أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سمر يزبك - حكي النساء














المزيد.....

حكي النساء


سمر يزبك

الحوار المتمدن-العدد: 1281 - 2005 / 8 / 9 - 07:55
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


في الثقافة الشعبية العربية عندما يٌراد الهزء بكلام ما والإنتقاص من قيمته وأهميته يقال عنه: حكي نسوان، والمرادف الشعبي: الحكي الفاضي. وعندما يقولون: كلمة رجاّل. تعني صدق الوعد. وإذا أرادوا أن يصفوا امرأة بالشجاعة وقوة الشخصية، قالوا: أخت رجال. والأمثلة كثيرة على المكانة المتدنية الذي ترزح فيها المرأة في مجتمعاتنا، بدءا بالشارع البسيط وانتهاء بالبنية الفوقية للمجتمع من نخب ثقافية وما شابهها؟!
باستعراض سريع للتاريخ القريب والبعيد، نرى أن "حكي النسوان"، وقبل أن يتم تحويله وتمييعه ضمن مجتمع الحرملك المغلق، كان عالماً تخييلياً، خرجت منه الحياة بأوسع معانيها، ونحن نذكر الكتاب الشهير: ألف ليلة وليلة _كتاب الأنثى الحكّاءة_ التي خرجت من عباءة الغباء والجمود، لتنقذ عبر لسانها وحكيها، بنات جيلها اللواتي صب عليهن شهريار جام غضبه، بعد أن كان يقتل عروسه في صباح اليوم التالي لعرسها. رغم أن بعض الدراسات الأنتروبولوجية و النقدية السيميائية وغيرها، اعتبر ت أن ألف ليلة وليلة هو كتاب بطريركي بامتياز.
كانت شهرزاد أم الحكاية العربية. وهي لم تنقذ بنات جنسها من القتل فحسب، بل أنقذت شهريار من نفسه، وكراهيته، وصنعت الحب بحكايات الغواية، بحروف وكلمات منحرفة عن كل مستقيم، وداخلة في دائرة اللامنتهي، تغزل بلسانها أساطير لم يعرف تاريخ الأدب أكثر روعة وجمالاً منها. وفي القرن الثامن عشر عندما قام انطون غالان بترجمة كتاب ألف ليلة وليلة، كان خيال شهرزاد الغريب هو من فتن كتاب أوروبا، وجعلهم، باعتراف الكثيرين منهم، يخلقون من كتاباتهم عالماً من الأساطير المروي عن "حكي النسوان" وأضحى ألف ليلة وليلة من ضمن الكتب القليلة التي لازمت الكاتب الأرجنتيني الرائع خورخي لويس بروخس، حتى أنه أسماها: الليالي العربية.
أما في العالم الإغريقي وعندما قام العلامة فينست دو بوفيه ( 1256 ) بتجميع أراء الكتاب، سجل في موسوعته الكبيرة عن العالم ( ( speculum majus أماكن ولادة عشر عرافات إغريقيات (كوميه، كومه، دلفي، ارثراي، هلسبونت، ليبيا، الفارسية، إفريقيا، ساموس، وتيبور)
وأولئك العرافات كن يحظين بمكانة مهمة في المجتمع الإغريقي، يعرفن الزمن، يتنبأن من خلال علومهن ومعارفهن بالأحداث، يلجأ إلى حكيهن كل محتاج، ويتبوأن مكاناً مهماً في المجتمع. كان يقال أن العرافة "كوميه" قامت بكتابة تسعة كتب وطرحتها للبيع على "تارغوينيوس" سابع وآخر ملوك روما. ولعل العرافة الآرثرية التي تنبأت باشتعال حروب طروادة كانت أشهر من قادتها أنفسهم، حتى أن مدينتي: ارثريا ومدينة ماربسوس تقاتلا على أحقية كل منهما بنسبها.
فيما حرض البطريرك كيريولوس في سنة 415 مجموعة من الشباب المسيحي المتعصب على الفيلسوفة والرياضية الوثنية هباتا، بعد أن انتزعت من منزلها، وقطعت أوصالها، وأحرقت جثتها في مكان عام. ورغم ذلك فان تمسك قسطنطين نفسه (أول إمبراطور مسيحي) بنبوءة العرافة الارثرية عن قدوم المسيح، تدل رغم كل شيء على الأثر الكبير الذي كانت تحتله المرأة. لذلك تظهر العرافة الارثرية، رغم وثنيتها، في سقف الكنيسة السكستينية كواحدة من أربع عرافات يحطن بمجموعة من أنبياء العهد القديم الأربعة كما صورها مايكل آنجلو،.. ولعل الأمثلة كثيرة عن محاكم التفتيش في أوروبا "القرون الوسطى" عندما كانت تتعرض النساء الجميلات والذكيات، اللواتي كن يملكن قسطاً من الحرية والعقل وحس الجدل والمحاورة، للحرق تحت شعار محاربة السحر والهرطقة فيهن.
والحديث عن زينب فواز، التي تعتبر من أوائل كاتبات الرواية في العالم العربي "أواخر القرن التاسع عشر"، قد يطول، ولكن هذا من باب التذكير فقط. ولن أتساءل لماذا لا يتم الحديث عن فرجينيا ولف بالطريقة نفسها التي يتم الحديث بها عن جيمس جويس عندما يتناول النقاد الرواية الإنكليزية الحديثة، لأني لن أكرر ما قالته الكثير من النساء اللواتي تحدثن عن حقوق المرأة، ولكني سأقول: إن حكي النسوان الذي يشار إليه باستخفاف، هو من صنع تاريخاً موازياً وهامشياً بعيداً عن أضواء الانتصارات السياسية العسكرية للقادة الذين كانوا يرسمون خارطة العالم من زمن إلى زمن.
حكي النسوان: صانع التفاصيل الإنسانية الصغيرة التي كانت دائما تعبيراً عن الظلم البشري، حيث المرأة تقف إلى جانب الرجال المهمشين أيضاً، لكنها بالحكي نفسه تصنع لهم الحب وغواية البقاء والاستمرار. ومخيلة البشرية المركونة في زوايا النوافذ المهملة، الظامئة دائماً وأبداً إلى شهوة الانعتاق ، في مكان مظلم من هذه الحياة الفاقدة حسها بالعدالة.



#سمر_يزبك (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل نترك الباب مفتوحاً لاحتواء الثقافة إلى الأبد؟
- من ينقذ التلفزيون السوري من الشعوذة؟
- سمير قصير ودموع اميرالاي
- الاعلام العربي: قلق الهوية وحوار الثقافات
- نحن السوريون:مالذي سنكتبه
- دمشق تدعوك
- المثقف بين الإتباع والإبداع
- سينما... يا بلدي
- الصورة التلفزيونية وفصام الواقع
- الطوفان في بلاد البعث
- سيناريو كاميرا:انطون مقدسي وخديعة الغياب


المزيد.....




- وزارة المالية : تعديل سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024.. تع ...
- المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
- #لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء ...
- المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف ...
- جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا ...
- في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن ...
- الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال ...
- فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى ...
- مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 % ...
- نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - سمر يزبك - حكي النساء