أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الفكر الأحادى وأثره على البشرية















المزيد.....

الفكر الأحادى وأثره على البشرية


طلعت رضوان

الحوار المتمدن-العدد: 4528 - 2014 / 7 / 30 - 14:06
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الفكر الأحادى وأثره على البشرية
طلعت رضوان
أثبتتْ تجارب البشر أنّ الأحادية تعنى الجمود ، الذى يعنى عدم التفاعل مع الطبيعة ومع المتغيرات الاجتماعية ومع بنى الإنسان . وأنّ عدم التفاعل يؤدى إلى الاستسلام للثبات . وبهذا الاستسلام تكون البشرية توقفتْ عند المجتمع (قبل الإنسانى) فلو أنّ الجدود لم يستجيبوا لقانون التطور، لكان البشر(حتى الآن) يأكلون اللحم نيًا ويعيشون فى الخيام وينامون فوق الأشجار، وبالتالى لم يكن بوسع الإنسان فى العصور القديمة (فى ظل الثبات) أنْ يتوصل إلى أهم الاكتشافات التى نقلتْ المجتمعات من مرحلة إلى أخرى أرقى ، أى اكتشاف الزراعة التى كانت السبب فى اختراع أدوات العمل . وبعد الزراعة توصل إلى المنجز الحضارى الثانى ، أى اختراع (الكتابة) كأداة للتواصل الإنسانى ، وهو الدور الرائد الذى قام به جدودنا المصريون القدماء باعتراف علماء علم المصريات .
إنّ الحياة التى ترفض التفاعل مع الطبيعة ، أو مع المتغيرات الاجتماعية ، هى أبسط أشكال الأحادية. إذْ أنه بعد أنْ تجاوزت البشرية هذه المرحلة ، انتقلتْ إلى مرحلة أخرى ساد فيها أخطر أشكال الأحادية : أحادية الفكر التى ترفض استخدام العقل ، الذى يظل لقرون أسير خرافات السلف عن الآلهة التواتم .
وأخطر ما فى هذه الأحادية انغلاق العقل ، والأدق إلغاء العقل ، الذى يسيطر عليه آخرون يفكرون بالنيابة عنه. ولو أنّ هذا الاعتزاز بما يراه ويؤمن به ، اقترن بالاعتراف بالمختلف معه دينيًا و اجتماعيًا و فلسفيًا ، لتجنّبتْ البشرية أخطر جرثومة تقتل الاستقرار والتقدم ، إنها جرثومة التعصب الذى بسببه تم اغتيال الفيلسوفه المصرية (هايباتيا) عام 415على يد المسيحيين الذين سبق أنْ شربوا من كأس التعصب السام على يد الرومان. ولم يهتم المسيحيون الأتقياء بدورها فى مجال العلوم الطبيعية والفلسفة. ولم يهتموا بأنّ علماء العالم كله كانوا يحرصون على حضور محاضراتها فى جامعة الإسكندرية. لم يهتموا بكل ذلك وأصروا على اغتيالها وتمزيق جسدها بعد أنْ عروها من ملابسها ، لأنها دافعتْ عن الديانة المصرية والفلسفة اليونانية. وبسبب التعصب تم حرق العالم والفيلسوف جوردانو برونو فى ميدان روما مع مطلع عام 1600لأنه أيّد نظرية كوبرنيكوس وجاليليو. وكتب أنّ السلام لن يسود البشرية إلاّ إذا اعتنقتْ ديانة مصرالقديمة المؤسسة على التسامح والتعددية. وبسبب التعصب تم اضهاد كل من الشافعى وأبى حنيفة وابن حنبل والأخير تعرض للضرب بسبب محنة (خلق القرآن) وتعرّض ابن عربى للاضطهاد لأنه أجاز إمامة المرأة للصلاة للرجال والنساء وأنّ تارك الصلاة ليس عليه قضاء ، رغم كتبه المهمة مثل (الفتوحات المكية) و(التدريبات الإلهية) وأشعاره التى تدعو للتسامح مثل ((لقد صار قلبى قابلا كل صورة / فمرعى لغزلان وديرلرهبان/ وبيت لأوثان وكعبة طائف/ وألواح توراة ومصحف قرآن/ أدين بدين الحب أنّى توجّهتْ / ركائبه فالحب دينى وإيمانى)) رغم ذلك ناله سهم التعصب فكفره السخاوى والتفتزانى وابن حجرالعسقلانى وابن حيان وغيرهم، فتأثر الجمهور بالفقهاء لدرجة أنْ كانوا يبولون على قبره. وتعرّض عبدالحميد الكاتب بوضع طاسة محمية على رأسه حتى مات. وتعرّض ابن المقفع لتقطيع أعضاء جسده ورمها فى النار وهو ينظر إليها. وتعرّض الحلاج الذى حاول التوفيق بين الدين والفلسفة اليونانية للتكفير. وبعد سجن دام 8سنين وضربه بالسياط ثم أخيرًا صلبه وقطع رأسه وحرق جسده ، ورغم اجماع القضاة على تكفيره اعتبره الناس (العاديون) من المصلحين . وفى القرن 12م- 6هـ كانت أشد حملة على الفلاسفة فى دولة نورالدين ودولة صلاح الدين الأيوبى . وكان فى دولتيهما سلطان قوى للكهنوت الدينى من الفقهاء والأشعرية، وهم معروفون بعدائهم الشديد للفلسفة، فاستباحوا دم كثيرين مثل السهروردى الفيلسوف الذى قـُتل بأمر صلاح الدين الأيوبى . ورغم أهمية ابن رشد فإنه لم يحاول إصلاح الحكم أو يُزيل العصبية بين المسلمين ولم يحاول نشر التسامح بين الفرق الدينية. بل إنه لم يتورع عن رميها بالضلال والكفر. أما أبو الفرج الجوزى فقد كان حنبلى المذهب ، فكان يذم التأويل فى الدين . وفى سبيل تكريس الغيبيات قال ((إنّ الفقراء يدخلون الجنة قبل الأغنياء بخمسمائة عام)) وابن حزم الأندلسى كفـّر الصوفية. والإمام الغزالى شنّع على الفلسفة وكفـّر الفلاسفة مع أنهم كانوا يرون أنّ الفلسفة لا تتنافى مع الإسلام . وحتى ابن سينا لم يسلم من الطعن عليه فى دينه وتكفيره ، لأنه وقع فى ذات الخطأ المثالى ، عندما حاول التوفيق بين الدين والفلسفة ، وبينما انتقده الفلاسفة بشكل مهذب وعلمى وقالوا عنه أنه كان ((قصير النظر)) فإنّ الكهنوت الدينى كفـّره وتم تصنيفه على أنه ((من بين الزنادقة)) وبسبب التعصب فإنّ الحجاج بن يوسف الثقفى قتل معبد الجهنى لأنه كان يقول ب ((القدر)) أما الخليفة هشام بن عبدالملك فهو الذى أمر بقتل غيلان الدمشقى لأنه ((أول من تكلم بالقدر)) وقبل قتله أمر بقطع يديه ورجليه وصلبه.
وحتى الإمام الشافعى لم يسلم من التعصب عندما قال ((كل قرشى غلب على الخلافة بالسيف واجتمع عليه الناس فهو خليفة)) وكان تعليق الأزهرى المستنير(عبدالمتعال الصعيدى) إنّ ((من يأخذ حقه بالسيف يكون مغتصبًا . واجماع الناس عليه بعد ذلك لا يصح أنْ يُسوّغ ما وقع فيه لأنه يكون ناشئـًا عن عجزهم)) وبسبب التعصب قال سفيان الثورى ((إذا نكح (= تزوج) المولى (= غير عربى) امرأة عربية يفسخ النكاح)) وعندما رأى بعض المسيحيين المصريين (بعد أنْ اعتنقوا الإسلام) الانتساب للعرب وقدّموا رشوة لأحد القضاة العرب الذى وافق ونسّبهم إلى قبيلة عربية اسمها (حوتكة من قضاعة) فثار العرب المقيمون فى مصر. وهجا شعراؤهم القاضى العمرى هجاءً خشنـًا ومن بين هؤلاء الشعراء (المعلى بن المعلى الطائى) الذى قال موجهًا حديثه للقاضى ((تقضى نهارك بالهوى/ وتبيت بين مغنياتك / فاشرب على صرف الزمان/ بما ارتشيتَ من الحواتك/ إنْ كنت قد ألحقتهم/ عربًا، فزوجهم بناتك)) ولذا قال العرب فى أمثالهم الشائعة والمنتشرة فى مصر((يأكلها التمساح ولا يأخذها الفلاح)) إشارة إلى المصرى ، رغم أنّ المصرى كان يُزوّج بناته للعرب. وأبو الحسن الأشعرى بعد تبحره فى الاعتزال صعد إلى المنبر وقال ((اشهدوا علىّ أنى كنتُ على غير دين الإسلام . وإنى قد أسلمتُ الساعة)) وكان تعليق الأزهرى المستنير عبد المتعال الصعيدى ((وحينئذ يكون المعتزلة فى نظره كفارًا لا مسلمين. وكان الأجدر به ألاّ يتنكر لمذهب مكث معتقدًا صوابه أربعين سنة ، فلا يصح نفى الإسلام عنهم أو يقال أنهم فساق مسلمون، وإنما هم مجتهدون يثابون على صوابهم ويُعذرون على خطئهم)) ورغم أنّ الإمام الغزالى كفـّر الفلاسفة ، فإنّ أتباعه وصل بهم التعصب لآرائه التكفيرية لدرجة أنْ قال كثيرون من الفقهاء ((لو كان بعد النبى محمد نبى لكان الغزالى)) (أمين الخولى – المجدّدون فى الإسلام – مكتبة الأسرة – عام 2001- ص 18)
وفى العصر الحديث تم تكفير فضيلة د. محمد حسين الذهبى وزير الأوقاف الأسبق والتمثيل بجثته بمعرفة جماعة التكفير والهجرة، رغم أنه قبل اغتياله بعاميْن أصدر كـُتيبًا نشرته هيئة الوعظ والإرشاد بالوزارة فيه مناقشة ((بالتى هى أحسن)) من شيوخ فيهم الوزير نفسه لمناقشة أفكار التكفيريين ، وقدّمهم الكـُتيب هكذا ((إنهم فئة صالحة يلتمسون نقاء العقيدة وصلاح الدين)) ورغم ذلك تم اغتياله ((لأنه لا يفهم صحيح الدين)) وبعد اغتيال فرج فوده كتب صحفى له مقال أسبوعى ثابت فى الأهرام مقالتيْن ذهب فيهما إلى أنّ فرج فودة قتل نفسه بنفسه لأنه ((فسّر دور الجماعات الإسلامية تفسيرًا جنسيًا، وهذا هوخطؤه الأول . أما خطؤه الثانى فهو إتهامه لبعض أئمة المسلمين بأنهم كانوا من الشواذ جنسيًا. بل إنه فسّر إحدى آيات القرآن تفسيرًا جنسيا وهذا هو خطؤه الثالث والقاتل.. ولذا فهو ركب مطية الباطل التى قادته إلى حفرة بلا أعماق)) (أهرام – 13، 20/6/92) ذاك الصحفى (الأهرامى) نظرًا لأنه أحادى الفكر سابق التجهيز كتب ما كتب دون تقديم دليل واحد من مقالات أو كتب المرحوم شهيد الفكر فرج فوده . وهل كان رفعت المحجوب والرئيس المؤمن السادات ومحاولة اغتيال أ. مكرم محمد أحمد والأديب نجيب محفوظ من الكفار؟ إنّ آفة الأحادية مثل السوس الذى ينخر تلافيف المخ ، فيقضى على أجمل وأنبل ما فى الإنسان ، أى قدرته على التمييز بين الصواب والخطأ ، قدرته على التعايش مع المُختلفين عنه دينيًا ومذهبيًا وفلسفيًا، قدرته على الإيمان بأنّ التعددية (وليستْ الأحادية) هى رافعة التقدم وضمانة الحرية.
***



#طلعت_رضوان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التعريف العلمى لمصطلح (العامية)
- رد على الأستاذ طاهر النجار
- لماذا يتكلم العرب بالمصرى ؟
- القوميات بين تقدم الشعوب وتخلفها
- جريمة تأسيس أحزاب دينية
- الإسلاميون والماركسيون والأممية
- مرجعية الإرهابيين الدينية والتاريخية
- متى يدخل الإسلام مصر ؟
- جريمة الاحتفال بمولد النبى
- فى البدء كان الخيال
- شخصيات فى حياتى : ع . س . م
- شخصيات فى حياتى : الأستاذ المنيلاوى
- شخصيات فى حياتى : ثابت الأسيوطى
- العلاقة بين العروبة والبعث
- الصراع بين الوحدة الإسلامية والوحدة العربية
- الإعدام = رصاصة الرحمة
- عودة الروح وعودة الوعى
- مغزى مكافأة أحد كبار الأصوليين
- كوميديا / سوداوية / عبثية / واقعية (2)
- كوميديا / سوداوية / عبثية / واقعية


المزيد.....




- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - طلعت رضوان - الفكر الأحادى وأثره على البشرية