|
موقع التصوف في الفكر العربي الاسلامي
تاج السر عثمان
الحوار المتمدن-العدد: 4523 - 2014 / 7 / 25 - 22:33
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
. تناولت في دراسات سابقة عن تكوينات ماقبل الرأسمالية في السودان التصوف الاسلامي بشكل عابر الذي كان له تاثيره في تشكيل وعي تلك المجتمعات ونظرتهم للكون والحياة من حولهم ، اي انه كان له تأثيره في البنية العلوية في تلك التكوينات الاجتماعية، صدرت تلك الدراسات تباعا في مؤلفات انجزتها عن:تاريخ الفونج الاجتماعي (مركز محمد عمر بشير 2004)،تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي (مكتبة الشريف 2005م، التاريخ الاجتماعي لفترة لحكم التركي( مركز محمد عمر بشير 2006)، دراسات في التاريخ الاجتماعي للمهدية ( مركز عبد الكريم ميرغني 2010 م ) ، كما انجزت دراسة غير منشورة عن "خصوصية الايديولوجية المهدية في السودان" ، والذي شكل التصوف الاسلامي ركيزتها الأساسية، فايديولوجية المهدية اتخذت منحي اجتماعيا الهمت واسهمت في التعيئة والحشد والشحنات الثورية ابان اندلاع الثورة المهدية ضد الاستعمار التركي للسودان.كما انجزت دراسة غير منشورة للفكر الجمهوري الذي اسسه الاستاذ محمود محمد طه، والذي يشكل التصوف الاسلامي احد اركانه الاساسية. في هذا البحث نواصل دراسة التصوف الاسلامي من خلال: قراءة نقدية في نشأة وسمات التصوف في الفكر الفلسفي الاسلامي، من خلال التأمل في اصوله ومناهجه، والاشكال المختلفة الذي اتخذها تبعا لتطور الدوله الاسلامية في المراحل المختلفة وتبدل الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية والفكرية والفلسفية وتفاعل الدولة الاسلامية وتأثيرها المتبادل مع الثقافات الفارسية واليونانية والمسيحية والهندية، والتي عرفت التصوف باعتبارها طريقة ومنهج ونظرية في المعرفة. اولا: النشأة والسمات والخصائص: لايمكن تناول التصوف الاسلامي بمعزل عن الفكر الفلسفي الاسلامي وتطوره في مراحله المختلفة فقد كان له رموزه واعمدته البارزة في التاريخ الاسلامي امثال : الحلاج ، ابن عربي، السهروردي المقتول،وغيرهم من تلك لرموز. تباينت وتنوعت المصادر التي تطرقت لتعريف التصوف، اهم تلك المصادر: مؤلفات مثل:كامل الشيبي: محاضرات فلسفية1963/1964م، حسين مروة : النزعات المادية في الفلسفة العربية الاسلاميةدار الفارابي1980، محي الدين بن عربي : الفتوحات المكية، عبد الرازق الكاشاني -735ه، الشريف الجرجاني - القاهرة 1938م،علي حسين الجابري : دروس في في الفكر الفلسفي الاسلامي- دار الفرقد2010م..الخ: تناولت تلك المصادر تعريفات التصوف من الزوايا الآتية:- ..,. من حيث الشكل لبس الصوف زهدا في الدنيا ونعيمها الزائل رمز لتلك الصوفة التي وضعهااحد القدماءفي مجتمع ماقبل الاسلام كحمل منذور لله تيمنا بقصة اسماعيل(ع). رمز لاسرة بني صوفة التي كانت تتسم بالسمو الروحي وواجبها الافاضة بالحجاج الي جبل عرفات تلك الشعرة المنسدلة في مؤخرة الرأس ( القنبور في العامية السودانية)لان ذلك كان مظهرا من مظاهر الصوفية، اي ترك الشعراشعث بدون تهذيب وتشجيب الصوفة المرمية المهملة، في العامية السودانية يقولون: عدمان الصوفة، اي لايملك شروي نقير من المال ونعيمها،اي الفقير المعدم. ذلك النبات ( البروز) الذي ينمو مع هطول الامطارعشوائيا بدون عمل زراعي منظم،كدليل علي مظهر وعفوية المتصوفة من الصفة اي السقيفة التي اتخذها الفقراء من المهاجرين من المسلمين ملاذا لهم. الصفوة :اي النخبة المختارة التي تمثل الطليعة الصف : بمعني انهم الصف الاول (الاولياء الصالحين الذين لاخوف عليهم ولاهم يحزنون. الصفاء :البعد عن الشوائب وتصفية الروح مما يكدر صفاء الروح ويعيقها عن الوصول الي الاشراق الالهي. من صوفيا: بمعني المعرفة او الحكمة كما في اللغة الهندية واليونانية. لكن حتي تلك التعريفات لايمكن عزلها عن السياق التاريخي والمراحل المختلفة التي مرت بهاالتكوينات الاجتماعية التي تعاقبت علي الدولة الاسلامية والتي اعطت التصوف مضامين مختلفة. فمثلا: يخلص الاستاذ الشيبي الي اقتراح اعتماد تعريف : بني صوفة كمثل للتضحية الي الله من الناحية المعنوية وبسلوكهم، رغم أن ذلك جانب من مظاهر التصوف الا أنه لايروي غليلنا في فهم ظاهرة التصوف في ابعادها وتجلياتها المختلفة. ذلك أنه يهمل العوامل الأخري الفلسفية والمعرفية والاجتماعية والسياسية ، اي لا يمكن تناول التصوف بمعزل عن الصراع الاجتماعي والطبقي الذي دار رحاه في المراحل التي ساد فيها القمع والاستبداد.،وبالتالي الجانب الطبقي القائم علي انحياز المتصوفة للفقراء والمعذبين في الارض، وتصفيةالروح من الشوائب التي تعوقها عن الوصول الي الاشراق الالهي. اي الالتزام الايديولوجي والفلسفي والنشاط العملي الذي يدفع بالانسان ليكون في المقدمة او الطليعة لفعل الخير. مهم جدا تناول هذه المضامين والدلالات لأنها تساعد في الفهم الاشمل والواسع لظاهرة التصوف في الفكر الفلسفي الاسلامي. وقد عالج حسين مروة بتفصيل المراحل والاوضاع الاجتماعية المختلفةالتي مر بها المجتمع العربي الاسلامي في تجلياته المختلفة حيث شهد مراحل نمو وزدهار وانحطاط وهزات وثورات اجتماعية كان لها الاثر ف تطور الصراع الفلسفي والديني، لان الا فكار لايمكن دراستها بمعزل عن التكوينات الاجتماعية التي تنتج تلك الافكار التي يصبح لها استقلالها النسبي وتؤثر في المجتمع نفسه، في تفاعل ديالكتيكي متبادل. فالتصوف او الزهد في الدنيا كان من مصادر التغيير والثورة الاجتماعية ورفض الاستبداد والظلم الاجتماعي كما هو الحال في بداية الثورة في السودان،التي استندت علي فكرة المهدي المنتظر المستمدة من الفكر الصوفي الذي سوف يملا الآرض عدلا بعد أن ملئت جورا، وتحقيق المدينة اوالمجتمع الفاضل الذي يتـأخي فيه الذئب والحمل!! وبالتالي يمكن أن يكون اداة للتغيير الاجتماعي والثورة علي الحكام الظلمة الفاسدين الذين استغلوا الدين لخدمة مصالحهم الطبقية والدنيوية، وفي الوقت نفسه يمكن ان يكون اداة لاستلاب والاغتراب والانعزال عن المجتمع والدعوة للاستسلام والركود والخمول،واستغلال الدين باسم بركات اولياء الله الصالحين الذين ليس بينهم وبين الله حجاب. وقد تناولت بتفصيل في مؤلفي دراسات في التاريخ الاجتماعي كيف كانت فكرة المهدي المنتظر اداة للثورة ضد الاستعمار التركي، وكيف تحولت في فترة الخليفة الي اداة للثراءوالبطش ونهب اموال الناس ومصادرة حرية المعتقد باسم لمهدية (راجع تاج السر عثمان: دراسات في التاريخ الاجتماي المهدية).
#تاج_السر_عثمان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف تناول الحزب الشيوعي السوداني قضية المرأة؟
-
كيف تناولت الماركسية قضية المرأة؟
-
عزيزاتي واعزائي كتاب وقراء الحوار المتمدن.
-
رسالة الي قراء الحوار المتمدن - شكر وتقدير
-
تاج السر عثمان - عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوداني -
...
-
تعقيب علي د. سلمان محمد احمد سلمان: موقف الحزب الشيوعي السود
...
-
يسألونك عن البديل لزيادة الاسعار؟
-
الزيادات في الاسعار .. مزيد من افقار وارهاق الجماهير
-
لا للتدخل الامريكي في سوريا
-
تفاقم أزمة النظام والدعوة الي الحوار
-
الاحداث في مصر: العنف والارهاب مصيره الي زوال
-
صفحات من تاريخ الحزب الشيوعي السوداني: الصراع الفكري عام 195
...
-
ثورة أم انقلاب : قراءة في التجربة السودانية
-
في الذكري ال 42 لانقلاب 19 يوليو 1971م
-
الثورة المصرية تدخل موجة جديدة من تطورها
-
التمايز الايديولوجي بين الشيوعية واليسار
-
الذكري 24 لانقلاب 30 يونيو 1989م
-
اضواء علي تاريخ صحافة الحزب الشيوعي السوداني
-
الغريق يتعلق بقشة !!
-
فشلوا وستذهب ريحهم..
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|