|
بِأَيِّ عيدٍ سَوْفَ يحْتَفِي الذَّبِيح؟
خديجة وحيد
الحوار المتمدن-العدد: 4526 - 2014 / 7 / 28 - 23:21
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
بِأَيِّ عيـدٍ سَـوْفَ يحْـتَـفِي الذَّبِـيـح؟ وبِأَيَّة شعائر "مقدسة" ستقام صلاة العيد وقد ازداد نَـزْفُ خريطة الربيع العربي المهترئ؟ أين ستُعْلَن البيعةُ للفرحِ والصدرُ يوخِزه الصدأ وتملأه مسامير الفجيعة؟ من أين سيدخلنا الفرح وسيارات الإسعاف المعطوبة تتعثر بين دهاليز الشرق المفقوء؟ كيف نؤسسُّ للفرح بكل جَراءة ولسنا سوى فرجة تشهر للعالم ثديها الضامر والثدي الآخر قد اجتثه قُـطَّاعُ الأنوثة باسم الشرف؟ مواسم الفرح العربي أضحت تحت سوط "هولاكو" المعطر بالنفط العربي، مجرد صوت مخصيٌّ الامتداد واللون، صوت شرقي منمق بموشحات خرساء ينشق رحمها بين الويل والويل والويلات.. لا تنجب إلا عمائم سوداء متبلة بِقَيْـح مستورَد ولغة قد قصم ظهرها اغتراب الحروف. مواسم الفرح العربي تعلن بداية الفرجة: عليها أولا أن تَـمْـثُـلَ أمام مقصلة الماء العكر كل يوم، وعليها بعدئذ أن تُغمَّـسَ فيه وتقمط بتطريزاته المتآكلة .. أحقاً، لازال يحق لنا أن نلتحق بفصول الفرح؟ ألا نستَحِي أن نعزف على كمنجات الفرح بينما أوتارها سكرى بترانيم الوجع؟ ألا نستحي وقد زكم غبار التخلف مرآتنا بين الأمم وأَشْـبَعَ عقولنا بوفاءٍ مشمع بالأحمر، غبار يُـعْـمِي شوارع الحرية ويعلن زمنا منكوبا للنخاسة؟ ألا نستحي والأرض تحت أقدامنا تتبرأ من ظلالنا الموشومة بعُـهرِ زمني لا شبيه له في سلالة البشرية، يتبرأ منه البشر والشجر والحجر؟ ألا نستحي ولحمنا المشوي ببارود "الناتو" يُتَـبَّلُ كلَّ يوم بقصائد غزلية مغتصَبة وتباركه أمعاء الرضع الموؤودين على عتبة ضمير البشرية؟ ألا نستحي أن نؤثث وجع الأمهات الثكالى بِـوصايا الموؤودين والموؤودات، والمَشْوِيين والمشويات ، والمُفَحَّمين والمفَحَّمات والمحنطين والمُحَـنَّطات بالطين الأسود اللامع في متحف البشرية؟ أتَـقْـبَـلُ بنا أيها العيد، يا عيد "الزغاريد"، بينما "حدود الدم" المتورمة تتربص بأزقة الذاكرة "الشرقية" فتنسف أسوار الخرائط والمعابد والجوامع والكنائس والمزارات والقبب الخضراء والسوداء، وشموع الأضرحة النائمة وحواري التاريخ ودور الحضانة ومرافئ الإنتماء وقواميس اللسان وقفاطين العرائس الخجلى؟ أتقبل بنا أيها العيد المبجل والخِــيَـمُ قد أعلنت عُـرْيها وانتماءها الجديد لطحالب المستنقعات تحت العمائم؟ أتَـقْـبَلُ بنا أيها العيد، نحن الذين لا نحمل لك بين الأضلع المنخورة بالهَـمِّ العربي غير عناوين قادمة لقيامة الرمال وخبز متعفن تخمر بين لعاب الغُـبْنِ والخديعة الحاتمية؟ أتقبل بنا أيها العيد وقد أدْمَـنَّا التسكع بين الشعوب نستجدي قليلا من الإنتماء الحضاري لهذا الزمن الذي أعلن غربتنا فيه وغربته فينا؟ ألا نستحي أن نحتفي بالعيد وفي الوطن مآتم مخضرة للضمائر تنخرها ديدان اللامبالاة؟ ألا نستحي أن نتعايد ونحن جثث جائعة أشبعها العفن خارج دائرة الحضارة؟ ألانستحي أن نعلن الفرح وكل ما ينبت بأرضنا عوسج مستورد وسنابل من دخان، وفي أحسن الأحوال نتفنن في فتل شوارب سوط القيامة نؤدب به الخارجين والخارجات عن الشلل الفكري؟ كم نحن أوفياء للشلل بل ما أوفانا لِـ "جهلنا المقدس".. فانتفِخْ أيها الفرح فينا كيفما تشاء، فليس لك في مِـرآتِنَا غير الشروخ.. واندُبْ حظك أيها الفرح بيننا كيفما تشاء فلن يكون لمطرك الخصيب أيُّ نصيب للبهجة، فالأرض جرداء.. راقِصْ خيبتَكَ أيها الفرح، فلن يكون لظلك فينا شرفات موردة، حدود فرحك مربعة ونحن مجرد دوائر فارغة. آياتكَ أيها الفرح إنما هي اعتلاءٌ للروح نحو حياة ممكنة، لكننا يا ها الفرح ما عدنا نعتلي فينا سوى المقبرة. فمن أعْمَـى الشوارع العربية واغتال ألوانها لينثر الرماد والغبار ويفتتح معصرة البارود ولائحة منزوعة السلاح لكل عناوين القتل البطيء لأسباب الفرح والحياة، لا يمكن أن يتقن إِلا الولاءَ للوحل.
فبأية تراتيل سيؤَذَّن للعيد؟ وبأية نواقيس سترن أجراس العيد؟ بأية حناء موروثة ستخمر كعكة العيد؟ بأية خريطة ستفصل صبيحة العيد؟ بأيِّ شَـدْوٍ سَنُرَقِّصُ فرقعات العيد؟
في هذا الزمن الكئيب، ما عادت تنقصنا سوى فرقعات الفرح.. نعم، لا ينقصنا بعد الآن سوى النظر في وجهها العزيز.
خديجـة وحيــد [email protected]
#خديجة_وحيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أكتبي يا فاطمة فالكتابة وطنكِ الأوحد .
-
تأسيس خامس : في سوق الوجوه
المزيد.....
-
فيديو يُظهر اللحظات الأولى بعد اقتحام رجل بسيارته مركزا تجار
...
-
دبي.. علاقة رومانسية لسائح مراهق مع فتاة قاصر تنتهي بحكم سجن
...
-
لماذا فكرت بريطانيا في قطع النيل عن مصر؟
-
لارا ترامب تسحب ترشحها لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا
-
قضية الإغلاق الحكومي كشفت الانقسام الحاد بين الديمقراطيين وا
...
-
التمويل الغربي لأوكرانيا بلغ 238.5 مليار دولار خلال ثلاث سنو
...
-
Vivo تروّج لهاتف بأفضل الكاميرات والتقنيات
-
اكتشاف كائنات حية -مجنونة- في أفواه وأمعاء البشر!
-
طراد أمريكي يسقط مقاتلة أمريكية عن طريق الخطأ فوق البحر الأح
...
-
إيلون ماسك بعد توزيره.. مهمة مستحيلة وشبهة -تضارب مصالح-
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|