قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 4540 - 2014 / 8 / 11 - 12:33
المحور:
كتابات ساخرة
في ذاك اليوم التاريخي المميز(8/8/88)..قرأ المذيع المرحوم مقداد (بيان البيانات)..الذي اعلن فيه انتهاء الحرب العراقية الايرانية التي استمرت ثمان سنوات راح ضحيتها الملايين من العراقيين بين شهداء ومفقودين ومعوقين..فضلا عن الأرامل والأيتام.
في امسية هذا اليوم ركبت سيارتي التويوتا ومعي اربعة اصدقاء وقصدنا ساحة الاحتفالات .كانت الساحة ممتلئة بالناس من مختلف الاعمار..يغنون ويهزجون..من بينها اهزوجة (الله يخلي الريس..الله يطول عمره).وكان معنا شاعر شعبي جاءنا مخمورا ومعه (ربع عوازه..للمناسبة)..فاخذ يردد نفس الاهزوجة..ولكنه استبدل مفردة (عمره) باخرى (فشار ) لا يصح ذكرها..ونزل الساحة يردد اهزوجته ويلطم على صدره بطريقة حسينية..تجمع بين الكوميديا والتراجيديا.
كنا بين (غركانيين ) من الضحك وبين خائفين عليه وعلينا،فلو ان احدهم سمع مفردة (الفشار) على الريس (لراح بيها)..كيف لا وان احدهم في سجن ابو غريب كان قد حلم بالريس ميتا فحكى حلمه الى زميله في الزنزانة فاخدوه في اليوم الثاني فاكلها تمام ووضعوه في السجن الانفرادي قائلين له :كيف تحلم بالسيد الرئيس ميتا!.. لكن صاحبنا كان يطلق اهزوجته بطريقة خاصة تجعلها تضيع بالهيصة والخبصة والهوسة.
المفارقة ان العراق ما ان خرج من حرب كارثية حتى دخل في اخرى قاتلة بغزوه الكويت في 2/8/90..وهي حالة لم تحصل في التاريخ ان تخرج دولة من حرب كارثية لتدخل حربا اشد وافدح كارثية!.
ما يعنينا هنا انه جرى تعزيز لثقافة العنف لاسيما لدى جيل المراهقين آنذاك،الذين كانوا فتحوا عيونهم في طفولتهم على مشاهد العنف (في الثمانينات)،ثم حصار بسنواته الثلاث عشرة الذي شكل سببا اضافيا واسنادا لخبرة العنف ،حيث كثرت في زمنه السرقة وبخاصة سرقة السيارات المصحوبة بالقتل..وكنا اجرينا دراستين على مرتكبي جرائم القتل في سجن ابو غريب..ذكرناهما في كتابنا (الشخصية العراقية) بطبعته الثالثة.
وبعد سقوط النظام في التاسع من نيسان 2003 الى الآن 2014 يعيش العراقيون عنفا لم يسبق له مثيل ويصعب استيعاب بشاعته..ما يعني ان (قيمة الحياة)التي هي القيمة الأسمى والانبل..قد انهارت في العراق..وان استسهال قتل الانسان صار امرا عاديا عندنا!..ما يجعلك تستنج ان ابواب جهنم قد فتحت فعلا على العراق..وانه الآن يحترق..وان من يطفيء النيران صار في الوطن مثل نيرون..لا يهمه ان تحول الى رماد ..لأن الطائرة جاهزة لحمله الى وطن آخر جرى فيه تأمين كل مقومات الرفاهية..من الوطن المحروق!
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟