الفكر الإنساني وحق التحديث والتجديد ح2

عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني
(Abbas Ali Al Ali)

الحوار المتمدن-العدد: 4536 - 2014 / 8 / 7 - 02:51
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    

نشأت المعرفة بين عالمين عالم حسي مادي مرتبط بالحاجة ومستجيب للوجود اليومي معقول بنظام نامي يتطور ويتكون ويتبلور مع عمق التجارب وتخزين وتراكم ما هو حاصل وبين حد مثالي غيبي مرتبط بالحلم والجنة والغيب وعدم القدرة على القرب القريب , بين هذا وذلك ولدت معارف الإنسان وسارت متباينة في توجهاتها وتشعبت في مسالكها الخاصة والعامة لكنها بقت محصورة بين الحسي العقلي وبين المثالي المعقول , وما زالت تدور الصراعات الفكرية حول تقديم الأجدر وتلبيس المعرفة ثوبها حسب ما تنحاز الرؤى لما هو جدير بالقناعات العقلية للباحث والدارس والناظر لزوايا المعرفة وإشكالات التكوين ومعطيات النتائج المتباينة .
ليس مهما ما يتم القياس به أو عليه المهم أن نؤشر لحقيقة أن الفكر الإنساني محكوم بالقوة والطبيعة على التطور والتحديث إن لم يكن في المسائل والمناهج والنتائج والصور فلا بد أن نؤشر حقيقة جلية أن مسألة التوقف عند حد معين لا يعني أن الفكر عاجز عن التطور وإيجاد مجال حيوي للتحرك وإنما يعود في الأصل إلى عجز عقلي تكيفي وليس تكويني عندما يؤسر النظام العقلي في قوالب ومحددات محاطة بالخطوط الحمر التي تفرض على أساس أما ديني تحجري مخالف لروحية الدين أو من خلال عرف أجتماعي قهري يمس إنسانية الإنسان أولا .
فمن يحرم العقل من التطور سببان أما مانع ذاتي يتعلق بعجز المقدمات التكوينية للفرد عن فهم حقيقة الحاجة للتطور والتحديث والتجديد نتيجة قصور في التركيب أو تقصير في التصور , وبالتالي هذه الحالة تلازم الأفراد الذين ينشئوا تحت وصايات عقول مسيطرة فهم يظنون أن وجود الوسيط المنتج أو المالك للمعرفة يغني عن نشاط عقولهم , أو في حالة أخرى أن مناطات التنشيط العقلي تتوقف عند حد تعجيزي ناشئ عن حالة أسترخاء وكسل وضعف في ممارسة واجب التفكر , وكلا الصورتان يمثلان وجه واحد هو الوجه السلفي الذي يعتمد الماضي ولا يحس ويتحسس الحداثة الزمنية إلا من خلال الحاجة المادية التي يساق لها عنوة.
إن من حق الإنسان الطبيعي والمنطقي والذي لا تنكره أساسيات وجوده في المكان هو تلازم حركة المعرفة والفكر مع تحديات حركة الزمن وواجبات العقل البشري أن يلاحق الحركة الجوهرية الكونية ويتفاعل معها بل وينصهر في مجموع ما يتراكم من أثر ويصبح مستهلكا ومنتجا ومنشغلا أيضا في قضايا المعرفة ليثبت أولا أنه كائن حي وثانيا حتى لا يحد نفسه في أتون فكرة التراجع والتحجر والموت الوظيفي له في عالم سريع الحركة وحيوي ونشيط .
إن تثبيت حق الإنسان بالتطور والتجديد والتحديث وتوفير الوسائل التي تساعده في ذلك وتشريع تجريم كل الأفكار والمعتقدات التي تصادر هذه الحق أو تحاربه أو تنتقص منه مهمة أساسية اليوم أمام المجتمع الإنساني وواجب تجاه الوظيفة الأساسية للوجود المعنون بحق التشارك والمشاركة والتعبير عن ذات الإنسان المندفعة دوما نحو الكمالات البشرية والتكامل مع الطبيعة والواقع الذي يمنحه هذا الحق بدون حد وبدون تبرير .

#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات