أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أيوب - 5-الكوابيس تاتي في حزيران















المزيد.....

5-الكوابيس تاتي في حزيران


محمد أيوب

الحوار المتمدن-العدد: 1282 - 2005 / 8 / 10 - 07:40
المحور: الادب والفن
    


رواية

الفصل الخامس
ـ 5 ـ
انتشرت مراكز التجنيد الإجباري في مناطق القطاع المختلفة، بدأت الاستدعاءات تصل إلى الذين هم في سن التجنيد ، تم إقرار مشروع التجنيد الإجباري وصدر القرار في الوقائع الفلسطينية، حدد القانون الشروط الواجب توافرها في المجند، وشروط الإعفاء، كان نبيل صديق أحمد الفايز موظفا في الوكالة، وقع المسكين بين شقي رحى ، قرار التجنيد الإجباري الذي ينطبق عليه، و قرار وكالة الغوث بفصل كل موظف يذهب إلى التجنيد، لم يكن نبيل متردداً ، اتخذ قراره ، لتذهب الوظيفة في داهية، ما أحلى أن يلبي الإنسان نداء الواجب ، كان نبيل يتوقع أن تقوم الحكومة بالضغط على الوكالة لإلغاء هذا القرار الجائر، لكن ذلك لم يحدث، أصرت الوكالة على موقفها ، وفصل نبيل من عمله، لم يكن نبيل من أبناء الأغنياء، لو كان غنيا لاخترع له الأطباء مائة مرض لتبرير إعفائه من التجنيد ، ولأوجد المسئولون أكثر من مبرر لتأخير ترحيله إلى معسكر الاستقبال، لكنه فقير ، والفقراء هم الملزمون بالدفاع عن الوطن لكي يعيش الأغنياء مطمئنين ناعمين، قالت جدتي: طبق الأتراك علينا نظام التجنيد الإجباري ، أخذوا سيدك إلى اليمن ، وبقيت وحيدة ، ويلي هم سيدك اللي راح وخوفي إنه ما يرجع ، ولا ويلي هم أبوك وأعمامك اللي تركهم إلي قطاطيم لحم ، لكن ستك طلعت راجل ! اشتغلت ليل نهار، لمّيت البدلية، وقبل ما أسلمها للأتراك ، أجاني خبر إنه سيدك هرب من اليمن، وإنه طالب يشوفني ، يا حبيبي يا أبو عيالي ، منيح ما سلمت البدلية، عشرين ليرة دهب بحالهم، خسارة في هالعكاريت ، رحت شفته : إيش اللي عملته يا رجال ، بعد ما جمعت لك البدلية ؟! خسارة فيهم ! قال لي، يعني كنت فاكراني راح أقبل أحارب عرب مثلي مثلهم، بكفي أخدوا أخوي على سفر برلك، وما وصلناش عنه لا علم ولا خبر، الله أعلم إن كان حي ولا ميت.
وفي أول زيارة له للأهل بعد تجنيده ، جاء نبيل حليق الرأس، ازداد نحافة وطولاً، لوحت وجهه سمرة خفيفة، اشتد عوده وتبلورت عضلات جسده، انتصبت قامته، كان يدق الأرض بقدميه باعتداد وثقة ، ما أجمل أن يضع الإنسان قدمه على الطريق التي يرى أنها الصواب والحق، قال نبيل ، كانت سعادته لاتحدها حدود ، لقد بدأت الخطوة الأولى على طريق التحرير، توجهنا إلى معسكر الاستقبال في غزة ، حلقوا شعري على الصفر ، تضايقت قليلا، ولكني أقنعت نفسي ، الرأس الحليق لا يعيب رجلا، بالعكس، الشعر الناعم الطويل مظهر من مظاهر الأنوثة واللين، كان التدريب شاقا ، طوابير الجري والقفز، الطعن بالسونكي، صرخات النصر تحيط بك من كل مكان، يمكن بعد الطلق الشديد يجينا غلام .
***
تسلم أحمد الفايز استدعاء يطلب منه الحضور إلى شرطة خان يونس لاستكمال إجراءات ترحيله إلى معسكر الاستقبال في غزة، توجه بسرعة إلى الأخوة في قيادة الحركة، كان لديه ميل إلى تلقي المزيد من التدريب ، لكن الأخوة أبلغوه أنهم يحتاجون إليه أكثر من أي وقت مضى ، وأنه يمكنه الاستفادة من شروط الإعفاء التي وردت في قانون التجنيد الإجباري ، فهو وحيد أبويه، وكثير من كوادر الحركة ينطبق عليهم قانون التجنيد الإجباري، إن غياب هذه الكوادر سيضاعف الأعباء الملقاة على قيادة الحركة.
توجه أحمد الفايز إلى مركز شرطة خان يونس ، قابله الضابط المسئول عن المباحث العامة في المدينة، كان يتحين الفرص ضد أحمد الفايز، وقد جاءته الفرصة، سيسرع في إجراءات نقله إلى معسكر الاستقبال ، سيحلقون شعره الناعم على الأقل قبل صدور قرار إعفائه من التجنيد، قال لأحمد الفايز :
ـ جهز نفسك للانتقال إلى مركز الاستقبال في غزة.
ـ ولكن شروط الإعفاء تنطبق علي.
ـ ولكن هويتك قديمة ! تحتاج إلى تغيير ، وكذلك هوية والدك.
ـ تغيير الهوية يحتاج إلى وقت طويل ، وأنا موظف حكومي، ستعطلني عن عملي فقط، ذهابي لن يؤثر على وظيفتي، فقد حفظ القانون حقي في العود ة إلى عملي ، هل نسيت؟!
ـ لا يعنيني! إذا لم تغير بطاقة هويتك يجب أن تسلم نفسك غدا .
لم يثر، تعامل مع الموقف بهدوء، لن تحقق ما في نفسك أيها الوبش، تعاديني لأنك تتعاطف مع خصومي السياسيين، لن أدعك تنفذ ما ترمي إليه. توجه إلى صديقه جواد في مكتب الهويات ، حكى له القصة، طلب منه جواد أن يحضر صورتين مائيتين لوالده، وصورتين له ، وستكون الهويتان جاهزتين في أقل من نصف ساعة ، توجه إلى المنزل ، أحضر والده ، التقطت الصور، وتمت إجراءات الفيش " البصمة " والتشبيه بسرعة، طلب منه جواد أن يتوجه إلى المختار ويحضر منه شهادة تثبت أنه وحيد أبويه، فعل ذلك بسرعة ، توجه إلى الضابط، ناوله الأوراق اللازمة، بهت الضابط وتغير لونه، لم يكن أمامه إلا استكمال إجراءات الإعفاء.
***
العام الدراسي الجديد حافل بالأحداث، منظمة التحرير الفلسطينية تقرر إقامة لجان التوعية، أحمد الشقيري يزور خان يونس، وفي الإستاد الرياضي، التقى بالناس ، لم يذهب أحمد الفايز إلى الإستاد الرياضي، كان يعمل في الفترة المسائية، لم يشأ أن يستأذن، لا يريد أن يضيع أية حصة على طلابه ، ولما لم يذهب بعض الأخوة إلى الاحتفال، توجهت أصابع الاتهام حراباً إلى صدورهم، أنتم تخططون لاغتيال الشقيري، ابتسم أحمد الفايز، سخر من سذاجة هذا التفكير ، لماذا نغتال الشقيري؟ وهل يشكل الشقيري خطرا علينا ؟ الشقيري مجرد إنسان وضع على قمة مؤسسة أنشأتها الجامعة العربية وأسمتها منظمة التحرير الفلسطينية، الاسم فلسطيني والمضمون عربي، فهل بإمكان هذه المنظمة أن تتحرر من القيود العربية وأن تعكس إرادة الشعب الفلسطيني في التحرر واسترداد فلسطين؟ لماذا تضعون العربة أمام الحصان وتستبقون الأحداث؟ دعوا الأمور تتكشف ، وعندها تقررون! ابتسم أحمد الفايز: ولكن المكتوب يعرف من عنوانه.
وفي قيادة القوات الفلسطينية في الكتيبة بغزة أقيم احتفال كبير على شرف وفد الثورة الجزائرية، محمد خيضر ورابح بيطاط وآخرون، ألقى الشقيري خطبة نارية، تقدمت نحوه طفلة صغيرة تحمل باقتين من الورود، قدمت واحدة منهما للوفد الجزائري والأخرى للشقيري ، تدفقت الكلمات من حنجرة الشقيري: هذا هو شعب فلسطين وهؤلاء هم أطفال فلسطين، كلمات طنانة رنانة تخلو من أي مضمون، ابتسم أحمد الفايز ، يا إلهي، هل يريدون لنا أن نكون صورة عن الأنظمة العربية، لن نرى التحرر في حياتنا، ورن يا حمار لما يجيك العليق، تتلاعب بعواطف الناس، وماذا عن المستقبل؟ ماذا أعددنا له؟ وكيف السبيل إلى استرداد فلسطين؟ أعاده صوت محمد خيضر إلى نفسه، والله لو كان العالم برميل بارود لفجرته إذا لم تحل قضيتي، لا تدعو العالم يهدأ إذا لم تحل قضيتكم ، لقد عبرت عما في نفوسنا أيها الخيضر، ليذهب العالم إلى الجحيم ، وليذهب العرب في داهية إذا حاولوا منعنا من تحقيق أحلامنا، تشرين أول 1964 ، مجلة آخر ساعة المصرية تنشر خبراً في أعلى الزاوية اليسرى تحت عنوان سري جداً، منظمة أبطال العودة تقوم بعملية مسلحة داخل إسرائيل، مقتل عنصرين وأسر ثالث، استشهد محمود الهيب .. أسر سكران سكران .. يا فرحة القلب ، بدأنا رحلة الألف ميل ، كانت عملية يتيمة ، لا يدري لماذا لم تتكرر العمليات ، هدأت الأمور، عملية أخرى، العاصفة ... وهل هناك عواصف في هذا الجو العربي المعتدل الهادئ، تنظيم جديد على الساحة الفلسطينية، حركة فتح تسعى إلى توريط الدول العربية في معركة لم يكملوا استعداداتهم لها، ومتى يستعدون ؟ قال أحمد الفايز، ليذهبوا إلى الجحيم ، من ورطنا غير الجامعة العربية وغير الدول العربية ، قالوا لنا أخرجوا فخرجنا، ستعودون خلال أسبوع ولم نعد حتى الآن ، واليوم يطلبون منا أن نسكت حتى يحررونا، متى يأتي التحرير؟ بعد أن يموت الذين يعرفون الوطن ؟ هذا هو شعب فلسطين، آه يا محمد خيضر، لو كان العالم برميل بارود لفجرته ، لا تستكينوا ، انتصرتم على فرنسا، الدولة التي لم تعد عظمى ، متى نسير على طريقكم ؟ وهل تتواصل الخطوات على طريق الألف ميل أم أنها ستتوقف بقرار عربي، اعتقالات، مداهمات ، حملات تفتيش، حركة فتح تريد توريط العرب، ضبط مخازن أسلحة في البيارات ، وفد من المجلس التشريعي يقابل جمال عبد الناصر، ليست لدي خطة جاهزة لتحرير فلسطين ، سحب لنا درجه فوجدناه فارغا، قال أحد أعضاء المجلس التشريعي، ثارت ثائرة الناس ، باعنا عبد الناصر، الرجل الذي كسر احتكار السلاح يتخلى عنا، الذي أمم قناة السويس يوجه لنا هذه الطعنة، تراجع عبد الناصر عن تصريحاته، كل مقدرات مصر وطاقاتها مسخرة من أجل تحرير فلسطين، انفثأ غضب الجماهير وهدأت كأن شيئاً لم يكن ، الهتافات تتعالى : عاش أحمد بن بللا، عاشت الثورة الجزائرية ، عاش الأحرار الخمسة، موجة عارمة من التصفيق والهتافات، شقيري.. شقيري، عبد الناصر يا جمال .. هات سلاح وخود رجال، جندونا.. جندونا ، وعند التجنيد ينطفئ الحماس، يبدأ كل واحد بالبحث عن طريقة للتخلص من التجنيد ، ما دام أبناء الأغنياء لا يتجندون ، فلماذا نتجند نحن ؟ هل نحرر الوطن من أجل أن ينعم به هؤلاء الخدج، البيض كالبفت ، الطريون كالزبدة ، يأخذون كل شيء دون تعب، قال علي جار أحمد الفايز ، لقد شفطت (سحبت) خيطا أحمر من الحرير من أنفي وأدخلته إلى صدري ، وبعد أن سقطت في الفحص الطبي وأعفيت من التجنيد استخرجته ثانية، تظنني أهبلاً ؟ أبناء الأغنياء يدفعون ويعفون، وأنا أعفيت دون دفع، هذا الوطن ليس لي، أموت مرتاحا إذا عرفت أن ابني سيعيش كريما من بعدي ، أما أن ينعم هؤلاء ونموت نحن من أجلهم ، لا والله ، أنت تعلم ، نبيل فقد وظيفته في الوكالة ولم يقف أحد بجانبه، ماذا فعلت الحركة من أجله ؟ لاشيء أكثر من التشجيع والأماني، حملت الجماهير الشقيري على الأكتاف، الهتافات تشق عنان الفضاء، جندونا.. جندونا عاش الأحرار الخمسة، انتظر أحمد الفايز حتى يخف سيل الخارجين، بسم الأحرار الخمسة ما نفوتش التار يا فرنسا ..ما نفوتش التار .. تار الأحرار الخمسة، هذي دمانا الغالية دفاقة وعلى الجبال أعلامنا خفاقة.. جيش التحرير إحنا منش فلاجة (مخربين )، هل سترفرف أعلامنا على الجبال كما رفرفت أعلام الثورة الجزائرية، وهل قال محمد خيضر ما قاله لأن بلاده بعيدة عن خطوط الجبهة مع إسرائيل، ولو كانت الجزائر دولة مواجهة فهل يتغير موقف محمد خيضر؟ الله وحده هو الذي يعلم. البعيدون من العرب هم الأكثر حماساً لفلسطين.. آه يا جرحنا الراعف .. لجان التوعية، الجماهير تحتاج إلى توعية ، وهل الجماهير واعية ، من يريد توعية الجماهير هو الذي يحتاج إلى توعية، تصرفوا بطريقة صحيحة تجدون الجماهير أمامكم ، اخدعوها تتخلى عنكم، هل تدركون معنى أن يكون للقط شوارب وللصرصار قرون استشعار، للجماهير حاستها يا هؤلاء، الشيوعيون يسيطرون على المجلس التشريعي، الشيوعيون يسيطرون على لجان التوعية، لن يمر هذا الأمر بسلام، عندما يحضر الدكتور إلى مركز الخدمات في خان يونس يرى المفاجأة، أعد أحمد الفايز خطته بالاتفاق مع المسئول الحركي، دعوا الأمور تبدو عادية، ليلق الدكتور كلمته ثم نفذوا الخطة، كانت كلمة السر عند جميع الشباب سؤال يطرحه أحمد الفايز، يطلق مارد الغضب من قمقمه، أنهى الدكتور محاضرته ، تحدث عن لجان التوعية وأهميتها وضرورة العمل على إنجاح هذه الفكرة ،وقف أحمد الفايز ووجه السؤال للدكتور: هل تعتقد يا دكتور أن شعبنا جاهل يحتاج إلى توعية أم أن هذه اللجان ستكون وسيلة يبسط الشيوعيون من خلالها سيطرتهم على منظمة التحرير، إنها لحظة الصفر، انفجرت الحناجر بالهتاف الذي دوى كالرعد .. بدنا نحكي عالمكشوف .. وتردد الصدى مختلطا بهتافات الحضور .. بدنا نحكي عالمكشوف.. شيوعي ما بدنا نشوف .. بدنا نحكي عالمكشوف .. عالمكشوف وعالمكشوف.. شيوعي ما بدنا نشوف، ساد الهرج والمرج، حمل الشباب الكراسي ، احمرت العيون، لا مكان للشيوعيين في منظمة التحرير.. هل ما فعلته صحيح يا أحمد الفايز، كيف اقتنعت بذلك، شيوعيون ؟ نعم. كفرة ؟ ليكن. يوجد متسع لكل إنسان تحت سماء هذا الوطن، دخلت إلى النادي مجموعة من رجال المباحث العامة ورجال الشرطة ، أحاطوا بالدكتور ، تظاهروا أنهم يريدون حمايته، أخرجوه من باب خلفي، أركبوه في سيارته، قال له الضابط المسئول : ألم نحذرك يا دكتور ؟ قلنا لك : هناك تنظيمات منافسة فلم تصدق.
كان كل شيء مدبرا ، ابتلع أحمد الفايز الطعم، كان مغفلا، مهما كان الإنسان ذكيا ومهما تمرس في الحياة فإن العقل الجماعي المنظم يتفوق عليه، خرج الدكتور ، نفش الشباب ريشهم: فشلت لجان التوعية وخاب فأل الشيوعيين، ابتسم أحمد الفايز ابتسامة قلقة، هل تصرفت بطريقة صحيحة هذا اليوم، تذكر يوم حاول الإخوان المسلمون تخريب المهرجان الذي خططت المنظمة له لاستنكار خطاب بورقيبة في عجلون في الأردن ، تجرأ بورقيبة يومها وطالب العرب بقبول قرار التقسيم وتعهد بإقناع إسرائيل بتنفيذه، قامت الدنيا ولم تقعد ، الخيانة ورائحة الخيانة ، كان من المقرر أن يكون أبو إسلام عريفا للحفل، خطط أحمد الفايز للهتافات، قرر أن يقود المجموعات المخصصة للهتافات، بينما يقوم ابن عمه بقيادة المجموعات المعدة لصد أية محاولة لتخريب المهرجان، وفي اللحظة الحرجة اعتذر أبو إسلام عن تسلم عرافة الحفل ، جاءه أحد الأخوة : أحمد ، إلحقنا ، سيفشل كل شيء إذا لم تتسلم عرافة المهرجان .
ـ ولكني غير مستعد.
ـ دبر حالك، نحن نثق فيك...
ـ والهتافات ؟
ـ دبرنا الموضوع ، المهم توافق .
وصل موكب الحاكم العام يرافقه كبار المسئولين، جلسوا في المقاعد الأمامية المخصصة لكبار الضيوف ، برنامج الحفل في جيبه أجهزة التسجيل التابعة لإذاعة صوت فلسطين جاهزة، النياشين الحمراء والنجوم النحاسية تتلألأ تحت ضوء الشمس، كانت تجربته الأولى .. لكنه لم يتردد لابد أن ينجح المهرجان: بسم الله الرحمن الرحيم .. باسمكم جميعا نرحب بضيوفنا الكرام.. .... إن خير ما نستهل به حفلنا هذا هو آي من الذكر الحكيم .....
لنا عند اليهود دم وثار.. وحقد في النفوس له أوار.
تدفقت الكلمات من حنجرته ، لم يدر كيف أسعفته الكلمات ولا من أين جاءت هذه الكلمات ، المهم أن الكلمات تتدفق ، والجمهور يصفق ، وهو مازال يقدم الخطباء .. كلمة سيادة الحاكم العام .. كلمة الوعظ والإرشاد، كلمة الاشتراكية يقدمها.....
أحمد الفايز يزداد إيغالاً في الكلام ، انتهى الحفل ، كان يخشى كلاب الأثر، لابد أن يسلك طريقا مغايراً إلى بيته، قرر أن يتجه شمالاً يترك ميدان الجندي المجهول ولا يصعد مغربا في شارع البحر وصولا إلى المنزل .. الخط المستقيم ليس أقصر الطرق ولا أسلمها ، لا بد من الالتفاف للفوز بالسلامة، اتجه إلى الشمال، على يمينه دكان الجايح للأحذية ، دكان أبو الخير لصناعة الأحذية تحت عمارة البطة ، وقبل أن يصل شارع جلال بأمتار معدودات دلف يساراً إلى شارع السيقلي ، أحس بوقع خطوات تتبعه، تمهل في مشيته وكأن الأمر لا يعنيه، وبسرعة استرق نظرة خاطفة إلى الخلف ، إنه الشيخ ، يتهمه البعض بأنه ضابط مخابرات مصري ، تباطأ في مشيته أكثر ، وصله الشيخ .. كان لا يحبه، ولكنه قرر أن يعرف ما في جعبته، يسلم فمك يا سي أحمد ، كنت عظيم النهاردة، ابتسم أحمد ، يريد أن يوقعني في شراكه، يظنني أهبلاّ .. حياك الله يا مولانا ، قال أحمد الفايز الذي مد يده مصافحاً وواصل كلامه : تلاميذك يا شيخنا الفاضل .
ـ استغفر الله يا ابني .. دانت ترباية دراعك.
ـ تفضل معي يا مولانا.
ـ متشكر يا ابني، ربنا يكتر من أمثالك، لازم أزورك زيارة خاصة.
ـ بتشرف في أي وقت.



#محمد_أيوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكوابيس تأتي في حزيران - الفصل الرابع
- الكوابيس تأتي في حزيران - الفصل الثالث
- الانسحاب والمستوطنات بين الواقع والطموح
- الكوابيس تأتي في حزيران
- الكوابيس تاتي في حزيران
- صور وحكايات
- المؤسسات غير الحكومية بين التجني والجناية
- الشبح
- لماذا كل هذه التعقيدات يا وزارة المواصلات
- دويلة في قطاع غزة
- أين علم فلسطين
- المستنقعات البشرية
- رسالتان من فيتنام
- خطة مقترحة لإحياء ذكرى النكبة
- صورة العربي في الأدب العبري
- البنية الروائية في أعمال رجب لأبو سرية
- معابر الهوان في فلسطين
- يوم الأرض .. أيام الأرض
- الجامعة العربية في غرفة الإنعاش
- قروان ع الباب


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد أيوب - 5-الكوابيس تاتي في حزيران