|
العراق بين تكفير داعش وتكفير الصرخي
ليث جبار عيدان
الحوار المتمدن-العدد: 4539 - 2014 / 8 / 10 - 09:56
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
لم يعد يخفى على أحد بأن العراق يتعرض الى التدمير المقصود ومع سبق الاصرار، حيث تم تدمير بنيته التحتية المتمثلة بالطرق والجسور والمصانع وكذلك كل ثروات البلد من خلال الحروب المخطط لها مسبقاً وكذلك من خلال سياسة النهب والتخريب والفساد الاداري المخطط له بعناية في أروقة مخابرات احدى الدول العظمى. والى جانب كل ذلك الهدم المبرمج لتدمير البنية التحتية في العراق، يجري تدمير البنية الفوقية في البلد صاحب الحضارات العظيمة والتي تتمثل بالتقاليد والأعراف وحق الجار على الجار والتصاهر فيما بين أبناء البلد الواحد. نرى اليوم بأن هنالك أفكار غريبة تنتشر على يد مشايخ تدعو الى الحقد والقتل والاجبار على تغيير الدين والتخلي عن بعض التقاليد الجميلة التي توارثها العراقيون واستبدال كل تلك التقاليد الجميلة بتقاليد دخيلة مقيتة لم تكن موجودة لدى شعب العراق من قبل. نرى الآن اغتصاب العذارى والخطف والقتل وتوجيه الاهانات من قبل البعض الى البعض الآخر يجري على قدم وساق باسم الدين. وكذلك نرى مطلقي تلك الفتاوى وهم رجال دين يشار لهم بالبنان. فـفي بعض الدول المجاورة يطلق بعض رجال الدين من هناك فتاواهم المخصصة للعراق فقط، فتلك الفتاوى يحرم تطبيقها في دولهم (لأنها تخل بالأمن الداخلي) ولكنها مخصصة للعراق فقط، وتلك الفتاوى تدعو الى قتل كل أصحاب الديانات الأخرى أو تجبرهم على تغيـيـر دينهم وتزعم بأن كل من يقول (لا اكراه في الدين) فهو كافر. أطلق أحدهم ذات يوم تصريحاً خطيراً يزعم فيه بأن طلب العلم في الصين حرام لأن الصين دولة كافرة وكل من يقول بغير ذلك فهو كافر. معنى ذلك أن الرسول الأعظم (ص) بحسب تلك الفتوى كافر. وآخر يطلق فتوى بأن الاكراه في الدين جائز وكل من يقول بغير ذلك كافر، أي بمعنى أن الله سبحانه وتعالى بحسب تلك الفتوى كافر. وهكذا فان فتاوى التكفير لم تتوقف عند البشر لوحدهم وانما طالت حتى رب العالمين جل في علاه. ونحن نسمع الأخبار المؤلمة التي تأتينا من كون داعش تقوم بنسف الكنائس ودور العبادة في الموصل مخالفين بذلك أوامر الخليفة أبي بكر الصديق (رض) وأوامر الخليفة عمر بن الخطاب (رض)، وكذلك يقوموا بقتل المواطنين الأبرياء من دون ذنب واغتصاب العذارى على الرغم من كون الله سبحانه وتعالى نهى عن ذلك في محكم كتابه العزيز بآيات عديدة. بل وانطلق أفراد داعش بالقتل والتدمير والاغتصاب مطلقين العنان بذلك لغرائزهم المريضة من أجل نشر الفساد في الأرض. من جهة اخرى نجد بعض الفتاوى الغريبة والعجيبة من الجانب الآخر حيث تدهشنا فتوى المرجع الصرخي وهو يستشهد بقول ابن النديم وينكر ما جاء في القرآن حيث يدعو الى تكفير بعض الطوائف الدينية (في العراق تحديداً) ويدعو الى اجبارهم على دخول الاسلام ويرفض عنادهم حسب ما يسميه ويرفض تعاليهم وتكبرهم لأنهم يرفضون دخول الاسلام. ويغض النظر والسمع والفهم عن كون تلك الديانات التي يتحدث عنها هم من أهل الكتاب وهم من أهل الذمة، ولكنه ينطلق أيضاً خلف الغرائز البشرية التي تدعو الى اجبار الآخرين على أن يكونوا مثله أو يعتبرهم مختلفين عنه، وبذلك يطلق فتاويه على هذا الأساس. لم تكن كل تلك الفوضى والمزاجية بفتاوى التكفير تنتشر على الساحة من قبل، ولم يكن العراق يمر بكل هذا الانفلات من قبل. ولكن انهيار الدولة في ظل حكومة دولة انعدام القانون هي التي سمحت لكل هذا الانفلات الأمني كما سمحت لمطلقي الفتاوى هؤلاء أن يطالبوا الناس بتكفير بعضهم البعض. وهذا كله يجري تمهيداً لتمزيق العراق بعد افراغه من العلماء والأساتذة والأقليات لكي يخلو الجو لأصحاب العمائم من دون وجود أساتذة وعلماء وأطباء ومهندسين... ولكي يعود العراق الى زمن العلاج بالحجامة والسحر والشعوذة، حيث يسود قانون الغاب والحياة للأقوى. كل ذلك يجري بحسب المخطط المدروس لتمزيق العراق وتجفيف أنهاره وتدميره الى الأبد. ان ما يجري بحق العراق والعراقيين من اطلاق العنان لـ(رجال الدين) هؤلاء يعد بمثابة جريمة ضد الانسانية، حيث أن ما يجري يعد محاولة لقتل شعب بأكمله، ولكن على مراحل. فتسليح منظمة ارهابية في شمال الوطن لكي تفتك بالشعب وتنشر فتاوى القتل، وهنالك بعض الدول المسنودة من قبل احدى الدول العظمى تقوم بتسليحها وتشجيعها، بينما في جنوب الوطن هنالك من يدعو الى تكفير المواطنين واجبارهم على تغيير دينهم أو فمصيرهم القتل أو الرحيل عن البلد، فالسماح لكل هؤلاء باطلاق كل تلك الفتاوى المشبوهة والقتل المبرمج وتدمير العراق، فهو يجري استعداداً لتدمير كل أرض العراق وكل شعب العراق، وهو يأتي تمهيداً لتمزيق العراق وقتل شعبه اما تجويعاً من خلال قطع الأنهار أو بالحرب المرتقبة. وسوف لن نستغرب عندما سيظهر هنالك لدينا الكثير من أمثال الصرخي والخليفة البغدادي وسيظهر آخرون يدعون الى القتل والتكفير طالما أن تلك الدولة العظمى التي تدفع بهذا الاتجاه مصابة بهوس اسمه العراق، فسوف نرى ونسمع ما لم نكن نحلم به بأسوأ كوابيسنا في الأيام القادمة.
#ليث_جبار_عيدان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من المستفيد من تقسيم العراق
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|