طوني سماحة
الحوار المتمدن-العدد: 4540 - 2014 / 8 / 11 - 23:28
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
كلما ظننا أن داعش أفرغت جعبتها و أعطت كل ما لديها، نفاجأ بهم يبتكرون طرقا للموت لم تخطر على بال أحد، و لا حتى تيمورلنك، نيرون أو كاليغولا. لكن الملفت للنظر اليوم هو ابتكارهم في التربية حتى ان المثل صدق لما قال أن الطفل سر أبيه.
هل شاهدتم و قرأتم اليوم عن خالد شروف اللبناني الاصل، الاسترالي الجنسية، ابن الثانية و الثلاثين عاما الذي يقف إلى جانب أبنائه الذين لم يتجاوز أحدهم الثامنة من العمر فيما الابن ذات الاعوام السبعة يحمل رأس رجل ما زال الدم يقطر منه؟
بناء على ما قرأناه و سمعناه و شاهدناه في السنوات الماضية، أبشركم سادتي، أن الدينونة آتية على الشرق الأوسط. إنها دينونة أتون النار الذي يحرق الاخضر و اليابس. إنها دينونة السيف الذي لم و لن يرتوي من سفك الدماء. إنها دينونة الحقد و العنصرية التي تعمي عيون من كانوا يحسبون من صنف البشر. إنها دينونة تكفير الآخر و صهينته و حل دمه. إنها دينونة الجهاد و ما ينتج عنها من أنهار و بحار من الدماء. إنها دينونة الخطباء و الأئمة الجهلاء الذين لاعمل لديهم سوى الإفتاء و التحريض على القتل. إنها دينونة الامية التي تفرح بتهديم المدارس و احراق الكتب. إنها دينونة قتل كل من تجرأ على الخروج عن المألوف في المجتمع. إنها دينونة دولار البترول الذي يشتري السلاح و يغذي الحرب بدل أن يخطط لبناء مجتمع راق و متحضر.
قد يفاجأ البعض بما أكتبه و أتوقعه عن الدينونة الآتية، لكن دعوني أقول لكم " هل يجتنى من الشوك عنب و من التين حسك؟" لا! بل هذا الوحش الذي نربيه في بيوتنا و نطعمه سوف يكبر و يلتهمنا. ماذا تنتظرون من الطفل "شروف"؟ هل ننتظر منه أن يكبر و يصبح بتهوفن؟ أو أن يلمع اسمه كما لمع اسم أديسون الذي اضاء بابتكاراته ليالينا؟ أو أن نفرح لسماع صوته كما أسمعنا غراهام بل صوته من خلال جهاز التلفون؟
لسؤ الحظ، و الفضل، كل الفضل، يعود لشروف الأب و لجيل يؤمن بما يؤمن به شروف، سوف نشهد جيلا مستقبليا يؤمن بإله يلتذ بالقتل، و بغبي يؤمن أنه بقتل الآخر يخدم إلهه، و بأحمق يؤمن بكل ما يفتي به إمامه، و ببربري لا يعرف أن يفكر، و بهمجي أقل ما يقال فيه أنه حثالة البشر.
سيداتي، سادتي،
نحن في بداية الدينونة و لسنا في نهايتها. فالوحش الذي نربيه سوف يرتد علينا و النار التي اشعلناها سوف تحرقنا و السيف الذي جردناه سوف ينحرنا. نعم، لا بد ان تأتي الدينونة. فإن كنا نربي أطفالنا على قطع الرؤوس لا تنتظروا من مدارسنا أن تخرّج لنا عباقرة و مفكرين و مخترعين و اساتذة، بل مستقبلنا هو مستقبل الوحوش و الافاعي و الذئاب و قطع الرؤوس.
#طوني_سماحة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟