أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - سوريا ومرحلة الصَّوملة !














المزيد.....

سوريا ومرحلة الصَّوملة !


طيب تيزيني

الحوار المتمدن-العدد: 4533 - 2014 / 8 / 5 - 09:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تطالعنا الأخبار المرعبة عن النِّسب التي بلغتها سوريا على صعيد شامل، فنجد أنفسنا أمام حالة من الدمار والتفكك قارنها بعض الكتّاب والإعلاميين بما أصبح معرفاً تحت مصطلح «الصّوملة»، وهو ذلك الذي يُعبَّر به عن الأحوال التي وصلت أقصاها من التدمير والتفكيك والإجرام والإفقار. إنها ثلاث سنين تمرّ– مع دخول السنة الرابعة ومع انتظار نهايتها. ولم تتغير وتائر الموت بمعظم أو بكل أنواع السلاح، خصوصاً منها القنابل العنقودية والبراميل المتفجرة، إلا إذا زيدت أنواع أخرى عليها. ويبقى الناتج متمثلاً بالقتل والجوع والبحث عن أماكن آمنة، سواء كانت في الداخل السوري (وهي آخذة في التعاظم)، أو كانت في بلدان الجوار أو أبعد من الجوار، إضافة إلى كل مظاهر الإفقار والإذلال والرعب والأسى. تلك الوضعية الشاملة التي تلف سوريا من أقصاها إلى أقصاها، تحولت إلى "تسونامي" من الطراز الأكثر بؤساً وعاراً ووحشية. لقد تجاوز هذا "التسونامي" كل المقاييس التي شهدها التاريخ. ولعلنا نشير إلى أحد الأشكال التي تسوق ما يحدث في سوريا، وهو كون الحروب، في توجهاتها الخصوصية، تظهر بمثابتها تدخلاً أو غزواً من الخارج إلخ، يهدف إلى تدمير كل ما هو قائم. وفي هذه الحالة، تبرز أفكار حول مجازر يتمثل أحد أشكالها في إمطار البلد المعني بكل وسائل القتل. وفي هذه الحال، يتركز الاستهداف باتجاه الأطفال والنساء والمعمّرين والأماكن التي يرون أنها أماكن حماية؛ إضافة إلى الأماكن التي تمثل رموزاً تعليمية وثقافية وصحية، مع كل ما يدخل في الإرث التاريخي والتراثي للبلد المعني، وهو هنا سوريا التي قدمت لحضارة العالم وتاريخه مايجعل منها مرجعية للبشر جميعاً.

ما يحدث في سوريا لا يفصح عن طرفي هذه الحرب الحالية القائمة تحت عنوان «غُزاة ومغْزوين»، وإنما يظهر هذان الأخيران بوصفهما منتمييْن إلى بلد واحد. فهذا البلد الواحد أصبح، كما أعلنت أخبار فظيعة عن سوريا: إن أكثر من مئة وخمسة وأربعين ألفاً من النساء السوريات، أصبحن يعشن وحيدات تعانين من العزلة والإملاق والتهديد الدائم باستباحتهن، إضافة إلى الجوع والخوف والوحدة. ويأتي في الخبر أن هذه النسوة يخفن من الخروج إلى الشوارع. وقد بعْن خواتم زواجهن، كي يسدّوا الرمق. ويتابع الخبر ومصدره منظمة (الإسكوا)، بأن سوريا دخلت في «مرحلة الصّوملة»، وبأن دخل النساء المذكورات قد هبط بحيث أصبح مستوى الفقر إلى نسبة خمسين بالمائة.


ما يحدث في سوريا يمثل أشنع الأخطاء. وبالأصل، لم يكن دخول سوريا في الأفق الذي أريد له ومايزال يُراد، أن يكون مغلقاً وحين بُدء باستخدام السلاح الناري القاتل بعد انقضاء ستة أشهر على التظاهر السلمي، كان ذلك قد شكّل في التاريخ السوري أبشع وأخطر حدث؛ ناهيك عن أن ذلك اخترق النموذج السوري في مايتسم به من الانفتاح والتسامح والعقلانية العميقة. وبالأصل، لم تكن مطالب الشعب السوري إلا أمراً مفهوماً وقابلاً للاستجابة. فلقد ظهرت مطالب محقة وقابلة للحل؛ ناهيك عن أن أوساطاً كثيفة في السلطة كانت مهيأة للاستجابة الفعلية إلى ذلك. وإذا كنا الآن في معرض التحدث عن ذلك، فلعلنا نشير إلى المثال التالي: جموع من الناس يبقون أربعين عاماً ونيف في بيوتهم، التي بقيت أو أٌبقيت مغلقة، ويرجعون إليها بعد ذلك: ألا يستحق الأمر أن يقوم هؤلاء بتهوية بيوتهم وتنظيفها وتهيئتها لسكن نظيف مريح آمن ؟ وظهرت إرهاصات لذلك المطلب الشرعي القانوني، خصوصاً بالتزامن مع اقتحام الغزاة الأميركيين للعراق. فبعد هذا الحدث الإجرامي الفاحش، أعلن "كولن باول" في اليوم الثاني من هذا الإجرام، موجهاً كلامه إلى سوريا: على دمشق أن تتقن الدرس البغدادي! وقد كان ذلك الموقف استفزازياً إلى درجة قصوى. وكي تتم الصورة، أذكر أني كتبت رداً على ذلك الموقف، بأن كتبت مقالة كان عنوانها التالي ومخاطباً فيه الجميع من الشعب السوري: سارعوا أنتم الآن، وافتحوا الدائرة قبل أن يفتحها الأغيار!



#طيب_تيزيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القضية الفلسطينية.. و«الربيع العربي»
- حُطام عربي حقاً.. ولكن!
- العرب.. النهضة والإصلاح الثقافي
- خسائر الشعب السوري
- غياب حُسن الجوار!
- أطفال سوريا في بلدان الاغتراب
- ثلاثية التقسيمية والطائفية والثأرية!
- العلمانية والسياسة والدين
- الشعب الفلسطيني والمشروع الإسرائيلي
- أين مجلس الأمن والمحكمة الجنائية؟!
- سوريا الجديدة.. خطوات التأسيس
- تلويث الدين بالسياسة
- ثلاثة أعوام على المخاض السوري
- سوريا ويوم المرأة العالمي
- من سوريا إلى أوكرانيا
- سوريا: جدلية تاريخية ورؤية تعاقبية
- سوريا وسيناريو المحكمة الدولية
- تأسيس الاستبداد السياسي
- تأسيس الأبدية الأسدية
- سوريا وعار المنظمات الدولية


المزيد.....




- انقلاب ناقلة نفط ترفع علم جزر القمر قبالة سلطنة عمان
- بعد إطلاق النار.. سفارة أمريكا في سلطنة عُمان تصدر تنبيها أم ...
- -بلومبرغ-: بعض الدول الأوروبية تدرس فتح سفارات لها في أفغانس ...
- -نائب ترامب- يتجاهل مكالمة -نائبة بايدن-
- اكتشاف يحل لغزا محيرا حول -متلازمة حرب الخليج- لدى قدامى الم ...
- العراق بين حزم -خروتشوف- وبندقية -سبع العبوسي-!
- -روستيخ-: صواريخ -إسكندر- الروسية تضرب بـ-دقة القناصة- ولا ت ...
- محاولة اغتيال ترامب.. أجهزة الأمن تتخوف من عمليات انتقامية
- الجيش الإسرائيلي يعلن استهداف مواقع لـ-حزب الله- في جنوب لبن ...
- لافروف يصل نيويورك لترؤس اجتماعات وزارية في مجلس الأمن الدول ...


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - طيب تيزيني - سوريا ومرحلة الصَّوملة !