أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زيد شحاثة - سيكارة..ووطن














المزيد.....


سيكارة..ووطن


زيد شحاثة

الحوار المتمدن-العدد: 4534 - 2014 / 8 / 5 - 13:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


سيكارة..ووطن.
نظر يمينا وشمالا, كانت ليلة ظلماء حالكة..إلا من ضوء ذهبي بعيد.
تبسم قليلا, وانحنى قليلا مسلما بالتحية باتجاه الضوء, كم كان يتمنى أن يكون هناك بالقرب منه, أحس بسكينة وهو يتذكر نفسه هناك..يجول في المرقد الطاهر, يستنشق عبير القدسية والمهابة الطاهرة.
ألحت عليه رغبته بتدخين سيكارة, لكن خطورة إشعال السيكارة, ربما يتسبب باستهدافه من هؤلاء الأوباش, فقناصتهم ينتظرون أي حركة خاطئة, فاكتفى بوضع السيكارة في فمه, والتمتع بما يمكن من طعمها البارد.
أغمض عينيه قليلا, وتخيل أولاده الثلاثة..زوجته الحنونة, تذكر نظراتها الحائرة عندما اخبرها انه تطوع للقتال, وسيتدرب لأسبوعين أو ثلاثة, ويرتحل بعدها للدفاع عن المقدسات والوطن..وعنهم.
اخبرها عن حاجتهم له, لأنه سبق أن خدم كضابط مجند في القوات الخاصة, ويملك من الخبرة والمهارة, ما يفيد في هذه الأيام الصعبة..رغم تقدم السن.
لن ينسى تلك النظرة..فيها مشاعر الدنيا, أحس بحبها الشديد له وتعلقها به, وخوفها وقلقها من المجهول, وتوترها من المسؤولية التي ستتحملها وحدها بدلا عنه كأم..وأب.
لن ينسى دمعة سقطت من عينها, كلؤلؤة تتدحرج..حاولت أن تخفيها عنه, عندما مررت الكتاب الكريم فوق رأسه وألبسته دعاء الحفظ, الذي أعطته إياه أمها, وتحمله منذ طفولتها..وكان هو يخطو باتجاه باب الدار, لكنها لم تحتمل الموقف, فاحتضنته بكل ما تملكه من قوة..فاحاطها بذراعيه بقوة اكبر, واخبرها هامسا بأذنها:
- هناك سر لم أخبرك به من قبل.. وكانت يده تعبث بخصلة بدء يتسرب لها الشيب في سوالفها.
- نعم..اعرفه..انك تحبني..قديمه..ضحكت وهي تغالب دموعها المنحدرة على خديها.
ضحك, وهو يعضّ على شفته السفلى مغالبا دموعا خنقها..
- لم تحزري..بل احبك جدا جدا..يجب أن أتوكل الآن.
فتح ذراعيه عنها..لكنها لم تفعل..وكأنها تريد أن تشبع منه.
سحب نفسا عميقا بكل قوته من السيكارة..لم تشف غليله..تذكر أنها مطفأة.
اللعنة عليكم, ما الذي جاء بكم إلى أرضنا, كان يفكر مع نفسه, وهل كان يجب أن يتطوع؟الم يكن هناك الكثيرون, بل عشرات الآلاف ممن يكفون عنه؟وهو يكاد يتجاوز أواسط الأربعين من العمر؟!.
حرك رأسه يمنا وشمالا, كم ينفض ترابا عن رأسه..اللعنة على الشيطان, قال لنفسه وهو يشجعها, أن لم أتقدم أنا, فمن سيدافع عن الوطن..الشرف..المقدسات؟.
عاد ليتذكر, كيف تم تسريحه عند حل الجيش, وكم هي الصعوبات التي واجهته في البداية, في الحصول على عمل, مع استحالة حصوله على وظيفة, فكل ما يجيده..هو عمله العسكري؟!.
تذكر أيامها جلوسه على مائدة العشاء وحوله أولاده, وزوجته تخفف عنه عناء تعبه, وهو يكلمها بلطف, وعيونه تعتذر منها, لأنه كان يتمنى لها شيئا أفضل..وأطفاله يتغامزون ويتقافزون, ولا يكادون يستقرون في جلستهم..كعادتهم.
تذكر زيارته الأخيرة الى مرقد العسكريين, يوم أمس وقبل انتقاله إلى خط النار..كم كان شعور لذيذا بالسكينة والهدوء, وموثوقية الخطوة والقرار..أحس كان الإمامين يبتسمان له, ويرحبان به, ويقدران حضوره للدفاع عن مرقدهما.. هكذا فهم وهو يغالب دموعه التي أنزلتها, عواطفه الجياشة حينها وشوقه لزيارة المرقد الطاهر.
ابتسم وهو يتذكر كل ذلك..لقد فهم معنى الوطن.
أزعجه كثيرا برود طعم السيكارة في فمه, فانحنى في موضعه, وضع رأسه بين ساقيه, واخرج عود ثقاب, وقرر إشعال سيكارته..وليكن ما يكون.



#زيد_شحاثة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لكن حمزة لابواكي له!؟
- الامة بين الانحدار..وارادة الحياة
- الاكراد..وخيار الموت او السخونة
- الحكومة القادمة و التركة الثقيلة
- حقوق الانسان..ومخالب الديمقراطية
- ولدي وداعش..وكيكة عيد ميلاد
- مرة اخرى..المرجعية تقلب الميزان
- العراق في زمن الأين..فلم هندي
- شراكة الاقوياء..ام شراكة الامر الواقع؟
- الحكومة ..والقرارات الدوانيقية
- فعل قبيح ...وعذر اقبح
- مفاوضات تشكيل الحكومة..وقناني الغاز
- هل سقط منا شيء؟
- سياسيونا والمال القذر..أخطاء مكررة.
- جيشو من نوع اخر
- ساسة..ام اعوان لعزرائيل
- البنية الاخلاقية
- عوق ولادي
- الانتخاب بعيون مفتوحة...حقنا وباطلهم


المزيد.....




- ياسمين عبدالعزيز بمسلسل -وتقابل حبيب- في رمضان
- ياسين أقطاي: تركيا والنظام السوري الجديد أكثر دراية بمحاربة ...
- السويد- الإفراج عن مشتبه بهم فى حادث مقتل حارق القرآن
- عمّان.. لا لتهجير الفلسطينيين
- ترمب: بلادنا ليست منخرطة في أحداث سوريا
- لماذا يصر ترمب على تهجير الفلسطينيين من غزة لمصر والأردن؟
- كشف جرائم جنود أوكران بحق مدنيين بكورسك
- مئات اليمنيين يصلون على رئيس الجناح العسكري لحركة -حماس- بعد ...
- البيت الأبيض: واشنطن ستفرض رسوما جمركية إضافية على كندا والم ...
- مصر.. أسد يفترس حارسه بحديقة الحيوان


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - زيد شحاثة - سيكارة..ووطن