|
يسكبون زيت التحريض على نار الحرب
اوري فلطمان
الحوار المتمدن-العدد: 4531 - 2014 / 8 / 2 - 08:43
المحور:
القضية الفلسطينية
لاجل هذا الأمل، يتحتم علينا الخروج الى الشوارع
الجو المكفهر لم يأت من مبادرة فردية، انه نتاج مباشر للخوف والتحريض الذي تنشره السلطة، لو لم يدع رئيس الحكومة للانتقام فور العلم بخبر مقتل الفتيان الثلاثة المختطفين، لو لم ينضم الى هذه الجوقة وزراء، اعضاء كنيست،ورؤساء سلطات محلية وقد نزعوا حق اليسار في ان يسمع صوتا منتقدًا للحرب، لم يكن لهذا البركان العنيف في حيفا ليحصل.
الحرب هي كارثة انسانية، ليس فقط بسبب ضحاياها وانما لكونها تُضفي على السطح ظواهر سلبية وقبيحة من عنف، عنصرية، واضطرابات قومية، الجو السائد في هذه الحرب هو جو يحلل سفك الدماء، هذا الجو يذكرني بالاجواء التحريضية الذي سبقت مقتل اميل غرينتسفايغ واسحاق رابين. في مساء يوم السبت 19.7، اقيمت مظاهرة يهودية عربية ضد الحرب. بين المتظاهرين وقفت يارا، فتاة جامعية من كفر ياسيف تتعلم في حيفا، وقفت يارا ممسكة بيافطة كتب عليها "اليهود والعرب يرفضون ان يكونوا اعداء" وقد صرخت يارا "في غزة وسدروت الاطفال يريدون الحياة". في مرحلة معينة قُذف نحو يارا حجر من داخل مظاهرة اليمين، الحجر اصاب بطنها ووقعت يارا ارضًا. بعد المظاهرة نشرت يارا "ستاتوسا" عبر صفحتها الشخصية في الفيسبوك اوردت من خلاله ان هنالك ثلاث فتيات يهوديات لم تعرفهن من قبل قد قدمن لها المساعدة. رأت يارا في هذا العمل اثباتا للحقيقة انه وحتى في الفترات العصيبة فالحس الانساني يخترق الحواجز القومية. لم تقتصر الممارسات العنيفة على محيط المظاهرة، ففي شارع السينماتيك هوجم نائب رئيس البلدية الدكتور سهيل اسعد وابنه على يد نشطاء يمين، وذلك فقط لانه تحدث بالعربية، على بعد بضعة امتار من هناك هوجم الاخوان حُصري عندما خرجا من سيارتهم. وقد تقدمت نحوها مجموعة من الاشخاص وصرخ احدهم في وجههما "هل انتم عرب"؟ لم يجب الاخوان، وبدآ في الهروب، المهاجمون وصلوا اليهما وكسروا انف احدهم وللآخر كسروا كتفه. عندما اتت سيارة الاسعاف لنقلهما، تجمع حولهما العشرات من المتظاهرين اليمينيين، هزوا سيارة الاسعاف وصرخوا "الموت للعرب". ولولا شجاعة المسعف الذي منع فتح ابواب السيارة ومنع صب وحشية المتظاهرين على المصابين- كان من الممكن في تلك الليلة ان يسقط قتلى ايضًا. من السهل القاء التهم على اتباع كهانا، فالحقيقة تقول ان اتباع حركة "كاخ" وتنظيم "لهفاه" هم من بادر وقاد الاعمال العنيفة في مظاهرة اليمين في حيفا، ولكنهم لم يقفوا هناك وحدهم. الى جانبهم وقف العشرات الذين لبسوا بلوزات تابعة لحزب الليكود وبيتار القدس، ليسوا اناسًا من الهوامش كما يحلو تسميتهم وانما هم داعمو حزب السلطة، هم ايضًا وقفوا هناك وصرخوا "الموت للعرب والافران لليساريين". هذا الجو المكفهر لم يأت من مبادرة فردية، انه نتاج مباشر للخوف والتحريض الذي تنشره السلطة، لو لم يدع رئيس الحكومة للانتقام فور العلم بخبر مقتل الفتيان الثلاثة المختطفين، لو لم ينضم الى هذه الجوقة وزراء، اعضاء كنيست،ورؤساء سلطات محلية وقد نزعوا حق اليسار في ان يسمع صوتا منتقدًا للحرب، لم يكن لهذا البركان العنيف في حيفا ليحصل. الحكومة ومن يقف على رأسها اختارت طريق الحرب، في خلال خمس سنوات من حكم بنيامين نتنياهو قاد المذكور سياسة رافضة للسلام، فلم يوافق على تجميد الاستيطان لكي يمضي في المفاوضات على الحدود النهائية، وقد شدد في تصريحاته على ان الرئيس الفلسطيني محمود عباس ليس شريكًا للسلام، باسم أيديولوجية ارض إسرائيل الكبرى، نتنياهو وحكومته اختاروا ان يضعوا الاسرائيليين والفلسطينيين على فوهة الصراع الدائم، بحيث أن اي شرارة قد تُشعل سيكون من شأنها ان تشعل النار كلها، وعندما اشتعلت النار اختاروا ان يصبوا عليها زيت التحريض. مشاهد الاسابيع الاخيرة من شأنها ان تخلق حالة من اليأس، آلام العائلات الثكلى في غزة واسرائيل هي حمل لا يطاق، التصور انه وفي المكان الذي بنينا فيه معًا قبل ثلاث سنوات خيمة الاحتجاج الشعبي كانت هناك محاولة للتنكيل ولقتل سكان عرب هو تصور مقلق ومخيف. ولكني اخترت ذكر لحظات تبعث الامل حين مشينا معًا يهودًا وعربًا في اكبر مظاهرات في تاريخ الدولة. ناضلنا معًا لاجل عدالة اجتماعية وقد ادركنا انه من الممكن ان تكون هذه الدولة مكاناُ يطيب العيش فيه، لليهود والعرب على حد سواء. لاجل هذا الامل، يتحتم علينا الخروج الى الشوارع. مساء السبت المنصرم شاركت بالمظاهرة الكبرى لقوى السلام في ساحة رابين في تل ابيب، من اجل ترجيح خطاب العقل. امتلأت الساحة بآلاف المتظاهرين اليهود والعرب، الذين نادوا معًا بوقف اطلاق النار، لقد انشرح صدري عندما رأيت كوادر الجبهة وشبيبة حركة ميرتس يرفعون صوتا مشتركا ضد السياسة الهدامة للحكومة، ويطالبون بمستقبل آخر للشعبيين في هذه البلاد. هذا الرعب الذي كان في حيفا استبدل بالامل الذي سطع في مظاهرة تل ابيب، هناك معسكر سلام في اسرائيل، وبالرغم من محاولات اخراسه فان صوته لم يتوقف.
(المقال نُشر بالعبرية في هارتس)
#اوري_فلطمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR
...
-
تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
-
جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
-
أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ
...
-
-نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
-
-غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
-
لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل
...
-
ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به
...
-
غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو
...
-
مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|