|
لا يجب دائما تمرير القوانين اعتمادا على قوة حزب الحكومة
عبدالهادي مرهون
الحوار المتمدن-العدد: 1281 - 2005 / 8 / 9 - 08:00
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
مر أسبوعان على تصديق قانون الجمعيات من قبل عاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة مخلفا هذا التصديق الملكي تبعات وآثارا سلبية على مستوى دعم الحريات العامة إلى الصورة المستقبلية التي ستكون عليها الحال من جانب العمل السياسي المعني بالجمعيات السياسية.
لقد شرعت البحرين في مشروعها الإصلاحي منذ أربع سنوات خطت فيها خطوات مهمة من أجل تحسين صورتها الخارجية والداخلية والأخيرة سعيا في استرداد الثقة والشعبية في مختلف أوساط الشارع البحريني الذي قهر سنوات طويلة بسبب حقبة أمن الدولة التي حملت في طياتها آلام المعذبين والمطالبين بحقوقهم الشرعية والدولية التي تحفظ كرامتهم وإنسانيتهم كمواطنين لهم حق التعبير وإحياء الحياة السياسية والمطلبية في تحقيق العيش المشترك الذي يطمح إليه كل بحريني عاشق للحرية والمناخ الديمقراطي. وعلى رغم ردود الفعل الساخطة التي جاءت ضد قانون الجمعيات المعبرة في صور وأشكال مختلفة كان من بينها المسيرة الصامتة التي قادتها الجمعيات السياسية الثماني المعارضة لهذا القانون، فإن مراقبون وجدوا في هذا الأسلوب تعبيرا جديدا قد يفرض نفسه في المرحلة التي وصل إليها المشروع الإصلاحي وذلك بصورة بعيدة عن الأساليب التي عهدناها في الماضي أي أسلوب سلمي حضاري يعبر عن حال الرفض لسلسلة القوانين التي بدأت تأخذ مجراها في البحرين ولتثير عدة أسئلة عما إذا كان هذا بداية لانتكاسة الحريات العامة في ظل هذا القانون ومن قبله قانون الصحافة أم هو الحنين والعودة إلى أيام حقبة أفجعت البحرينيين وأطبقت شفاههم بالصمت المؤبد أدت إلى قيادة سياسات أعادت البلاد إلى الوراء مازلنا نعاني من آثارها حتى اليوم. "الوسط" التقت عددا من البرلمانيين والناشطين السياسيين بشأن تبعات هذا القانون وإن كانت هناك بدائل أو وسائل أخرى تبحث عنها الجمعيات وخصوصا أن قوانين أخرى لها الأثر نفسه مازالت على طاولة الانتظار كقانون "الاجتماعات والتجمعات والمسيرات" الشامل لكل أنواع النشاط الخاص بمؤسسات المجتمع المدني... فهل البحرينيون مقبلون على انتكاسة لحرياتهم؟! أم مرحلة أخرى غير التي عايشوها طوال الأربع سنوات! يقول عبدالهادي مرهون نحن حاليا أمام سلسلة من القوانين وكأننا كنا سابقا في غابة بلا ضابط أو مسئول فيها وفجأة تنبهت الحكومة وأرسلت مجموعة القوانين التي هي واقعا تعادي الحريات! وفي الحقيقة لا يجب دائما تسويغ وتمرير هذه القوانين اعتمادا فقط على قوة ومكانة حزب الحكومة في مجلس النواب لأنها حتى لو مرت فهي تمت من دون توافق مجتمعي كون هذه القوانين "الصحافة - الجمعيات - التجمعات" المقبلة علينا ستطبق على المجتمع المدني الذي يتمتع بحرية نتباهى بها جميعا ومعنا في ذلك الحكومة نفسها أمام العالم.
ضبط الحركة
ويضيف مرهون قائلا: إن ضبط المجتمع بهذه الصورة وكأنه متلبس ونضعه في السجن باسم القانون كمن ينطبق عليه المثل "صمت دهرا ونطق كفرا" هي صورة غير مقبولة. وعودة إلى القانون نفسه الذي نأمل ألا تتعجل الحكومة في تطبيقه حتى وإن انتهت من جميع إجراءات إصداره كونه يضرب ما تحقق من حريات ومساحة للحركة يتمتع بها المجتمع المدني حاليا بل ويعيدنا إلى الوراء. فهناك قلق كبير يساور الجمعيات والمجتمع معا، إذ إن القانون شأن كل القوانين الجديدة يحتاج إلى توافق وتمهيد لأرضية وشرح بأهدافه كما ان الجمعيات أيضا أسهمت إسهاما طيبا وقدمت قانونا رأت فيه أنه قانون متوازن لا يضر بمصالحها ويحفظ هيبة ومكانة الحكومة ويضبط إيقاع الحركة في المجتمع. ونحن ككتلة الديمقراطيين نتبنى ما جاء في هذا القانون الذي قدمته الجمعيات الثماني بل وسنحاول خلال عطلة العمل البرلماني أن نتشاور مع رؤساء الكتل النيابية في المجلس لمحاولة أن يحظى هذا القانون بدعم الكتل النيابية حتى يكون هناك نوع من الانسجام حين تطرح التعديلات على قانون الجمعيات الذي نأمل أن نتمكن من تقديمه في مطلع بدء الدورة الرابعة لمجلس النواب. فلدينا القانون المتفق عليه كتعديل على قانون الجمعيات الجديد ولذلك فنحن منهمكون في طريقة أو البحث عن أسلوب يتم فيه التوافق للحفاظ على لغة للعيش المشترك تحفظ لكل مكانته وقدره ومجال حركته الحيوي لكل من الجمعيات والحكومية.
المجتمع المدني
لهذا فإنني أدعو زملائي النواب ورؤساء الكتل أن يتفهموا بواعث الاعتراض على تمرير هذا القانون وأن يأخذوا بملاحظات المجتمع المدني في الاعتبار. يذكر أننا كديمقراطيين قدمنا قانونا لتأسيس الأحزاب في الدور الثاني لكن هناك تحالف حصل في مجلس النواب لإسقاط قانون الأحزاب بين كتلة المحافظين والمستقلين للمرة الأولى. وكذلك للأسف الشديد المجتمع المدني الذي تردد وبخل بدعمه ولم يوفر المساندة الكافية لقانون الأحزاب بينما تسعى إليه الجمعيات اليوم.
قراءة مستقبلية
ويضيف مرهون قائلا: أعتقد تعزيز مراحل الثقة ضرورة وعلينا أن نوفر لغة مشتركة يفهم بعضنا بعضا لكن للأسف البحرينون حكومة ومجتمعا مدنيا ونوابا وشوريين ونقابات لا يسعون إلى بعضهم بعضا إلا في الأزمات أو في ربع الساعة الأخير. في حين أن المطلوب هو أن نجد الوقت الكافي للبحث المعمق والحوار الهادئ من دون عجلة لبحث أمورنا كافة. وطبعا، هناك من ضاق ذرعا بالمواقف السياسية والمطلبية التي هي مطالب شعبية لأهل البحرين من خلال تهديد بعض النواب وبعض الشخصيات الاجتماعية وأنا واحدا منهم بسبب ما نمارسه من مسئولية نيابية وسياسية وعلى رغم ذلك فإنه لن يثنيني عن أداء عملي اتجاه الشعب والوطن وليس لدي ما أقول أكثر من ذلك!
قوانين تراجعية
في حين علق رئيس جمعية الوفاق الوطني الإسلامية الشيخ علي سلمان على تبعات قانون الجمعيات قائلا: القوى السياسية موعودة شخصيا من عاهل البلاد المفدى بأن تكون أحزابا سياسية وهي حقيقة موجودة على الساحة وإنما فقط لن يكون هناك قانون ينظم هذه العملية بل إن المستقبل سينظمها وفقا للأفق المتعارف عليه للأحزاب السياسية في الأطر الديمقراطية وكان هذا هو الطموح. لكن هذا القانون جاء بها يقيد الجمعيات، فالجمعيات السياسية الحالية تتمتع بعلاقات عربية ودولية لكن القانون الحالي يسعى إلى منعها "..." أيضا الجمعيات تتعامل مع منظمات دولية أخرى من أجل إقامة ورش عمل إلى جانب أن الجمعيات تحتضن في عضويتها أعضاء في عمر الخامسة عشرة على الأقل. أما سن الثامنة عشرة يؤهلهم للتصويت وليس واحدا وعشرين كما ورد في هذا القانون. وأيضا، نطمح أن تكون هناك حرية صحافة على غرار مصر والجزائر والأردن وحتى اليمن التي لديها تجارب محدودة لكن لديها صحافة حرة... ومع هذا فنحن أمام قانونين احدهما يمنع وجود صحافة حرة وآخر يعرقل عمل الجمعيات السياسية. إذن نحن أمام حزمة قوانين تراجعية بالنسبة إلى الواقع الحالي، أما ما يتعلق بالجمعيات تحديدا فهو يتعارض مع الطموح الذي كانت تتطلع إليه الجمعيات السياسية. ويؤكد سلمان قائلا: إن الجمعيات المعروفة التي تعمل على نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان وحقوق المرأة وهي نشطة في البحرين إضافة إلى معهد "NDI" الذي يعمل مع مؤسسات رسمية أخرى مثل مجلسي الشورى والنواب يمنع القانون الحالي مثل هذا التعاون ومثل هذه الأنشطة.
قانون بديل
أما نائب رئيس جمعية المنبر التقدمي الديمقراطي عبدالجليل النعيمي فقد أوضح قائلا: إن هذا القانون سيؤثر سلبا على الحريات العامة وخصوصا على الحياة السياسية والنشاط الحزبي بالذات. بل وسيجرح المشروع الإصلاحي إلى حد كبير. وقد تم إرسال حال الرفض بصورة سلمية وبشكل حضاري عبر المسيرة الصامتة التي نظمت قبل أسبوع وذلك بأهمية إعادة النظر في هذا القانون. لكننا كقوى سياسية معارضة نطالب بضرورة تفعيل العمل السياسي وليس احتجاجيا فقط، فالعمل السياسي متواصل من أجل إقرار القانون البديل الذي قدمته التنظيمات السياسية من أجل أن تواكب الحياة السياسية في البحرين ما يعمل به في البلدان المتقدمة الأخرى. وطبعا، هذا القانون الحالي يفرض قيودا يجب فكها لأنه لا يلبي الطموح وأيضا لا يلبي حاجة الحياة السياسية المقبلة. أيضا تطور الموقف من قبل الجمعيات سيبقى رهنا بتطور الموقف من جانب السلطة السياسية ومن جانب البرلمان الذي يجب أن يتحرك بأسرع وقت ممكن لإعادة النظر في هذا القانون. ونحن بذلك ندعم القانون البديل وهو ما طرحته الجمعيات السياسية إضافة إلى ما طرحه نواب الكتلة الديمقراطية المسمى بقانون الأحزاب السياسية، فكلا القانونين الجمعيات "المعدل" و"الأحزاب" لو أقر أحدهما أفضل بكثير مما يتيحه القانون الحالي للجمعيات. أخيرا، فانه وكما يبدو من آراء جميع الذين استطلعنا آرائهن أن هنالك تحفظات هنا وهناك من قانون الجمعيات السياسية المقر حديثا فيما يتعلق تحديدا بوضع الحريات العامة في البلاد. انها شواغل مشروعة نتمنى ان لا تكون في محلها.
#عبدالهادي_مرهون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تهديد مرهون ينم عن وجود قوى حاقدة
-
أكد تعرضه لتهديدات بسبب مواقفه الوطنية
-
غالبية البرلمانات العربية تعمل بوحي من السلطات
-
الديمقراطيين« تتقدم بمقترح لتعديل ̷
...
-
البرلمان البحريني يختتم جلساته باللكمات
-
هاجس أمني يتحكم في نصوص قانون -الجمعيات
-
مرهون: السجن أحب إلي مما يدعونني إليه
-
»الديمقراطيين« تقدم قانونا̷ً
...
-
مقترح نيابي بتطبيق -التأمين ضد التعطل-
-
الإصلاح قبل الكارثة
-
للتضامن مع الشهداء وضحايا التعذيب
-
مرهون: لماذا الخشية من انعقاد المجلس الوطني؟
-
قانون لحماية الأموال العامة داخلياً وخارجياً
-
النواب: لن نمرر الميزانية إلا إذا وافقت الحكومة على الزيادات
-
الديمقراطيين« خلف مطالب مدربي ومدربات ا
...
-
الناس أولى بأموالها
-
حث النواب على -الثبات- في تبني المطالب الشعبية وحذر من الترا
...
-
الإجراءات الزجرية والتلويح بالقوانين المقيدة للحريات تؤدي إل
...
-
مرهون: الحكومة أغرقت المجلس بقوانين المرشـدات والشيشـة وتجاه
...
-
العراق سيجتاز محنته بالحوار والإرادة الوطنية
المزيد.....
-
مسؤول عسكري بريطاني: جاهزون لقتال روسيا -الليلة- في هذه الحا
...
-
مسؤول إماراتي ينفي لـCNN أنباء عن إمكانية -تمويل مشروع تجريب
...
-
الدفاع الروسية تعلن نجاح اختبار صاروخ -أوريشنيك- وتدميره مصن
...
-
بوريسوف: الرحلات المأهولة إلى المريخ قد تبدأ خلال الـ50 عاما
...
-
على خطى ترامب.. فضائح تلاحق بعض المرشحين لعضوية الإدارة الأم
...
-
فوضى في برلمان بوليفيا: رفاق الحزب الواحد يشتبكون بالأيدي
-
بعد الهجوم الصاروخي على دنيبرو.. الكرملين يؤكد: واشنطن -فهمت
...
-
المجر تتحدى -الجنائية الدولية- والمحكمة تواجه عاصفة غضب أمري
...
-
سيارتو يتهم الولايات المتحدة بمحاولة تعريض إمدادات الطاقة في
...
-
خبراء مصريون يقرأون -رسائل صاروخ أوريشنيك-
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|