كاظم حبيب
(Kadhim Habib)
الحوار المتمدن-العدد: 1281 - 2005 / 8 / 9 - 12:02
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
لقد تصدى المثقفون الديمقراطيون بكل أطيافهم وعلى امتداد العقود المنصرمة لفتاوى التي تبيح قتل الإنسان (حل دم الإنسان) لأي سبب كان. فليس من واجب علماء ورجال الدين ممارسة القانون. الدولة هي التي يفترض أن تمارس تطبيق القوانين لا غيرها. وقد أصبح بحكم النادر صدور مثل هذه الفتاوى بسبب اشمئزاز العالم منها ورفضها لأنها مخالفة للحياة المدنية والدساتير الحديثة وحق الإنسان في الحياة. وكانت أخر الفتاوى بهذا الصدد قد صدرت عن آية الله العظمى كاظم الحسيني الحائري حول قتل البعثيين بالجملة, وقد تراجع عنها بعد أن كتب الكثير ضده, وساهمت مع آخرين بفضح طبيعة مثل هذه الفتاوى.
وناضل الديمقراطيون على امتداد العقود المنصرمة ضد فتاوى الجهاد التي لم تعد مناسبة ولا واردة في العصر الحديث, ومنها العمليات الانتحارية التي يمارسها الشباب الموعود بالجنة من جانب بعض "رجال الدين" الأغبياء والجهلة والمتطرفين في مختلف بقاع العالم, حيث يقتل الشاب أو الشابة ويأخذ معه عشرات الناس الأبرياء إلى الموت دون مبرر.
لهذا لم أجد أي مبرر إنساني وأخلاقي أن يطالب الأخ الدكتور النابلسي علماء الدين الذين اجتمعوا في عمان بأن يصدروا فتوى بقتل بن لادن بسبب إرهابه وقتله أو تشجيعه الآخرين على القتل. من حقه أن يطالب رجال وفقهاء الدين بإدانة كل هذه العمليات وبإدانة الإرهابي الدولي أسامة بن لادن, ولكن ليس من حقه أن يشجعهم على إصدار فتوى بقتله, إذ من يوافق على واحدة من تلك الفتاوى, يفترض فيه أن يسمح بأخرى وأن اختلفت مع وجهة نظره. كان في مقدوره أن يفضح موقف رجال الدين إزاء الإرهاب الجاري بطريقة أخرى, فأسلوب تناوله يدينه حقاً. إذ من غير المعقول أن يطالب ليبرالي يلتزم الديمقراطية رجال الدين ويسائلهم لماذا لم يفتِ أحد بقتل بن لادن؟
ويبدو لي من قراءة المقال أن الكاتب النابلسي يقبل بالبعض من تلك الفتاوى التي تبيح الجهاد والقتل حين كتب يقول بالنص ما يلي:
"لعل استشراء الإرهاب في العالم العربي على هذا النحو الذي نشهده الآن، كان سببه بالدرجة الأولى تشجيع كثير من الفقهاء على الإرهاب بغطاء ديني مزوّر ومختطف وغير سليم في معظم الأحيان". أجلب انتباه القراء إلى كلمة ".. في معظم الأحيان", أي أن بعض تلك الفتاوى كان سليماً, في هذا الصدد الذي يتحدث عنه, في حين أنها جميعاً دون استثناء كانت خاطئة وخطرة ما دامت كانت تشجع على الإرهاب والقتل, وليس هناك أي غطاء ديني لمثل هذه العمليات الإرهابية الدموية المجرمة, بغض النظر عن هذا الموقف أو ذاك من الأديان والمذاهب.
أشعر أحياناً بأن بعضنا ديمقراطي ... ولكن! أرجو أن لا يكون السيد الدكتور شاكر النابلسي وأحداً من هذا البعض.
6/8/2005 كاظم حبيب
#كاظم_حبيب (هاشتاغ)
Kadhim_Habib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟