أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نبيل عودة - توقف القتال .. لم تتوقف الحرب!!















المزيد.....

توقف القتال .. لم تتوقف الحرب!!


نبيل عودة
كاتب وباحث

(Nabeel Oudeh)


الحوار المتمدن-العدد: 4535 - 2014 / 8 / 6 - 10:30
المحور: القضية الفلسطينية
    


كشفت الهدنة المؤقتة أمرا هاما، هو ان رئيس حكومة اسرائيل لم يطرح هدفا سياسيا لعدوانه على غزة.. تطور القتال لم يكن مطابقا لحسابات المؤسسة السياسية والعسكرية. حدث ما لم يكن في حسابات الجنرالات السياسيين والعسكرين. اربكتهم غزة المحاصرة بما اعدته من مفاجئة استراتيجية في شكل ادارة القتال. عمليا، رغم التدمير الجنوني للمنازل والبني التحتية والحاق الأذى المرعب بالسكان، الا ان غزة فرضت على اسرائيل ان تخرج بخفي حنين، نتنياهو اكتفى بوقف العدوان دون ان يحصل على اي مكسب دبلوماسي.. وسيذهب للمفاوضات في القاهرة تحت صيغة وقف القتال فقط. يقال في الأوساط السياسية ان القرار بوقف القتال كان قرارا شخصيا لنتنياهو مما يشير الى ارتباكه السياسي ( ربما نتيجة ضغوط دولية أيضا لم يكشف عنها بعد) وتردده من التورط أكثر بالعمق الغزاوي من باب ان "المكتوب يقرأ من عنوانه".. وان احتلال كامل قطاع غزة، كما طرح امام الوزراء ، سيستغرق زمنا طويلا يقتل فيه مئات الجنود...
عمليا في الأسبوع الأخير لم يتحرك الجيش الاسرائيلي عن المواقع التي احتلها وهو شريط قليل العرض من قطاع غزة، واضعا امامه هدفا "استراتيجيا" كما ادعى كل دعاة اليمين والعسكر ، واعني نسف الأنفاق التي سببت مفاجأة استراتيجية للجيش الاسرائيلي وخوفا من التقدم نحو العمق و"انزال ضربة قاضية بحماس" ، كما كان يغرد باصرار اليمين و"ببعض الخجل" ما يسمى اليسار ، طبعا الى جانب تغريد وسائل الاعلام الاسرائيلية وضيوفها من العسكريين المتقاعدين الذين لم يتخلصوا بعد من اوهام "انزال الضربة القاضية" كما كانت تجري الأمور في حروبات اسرائيل السابقة ضد الدول العربية. . ما زال عسيرا عليهم فهم قدرة تنظيم صغير مثل حماس او حزب الله سابقا ، ان يفشلوا "الضربة السريعة والانتصار الحاسم" التي بني عليها كل الفكر والتخطيط العسكري الاسرائيلي.
طبعا لا احد يستهتر بقوة اسرائيل العسكرية .. وهي اثبتت نفسها بالدمار الرهيب في غزة تحت صيغة استهداف مواقع حماس العسكرية التي وصل عددها حسب اسرائيل لأكثر من 15 الف هدف.. طبعا لا يمكن لمنظمة لا يتعدى عدد جنودها 15 الف مقاتل ان تملك 15 الف هدف عسكري. لذلك كان الدمار شاملا للمواقع المدنية وللسكان المدنيين تحت كذبة مفضوحة ان حماس وضعت سكان القطاع كدرع بشري.
اعتقد ان اكبر مكسب لنا نحن جمهور متابعة التقارير الإخبارية من مصدرها العبري، هو استراحة لنقاهة نفسية و"تنظيف الأذنين" من التكرار الممل لتصريحات العسكريين، بما فيهم المتقاعدين، وما ترسب في سمعنا من اوهام دموية لم يخجلوا من طرحها وكل منهم يعتقد انه أمسك "برأس الأفعى"، وان "خططهم التلفزيونية" تمهد الطريق حول كيفية "سحق حماس"، تصفية قيادتها"، "تجريدها من السلاح"، "اذلالها"، "ردعها بقوة تساهل" ومئات التعابير المملة المكررة لدرجة التسبب بأوجاع الرأس لمن يصبر على الاستماع المتواصل للتغريد النشار البعيد عن فهم الواقع الفلسطيني بمجمله، والواقع الدولي في قرننا الحادي والعشرين، بما فيه واقع قطاع غزة، التي لم يعد لها ما تخسره الا قيودها وحصارها.
من هنا جاء قرار نتنياهو، بعد تردد.. بوقف القتال والانسحاب (والانسحاب شرط طرحته حماس) بقرار فردي دون الرجوع للحكومة المصغرة للشؤون السياسية والأمنية. أي عاد لنفس المسار القديم لمفاوضات وقف اطلاق النار مع حماس.
يمكن الآن رسم صورة تقريبية للتطورات السياسية والعسكرية التي ستشهدها الساحة الاسرائيلية. الجيش سيبدأ بالتحقيق في موضوع عدم فهم الأبعاد الاستراتيجية للأنفاق رغم ان احد الضباط اشار في بحث له قدم لقيادة الجيش الى الأبعاد الاستراتيجية المتوقعة من الأنفاق، طبعا سيدرس الجيش تطور المعركة في غزة ، بمعنى الضربات غير المتوقعة التي انزلت بالجنود الاسرائيليين، بما في ذلك المنازل التي فجرت بجنود الجيش ، وسببت وقوع اصابات كثيرة.
في الجانب السياسي ستبدأ حملة حسابات سياسية عسيرة ضد نتنياهو من حلفائه ومن المحللين السياسيين والمعلقين وما اكثرهم في الاعلام الاسرائيلي، وما اكثر التشابه اللفظي والفكري لما يطرحوه وكأنهم يتلقون الأفكار من مصدر واحد.
اين سيكون اليسار في هذه الدوامة؟ يبدو انه سيكون المدافع عن نتنياهو ، بسبب "عقلانيته" في وقف القتال... طبعا سيشددون على العودة الى المفاوضات مع محمود عباس ، كحل امثل .. لكن السؤال هل سيكون لهم موقف مؤثر على ايصال المفاوضات مع محمود عباس الى اتفاق ينهي النزاع، وأين كانوا حين اوصل نتنياهو المفاوضات الى باب مغلق؟
لا ارى ان نتنياهو يجرؤ على التقدم نحو حل.. اتوقع ان يكون "الحل" بإجراء انتخابات جديدة.. وبعدها يعود الجميع الى قواعدهم سالمين غانمين.. لتبدأ جولة جديدة من المسرحية التي حفظنا كل فصولها. السؤال هل ستكون يقظة دولية تعبر عن انتهاء صبرهم من تصرفات "فرفور دمه مغفور ومكفول امريكيا" التي ميزت تصرفات اسرائيل في الشرق الأوسط، ليس ضد الفلسطينيين فحسب ، انما ضد كل دول المنطقة تقريبا؟!
لكن السؤال الذي سيظل في الفضاء: هل يمكن استمرار حصار 1.8 مليون فلسطيني ؟ هل يمكن ابقاء القطاع تحت رحمة ما تسمح به اسرائيل؟ حتى في المجال الاقتصادي الحيوي ، يخسر قطاع غزة عشرات ملايين الدولارات من الحصار المفروض على صادراته الزراعية. أي الهدف ابقاء القطاع سجنا فلسطينيا كبيرا .
السؤال الذي لا يمكن تجاهله: هل تستطيع اسرائيل ان تمنع حماس من اعادة بناء قوتها وسد ما نقص من اسلحتها وربما ادخال اسلحة من نوع لم يسبق لحماس ان استعملته ؟ من الواضح ان واقع الحصار العربي على القطاع هو واقع مؤلم ايضا، يخدم اولا السياسة والخطط الاسرائيلية ويشكل عائقا على الواقع الفلسطيني بكل ابعاده.
يقلقني الموقف المصري: هل ستكون مصر امينة على مصالح اسرائيل، على حساب حق الشعب الفلسطيني بالتحرر من الاحتلال والحصار؟
يجب عدم التقليل من اهمية مصير الاتفاق الفلسطيني بين فتح وحماس؟ هل سنعود الى الفرقة؟ صحيح ان الاتفاق كان شكليا ، لكنه ارعب اسرائيل ودفعها لمغامرة العدوان على غزة، بعد ان استنفذت عملياتها القمعية ضد حماس في الضفة الغربية... من هنا اهمية الحفاظ على اتفاق المصالحة، واعطاء السلطة الفلسطينية المساحة السياسية الكاملة للتحدث باسم كل الفلسطينيين، لأن
المعركة ستنتقل أيضا للساحة الديبلوماسية الدولية وللسلطة الفلسطينية مكانتها المقبولة بالساحة الدبلوماسية الدولية واعتقد ان على السلطة الاستفادة من صمود قطاع غزة في تطوير مواقفها.. اسرائيل لا تملك اي اوراق قوية، عدا الموقف الأمريكي الذي قد يلحق الضرر بالولايات المتحدة نفسها.
اجل توقف القتال... كيف سينعكس توقفه على المفاوضات؟ المعروف ان السياسة هي ترجمة لنتائج الحرب. لا ارى انتصارات لأي طرف.. الموت والدمار ليسوا انتصارا لأحد، هناك أهمية لصمود قطاع غزة رغم وحشية العدوان واستهداف المدنيين والبنى التحتية بشكل غير معروف في أي حرب سابقة، هذا الصمود لا بد ان يحدث تغييرا في الواقع الاستراتيجي للشعب الفلسطيني .. من ناحية أخرى سيقود الى معارك سياسية ونقدية داخل المجتمع الاسرائيلي، قد تضع نهاية لعهد نتنياهو، بظن ان القادم، وقد يكون يمينيا اكثر تطرفا، سيجلب معه بشارة تغيير نتائج الجولة الحربية الحالية. لذلك انا على قناعة انه لا بد من دور دولي قادر على استعمال أظافره. الثمن اذا استمرت اسرائيل بنفس سياساتها العدوانية بظل غياب عالم عربي قادر على لجم العدوان ، او عن لعب دوره السياسي المؤثر، سينعكس سلبا على الواقع الدولي ، وقد يكون الثمن الذي سيدفعه الغرب غير مسبوق بحجمه. لم يعد لفلسطين ما تخسره!!
هل سيتجدد القتال؟
من الصعب الاجابة، رغم ان الصورة الكاملة تقول ان اسرائيل تريد الوصول الى تهدئة لتستوعب ما جرى في ال 29 يوما من القتال الضاري غير المسبوق باعتراف عسكرييها. وان تعيد عجلة التاريخ الى الواقع الذي كان قبل عدوانها الأخير. لكني ارى عبثية الموقف الاسرائيلي.. لا شيء يعود الى الخلف، لا شيء يقف بلا حركة.. ولا شيء يظل على سابقه ...الصورة من جانبها الأخر ليست سهلة ، الضربة التي انزلت بالاقتصاد الاسرائيلي قد تستمر نتائجها السلبية لسنوات قادمة، عدا شلل حياة اكثر من 5 ملاين اسرائيلي ، كانت ضربة اقتصادية للمجال السياحي ، أضاع موسما سياحيا كاملا وقد يمتد تأثيره على المواسم السياحية القادمة..
من هنا التهدئة هي ما ترمي اليه اسرائيل وتتمشى مع سياستها وليس الحل الجذري للحصار وللقضية الفلسطينية تحديدا. تجديد القتال لن يخدم اسرائيل. ماذا تبقى لها لتدمره في غزة المدمرة؟ طبعا هناك تخوف، يحاولون الالتفاف عليه، حول ارتكاب اسرائيل جرائم حرب في قطاع غزة وامكانية اقامة لجنة تحقيق دولية، او الوصول للمحكمة الدولية لجرائم الحرب.
هذه ساحة معركة ليس ليست سهلة كما قد يتصورها البعض. تحتاج الى ادارة معركة متزنة تعتمد على حقائق لا تفسر على وجهين. تحتاج ايضا الى شل الدور الأمريكي الملتزم بدون تفكير الى جانب اسرائيل. للأسف واقع العالم العربي لا يبشر بالقدرة على صد الدور الأمريكي وتقزيمه، لا على المستوى الرسمي ولا على المستوى الشعبي الذي أغرقه حكامه بالصراع الطائفي الدموي الرهيب لدرجة اختفاء مفهوم الهوية الوطنية من الواقع الاجتماعي للعالم العربي (ربما تعبير انتماء وطني او هوية وطنية صارت من مخلفات الماضي). يبدو ان هذا الدور ستقوم به دول امريكا اللاتينية التي اتخذت موقفا حازما ضد العدوان الإسرائيلي لم تجرؤ عليه الدول العربية "الصديقة" لإسرائيل.
هل ستكون اوروبا قادرة هذه المرة على اتخاذ مواقف مستقلة ضمانا لمصالحها ام ستقطف راسها امام شريكها الأمريكي ، وقد تعرض مصالحها (وربما امنها) للمزيد من المخاطر؟؟

[email protected]



#نبيل_عودة (هاشتاغ)       Nabeel_Oudeh#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ورطة جنرالات اسرائيل
- اللغة العربية من منظار الواقع السياسي-الاجتماعي
- المنتصر على الطفولة
- اوشفيتش غزة: -امواتا يمشون -حتى متى؟!
- حين يصير المحتل مدافعا عن النفس
- من يقدس الموت يا سيد نتنياهو؟
- انتصار العقلانية الفلسطينية
- مونديال نتنياهو في الخليل
- يوميات نصراوي: على هامش تجربتي
- بحث فريد من نوعه ومثير في كتاب زلزالي لباحث يهودي:
- المحامي سعيد نفاع يترافع عن البوعزيزي
- الناصرة – تاريخ وصور
- الاعلام العربي في اسرائيل عبر تجربة -اذاعة الشمس-
- بطركية الروم وخطة تجنيد المسيحيين لجيش الاحتلال
- طوشة في الطريق الى الجنة...
- مفاوضات عبثية بلا دور عربي !!
- يوميات نصراوي:كيف صار قبر دبور مقاما مقدسا؟
- استجابة لدعوة الحزب اقدم ملاحظاتي
- غبار انتخابي بعد تسانومي الناصرة
- الأدب الروائي الفلسطيني داخل اسرائيل


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نبيل عودة - توقف القتال .. لم تتوقف الحرب!!