مقبرة الارقام

توفيق الحاج

الحوار المتمدن-العدد: 1279 - 2005 / 8 / 7 - 11:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية

الاسرائيليون منظمون جدا حتى في الترتيب لما بعد القتل.
حين يسقط منا الشهيد بعد عملية اشتشهادية موجعة ومدوية لا يكتفي الجنود الحرفيون بالقتل وانما يبدأون طقوسا مهنية للتمثيل بالجثة وبشكل لم نعهده في كل الاساليب الوحشية المتعارف عليها منذ العصر الحجري الى عصر جوانتانامو .

لقد رأيت مرة جثة لشهيد بعد هذه الطقوس تكفي لاستنبات ألف فكرة استشهادية..رأس مهشمة تماما ..وجه بلا ملامح..كتل صغيرة من اللحم المختلطة بالدم والرمل ..أثار واضحة لجنزير دبابة على ساقيه المهروستين .. وأكثر من مائة طلقة تطرز أنحاء جسده الطاهر..!!

شهيد أخر كان ممزقا تماما.. وبلا كليتين ..!! مما يدل على ان الشهيد تعرض وهو مصاب الى عملية جراحية قبل تصفيته والتمثيل بجثته .

المهم.. ان بعض جثث الشهداء لاتعاد الى ذويها عقابا وانتقاما وتؤخذ الى منطقة موحشة قرب طبريا يدفن فيها كل شهيد تحت رقم معين

" مقبرة الارقام " التي يدفن فيها المغضوب عليهم حتى بعد الموت تضم أرشيفا طويلا من رفات الاف الشهداء يمتد من ماقبل عام 1967 الى يومنا هذا وفيها متسع لقبر المزيد من أبنائنا حتى عام 2050 ..!!

كل عيون أسر الشهداء المفقودين الفلسطينيين منهم والعرب تتطلع الى الله دائما والى مقبرة الارقام..يحدوها الامل بان تدفن رفات ابنائها يوما في ملاعب طفولتهم

صحيح ان تراب طبريا لايختلف كثيرا عن تراب غزة أو جنين ولكن أسرة أي شهيد مفقود تعاني الفقد مضاعفا ومن حقها تحت أي مقياس انساني ان تحتضن رفات وليدها للمرة الاخيرة وتودعه حيث يدفن حسب الشريعة والتقاليد التى الفناها كشعب صابر وعنيد .

المؤلم أن منظمة فلسطينية نقابية وغير حكومية تناضل بمفردها منذ مدة لاعادة رفات خمسة شهداء مفقودين والمدهش أن الاسرائيليين الكرماء جدا..!! يعرضون اعادة جثث 15 شهيدا

ماذا يعني هذا..؟!!
ببساطة ودون تجن على أحد.. هذا يعني ان المسئولين عندنا لايولون أهمية كافية للامر ولا يحرصون على كما يحرص الاسرائيليون على جثث ابنائهم
ويعني أيضا ان الجهود للافراج عن جثث شهدائنا كجهود الافراج عن معتقلينا واسرانا رغم احترامنا لها جهود غير متناسقة وغير كافية وليست على مستوى التفعيل الدولي الملائم لكي تحقق
انجازا مستحقا ومنتظرا.

ان من حق الذين ضحوا بارواحهم من اجلنا كاقدس وأصدق ظاهرة بشرية وايمانية ان نوحد نضالنا وجهودنا من أجل استعادتهم ..وان سقطوا في ميدان الشرف فهم احياء في الذاكرة الى يوم نبعث لله جميعا .

#توفيق_الحاج (هاشتاغ)

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات