عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 4538 - 2014 / 8 / 9 - 21:35
المحور:
الادب والفن
أبي الذي أصبحَ الآنَ .. أصغرَ منّي
عندما كنتُ طفلاً ..
كنتُ أتسكَّعُ كلّ مساءٍ
على " سَطْحِ " العالَمِ المُتْرَبِ الندِّيّ
الذي إسمهُ " الكَرْخَ " ،
وأتَعثّرُ بالقمرِ الذي غاب
، في وجهِ يتيمٍ مثلي ،
و بتلكَ الرائحةِ المُدهِشة .
وعندما يُخيّمُ الليلُ على روحي
، وأتذَكَّرُ وجهَ أبي الذابلَ من عطَشِ الأيّام ،
وأخافُ كثيراً من أنْ يعودَ منَ النسيانِ
، ويموتُ مرّة أخرى ،
ويجعلني أبكي .. وأبكي
كما لمْ أبكِ من قبل ..
كنتُ أختارُ أبعَدَ نَجْمَةٍ في السماء
وأذهبُ للنومِ فيها .
والآنَ كبرْت .
كبَرْتُ أكثرَ ممّا يجب .
كبرتُ لوحدي ..
دونَ رائحةٍ لبيتٍ نَدِيّ ،
وقمرٍ لا يغيبُ .. و كَرْخٍ .. و نَجْمَة .
وعندما يُخَيُّمُ الليلُ على روحي
، و أتذكّرُ وجَعَ الأيام ،
أستدعي وجهَ أبي ، اليابسِ من الذهول .
أبي الذي أصبحَ الآنَ أصغرَ منّي .
فأضَعَهُ مثلُ طفلٍ في حُضني البارد ،
و أُغَنّي لهُ مثلُ أُمّي
،أغنيةَ الغيابِ الطويل ،
لأبنٍ ضاعَ في " الجول " *
دونَ نَجْمَة .
* [ " الجول " .. هو المتاهة . البّريّة . الصحراء . الأرض الخراب . أو أيّ مكانٍ يمكنُ أن يضيعَ فيهِ الشيءُ .. إلى الأبد . ]
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟