطقة و لم يبق هناك سوى الجنود البسطاء الذين لم يحاطوا علما بما يتم التحضير له و لم يكونوا يدركون كنه ما يدور حولهم من حركة .

و من عجيب الصدف أن تقوم فرنسا في شهر فبراير من سنة 1960 م بتفجير قنبلة نووية بالصحراء الجزائرية جالبة بذلك الدمار و الهلاك للبشر و الحيوان و النبات و الأرض و كذا لأجيال أتت بعد الانفجار ، ثم تأتي في نفس الشهر من سنة 2005 م لتسن قانونا تمجد فيه ما قامت به في مستعمراتها السابقة . و لا ندري هنا كيف لفرنسا أن تمجد ما قامت به من تجارب نووية في الصحراء الجزائرية و كيف لها أن تجد ما من شأنه أن يقنعنا بإيجابية تلك التجارب . كما لا ندري كيف سيكون رد السلطات الفرنسية الحالية على الدعاوى القضائية المرفوعة على مستوى المحاكم الفرنسية من طرف ضحايا تلك التجارب من الجزائريين و الفرنسيين على حد سواء و ماذا في جعبتها لتخرجه لأناس فقدوا أحباءهم (أبناء و آباء و غيرهم) من جراء تلك التجارب



#رضا_محافظي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وداعا .......لالة مغنية
- البعد البشري للوجود الفرنسي بالجزائر :درس فرنسا لأحفادها من ...
- عصرنة الادارة أم عصرنة الاداريين ؟


المزيد.....




- مزارع يجد نفسه بمواجهة نمر سيبيري عدائي.. شاهد مصيره وما فعل ...
- متأثرا وحابسا دموعه.. السيسي يرد على نصيحة -هون على نفسك- بح ...
- الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف على أطراف م ...
- السيسي يطلب نصيحة من متحدث الجيش المصري
- مذكرات الجنائية الدولية: -حضيض أخلاقي لإسرائيل- – هآرتس
- فرض طوق أمني حول السفارة الأمريكية في لندن والشرطة تنفذ تفجي ...
- الكرملين: رسالة بوتين للغرب الليلة الماضية مفادها أن أي قرار ...
- لندن وباريس تتعهدان بمواصلة دعم أوكرانيا رغم ضربة -أوريشنيك- ...
- -الذعر- يخيم على الصفحات الأولى للصحف الغربية
- بيان تضامني: من أجل إطلاق سراح الناشط إسماعيل الغزاوي


المزيد.....

- لمحات من تاريخ اتفاقات السلام / المنصور جعفر
- كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين) ... / عبدالرؤوف بطيخ
- علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل / رشيد غويلب
- الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه ... / عباس عبود سالم
- البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت ... / عبد الحسين شعبان
- المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية / خالد الخالدي
- إشكالية العلاقة بين الدين والعنف / محمد عمارة تقي الدين
- سيناء حيث أنا . سنوات التيه / أشرف العناني
- الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل ... / محمد عبد الشفيع عيسى
- الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير ... / محمد الحنفي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارهاب, الحرب والسلام - رضا محافظي - - رقان - في الذاكرة