أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - حسن نارداح - تنظيم النضالات الطلابية وتوحيدها مهمة ماركسية لينينية بامتياز















المزيد.....



تنظيم النضالات الطلابية وتوحيدها مهمة ماركسية لينينية بامتياز


حسن نارداح

الحوار المتمدن-العدد: 4526 - 2014 / 7 / 28 - 01:26
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


تنظيم النضالات الطلابية وتوحيدها
مهمة ماركسية لينينية بامتياز

1. بنفس الرؤية الوحدوية، وبنفس الصدق والجدية التي أبديتها سابقا، سواء من خلال تلبية الدعوة لفتح جسور التواصل بين ما أمثله من وجهة نظر ماركسية لينينية متميزة ومعروفة بالخط البروليتاري، خط الانتفاضة اللينيني.. أو من خلال ما عبّرت عنه من مواقف تقدير في حق التجربة الطلابية المناضلة التي يمثلها فصيل الطلبة القاعديين/أنصار الكراس، وهو نفس التقدير الذي أكنه صراحة وعلنا لجميع الفرق والمجموعات والتيارات والفصائل الطلابية التقدمية المدافعة عن إوطم والعاملة بجد من أجل بعثه للوجود كهياكل، وكقيم، وكمبادئ، وكتاريخ نضالي مشرف.. سأفتح النقاش من جديد مع الرفاق في فصيل الطلبة القاعديين حول تقديراتهم الخاطئة، لما أقدمت عليه من مبادرة، سجلت خلالها بعض الانطباعات الخاصة عن الزيارة لموقع وجدة، ولخصـّت فيها ما جرى من نقاش بيني وبين الرفاق وعموم الطلبة المناضلين في محاولة مني لتصحيح بعض المعطيات والتأويلات الخاطئة.. حيث أتمنى بصدق أن يكون النقاش مثمرا ومفيدا للجميع، أي بمن فيهم جميع المتتبعين الطلبة وغير الطلبة.. وبألا أسقط في الاستفزاز لأية جهة مناضلة كانت أو أن أندحر للتجني وتصفية الحساب مع أي كان، فما زلت على قناعة بأن الحركة القاعدية، شكلت وما زالت مدرسة للنضال التقدمي والديمقراطي الملتزم، وما زالت تحمل في أحشاءها أحسن الأطر الخديمة والمخلصة لقضايا شعبنا الكادح والمحروم.. حيث أبانت عن علو كعبها في الدفاع عن الجامعة وعن الحق في التعليم وعن الحريات الديمقراطية بالجامعة في أكثر من محطة ومناسبة.. بما يشكل ذلك من إسهام حقيقي وفعلي في النضال العام الذي تخوضه جماهير شعبنا الكادح في المعركة من أجل التحرر والديمقراطية والاشتراكية.
2. فتتمة للنقاش الذي بدأت أولى حلقاته بمدرج كلية الحقوق بوجدة، واستمر عبر الرسالة التي وجهتها للرفاق في خط الطلبة القاعديين أو ما يعرف بـ"الكراسيين".. سأحاول مرة أخرى الخوض في نقاش موضوعات وإشكالات جديدة تضمنها الرد على رسالتي في تفاعل رفاقي وديمقراطي مع جميع التعليقات والملاحظات التي سجلتها المقالة/الرد.
وسأفتتح النقاش بآخر فقرة توجيهية أكـّد عليها الرفاق "مزيدا من تقويم التواصل الرفاقي، وتكريس مبدأ النقد والنقد الذاتي باعتباره سلاحا فعالا لتطوير الأفكار والتصورات.." وهو توجيه سديد وجب الأخذ به من طرف جميع الرفاق في جميع الفصائل الطلابية التقدمية، باعتباره وصفة منهجية تضع المرء في معمعان المحاسبة ونكران الذات قبل توجيه حراب النقد وسياطها لأي كان من المخالفين، خصوصا إذا كان المخالفون رفاقا في الدرب والطريق من أجل معركة التحرر والديمقراطية والاشتراكية.
3. ورد الكلام عن تأويلي لبعض المواقف المتناقضة الصادرة عن الرفاق، وهو كلام غير صحيح بالمرة، لأنني كرّرت فقط ما تم التعبير عنه داخل القاعة تعميما للفائدة، بالإضافة لبعض الانطباعات والإرتسامات، في حدود ما، وهو ما اعترفت به ولن أتنكر له رغم المجهود الذي بذلته لتجاوز حالة الانطباع، وتقديم ما يفيد وما استفدت منه صراحة خلال هذا اللقاء.. فلم يكن المجال للتأويل ولم أفهم معنى التأويل أو موضوع التأويل الذي قصده الرفاق عبر صيغة "تأويل خاطئ بشكل مطلق". فالتقرير الذي قدمته عبّر بصدق عمّا صرّحت به بالضبط، بحيث لم أتجنى عن أحد، ولا يمكنني من الناحية المبدئية التجني عن تجربة كافح الرفاق من أجل صنعها وصياغتها في ظروف قمعية معروفة حاولت وبشتى الوسائل عزل جامعة وجدة وطمس تاريخها الإوطمي العتيد؟
فبالرغم من بعد المسافة التي لا تسمح بالإطلاع سوى على بعض الأخبار عن بعض المعارك والأسابيع الثقافية، وبعض البيانات..الخ وهو ما سميته بضعف التواصل، الذي أتحمل فيه المسؤولية أنا والجهة التي أنتمي إليها، بنفس القدر الذي يتحمل فيه المسؤولية فصيل الطلبة القاعديين كذلك.. كانت جامعة وجدة وطلبتها دائمة الحضور في غالبية التحركات والمعارك الطلابية الطاحنة، دفاعا عن إوطم وصونا لحرمة الجامعة، باستماتة لا تقل عن مثيلاتها بالجامعات الأخرى، من أجل الحفاظ على المكتسبات الطلابية وخوض المعارك من أجل تحقيق أخرى..الخ
فلم يكن هناك مجالا لاستغلال أي ظرف ولم أسعى لتوظيف أي حدث من الأحداث التي كانت تمر منها الجامعة حينها، إلا إذا كان الرفاق يريدون كبح ومنع المعارضة والنقد لأي رأي يخالف رأيهم وتصورهم، فلي الحق المطلق في التعبير عن انطباعاتي الشخصية دون أن أرجع لأي كان، بمن فيهم رفاقي في التيار الذي أنتمي إليه.. كما لدي الحق والحرية الكاملة لتأويها، شرط عدم الافتراء، وعدم التجني، وعدم التشويه للآراء والأشخاص والأحداث.. المعنية بهذه الانطباعات.
فمن حقي التقرير والتعليق والبحث وتسجيل الانطباعات..الخ باعتباري مناضل ميداني يحمل نفس همومكم كيساريين تقدميين، ولست صحافيا لأكتفي بنقل التقارير الجافة والجامدة عن حدث مهم بالنسبة لي، تفاعلت معه بكل جدية وبنضالية عالية، قرّبني من شباب مناضل متعطش للحرية ومستعد للتضحية بحريته وحياته، من أجل انتصار مشروع الطبقة العاملة ونجاح رسالتها التاريخية في التحرر وفي قيادة معركة التحرير لمصلحة عموم الطبقات الشعبية وجميع الفئات المهمشة والمضطهدة والمحرومة..
هكذا تصورت الأشياء وأنا أحاضر بكل حماسة داخل المدرج، ولم أكن أتصور بأن الجمع الحاضر كان فقط يمثل علي ويجاملني بالقول والتعبير بما يوافق أفكاري ومواقفي.. عكس هذا، فما زلت مقتنعا ولحدّ الآن بتلقائية التفاعل الرفاقي بيني وبين جميع الرفيقات والرفاق الحاضرين والمنظمين والمسيرين والمتدخلين، بشقيهما، المساند والمعارض لأفكاري ومواقفي..الخ
4. فلا يوجد فصيل تقدمي يحمل سلاح الماركسية كمنهج وكآلية للنقد، ولا يقبل النقد الموجه لآرائه وأفكاره وممارساته، وينتفض غاضبا لمجرد النبش في هويته أو لمجرد البحث في مدى انسجام ادعاءاته النظرية مع ممارساته ومقترحاته العملية والميدانية.. وإلا لماذا تعقد المنظمات وسائر الأحزاب مؤتمراتها، واجتماعاتها الدورية، ودورات مجالسها القيادية والمركزية، العادية والاستثنائية..الخ؟ أليس هدفها التقييم والمراجعة والتقويم والتصحيح والنقد والنقد الذاتي؟!
فحرية النقد والرد على الانتقاد، لا يمكنها أن تقلل الاحترام الرفاقي فيما بيننا..فلست بـ"الشخص" الذي تدّعونه، في محاولة دنيئة للتقليل من قدري ومكانتي في الساحة النضالية، كنت دائما أمثل وجهة نظر، تتسع قاعدة المناصرين لها أو تتقلص، ليس هذا موضوعنا، فأنتم على يقين بأن هذا "الشخص" يمثل وجهة نظر فكرية وسياسية داخل الحملم وداخل الحركة الماركسية اللينينية العالمية، لها من يمثلها داخل الحركة الطلابية باسم "التوجه القاعدي" بمدن طنجة وتطوان والعرائش.. وهي معطيات شكلية للردّ عن فتوى جديدة وفريدة من نوعها "الشخص لا يخاطب التنظيم"! وهو هراء وحماقة لا تقل عن الكثير من الحماقات التي أصبحت تصرّف في الجامعة باسم الأعراف والتقاليد والتراث القاعدي والثوري والماركسي اللينيني..الخ!
فمن حق أي كان حتى لو كان صحافيا أو مثقفا باحثا أو متتبعا.. توجيه رسالة انطباع أو تقدير لأية جهة كانت، سواء كانت الجهة فصيلا سياسيا أو نقابيا أو ثقافيا، في الجامعة أو غيرها. ولا دخل للتقاليد أو التعاليم الماركسية اللينينية في هذا الأمر، فمن جهتي لأول مرة أسمع بوجود هذه التقاليد التي تهتم بكيفية كتابة الرسائل وبنوعية القنوات الملائمة لتصريفها..! هراء.
5. فلم أتوجه برسالتي وكلمتي سوى "للطلبة القاعديين" الفصيل الإوطمي التقدمي المناضل، اعتبارا للجو النضالي الذي صادفته بجامعة وجدة، وهو الشيء الذي قدّرته كنجاح مهم لحركة اليسار التقدمي ككل، والتي حافظت على موطئ قدم في هذه الجامعة، لاعتبارات خاصة بتقديراتي الذاتية حول حجم الفعل التقدمي اليساري بالمنطقة وحول قدرته على مقارعة ومحاصرة الفكر الظلامي وجميع الاتجاهات العنصرية المنغلقة والمتعصبة، المتغلغلة في المنطقة.
فما عبّرت عنه من أفكار ومواقف لا تحتاج للتأويل أو التهويل، لأنها كانت بسيطة وصريحة، ودليلي في هذا، الجو الذي ساد خلال الحوار الذي أجريته مباشرة مع الرفاق وعموم الطلبة المناضلين، الذي شمل المؤيدين والمعارضين برأي والمعارضين من أجل المعارضة وفقط.. وهناك من اكتفى مطالبا ببعض المعطيات المتعلقة بالمرحلة التي عشت أطوارها بالجامعة، وكان النقاش كله ود واحترام وتفاعل من الجهتين.. عكس ما لمسته بعد توجيه الرسالة من منطلق ولغاية اعتبرتها نبيلة وصادقة، ألا وهي توسيع مجال الاستفادة والنقاش وتشجيع مثل هذه المبادرات، لا غير.. فكانت الصدمة عند صدور الرد باسم الرفاق والذي اتجه لأمور وغايات أخرى لا علاقة لها بما قيل.
6. فليس من شيم الرفاق المناضلين تحت راية ماركس ولينين، أن يقدروا التفاعل والتقارب والانفتاح على تيارات مناضلة أخرى بنفس الانتماء، بكل هذه الحساسية والحذر والتخوف، الذي جسدته هذه الصيغ المضحكة عن "التحصين" و"الوثوقية" و"عدم التأثر بالأفكار الأخرى الصادرة عن الندوات والعروض والورشات"..الخ فإذا كان الأمر على هذا المنوال الذي تتصورونه، فما الجدوى إذن من النقاشات والندوات، إذا لم يكن هدفها التفاعل عبر الأخذ والعطاء، وعبر تقديم التنازلات المتبادلة، الضرورية للخروج بحد أدنى يقدم الفعل لما فيه من مصلحة وخدمة لنضالات الجماهير عامة.
فأن تـُشبّه هذه المبادرة بمبادرات أخرى ففي ذلك حيف وتجني كبيرين، بالرغم من أنني لا أتفق مع صيغة اللعاب وجميع السوائل المقرفة التي يمكن أن تسيل من فم جميع الانتهازيين والمنافقين الأفـّاكين، وللحقيقة والتاريخ فالندوات التي أشرف على تأطيرها "الحريف" و"المنبهي" بداية الألفين لا تخرج عن المهام الحزبية التأطيرية التي يقوم بها حزب "النهج الديمقراطي" في علاقة مع قطاعه الطلابي حينها وهو فصيل "الطلبة القاعديين" أي حين كان "الكراسي" و"النهجوي" شيئا واحدا، وحين كان "الحريف" ورئيس المؤتمر 15 شيئا واحدا، الأول كاتب وطني والثاني رئيس فرع القنيطرة لنفس الحزب.
فهذه معطيات تاريخية لا قدرة لأحد على تكذيبها، ولا أهدف بها خلط الأوراق، لأنني أعي جيدا بأن "الحريف" لم يكن يوما هو "المنبهي" وبأن "الكراسيين" وإن احتضنوا لفترة طويلة جميع الطلبة "النهجويين"، فالخلافات وإن كانت داخلية، كانت بادية للجميع، الطلبة والمناضلين وسائر المتتبعين.. فلم تتم عملية "قطع دابر الشك باليقين" إلا فيما بعد.
7. وفي سياق مداخلتي وما تلاها، قدّمت بعض المعطيات المهمة والأساسية المتوفرة لدي، عن تجربة عشت أطوارها وصراعاتها، دون أن أدّعي أنني ألمّ بجميع تفاصيلها، ودون أن أخفي تراجعي ومراجعتي لبعض التقديرات والأحكام والمواقف التي تبنـّيتها سابقا.. بعيدا عن منهجية المنع و"القتل للنقاش" كما جاء في صيغة الرفاق، لأن النقاش بالنسبة لي مسألة تتعلق بهويتنا وبصفتنا نحن كماركسيين متشبعين بالديمقراطية ومؤمنين بمنهجية النقد كآلية، منهجية "التحليل الملموس للواقع الملموس" هذا الواقع الغير الثابت والغير الجامد والذي يمدنا دوما بمعطيات جديدة وأوضاع ذاتية وموضوعية متطورة تنتج هي الأخرى تقاييم واصطفافات جديدة.. فلا عيب إذن أن يناقش المناضلون والمتتبعون، الكتاب والباحثون، مواضيع عن الثورة الفرنسية والثورة الروسية وثورة القرامطة وأسطورة جلجاميش..الخ إلى ما لا نهاية، بدون أن نرى ضررا في ذلك وبدون أن نتحجج بموت النقاش و"قتله"!!
فبالرغم مما تقدمت به من معطيات ربطت بين ولادة تجربة "الكراس" وبين الإعلان عن القطيعة بشكل نهائي بين منظمة "إلى الأمام" السبعينية، المنظمة الثورية التي خططت لبناء الحزب البروليتاري لإنجاز الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية ذات الأفق الاشتراكي، وبين منظمة سياسية عادية لا تختلف ممارستها وبرامجها من حيث الشكل والمضمون والسقف الديمقراطي البرجوازي، عن سائر الحركات الراديكالية والشعبوية والإصلاحية، مقزمة نفسها لمستوى لا يتعدى حجم الجمعيات العادية ذات الاهتمام الحقوقي والاحتجاجي العادي والبسيط.
فلم أركـّز على الموضوع هذا، بالرغم من أهميته، حيث كان موضوعي واهتمامي منصبا على المعطيات التاريخية، لنقلها بأمانة مع ربطها بما أحمله من قناعات وتصورات وتقاييم، لفتح النقاش عوض تسجيل البطولات، الحقيقية والوهمية، التي يتفوق فيها عني الكثير.
قدمت المعطيات دون خلفية أن أزيد أو أستزيد عن أحد.. ولم اتجه قط لمغازلة الرفاق، عبر القبول بجميع مواقفهم أو عبر ازدراء أو إخفاء مواقفي الفعلية بالطرق الانتهازية والحربائية، التي يتقنها العديد ممن غيروا مواقفهم وتقييماتهم، أكثر من مرة وفي أكثر من تصريح ومقال، بمجلات مختلفة ومتنوعة حول المؤتمر 15 ومنزلقاته التي "جسدها خلطه السافر للنقابي بالسياسي، وللتناقض الرئيسي بالتناقض الثانوي ثم عدم الالتزام بمنهجية ومنظومة وحدة ـ نقد ـ وحدة داخل اتحاد طلابي جماهيري..الخ"
كنت أتطلع لأمور أخرى تسير في تدعيم التجربة الوحدوية، وفي تجاوز حالة التشرذم الفصائلية استنادا على الخط الوحدوي الذي يدافع عليه الفصيل منذ سنة 1984، هكذا كنت أتصور الأمور.
8. فالمشكل إذن لم يكن في طبيعة عمل مجموعة ما داخل حركة الطلبة القاعديين، ولا أنازع في حق المجموعة أو غيرها في الانتماء لمنظمة سياسية ما، علنية كانت أو سرية، تتقن المزاوجة أو تشوهها.. ليس هذا موضوعنا، فموضوعنا هو تراجع هذه المجموعة عن تصور الطلبة القاعديين للعمل الطلابي وللمنظمة إوطم ولأزمتها التنظيمية..الخ بما تطلب ذلك من مراجعة لبعض المواقف الفكرية والسياسية السابقة، ومن تعديل للخطط والبرامج القاعدية، للخروج من الأزمة التنظيمية لإوطم وإنجاح الهيكلة والمؤتمر 18 لاتحاد الطلبة إوطم.
مع العلم أنني غيرت، في جوانب عديدة، من مواقفي السابقة، من هذا الصراع الذي ساهمت في تأجيجه طيلة عقد الثمانينات والتسعينات، لأصبح بعدها مدافعا عن العمل الوحدوي بمنظور آخر، داخل الجامعة وداخل الحركة الطلابية واتحاد الطلبة إوطم، بالشكل والطريقة التي تسمح لجميع الطلبة الملتزمين بمبادئ إوطم بقانونه الأساسي وتاريخه النضالي، بالانخراط في إوطم وبتحمل المسؤولية في هياكله القاعدية والوسطية والقيادية التنفيذية، دون أن تكون الحظوة أو التمييز لأي اتجاه من الاتجاهات، سواء كانت تدعي الثورية أو الماركسية اللينينية أو ما يسمى بالفصائل التاريخية، فلكل تاريخ فصائله وطلائعه وقياداته.
9. فإذا كنا كماركسيين لينينيين نناقش الوحدة التي نتبناها بشكل مبدئي ثابت داخل جميع الإطارات الجماهيرية وداخل المركزيات النقابية واتحادات الطلاب وجمعيات المعطلين.. فلا نخلط المفاهيم أو نميعها، ولا مجال للخلط بين الوحدة الفصائلية لتدبير عمل طلابي وما شابهه، وبين الوحدة الفكرية والسياسية الخاصة بالطبقة العاملة وتنظيماتها الطبقية.. لا نخلط بين اتحاد الطلبة وبين حزب الطبقة العاملة. فهو المعني لوحده بوحدة الماركسيين، لأنه الوحيد المعني بالقضية العمالية باعتبارها قضية طبقية وليست قضية فئة اجتماعية ما زالت تنتظر موقعا لها داخل الصراع الطبقي الذي تدور رحاه داخل المجتمع.. فالماركسيون واعون جيدا بأن الطلبة خارج دائرة الإنتاج، حيث لا دور ثابت لهم في الصراع الطبقي، بما هو صراع حول فائض القيمة، وصراع من أجل القضاء على المِلكية الفردية، ومن أجل نسف النظام الرأسمالي ونسف الأسس الاستغلالية التي يقوم عليها كنظام اجتماعي واقتصادي يعيش أزمته الدائمة وعصر اندحاره وتعفنه التام.
فالقضية بالنسبة لنا، ارتباطا بموضوع النقاش، قضية طلابية يعني قضية الوحدة الطلابية، حيث من المفروض والطبيعي أن تهتم بها فصائل ليست بالضرورة علاقة بالماركسية أو أي ارتباط بالقضية العمالية.
فالقضية التي نحن بصددها هي قضية وحدة النضال الطلابي التي من المفروض أن يلعب فيها الدور الإيجابي والرئيسي مجمل الفصائل الطلابية الماركسية، باعتبارها فصائل وحدوية مبدئية وديمقراطية حيث المجال مفتوح للنقاش والصراع والتنسيق والتوافق..الخ فيما يتعلق بالتصور والمفاهيم والبرنامج والخطط التنظيمية والنضالات والمعارك الميدانية..الخ أمّا القضية العمالية فلها فضاءاتها وقنواتها وأجهزتها الخاصة والتي تتعدى وترقى بكثير عن طموحات واهتمامات الطلبة والمعطلين وحركات مناهضة الغلاء، وحقوق الإنسان، ومناهضة العولمة، و20 فبراير..الخ
ومنعا لأي تأويل نؤكد بأنه لا يمكن للمرء أن يدّعي الثورية أو الاهتداء بالماركسية اللينينية دون أن يشتغل بحماسة في هذه الواجهات كلها أو جلها. ولا يمكن للماركسي اللينيني القويم أن ينعت احتجاجا طلابيا جماهيريا بالفلكلوري، فقط لأنه يعادي الجهات التي بادرت لتنظيمه، لأنه لن يقوى مثلا على معاداة المواقف والشعارات والبيانات والكلمات التي تضمنتها وقفة 23 مارس 2014 في الشارع العمومي وأمام البرلمان. وهي خلاصة للرفاق تعاكس التنسيقات، التي لا نقلل من شأنها والتي عقدتها منظمة "إلى الأمام" مع تيارات تحريفية ومع أحزاب إصلاحية خلال مرحلة المنع القانوني وما تطلبه من تنسيق وعمل وحدوي، للنضال والمطالبة برفع المنع عن إوطم، عبر إطلاق سراح الطلبة المعتقلين والقادة الإوطميين "مع السماح للمنفيين منهم بالرجوع لأرض الوطن" وهي منهجية سليمة تتفق مع التصور الماركسي اللينيني لتدبير الخلافات داخل إطار جماهيري طلابي وفقط.
فالوحدوية في تصورنا منهج والتزام مبدئي وعملي، وتشكل الإطارات الجماهيرية والشبه جماهيرية ميدانا للدربة وتطوير التجربة.. أما الكلام عن وحدة الماركسيين أو توحيد ممارستهم في علاقة مع مهمة محددة لا تتعدى الاشتراك في احتجاج ما، طلابي أو مساند للمعطلين أو المواطنين المحرومين من السكن..الخ فوحدة الماركسيين أرقى من هذا المستوى وتتعداه بكثير لأمور معقدة ومركبة مرتبطة بالفكر والسياسة والبرنامج والخطة ومجالات الارتكاز الجماهيري وأساليب النضال المختلفة والمتنوعة، والتحالفات الطبقية، في الداخل والخارج، وفي المحيط الإقليمي..الخ
هو ذا الطرح الماركسي اللينيني المسؤول الذي ستجد له موقعا داخل المرجعية الماركسية اللينينية، بانسجام تام مع جميع الكتابات والنصوص التي أرّخت لتجارب ماركس وإنجلز ولينين في مجال التنسيق والتحالف وبناء التاكتيكات..الخ
فلم يشيّد ماركس وإنجلز عصبة الشيوعيين بناءا على تصورات افتراضية وتنجيمية لما سيحدث في المستقبل.. وهو عكس ما ادعوه الرفاق في علاقة بمبادرة 23 مارس، حيث تبيّن لهم أن سيرورة الأحداث ستوضح بأن هناك خلفيات عند البعض لا تتعدى سوى "انتزاع الاعتراف بالتواجد"! الشيء الذي دفع بهم للعزوف عن المشاركة!
فهل يستقيم هذا التبرير الذي جاء على لسان فصيل طلابي يدّعي أنه من مناصري الهيكلة وعقد المؤتمر الاستثنائي لإوطم؟ فلا أعتقد بأن الرفاق يجهلون كيف تتم الهيكلة وكيف يتم الإعداد للمؤتمر.. لأنه وحسب التحليلات والتبريرات التي اعتمدوها دفاعا عن مواقفهم، والتي سقطت في مستنقع الزعيق والرفضوية.. لم يكن على "الطلبة القاعديين" المشاركة في هياكل إوطم خلال التحضير للمؤتمر 16 وما بين المؤتمرين وما بعد المؤتمر 17، ولم يكن عليهم المشاركة في المؤتمرين 16 و17 إلى جانب ممثلين عن التحالف الثلاثي البيروقراطي الانتهازي الإصلاحي التحريفي..الخ وكفى القاعديين شر القتال والصراع من أجل الديمقراطية والتصحيح والتقويم لمسار إوطم وتوسيع قاعدته الجماهيرية.
حينها كانت بعض الفصائل إن لم نقل غالبيتها، تعجز عن صنع لائحة تمثلها داخل كلية يعد طلبتها بعشرات الآلاف، شخصيا ومن خلال تجربتي، حيث كان عدد الطلبة يناهز العشرة آلاف بالكلية التي انتميت إليها، لم يكن هناك من يمثل لائحة "رفاق الشهداء"، وكان طالب واحد يمثل "الطلبة الديمقراطيين أنصار أنوال" وكان التقدم والاشتراكية لا تتعدى لائحته سبعة أو ثمانية طلبة ونفس الشيء بالنسبة للاتحاد الاشتراكي.. عكس "الطلبة القاعديون" الذين كانوا يجتمعون بالمئات ـ على الأقل خلال تجربتي الشخصية ـ في المدرج وبشكل علني، لنقاش الأرضيات والإعداد للانتخابات الخاصة بالأجهزة أو بالمؤتمر.
10. إنه ضعف في التقدير، ونظرة هيمنية لا علاقة لها بالتصور الماركسي اللينيني للعمل داخل إطار جماهيري غير عمالي، حيث من المفروض في التيار الماركسي دعم جميع المبادرات الطلابية النضالية كيفما كان حجمها وكيفما كانت طبيعة صلتها "بالمشروع الثوري"، يعني بكل صراحة، حتى لو كانت النضالات ذات طبيعة مطلبية بسيطة، كتأخير الإعلان عن المنح مثلا.. فلا مجال للوصفات التعجيزية الرفضوية التي لن تقدم النقاش والعمل، كأن يشترط مثلا بأن تكون أطراف هذه الوحدة ذات انتشار واسع في أوساط الجماهير الطلابية، وهو طموح يتمناه ويتطلع له أي تقدمي داخل هذا الوطن بالرغم من معاكسته للواقع الملموس، إذ أن أغلب الفصائل الطلابية التقدمية لا يتعدى وجودها في الغالب كلية واحدة، داخل جامعة يفوق عدد طلابها عشرات الآلاف، في حين لا تتعدى قاعدة إوطم التي هي في الغالب نفس قاعدة الفصيل المتواجد، عشرات الطلاب في أحسن الحالات!
11. خلال الصياغة، تفتقت العبقريات وجادت علينا بإحدى الصيغ السلبية المشهورة "مصير الطلاب بأيديهم" بما تحمله في طياتها من نغمات وحمولة شعبوية جبانة تتهرب من المسؤولية "الثورية" لترمي بالجمل بما حمل على مسؤولية الطلاب.. وهي صيغة تعكس مدى العجز والفشل والاستهتار الذي وصل إليه ممثلو اليسار الطلابي في تعاملهم مع قضايا يتوجب علينا فيها تقديم الآراء والبرامج والمقترحات، لا أن نصطدم مع تيار قدم فعلا برنامجا للهيكلة والعمل الوحدوي لكنه يرفض في المقابل أن يشاركه فيه أحد بدعوى أنه تحريفي أو إصلاحي أو لا وجود له سوى في بعض المواقع..الخ! فلتتركوا الطلاب وشأنهم، أنتم كذلك.. هراء.
فمن واجب قوى اليسار التقدمي، في لحظة الخوض في قضايا مجتمعية مصيرية، المعالجة بكل جرأة لهاته القضايا، نظريا وسياسيا وعمليا من خلال المبادرات والاقتراحات وبرامج الحد الأدنى.. وليس عبر الفرار من المسؤولية ورمي الكرة للجماهير وكفانا شر القتال والمقاومة والنضال.. سواء كانت الجماهير المعنية طلابا أو تلاميذ أو معطلين أو عمالا أو نساءا أو مستهلكين أو بدون مأوى..الخ صحيح أن الطلبة لا ينتظرون أحدا لكي يحرضهم على الإضراب ضد تأخر المنحة، أو ضد هزالتها، أو ضد امتحانات التعليم التصفوية، أو ضد الحرمان من المطعم، أو السكن..الخ بل لا ينتظرون من يوعيهم بواقعهم وواقع التعليم عامة، حيث يوجد العشرات إن لم نقل المئات من الطلبة الباحثين، الذين يتفوقون في التحليل بكثير، عن الزعماء والقيادات التي تكتفي بترديد الشعارات عن "التعليم الطبقي التصفوي" أو عن مطالبتها بتحقيق التعليم الديمقراطي الشعبي العلماني..الخ إلا أن الطلبة وبالرغم من هذا الوعي المنسجم مع طبيعة هذه الفئة ذات الطموحات المختلفة والمتعددة، وعي يختلف جذريا عما تسميه الماركسية بالوعي الحسي الخاص بالعمال والعاملات، والذي لا يسمح لهم بتعدي النضالات الاقتصادية المحدودة ضد صاحب المعمل في معزل عن الصراع الشمولي بالمفهوم العمالي الاشتراكي.. فهم أي الطلبة، لا يخططون لتشكيل اتحاد طلابي بالمواصفات الإوطمية، ولا يتحرّقون لتدبيج الأرضيات وطرح البرامج..الخ ولا يهمهم التمييز بين الإصلاحي والثوري، وبين الماركسي والشعبوي..الخ
صحيح أن للطلبة قدرات لا يمكن لأحد إنكارها، قدرات على تفجير وخوض المعارك حول شتى المطالب المرتبطة بحياتهم ومصالحهم اليومية، والتي لا تروق لغالبية الرفاق الماركسيين و"الثوريين" بالنظر لبساطتها و"خبزيتها"، حيث تبدو تافهة في نظرهم.. كالاعتداء على طالب أو طالبة، أو تسمم أحد الطلبة، أو تعرض أحدهم لحادثة سير، أو وفاة أحدهم جراء الإهمال أو لانعدام المصحة أو لتأخر سيارة الإسعافات..الخ لكن رغم هذا كله، فلا يجب على المناضل أن يدّعي بأن الطلبة في غنى عن التنظيم والتأطير الفكري والسياسي، وطرح البرامج وتقديم المبادرات المناسبة بكل ظرفية ولكل مرحلة.. بدعوى أن بإمكانهم ولوحدهم إنتاج "الرؤى والتكتيكات المنسجمة في كل مرحلة"!
ادعاء مثل هذا مجرد خرافة، ومن يعمل على نشره يعتبر دجـّالا يليق به بيع البخور والطلاسم وجميع مستلزمات الخرافة والسحر بباب الجوامع ومزارات "الأسياد والصالحين".. حيث لا حق له بالتغني بالمؤتمر 15 ونتائجه لأنه لا يعرف أي شيء عن شروط انعقاد المؤتمر، وعن المعطيات الداخلية والخارجية، الطلابية وغير الطلابية.. التي ساهمت في إنجاح المؤتمر وفي هيمنة التيار الماركسي على أشغال جلساته، وبالتالي على المقررات السياسية والتتنظيمية والبرنامجية، الصادرة عنه.
نفس الشيء بالنسبة للمؤتمر 17 الفاشل، حيث ساد "النهج الديمقراطي القاعدي" في تحالف هش مع تيار "رفاق الشهداء" الاتحادي، حيث غابت الجبهة السياسية المنظمة والمسؤولة، كما كان عليه الأمر خلال جلسات المؤتمر 15، واكتفى الرفاق بتنسيقات انتخابية مترددة وعاجزة، تجلى عجزها مباشرة بعد انسحاب طلبة الاتحاد الاشتراكي وبعض القيادات الوازنة داخل فصيل الطلبة القاعديين، من المؤتمر نهائيا، ولم تقوى على تسلم قيادة المنظمة إوطم التي كانت في متناولها بشكل واضح، دلـّت عليه نتائج انتخابات المؤتمرين وقبله بسنتين حيث اكتسحت لائحة الطلبة القاعديين غالبية الهياكل القاعدية، وكان بإمكانها السيطرة على جميع الفروع ولجنة التنسيق الوطنية لولا امتناع القيادة التنفيذية من استكمال هيكلة الفروع وهيئة التنسيق، للحسابات نفسها التي ذكرناها.
فحين نتكلم عن لينين ونستشهد بأقواله وتنظيراته، فيجب أن نذكر بأن لينين نفسه نظـّر للجامعة حين كان خارج الجامعة، أي لم يعد طالبا.. ونظـّر للنقابة من خارج النقابة كذلك، وللطبقة العاملة من خارجها كذلك..الخ لأنه كان ماركسيا قحـّا، وليس شعبويا بئيسا يرقص لاحتجاجات معينة ويرفض بعضها بدعوى أنها تشبه "الفلكلور".
فلأول مرة أسمع باحتقار الماركسيين للفلكلور بشكل كلي ومطلق، بالرغم من أني لم أسمع قط عن "فلكلور" بالمغرب أو في غيره من البلدان، يحمل اللافتات، ويرفع الشعارات، ويصدر المواقف، ويلقي الخطابات المناهضة للدولة الاستبدادية القائمة، وللنظام السياسي والاقتصادي الذي يرعاها.. "فلكلور" كله مواقف سياسية معارضة للنظام وللحكومة، مواقف منددة بالسياسة الطبقية التي ينهجها النظام في قطاع التعليم وفي جميع القطاعات المرتبطة بالطلاب، مواقف مشهـّرة بواقع الحريات الديمقراطية في الجامعة وفي الوطن ككل، مواقف مطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين الطلبة وغير الطلبة، مواقف مطالبة بتحسين أوضاع الطلبة المادية والمعنوية، مواقف سياسية ثورية جسدت هوية الفصائل المشاركة في الوقفة، وما أحاط بها من حزام تقدمي ديمقراطي، شكلته القوى والفعاليات السياسية والنقابية والجمعوية التقدمية، المساندة والمدعمة جهرا وعلنا لهذه الخطوة النضالية التي أضافت لرصيد الحركة الطلابية ما لم تضفه العديد من المعارك والإضرابات الكثيرة المعزولة هنا وهناك.
فمن لا يقدر هذه الأشكال النضالية الطلابية التي تتم خارج الجامعة، لا يمكن أن يقدر إنجازات المؤتمر 15 وإضافاته الميدانية المتميزة في سياق التراكم الذي ساهمت به قوى اليسار الجذري خلال فترة توهجه داخل الساحة الطلابية، ابتداءا من سنة 1967 ومرورا ببروز الجبهة الطلابية الموحدة وما برعت به من تكتيكات وأشكال نضالية جديدة، كالاعتصامات والإضرابات عن الطعام والمسيرات الشعبية واحتجاز الوفود الوزارية كرهائن والإضراب اللامحدود عن الدراسة وإعلان السنة البيضاء..الخ إذ يحكى بأن قيادة المؤتمر 15 التي لم تعمّر سوى أشهر ثلاثة في الميدان قبل أن يطالها الاختطاف والاعتقال داخل الأقبية السرية، أشرفت على تنظيم أزيد من ستين احتجاج طلابي خارج الجامعة وفي قلب الأحياء الشعبية بحي "يعقوب المنصور" بالرباط.. حيث أن منع الطلبة من الاحتجاج في الشارع لم يتم تفعيله إلا بعد المنع القانوني للمنظمة إوطم 24 يناير 1973، ليجبر بعدها الطلاب على الاقتصار بتنظيم احتجاجاتهم وأنشطتهم داخل أسوار الجامعة وفقط.
فإذا كانت العودة لهذه الأشكال، فلا يمكن محاسبتها إلا إذا كانت تثير الضرر والمشاكل لخط الوحدة والبناء الذي تسعى له غالبية الفصائل الطلابية التقدمية، فالارتباط بالشارع مهمة ثورية ومن صميم العمل الثوري المستند على مرجعية فكرية طبقية وليست فئوية.
12. فواجب الفصائل الديمقراطية التقدمية، الذي هو من صلب طبيعتها، الاعتراف بدون شروط مسبقة، بتعددية الفصائل والتيارات والمجموعات، الذي أصبح أمرا واقعا، بما يسمح لجميع هذه المكونات بالحق في العمل والنشاط الطلابي الهادف.. دون أن يكون الحق في الهيمنة والتسلط لأي كان من الاتجاهات، باسم "الفصيل التاريخي" أو "الصوت الطلابي الحقيقي"، أو عبر الأسئلة التعجيزية، التي لا يقدم أصحابها أية إجابة، في شكل "كيف وبأية طريقة وفهم؟"
فليس من شيم المناضل الديمقراطي، قبل أن يكون ثوريا أو ماركسيا، أن ينشر الأكاذيب ويشوه الرأي المخالف، للدفاع عن موقفه. فالادعاء بأن المبادرة ألغت "الصوت الطلابي الحقيقي" ادعاء كاذب يشوه الحقائق ويضع الرفاق مرة أخرى في مأزق أمام قواعدهم بشكل مفضوح، بعد أن أعلن الرفاق للعموم على نفس الصفحة، بأنهم كانوا من المساهمين الفعليين في اللقاءات التحضيرية والتشاورية الخاصة بندوة 23 مارس، قبل أن يتبين لهم ما تبين، عبر التنجيم وقراءة الطالع، على ما يبدو، لما سيحدث في المستقبل..! وهي آراء لم أسمع بها صراحة خلال اللقاء التواصلي المعلوم، حيث اكتفى المعارضون للندوة بترديد ما عبّرت عنه الأصوات الرفضوية داخل مجموعات "البرنامج المرحلي" التي اهتدت لتخريجة البيروقراطية ورفض الجلوس مع التحريفية والإصلاحية..الخ
على النقيض من هذا ومن خلال هذا المقال/الرد، تغيرت المبررات والمسوغات، لتصبح إقصاءا وإلغاءا "للصوت الطلابي الحقيقي".. وهو اتهام مجاني خطير، يفتقد للمصداقية. على اعتبار أن الساحة المقابلة للبرلمان مفتوحة أمام جميع من له رغبة في الاحتجاج وإعلان معارضته للدولة ونظامها وحكومتها المتعاقبة، السلطة فيها لأجهزة القمع، تمنع من تشاء وتسمح لمن تشاء، إلا إذا أرغمت على التراجع والانسحاب، حسب تقديراتها الخاصة وحسب موازين القوى المحسوبة على الأرض، وحسب الظرفية السياسية..الخ أمّا أن يدّعي أحدهم بأن جهة ما لها القدرة بأن تمنع "الأصوات الحقيقية" من التعبير عن رأيها وفي الشارع العام، فمردود ذلك عليه، والحال أن الإعلان عمّم على غالبية الجامعات وفيه دعوة لحضور جميع الطلبة، استعملت لهذا الغرض الملصقات والنداءات وبيانات الفصائل المساندة للخطوة، دون أن تتضمن مختلف هذه الأشكال الدعائية أية إشارة أو تلميح للانتقاء أو الإقصاء.
13. السبب الثالث للرفض، والذي يمكن اعتباره فضيحة ما بعدها فضيحة، بحيث لا يجب أن تصدر عن فصيل طلابي مناضل نكن له التقدير والاحترام، بنفس الدرجة والصدق الذي تضمنته رسالتي الأولى، وهو ما أعتز به بالرغم من هذا الرأي الجديد الذي أناقش مضاعفاته الآن.. هو كون أن من يتحدث باسم الفصيل ـ وأستبعد أن يكون هو نفسه من أشرف على اللقاء المعلوم ـ جاهل بالمرة بموضوع النقاش، الذي هو العمل الوحدوي بين فصائل طلابية تقدمية تؤمن بضرورة توحيد وتنسيق نشاطها وفعلها النضالي ضمن اتحاد يكون بمثابة استمرارية نوعية للاتحاد الذي فشل في آخر مؤتمراته سنة 1981، وتهشم وتشرذم بعد أن طاله القمع والمنع والإرهاب..الخ لتتشكل أواخر الثمانينات وبعدها، مجموعات وفصائل طلابية مقاومة وممانعة لهذا الواقع، نظمت وأطرت العديد من المعارك الطلابية المهمة، دفاعا عن بعض المكتسبات أو مطالبة ببعض المطالب بغية تحسين أوضاع الجماهير الطلابية، كلفها ذلك الطرد والمتابعات والاختطاف والمحاكمات والاغتيالات..الخ دون أن تتاح الفرصة لهاته الفصائل الطلابية أن تعيش الحياة التنظيمية الإوطمية بالشكل الديمقراطي والجماهيري الذي رسـّخته المنظمة عبر مبادئها وأشكالها التنظيمية المعروفة: اللجن، المجالس، التعاضديات، مكاتب الفروع، اللجنة التنفيذية، ومختلف اللجن التطوعية والوظيفية..الخ فعدا تجربة اللجن الانتقالية وبعض لجن الحوار، غابت المنظمة منذ منتصف الثمانينات وغابت هياكلها التمثيلية والمنتخبة التي كانت لها شرعية الكلام باسم الطلبة في إطار إوطم الممثل الوحيد والشرعي لعموم الطلبة المغاربة ولكل الطلبة الأجانب الذين يدرسون بالجامعة المغربية.
أما التنسيق بين الماركسيين أو الثوريين، فيختلف جذريا عن موضوعنا، وعن ندوة 23 مارس الطلابية، صحيح أن له أهميته القصوى، لكن له كذلك تعقيداته ومثبطاته التي عايناها وعانينا منها كثيرا، إحداها أن توكل المهمة للقيادات الطلابية من أجل حل أزمة الحركة الماركسية اللينينية كحركة سياسية! بالرغم من هذا فموقفنا واضح وثابت قدّمنا فيه الرأي أكثر من مرة، ولن نتنازل قيد أنملة عن شعار ومهمة وحدة الحملم وتوحيد جهودها في منظمة ثورية تضع نصب أعينها مهمة بناء حزب البروليتاريا المستقل، دون تراخي أو تهاون أو تردد..الخ
14. تبرير آخر لا يقل بؤسا وشعبوية عن التبريرات الأخرى التي مأزقت بشكل جلي خطاب الرفاق في فصيل "الطلبة القاعديين" وهي أن الفصيل "لا ينسق خارج الجامعة من أجل مظاهرات ووقفات يتيمة قرب قبة البرلمان.." باعتبار هذا الشكل ليس من "أساليبه و لا أشكال نضاله".
هكذا إذن فالرفاق لا ينسقون خارج الجامعة وكفى، دون أن يوضحوا سبب أو أسباب الرفض.. هل لأن التنسيق تم خارج الجامعة، أي بين هيئات ومكونات غير جامعية وغير طلابية؟ أم لأن الشكل النضالي سيتم تجسيده خارج الجامعة أمام البرلمان؟ أم لأن الوقفة كانت "يتيمة"! والحال أن من يشفق على المبادرات النضالية ويتوخى منها تجنب حالة "اليتم"، هو من يشارك ويطالب بالمزيد من المبادرات حين لم تقنعه واحدة فقط، ويعمل كل ما في جهده لفضح جميع الجهات التي تعمل على الاقتصار على وقفة واحدة معزولة و"يتيمة".. الشيء الذي لم يفعله الرفاق!
فأين هو الالتزام، وأين هي المبادئ الإوطمية التي يدعي الجميع حفظها عن ظهر قلب؟ فعن أية مبادئ تتكلمون والحال أن العملية لم تعد سوى مجرد ترديد وتلويك لكلمات بدون مضمون؟ فلا توجد مبادئ إوطمية منعت عبر التاريخ، كما ذكـّرنا بذلك، التنسيق خارج الجامعة، وقد ذكـّرنا في المقال الأصل بأن "جبهة الطلبة التقدميين" تشكلت في السرية أي خارج الجامعة وبعيدا عن القواعد الطلابية، بنفس الشكل تشكل تيار "الطلبة الديمقراطيين" سنة 75 الذي أشرف على تشكيل المجالس القاعدية السرية سنوات 75/76/77، وأشرف كذلك على تشكيل لجنة التنسيق للمطالبة برفع الحظر عن إوطم سنة 77/78 بقيادة وتوجيه من منظمة "إلى الأمام" وبتنسيق مع منظمة "23 مارس" و"الاتحاد الاشتراكي" و"التقدم والاشتراكية"، وهو تنسيق سياسي تم خارج الجامعة وبمعزل عن الجماهير الطلابية التي لم يكن لها أدنى علم بهذه المبادرة!
كانت الثقة التي تجمع بين الجماهير وطلائعها المناضلين هي مصدر التفاعل الإيجابي، وأحيانا التلقائية في تقبل جميع الاقتراحات والمبادرات الصادرة من جهات مناضلة ومبدئية معروفة. وهو ما حصل بالفعل مع البرنامج الديمقراطي القاعدي ومع أرضية الكلمة القاعدية الصادرة عن منظمة "إلى الأمام" والتي أطـّرت لمرحلة مهمة نضال وممارسة الحركة القاعدية على العموم، ثم الدفاع وبدون هوادة عن التصور الوحدوي مع أحزاب إصلاحية معادية للماركسية واللينينية ولأي نشاط ثوري يهدد كيان النظام القائم، بل ولجميع الشعارات المعارضة والمنتقدة لسياسة النظام خلال تلك المرحلة، والمعروفة حينها بـ"المسلسل الديمقراطي" و"الإجماع الوطني" تمتينا لـ"الجبهة الداخلية" من أجل الدفاع عن "الوحدة الترابية"..الخ فمنظمة "إلى الأمام" التي لم يكن طلابها يشكلون سوى أقلية داخل حركة الطلبة القاعديين، هي من أشرفت على هذه التنسيقات وعلى جميع المبادرات التي ذهبت في هذا الاتجاه، لأنها ببساطة كانت منظمة سياسية وليس طلابية، منظمة سياسية تبني خططها خارج الجامعة وخارج الحسابات الفصائلية الطلابية، منظمة لها تجربتها وحنكتها ومصداقيتها تجاه ومع الأطراف السياسية الأخرى، بنفس القدر والثقة التي لها في الأوساط الطلابية الجماهيرية والقاعدية.
على هذا الأساس، لا أجد تفسيرا لنعت الوقفة أمام البرلمان من طرف فصيل منبهر بتجربة "إلى الأمام" و"الطلبة الجبهويين" وقيادة المؤتمر 15! والحال أن الخطوة تبنتها علنيا وعمليا خمسة فصائل طلابية لا يشكك أحد في تقدميتها، وشاركت إلى جانبها تيارات سياسية ثورية بالإضافة لمجموع الأحزاب الديمقراطية اليسارية المعارضة وثلة من الجمعيات والحركات الاحتجاجية المعروفة بارتباطها ومساندتها لقضايا الطلبة والمعطلين والمستهلكين وضحايا الخروقات في مجال حقوق الإنسان..الخ زيادة على بعض الفعاليات النقابية الديمقراطية والصحافية والثقافية..الخ
فإذا ترفعتم عن أشكال النضال من هذا النوع، فماذا تقترحون إذن، حتى نفهم أساليبكم ونستعد جيدا لها!؟ فعدا الاحتجاج والاعتصام والإضراب عن الدراسة أو عن الطعام ومقاطعة الامتحانات.. لا نعرف للنضال الطلابي أساليب وأشكال أخرى.
وإذا كان المشكل في مكان الاحتجاج، أي أمام البرلمان، فالمكان كما هو معروف لدى الحركات الاحتجاجية المعارضة، له رمزيته السياسية بالنسبة لجميع الحركات المعارضة ولجميع الفئات والطبقات المحرومة في بلدنا.. فبنفس المكان احتج المزارعون والمنجميون وعمال الخياطة والنظافة..الخ احتج المعطلون والمعطلات حاملي مختلف الشهادات، احتج المعتقلون السياسيون وعائلاتهم، احتجت المركزيات النقابية المؤطرة لصغار الشغيلة والموظفين والمستخدمين..احتجت حركة مناهضة الغلاء، حركة 20 فبراير، الجماهير التلاميذية، الحركة النسائية، حركة حقوق الإنسان بكل مكوناتها، حركة مساندة شعوب فلسطين والعراق وتونس ومصر وليبيا وسوريا..الخ
15. تجنب الرفاق كثيرا الحديث عن تجربة اللجن الإنتقالية لأواخر الثمانينات، والتي اتخذت نفس المنحى الوحدوي مجسدة بشكل ملموس خلاصات وثيقة الكراس عن وعي، وليس بسبب رغبة الرفاق في عدم الإقصاء لفصائل طلابية موجودة فعلا في مختلف المواقع الجامعية.. وهم إذا تحدثوا فلا يتوانون عن زرع وحشو الحديث بشتى مغالطات فجة ومفضوحة.. حينها وبالضبط خلال سنة 89 من القرن الماضي تحمس الجميع للمبادرة التي أشعلتها العديد من الملفات المطلبية والمعارك الطلابية المرافقة لها، بالإضافة للأسابيع الثقافية والإشعاعية وحفلات استقبال البعض من معتقلي الانتفاضة المفرج عنهم.. ومن معمعان هذا الحراك الطلابي أفرزت قيادات ميدانية تحملت مسؤولية التنظيم والتأطير والحوار..الخ حينها أجهدوا النفس جميعا الكراسيون والممانعون ورفاق الشهداء وجزء هام من أنصار البرنامج المرحلي للتنقيب عن ممثلي الفصائل الحزبية ـ الاتحاد الاشتراكي، التقدم والاشتراكية ومنظمة العمل ـ تجسيدا لهذا المشروع الوحدوي.. ذلك وبسبب الوضع الطبيعي لهذه الفصائل من حيث القاعدة الجماهيرية الضعيفة بالنسبة للبعض والمنعدمة بالنسبة للبعض الآخر، هذا أولا، أما ثانيا فيمكن ربطه بالظرفية السياسية وحالة الانتعاش التي عرفتها حينها المعارضة التي بدأت المشاورات والتفاوض حول صيغة التناوب، والتي استعملت فيها آلية "ملتمس الرقابة" وتشكيل "الكتلة الديمقراطية" وتعميق "المسلسل الديمقراطي" ببعض الإجراءات الملموسة والمهمة.. حينها كانت مساءلة وزير الداخلية عن حالة إوطم ليفاجئ الجميع بإجابته بـ"أن السلطة لم تمنع إوطم، بل إن ما يعيشه من تقهقر هو نتيجة لخلافات طلابية فصائلية.." وبالنظر لطبيعة الأهداف التي أملتها هذه الظرفية وأمور أخرى كان يبيّت لها بالليل ـ الفتوحات الظلامية ـ لم تتحمس أحزاب المعارضة للجامعة ولحركتها الطلابية التي لا دور لها في الأهداف التي تخطط لها حركة المعارضة.
فبسبب هذه المعطيات كان التنقيب مضنيا وكان لا بد من إجراءه بعيدا عن الجامعة حيث كان الاتصال مع أحزاب خارج الجامعة لتعين من يمثلها في التنسيق واللجن الانتقالية.. فأين هو النقد الذاتي يا رفاق!؟
16. يتكلم الرفاق بحماسة زائدة عن دورهم ومسؤوليتهم في توحيد "الذات اللينينية" ويؤكدون بثقة تامة عن أهليتهم لوحدهم لاتخاذ المبادرات في هذا الاتجاه ولهذا الغرض. وقد استغربنا كثيرا لهذا الإعلان لعدم جديته من جهة، ولابتعاده عن موضوع النقاش من جهة ثانية.
يتعلق الموضوع كما ذكـّرنا به، بوحدة النضال الطلابي ودور الفصائل التقدمية في تفعيله، عبر توسيع القاعدة الطلابية وعبر نشر القيم الديمقراطية الداخلية، وعبر توفير الهياكل الإوطمية الديمقراطية لتجسيد هذه الوحدة حيث يلزم جميع الفاعلين الديمقراطيين والوحدويين طرح المبادرات التي من شأنها كنس الألغام والمثبطات من طريق الوحدة المنشودة، حيث لم تخرج مبادرة 23 مارس عن هذا الاتجاه والمنحى.
أما أن يتم التنصل من هذه المهمة التاريخية عبر القفز في الهواء والهروب إلى الأمام، من خلال طرح أولوية وحدة وتوحيد الحملم على جدول أعمال فصائل طلابية غير معنية كلها بحالة ووضعية الحملم من جهة، ومن الجهة الأخرى فالمهمة في اعتقادنا أكبر بكثير من الفصائل الطلابية، ولن تكون في نظرنا مؤهلة للعب أي دور في وحدة أو لتقريب وجهات نظرها مهما ادعت من انبهار بالماركسية واللينينية.. قد تلعب، وبدون شك، بعض العناصر الطلابية القيادية الناضجة والمتميزة، بعض الأدوار في نسج هذه الوحدة وفي تجسيد خلاصاتها في الجامعة وفي النضال الطلابي وهذا أمر وارد جدا، لكن أن تنقلب الأدوار لتصبح مهام التخطيط موكولة للطلبة، التخطيط لمهام سياسية وتنظيمية طبقية مناقضة لطبيعتهم ولتطلعاتهم الفئوية البرجوازية الصغيرة، المرحلية والانتقالية، فذلك وهم وضرب من الطموحات الشبابية السريعة الانطفاء والخفوت وليس إلا.. في تناقض صارخ مع الماركسية ونظرتها لدور الفئات والطبقات الاجتماعية داخل الصراع الطبقي في مجتمع رأسمالي، لا تغير تبعيته للإمبريالية من دور ومهام الطبقة العاملة في شيء.
فالماركسية وتتمتها اللينينية، توجه عمالي لن تنال منه جميع أصناف الشعبوية الكلاسيكية والعصرية، مرتبط أشد الارتباط بحركة الطبقة العاملة ونضالاتها وخططها في الصراع من أجل الإطاحة بالبرجوازية ونظامها الرأسمالي، مع كل ما تستلزمه هذه الخطط من تاكتيك وتحالفات طبقية وفئوية تستهدف جميع المتضررين من النظام القائم، كمهمشين وفقراء كادحين ومحرومين..الخ
ويعتبر الخط الماركسي اللينيني خطا ثوريا مكافحا، يفترض فيه اختراق ودعم ومساندة وقيادة جميع الاحتجاجات الشعبية التي تنظمها هاته الفئات والطبقات المعارضة والمتضررة من وجود هذا النظام ومن جرّاء تطبيق سياساته الاقتصادية والاجتماعية..الخ في هذا الإطار يتوجب على جميع تيارات الحملم المشاركة والمساندة لنضالات الجماهير الطلابية على اعتبار أن حركتهم جزء لا يتجزء من الحركة الديمقراطية وخزان مهم للشباب المناضل الذي يجب أن يتم الاعتناء به من طرف الفصائل الاشتراكية عبر التنظيم والتدريب والتأطير والتأهيل لما بعد الجامعة.
16. بعد هذا السجال والنقاش فهل سأغير موقفي من الرفاق في فصيل "الطلبة القاعديين" أو في قناعتي بالعمل الوحدوي الطلابي؟ لا طبعا، فلا زلت، وبالرغم من تغيير اللهجة والأسلوب في تعامل بعض الرفاق ممن أغضبتهم تصريحاتي العلنية، التي لخـّصت مضمون لقائي التواصلي مع الرفاق في جامعة وجدة.. لا زلت أحتفظ بنفس التقييم والتقدير والاحترام للرفاق ولتجربتهم، ما زلت أعتز بما شملني به الرفاق من احترام وتقدير وحسن الاستضافة والإنصات واحترام الرأي بما لم يمنع نقد بعض جوانبه دون تشنج أو تجنـّي أو عدوانية.
تغيرت اللهجة فيما بعد ومن طرف البعض، بعد نشر الرسالة/الموضوع، دون أن أعرف أسباب الانقلاب، سوى إذا كان السبب هو النشر والتعميم لهذه الرسالة، وكأن الشخص أو الجهة التي صاغت "الرد" تمثل فصيلا آخر مستقلا بذاته، لا علاقة له بمن حاورني من الرفاق والرفيقات بمدرج كلية الحقوق بوجدة. بنفس الرؤية، ما زلت أتمنى بأن يبادر الرفاق في الفصيل إلى تعميم وجهة نظرهم الخاصة بهيكلة إوطم، وطرحها للنقاش برؤية وحدوية تستهدف جميع الفصائل الطلابية التقدمية المقتنعة بأهمية الاتحاد الطلابي لا غير، لتأطير المعارك الطلابية والدفاع عن الحق في التعليم والشغل، وصيانة حرمة الجامعة..الخ، أما مهمة وحدة وتوحيد الحملم فليس موضوعنا الآن وليست أساليبه هذه وليست كل الفصائل الطلابية التقدمية معنية به.
17. قبيل انطلاقة الحوار تم تقديمي من طرف الرفاق المنظمين بصفتي مناضل ماركسي لينيني رفيق، الشيء الذي أعتز به من زمان، أي منذ اشتراكي في الإضرابات التلاميذية لسنة 72، حينها لم أكن أعرف سوى الاحتجاج والإضراب والمواجهة مع الأجهزة القمعية.. ولم أكن أفقه شيئا في معنى الاشتراكية أو الماركسية أو اللينينية، سوى ما كنا نتلقاه من معلومات عامة ومشوهة في غالبها عن هذه المنظومة الفكرية، على يد بعض أساتذة التاريخ والفلسفة والآداب.. أما التأطير الحقيقي فتلقيته داخل المدرسة القاعدية التي تلقتني مباشرة بعد التحاقي بالجامعة سنة 77 وبكلية العلوم بالرباط، مما مكنني من الإطلاع على أمهات الوثائق والنصوص والكتب المرتبطة بالفكر الثوري وبالفلسفة الماركسية وبأدبيات الحركة العمالية الثورية وإسهامات اللينينية الرفيعة.
كان هذا اختياري منذ ذلك الحين وما زلت على هذه المبادئ وهذه المرجعية الثورية، أعلن التزامي علنا مدافعا ومنافحا عن الماركسية وعن الرسالة التاريخية للطبقة العاملة، دون أن أقدس أية تجربة من التجارب. أتبنى اللينينية بالمعنى الماركسي العمالي للكلمة بمعنى خط الإضراب العام والانتفاضة العمالية والعصيان الشعبي المسلح بقيادة الطبقة العاملة المنظمة والمؤطرة في حزبها الذي يجب أن يكون مستقلا فكريا وسياسيا عن باقي الطبقات الأخرى، دون أن تشوبه شائبة من مصنفات الفكر الشعبوي مهما بلغت ثوريته من درجات.
وبالتالي فكل التراث الماركسي اللينيني وكل التجربة العمالية الثورية التي قادها لينين في ما يتصل بمهمة تطوير عمل الحزب، عبر بناء منظمة المحترفين الثوريين والتركيز على العمل داخل النقابات العمالية، وبعدم تبخيس العمل داخل الإطارات الجماهيرية العمالية حتى لو كانت تحت قيادات رجعية أو انتهازية، وبعدم تجريم أو تحريم التنازلات خدمة للقضية الطبقية والثورية، مع التقدير اللازم لكل التحالفات الطبقية والسياسية التكتيكية، ولطبيعة الإطارات مع التمييز فيما بينها، أي بين ذات الطبيعة الطبقية الصرفة وبين ذات الطبيعة الفئوية.. مع الاشتراك بمبدئية وتلقائية في جميع الاحتجاجات المناهضة للنظام ولجميع قوى الاستبداد.
18. فبالعودة لمسألة التحالفات ولنظرة اللينينية لها في مجال الحركة العمالية، ونسطر على العمالية بأكثر من سطر، حتى لا نخلط الأمور بين التطبيق الصارم للتعاليم اللينينية، وبين الاستئناس والاستفادة من توجيهاتها داخل اتحاد الطلاب الذي لا يشبه في شيء منظمات الحركة العمالية من حيث البنية الطبقية ومن حيث الأهداف النضالية العامة، التاكتيكية والإستراتيجية.
فلم تمنع البلشفية اللينينية التحالفات مع جميع أصناف الحركة الديمقراطية البرجوازية.. فما طالبت به، متوجهة بطلبها للحزب والطبقة العاملة، هو عدم دمج التنظيم البروليتاري بالتنظيمات الأخرى كشرط لعقد أي نوع من التحالفات.. ومنذ ذلك الحين عملت جميع القوى الثورية اللينينية ما في جهدها لتجسيد تلك الوصفة اللينينية السديدة "لنسر على حدة ولنكافح معا دون إخفاء الاختلاف في المصالح ومع مراقبة الحليف بنفس القدر الذي تتم به مراقبة العدو.." دفاعا عن الشرط الدائم والثابت "استقلال الحركة البروليتارية حتى لو كانت في مرحلة جنينية بدائية".. هو ذا التوجيه اللينيني الذي نعمل على الاستفادة منه داخل حركة النضال الجماهيري التي تصطف داخلها جميع مصنفات الحركة التقدمية الديمقراطية، الإصلاحيون والثوريون، الماركسيون اللينينيون والتروتسكيون والماويون والشعبويين والفوضويون..الخ عكس شعار وحدة الماركسيين، وهي وحدة من المستوى الطبقي الرفيع، وحدة سياسية وفكرية وتنظيمية تستهدف في نظرنا توحيد جهود جميع الماركسيين والماركسيات وصبّ جهدهم في منظمة ثورية طبقية يكون همها الأول هو بناء الأداة الثورية الطبقية، الحزب البروليتاري الماركسي اللينيني، حزب الطبقة العاملة وليس اتحاد الطلبة الفئوي، حزب تنصهر فيه الطلائع العمالية الثورية ومختلف العناصر المثقفة الثورية التي حسمت وقطعت بشكل تاريخي ونهائي مع أصولها البرجوازية والبرجوازية الصغيرة.. حيث لن تكون العناصر المثقفة بالضرورة هي الطلبة والتلاميذ والمعطلين الخريجين.
فلا يمكن أن يشوه أحد سمعة الماركسية اللينينية والحركة الثورية جمعاء إذا لم تشوه هي نفسها سمعتها.. حين تحول أطروحتها وتصورها وخطط عملها.. إلى كاريكاتور.. هي ذي الملاحظات اللينينية الثاقبة التي كانت تصيب الهدف وتعرّي على الثغرات وتعطي للممارسة الثورية تميزها وتوهجها، ملتصقة أشد الالتصاق بهموم الجماهير المسحوقة والمضطهدة، عمال فلاحين مستخدمين حرفيين طلبة جنود..الخ
ولم تكن اللينينية لتتبوء ذلك الموقع القيادي داخل الحركة العمالية والاشتراكية الثورية، لو اكتفت بالجملة الثورية والممارسة الرفضوية والانعزال في الركن الطاهر النظيف..الخ فلولا التوجيهات اللينينية الصائبة لما اشترك الرفاق البلاشفة في ثورة 1905، لأن قائدها مجرد قس مسكين لم تتعدى مرافعاته وخطاباته الاستعطاف ورفع المظلومية للقيصر الحاكم وتقديم الشكاوي ببعض الإداريين المستبدين وبعض الرأسماليين الجشعين الذين جوّعوا العمال وأبناءهم وأزواجهم..الخ وبعد اندلاع الثورة والمواجهات وبعد تشكل مجالس العمال ـ السوفيات ـ رفض العديد من البلاشفة الدوغمائيين الانخراط في هاته الأشكال التنظيمية الديمقراطية والجماهيرية، باعتبارها هيئات غريبة وجديدة عن الحركة العمالية ومستقلة إلى حد كبير عن البلاشفة وعن الحزب الاشتراكي الديمقراطي الروسي عامة ونقابته ونواديه وجمعياته..الخ فلولاه لما تحول الماركسيون إلى مجالسيين قاعديين.
فالواجب بالنسبة لنا هو أن يستفيد الماركسيون اللينينيون من جميع مظاهر الاستياء ولو كانت في حالة جنينية.. حيث أن كل امتناع عن أداء هذا الدور، إنما يعني الدفاع والمساهمة في تخلفنا عن الأدوار القيادية المفترضة فينا كماركسيين لينينيين بما يترتب علينا "بوصفنا مناضلين طليعيين من أجل الديمقراطية أن نقود مختلف الفئات المعارضة النشيطة.. وأن نربي زعماء يستطيعون أن يمارسوا التأثير السياسي في جميع الفئات المعارضة على اختلافها"
فنحن حقا مناضلون طليعيون من أجل الديمقراطية وهو الشيء الذي منعنا عن الانخراط في حركات تضم بل تقودها تيارات سياسية ظلامية معادية للديمقراطية والحرية والاشتراكية. هذا من جهة أما من جهة أخرى، ووفق رؤيتنا الديالكتيكية، نستعمل نفس التوجيه لتحفيز جميع الرفاق الماركسيين لقيادة مختلف الفئات المعارضة النشيطة كالطلبة والتلاميذ والمعطلين والمستهلكين..الخ
فعلى هذا الأساس لا يمكن لنا الخلط بين مهمة نشر الفكر الثوري الاشتراكي داخل الأوساط الطلابية، وهي مهمة من صلب النشاط الماركسي الثوري الذي يستهدف بدرجة أولى أبناء العمال وفقراء الفلاحين وسائر الفئات والطبقات الشعبية المسحوقة.. هذا من جهة، ومن جهة أخرى مهمة توحيد الماركسيين وبناء الآليات الطبقية لهذا الغرض، كآليات معنية حقا وفعلا بالفكر الماركسي وبمهامه ومشروعه السياسي والمجتمعي.
فحين يقع هذا الخلط الفظيع ويستمر التمادي فيه، فلن يؤدي ذلك بالحركة سوى للارتباك والتقوقع وضرب الماركسية نفسها لحدّ التشويه.. كأن تسمع مثلا بأن وحدة حركة المعطلين مرهونة ومشروطة بوحدة المرجعية الفكرية! ونفس الشيء يسري على الحركة الطلابية "فالمبادر الأول ـ حسب الرفاق ـ لتوحيد الذات اللينينية هم الطلبة القاعديون"! فلا يوجد في نظري أفظع من هذا التعبير.
18. فما تعلمناه من النظرية والممارسة، هو أن الماركسية هي من يربي حزب الطبقة العاملة، طليعة البروليتاريا القادرة على استلام السلطة والسير بعموم الشعب الكادح نحو الاشتراكية عبر توجيهه وتنظيم صفوفه ونضالاته نحو الديمقراطية الجديدة فعلا، على أن تكون الطبقة العاملة هي المعلم والقائد والزعيم لجميع الكادحين والمستغلين والمحرومين والمضطهدين.. في تنظيم حياتهم الاجتماعية وفي تدبير ثرواتهم بشكل عادل يضمن المساواة بين جميع مكونات المجتمع، في معزل عن البرجوازية وضد البرجوازية وبدون كافة مظاهر الاستغلال والاستبداد والحـﯕ-;-رة..الخ هي ذي رسالة الطبقة العاملة كما بشرت بها الماركسية الشيوعية من خلال بيانها وإعلان مبادئها وبرنامجها التاريخي "البيان الشيوعي"، الذي لا تفهمه ولا تقر به غالبية "الماركسيين" المغاربة الذين رضعوا من شعبوية الأفكار الستينية والسبعينية.
فالرفاق ينتظرون من الجماهير الطلابية، في إطار من الإيمان المطلق بقدراتها، حل جميع مشاكل الحركة الطلابية وكذا مشاكل الحركة العمالية والثورية والاشتراكية..الخ فهي المؤهلة لخوض النقاش والصراع ضد الإصلاحية والتحريفية والظلامية والشوفينية..الخ وهي قادرة، حسب هذا الرأي الكسول والعفوي حتى النخاع، على الخوض في نقاشات عجز عن حل إشكالاتها أخلص المثقفون لقضية التغيير الثورية، مثقفون مشهود لهم بالتزامهم وميدانيتهم المنحازة لصف الجماهير الشعبية لعقود وليس لسنوات الدراسة الجامعية وفقط، نقاشات من حجم وحدة الماركسيين اللينينيين ومهمة توحيد صفوفهم وتجميعهم عبر بناء المنظمة الثورية الموحدة وحزب الطبقة العاملة المستقل..الخ فإذا كانت الجماهير الطلابية قادرة على كل هذا، فماذا سيتبقى إذن للطلائع الماركسية اللينينية، وضمنها طبعا "الطلبة القاعديون"!؟ قطع شريط افتتاح "مهرجان الثورة" مثلا!!
من جهتي وبعيدا عن لغة البوليميك، أعتقد بأن الماركسية واللينينية بدرجة أدق عملت ما في جهدها على محاربة جميع هذه الأفكار والتصورات بدءا بالحرب على الشعبويين الروس ثم على جميع الاتجاهات الإقتصادوية والعفوية والإرهابية التآمرية والإصلاحية.. وانتهاءا بالحرب على شيوعية الرفض و"ثورية" عدم التنازل، وعدم الجلوس، وعدم الانصياع للبروقراطية والإصلاحية الرجعية.. داخل المؤسسات وداخل النقابات والإطارات الجماهيرية والشبه جماهيرية.. خلال أهم صراع خاضه لينين داخل الحركة الشيوعية، ضد من سمّاهم بالصبية أو الشيوعيين الطفوليين.. فهل عمّ المرض من جديد وأتى على الذات اللينينية بكاملها؟!
فالماركسية اللينينية كانت على اقتناع تام بأن العامل البروليتاري سيظل هو الممثل الوحيد والطبيعي لجميع الفئات والطبقات الشعبية المسحوقة والكادحة.. الشيء الذي نقتنع به نحن في نظرتنا للبروليتاري المغربي، وبالتالي فمهمتنا التي بدونها لن نكون لا ماركسيين ولا لينينيين، هي تطوير عملنا داخل الأوساط العمالية، وهو الشيء الذي فشلنا في تحقيقه قرابة قرن من الزمن، أي منذ استنبات أولى الخلايا الشيوعية في مناجم وسكك ومصانع المغرب.. وحين نتكلم عن تطوير العمل يعني ذلك مواصلة نشر الفكر الماركسي الطبقي في أوساط الشباب لمساعدة نضال الطبقة العاملة وتطوير وعيها، وتنظيمها وتثقيفها، دون السقوط في وهم الاستيلاء على "عرشها".
وخلال مهامنا الميدانية المتعددة والمتنوعة، لا يجب أن يكون لنا أدنى تحفظ أو تردد بصدد مهمة الارتباط بمختلف النضالات والاحتجاجات الشعبية المعارضة، فتلك مهمة لا مندوحة عنها، بشرط ألا ينسينا هذا الارتباط هويتنا الماركسية العمالية والاشتراكية كما وقع لمن استحلوا التأمل في مؤخرة انتفاضة 20 فبراير، أو لمن اختاروا واحترفوا واستثمروا في الواجهة الحقوقية وركزوا جميع جهودهم في جمعياتها ومؤتمراتها وسفرياتها الأوربية والأمريكية.. وما تدره من ربح مادي دسم ووفير.. فجلهم يدّعي الانتماء للفكر الطبقي والماركسية الشيوعية المعادية للملكية الفردية..الخ لكنه يلتزم، في نفس الوقت، بمواثيق منافية لهذا، أنجزتها وأشرفت عليها أنظمة ودول وخبراء برجوازيون يقدسون المِلكية وحقوق الفرد، ويجرمون مصادرة الأملاك والممتلكات، أي كان نوعها ومصدرها..الخ
وسنظل أوفياء للنظرة اللينينية للحزب كما حددها الزعيم "إذ بالرغم من تأييدها لجميع الحركات الاجتماعية ضد الحكم المطلق، يعترف بأنه لا يفصل نفسه عن الحركة العمالية، لأن للطبقة العاملة مصالحها الخاصة التي تتناقض مع مصالح جميع الطبقات الأخرى.
19. فالمؤتمر 15 نفسه، والذي حمّلناه ما لم يكن في قدرته تحمله كمؤتمر لاتحاد الطلبة إوطم، حكمته ظروف وشروط ذاتية وموضوعية معروفة.. تحملت مسؤولية قيادته "الجبهة الموحدة للطلبة التقدميين" الملحق التنظيمي لتحالف قوى اليسار الماركسي اللينيني المشكل من منظمة "إلى الأمام" ومنظمة "23 مارس"، حينها وخلال هذا المؤتمر الشهير تقدم فصيل "الجبهة" بمشروع وطني ليس لنفسه أو للجماهير الطلابية، بل لمجموع القوى الوطنية التي تم نعتها وقتذاك بالمخلصة، بهدف "فرض شروط التحول الديمقراطي الشعبي والتحرر الوطني لبلدنا".
وبعد بسط هذا البرنامج الذي يُعد مهما في نظرنا، التزمت قيادة المؤتمر علنا، من خلال البيان السياسي الصادر عن المؤتمر، بالانخراط في جبهة وطنية مع كل القوى دفاعا عن هذا البرنامج "إن منظمتنا الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، تلتزم بالعمل الدؤوب وفق هذا البرنامج مع كل المنظمات الوطنية التي ترغب معها في النضال إلى جانب الجماهير من أجل تحقيقه، وتأخذ على نفسها عهدا بخلق المبادرات وأشكال النضال العملية من أجل الدعوة الجماهيرية لهذه النقط على أساس منظومة وحدة ـ نقد ـ وحدة"
فهل هذا انحراف أو تحريف للماركسية اللينينية؟ أبدا.. فبالنسبة لنا كماركسيين لينينيين وكتيارات تقدمية وديمقراطية، كان هذا وما زال هو عين الرأي الذي يناسب حجم وطبيعة إطار من هذا النوع، عكس الرؤى الإقصائية والاستئصالية التي لا تميز بين الحزب والمنظمة الجماهيرية، خصوصا إذا كانت المنظمة اتحادا طلابيا وفقط لا هو نقابة ولا تعاونية ولا نادي عمالي..الخ فعلى هذا الأساس وبنفس القناعة، استمرت الأيادي ممدودة لكافة القوى السياسية الوطنية رغم خطها الإصلاحي والتحريفي البيّن وليس لأنها موجودة كما برّر ذلك الرفاق، فإذا اعتمدنا فقط على "الموجود"، قضي الأمر وابتلعتنا الذرائعية كما هو حال حزب "النهج" الذي غامر وقامر برصيده اعتمادا على الموجود والمحشود والمسنود.. ونسي المبادئ والأهداف الكبرى والقيم..الخ
فهل أخطأ الرفاق الجبهويون، في نظركم، بهذه المبادرة، أي حين سعوا لهذه الوحدة وجين اتخذوا هذه الخطوة الوحدوية باسم إوطم دون استشارة من القواعد الطلابية، وأجهدوا النفس لصياغة برنامج عمل لهذه الجبهة الوحدوية..الخ أم كان الأمر مجرد كلام وقفزة في الهواء؟ أليست المبادرة، مثلها مثل جميع المبادرات التي أشرفت عليها وانخرطت فيها المنظمة "إلى الأمام"، مبادرة سياسية تمت إداراتها من خارج أسوار وفضاءات الجامعة، حيث لا أهلية للفصائل الطلابية للقيام بها أو لإدارة وتدبير تفاصيلها، حتى لو كان الفصيل تابعا جزئيا أو كليا للمنظمة؟ والحال أن فصيل "الجبهة" لم يكن سوى فصيلا عاديا، ضمن فصائل أخرى تدّعي كلها تمثيلية "الصوت الطلابي الحقيقي" داخل كلية من الكليات المعزولة والمحدودة التأثير على واقع الجماهير الطلابية التي تعدّ الآن بمئات الآلاف المحشورة داخل عشرات الكليات والمعاهد، إن لم نقل الجامعات..الخ كان الجبهة بمثابة الفصيل المهيمن الذي مثل فعلا "الصوت الطلابي الحقيقي" عبر صندوق الانتخابات الذي جسد حقيقة وفعلا الصوت الطلابي أمام الخصوم وأمام الأعداء.. كان يمثل الطلبة داخل الجامعة ككل، ومثلها قانونيا وشرعيا أمام الجميع والرأي العام والتاريخ، واستحق هذا وجسده بالتضحية وبكل ما أوتي من قوة.
فعكس التبريرية والنظرة الانتقائية للتاريخ وأحداثه، هكذا يجب أن تفهم المبادرات التي قامت بها منظمة سياسية أقنعت الجماهير الطلابية بتصورها وبخطها النضالي وبنظرتها لاتحاد يهمهم ويهمها، ونالت بالتالي ثقتهم بعد النقاش والإقناع دون الحاجة للترهيب والتخوين والتصفية بالخناجر والسيوف والسواطير، وأشياء مقرفة كالتي لفظتها إحدى "القلع المحصنة" ضد التحريفية والإصلاحية والظلامية والشوفينية.. مؤخرا!
فمنذ تجربة القيادة خلال المؤتمر 15، إلى تجربة اللجن الانتقالية لسنة 89، مرورا بتجارب التنسيق لسنوات 75/76/77 وبتجربة النهج الديمقراطي القاعدي بالداخل والطلبة التقدميون بالخارج وتجربة الكراس لسنة 84.. لم تتراجع أو تتردد المنظمة "إلى الأمام" على هذا النهج الوحدوي ومهما اختلفنا معها في بعض التفاصيل وبعض المواقف والممارسات تبقى نموذجا يحتدى به يلزمنا تطوير رصيده وليس استنساخه وتقديسه.

حسن نارداح
يوليوز 2014



#حسن_نارداح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل هذا النموذج يسمى ثوريا من فظلكم؟!!
- لجنة التفتيش بسجن أصيلة.. بين الشجيرة والبطيخة..
- لجنة التفتيش بسجن أصيلة..


المزيد.....




- -حلم بعد كابوس-.. أمريكية من أصل سوري تروي لـCNN شعور عودتها ...
- بوتين يتوعد العدو بالندم والدمار!
- لغز الفرعون: هل رمسيس الثاني هو فرعون موسى الذي تحدث عنه الك ...
- كاتس من جنوب لبنان: باقون هنا للدفاع عن الجليل ولقد قلعنا أس ...
- بين حماية الدروز وتطبيع العلاقات.. ماذا يخفي لقاء جنبلاط بال ...
- الشرع يطمئن أقليات سوريا ويبحث مع جنبلاط تعزيز الحوار
- الشرع: تركيا وقفت مع الشعب السوري وسنبني علاقات استراتيجية م ...
- أمير الكويت ورئيس الوزراء الهندي يبحثان آخر المستجدات الإقلي ...
- قديروف يتنشر لقطات لتدمير معدات الجيش الأوكراني في خاركوف
- لوكاشينكو يدعو الشيخ محمد بن زايد لزيارة بيلاروس


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - حسن نارداح - تنظيم النضالات الطلابية وتوحيدها مهمة ماركسية لينينية بامتياز