ضيا اسكندر
الحوار المتمدن-العدد: 1279 - 2005 / 8 / 7 - 12:00
المحور:
كتابات ساخرة
كان ياما كان, في جديد هذا الزمان، متنفذ كبير, اسمه حيتان..
يعمل بتهريب كل شئ, حتى الدخان. لديه مزرعة, على قمة جبل الجان. تحيط بها أشجار البلوط و السنديان.. وتسرح فيها الخنازير و الغزلان. يستجر التيار الكهربائي, من أقرب خزان.. ولكن ليس كغيره؛ بل بالمجّان.
كُلَف موظفٌ بهلولٌ بسيط، لكنه ذو همة نشيط، بتنظيم ضبط مخالفة, بحق هذا الشفّيط.
وصل الموظّف، الذي هو بالأصل محّلف، واستأذن من الحرس، بقمع المخالفة بحرص. فضحك العسس، واستغربوا مندهشين، وبصوت واحد بعقوا غاضبين: من أنت يا بهيم؟! هل تعلم المكان الذي أنت فيه؟! فأجابهم بإباء: أنا موظف بالكهرباء! علْمتُ أن هذه المزرعة تتغذى بالتيار, ولم يجرؤ على الاقتراب منها لا طفل ولا ختيار، منذ وصول الكهرباء إلى هذه الديار!
تقدم أحد الحرس و صرخ فجأة كالجرس: انقلعْ من هنا يا كحتان, و انفدْ بجلدك العريان, قبل استيقاظ معلّمنا حيتان، كي لا يراك هنا فتُهان!
ابتسم الموظف المغفل وقال بمنتهى الجدية: لكنني بمهمة رسمية، ومعي بطاقتي الشخصية، أؤكد لكم و بحسن نية، أنني سأقمع المخالفة الجرمية، وأربّي أهمّ شخصية!
هجم الحارس برأسه الحليق، واندفع صوبه كالمنجنيق، وحمل الموظف الرقيق، ورماه على بعد مترين أو يزيد, فحطّم جسده الرعديد، وهّدده بوضعه على الثريد.
صرخ الموظف متوجّعاً، والدم ينزف من جسمه متسرّعًا، و همهم باكيًا مودّعًا:
لماذا يسرق معلمكم الكهرباء، وهو بمقدوره شراء مؤسستي الماء و الضياء؟!
أين العدالة يا جماعة.. أقسم بربّ الكعبة ومن فرض الطاعة، أنني وحتى قيام الساعة, لن أنظم ضبطًا بفقير، ومهما كان سوء المصير. فلولا معلمكم وأمثاله الكُثر، لكانت رواتبنا تزيد و نوّفر. ولكانت إسرائيل, منذ أمد ليس بالقصير، أمام أنكرْ و اْنكيرْ .
لملم صاحبنا ذيول الخيبة, واتجه نحو طريق الأيبة, والتفت إلى المزرعة باحتقار, وزفر زفرة انقهار, و قال باختصار: من أين لك هذا يا حيتان؟! ليس غريبًا أن تكون قريباً, مديرًا عامًا, أو عضوًا في البرلمان.. عندئذٍ على الدنيا السلام.
#ضيا_اسكندر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟