جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 4533 - 2014 / 8 / 4 - 22:34
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ليس للترف Luxury تعريف لان درجته تتراوح مع نسبة الثراء و اذا رجعت لبيتك من بيت افقر من بيتك يبدو لك بيتك مترفا (جدا) و لكن العكس كارثة فعندها تعرف درجة فقرك لان العين تقارنها تلقائيا و تبين لي الالماني اكثر بياضا من القبل بعد قضاء بضعة ساعات في محيط شرقي اسمر كليا و يحس الالماني بالمانيته فقط في الخارج.
و هكذا مع المساعدات التي كنا نرسلها لاهلنا لسنوات طويلة منذ حروب صدام العراق و الحصار (البعثي الجائر) الذي فرض على العراق. تغير الوضع تدريجيا من منزلتي كمنقذ للعائلة من موت محقق و من الوفي و انسان يمتاز بسعة الصدر الى البخيل و نزلت قيمة مساعداتي من الغالي و النفيس الى خرجية العيد الى ان دخل الماضي في طي النسيان كليا لربما لان هذه الاجيال سرقت منها حياتها و لحد يومنا هذا.
الترف مسألة نسبية فالمحيط الذي يكثر فيه الماء يتحول المطر فيه الى نقمة و الالمانية لها مصطلحات كثيرة تربط المشكلة بالماء و الاستحمام. عبر الاستاذ الالماني الكبير Rudi Paret مرة عن استغرابة كمايلي: يبدو غريبا لنا نحن الالمان عندما نجد محمد يقسم بكل شيء في القرآن حتى بالتين و الزيتون و لكنه نسى ان مسائل حضارية بسيطة كالنمارق و الارائك و الزرابي و غيرها قادرة على التحول الى قمة السعادة و الجنة في في محيط صحراوي فقير اعتمد على الغذاء الحيواني بشكل رئيسي بسبب الحياة الصحراوية و هذا المحيط قادر ايضا ان يحول قليل من الماء و الاخضر الى جنات تجري من تحتها الانهار و يرفع قدسية التين و الزيتون الى السماء لدرجة القسم بها.
و لكن كيف تحول الاخضر الى لون اسلام محمد في محيط لا يعرف الا اللون الترابي و الرملي؟ هكذا نست السعودية ماضيها و انتقلت من الجمل الى الجزل بفضل النفط. احيانا احلم بنبذ الجزل و الرجوع الى الماضي البسيط - ماضي الابل و البغل ماضي القلة لا الكثرة لان الانسان بطبيعته لا يحترم الا في الشحة و القلة. هكذا يتم ايضا تبذير الموارد الاساسية كالماء و الهواء و السعودي اليوم لا يعرف قيمة التين و الزيتون بسبب ترفه ناهيك عن القسم بها. بماذا يقسم اليوم؟
www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟