|
تُستاصل داعش بانتفاضة مَن في بيئتها
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 4524 - 2014 / 7 / 26 - 09:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لقد قُتل بن لادن و لازالت القاعدة باقية بشك ما، الا انها اصبحت ضعيفة و الطالبان خفت من حدتها . فكلما نسمع عن تطور الوضع السياسي الاقتصادي الاجتماعي العام في افغانستان و باكستان و الدول الحاضنة لهؤلاء التنظيمات كلما قلت تاثيراتهم، و نلمس من التطورات الميدانية لهؤلاء في العالم، بانه شلت حركتهم في العديد من القواطع التي كانوا نشطين فيها نتيجة التغييرات الايجابية في حياة الناس هناك . اننا على علم، كيف انبثق تنظيم القاعدة و من كان وراءها في الوقت الذي كان بامس الحاجة اليها للصراع الدائر آنذاك، و كيف تغيرت نظرته و موقفه منها بعد اتمام المهمة المناطة بها، رغم التعنت و الاحتضار الطويل لها بعد ان رفعت الراعي ايديها عنها، و بقى هذا التنظيم نشط و مؤثر الى حدما بشكل كبير في مناطق متخلفة، بينما اضعف و احدثت تقسيمات داخلية في تركيبته، و برزت تنظيمات اخرى تنافسه و وضعت حدا لتقدمه. الا ان الاهم في التاثير المباشر على قوة القاعدة و التاثير عليها هو دراسة بيئتها والتاثير عليها و اضعاف حاضنتها كي تجف هي بذاتها، و سيحدث هذا كلما قل حجمها و وضعت امام ارض الواقع غير المساعد لنموها و تطورها حجما و قوة و تنظيما و حركة. هكذا بالنسبة لداعش، انها معلوم المنشا و المربط، رغم التوشيش و الخلط في اوراق بين المتناقضات و الداعمين لها. انها فُرضت فوقيا لحد كبير، و سحبت البساط من تحت ارجل القاعدة، و اجبرت على اتباع خطوات و تخطيطات تختلف عن القاعدة من عدة اوجه و جوانب، هنا يمكن ان نتوقع ان يكون هناك التعاون المتعدد الاوجه لمن تهمهم داعش و تنفذ اجندتهم بعلمهم او بشكل غير مباشر . البيئة التي ولدت فيها، او بالاحرى انها انبثقت وفق خطط تناسب التكتيك الدولي المتبع في المنطقة و ستوفر المناخ المناسب لتحقيق الاهداف السياسية العالمية فيها. استغلت القوى العالمية الفوضى العارمة في المنطقة بعد الربيع العربي، و اصبحت الساحة السورية مختبرا للصراعات العالمية الاستراتيجية المتعددة الواجه في المنطقة و حساسيتها من جهة، و بروز روسيا كبلد منتعش احست بضيق الدائرة التي رسمتها امريكا حول دبلوماسيتها و علاقاتها الخارجية و هي تحاول حصرها في زاوية خطرة من جهة اخرى . و بدات المخابرات العالمية تعمل بكل ما يمكنها من تنفيذ ما تهمها و ما تريدها من الصورة التي يجب ان تكون عليها المنطقة . و ربما لم تنفذ داعش ما اُريدت منها هنا و هناك بشكل صحيح او جيد بالنسبة لراعيها الا انها لم تخرج لحد الان من طواعيته و اوامر من يدعمها في المنطقة و بالتنسيق مع القوى العالمية . استغلت داعش الوضع السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي للمنطقة التي انتشرت فيها ومدت رجليها اكثر من المطلوب، بعدما اغترت فانها ربما ستواجه عواقب غير مريحة لها .الا ان استئصالها بعيد المنال في الوقت القريب، و يحتاج انهاءها لتوفير عوامل عديدة،عدا رفع يد راعيها عنها، مثلما استغلت الاحتقانات و الاحتجاجات المنتشرة في المنطقة و ركبت على موجة المعارضات و العداوات و الخلافات الدينية المذهبية، يحتاج استئصالها الى سحب عامل البيئة المناسبة التي توفرت لها من تحت رجليها و ذلك بطرق سياسية عديدة قبل ان تكون عسكرية . انها تتصرف وفق التعليمات و الشريعة التي انتهت مدة صلاحيتها منذ مدة، و لا يمكن ان تتمكن من تطبيق ما تفكر على الجميع بسهولة لمدة طويلة، و عليه، يمكن الاعتماد على تغيير البيئة واستنهاضها و دعم الاضداد قبل العملية العسكرية المناسبة في الوقت المناسب مع محاربتها اقتصاديا . و حين وصول حال المواطنين الى النقمة و الياس يمكن ازاحتها بقوة اقل من المتوقع . لا يمكن ان تُطبق شرائع نفذت قبل الف و اربعمئة سنة على شعب يعيش في القرن العشرين، فان عارض الشعب الاقصاء و التهميش الحكومي على الاساس المذهبي فبتوفير الحرية و الاهتمام و التطبيق اللامركزية و حكم الذات بالذات، سيدفع الناس للاحتجاج و التعارض و حتى الانتفاضة في الوقت المناسب، و عندئذ يمكن ابعادهم نهائيا عن المناطق التي احتلوها في غفلة من الزمن و نتجية مساعدة البيئة التي استغلوها قبل الاعتماد على الحجم و القوة . كيف تتغير طبيعة البيئة التي استغلوها؟ لا يمكن ذلك الا بالدراسة الدقيقة لمتطلبات الناس في هذه المنطقة، و هذا المكون و تحقيق اهدافهم و امنياتهم باي شكل كان و بالنظام الذي يكون لصالحهم و لحياتهم وهم مقتنعين به و توفير الخدمات اللازمة لهم و عدم تركهم للهمج الذي يلعب بهم . اي يجب مراعاتهم و تقديرهم و مساعدتهم و توفير كل مستلزمات الحياة لهم بالشكل الممكن ومنذ الان و هم حتى تحت سيطرة داعش، وبه يمكن تطبيق الخطط المدروسة لاستنهاضهم و رفع صوتهم، ومن ضمن الخطة، و يمكن كسب ود المجموعات المعتدلة التي رافقتهم و مساعدتهم مادياو معنويا لكسب ود الجماهير نحوهم و للحكومة ، و من ثم التفاوض و الوصول الى اتفاقيات متعددة لترتيب امر النظام المناسب الذي يمكن ان يُطبق دون سكب الدماء و لتوفير ما بقي منه . و الا لم نرى الا افغانستان ثانية بجانبنا لمدة طويلة . من جانب اخر، مادام حدث الخلط بين ما يجري في سوريا مع العراق بشكل مباشر، فان الحلول في الدولتين يجب ان ترافق مع بعضها ايضا . طالما كان هناك التعدي و الظلم و نظام مستبد ستظل داعش المنقذ و المستغيث . اي اولى الخطوات يجب ان يتغير النظام السوري من اجل توفير الارضية لتطبيق ديموقراطية حقيقية واقعية من قبل المعتدلين من جانب، و تطبيق الفدرالية الحقيقية في العراق دون احساس اي مكون بالتهميش و الاقصاء كبداية او بوابة الحل و المنفذ لاستئصال داعش من جذورها من جانب اخر .
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل ولٌى زمن الحرابي السياسة في العراق ؟
-
الفرصة الذهبية امام السلطات العراقية الجديدة
-
هل خفت حدة طوفان داعش ؟
-
ان لم ترض بكله سوف تنحني لجله
-
القوى العالمية و الموقف المخجل مما يحصل للمسيحيين !!
-
هل يتحمل الكورد صعوبات مابعد الاستقلال
-
شردوا حمامة السلام من عشها
-
من حقي ان ارشح لرئاسة الجمهورية و لكن؟
-
موقف مصر من استفتاء اقليم كوردستان
-
ندوة حوارية حول الوضع الراهن في العراق
-
اين النخبة مما يحدث في العراق
-
متى ستنتهي الصفقات الداخلية و الاقليمية حول العراق
-
هل نجح الكورد في التعامل مع الاحداث الاخيرة في العراق
-
هل يتمكن الجيش من دحر داعش ؟
-
الجذوة التي كانت دائما تحت رماد التاريخ
-
استفتاء كوردستان كرد فعل لمجيء داعش
-
هل تصريحات اسرائيل لصالح كوردستان
-
لماذا لم تتحرك امريكا جديا في العراق ؟
-
هل يستضيف المالكي الملايين من المصريين
-
اقليم كوردستان بين خيارين صعبين
المزيد.....
-
بريطاني يحقق رقما قياسيا عالميا بزيارة 42 متحفا في أقل من 12
...
-
ترامب يجدد تهديده باستعادة قناة بنما: أمريكا ستتحرك -بقوة- .
...
-
وزير خارجية أمريكا يحذر رئيس بنما: تحركوا ضد الصين وإلا -سنت
...
-
ماسك: ترامب وافق على إغلاق الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية
...
-
الكويت.. سقوط عصابة -الثعلب المصري-
-
وزير الكهرباء السوري يكشف عن خطط لزيادة ساعات الوصل وتحديات
...
-
تايلاند تسهل إجراءات السفر وتقدم مزايا جديدة للسياح
-
باكستان.. مقتل شرطي خلال حملة تطعيم ضد شلل الأطفال
-
تعليق إيراني بشأن -حقائب أموال ترسل إلى لبنان-
-
بسبب مقاطعة خطاب زيلينسكي.. استبعاد حزبين في ألمانيا من مؤتم
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|