|
قتل المخطوفين
زهير كاظم عبود
الحوار المتمدن-العدد: 1278 - 2005 / 8 / 6 - 09:45
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
أقدمت المجموعات الأرهابية في الفترة الأخيرة على أرتكاب جرائم يندى لها الجبين الأنساني تتجسد في قتل بعض السفراء والعاملين في السفارات العربية تحديداً ، وأستعجلت القتل بعد أن قامت بخطفهم ، في حين انها تعاملت مع دول بعض المخطوفين من رعايا الدول الأوربية ، مما يخطر على البال كون التعامل يجنح الى الجانب المادي الذي تطمح اليه هذه التنظيمات الموبوءة ، والتي لم تجد من الدول العربية والأسلامية تجاوباً في تلبية مطالبها في الكسب غير المشروع عن طريق الخطف والقتل والتهديد . كما أن التبريرات التي اطلقتها هذه المجموعات الأرهابية من خلال بياناتها التي تبثها قناة الجزيرة القطرية التي تسهل لهم أيصال صوتهم بكافة الوسائل الممكنة ، كانت مضحكة وساذجة وتدلل على هزالة العقول التي تقود تلك التنظيمات ، ففي الوقت الذي تزعم انها تدافع عن الدين والقيم والسلفية المتطرفة ، تقوم بالتعامل عبر وسطاء لهم ملامح رجال الدين شكلاً مع دول ومؤسسات أوربية بغية الحصول على مغانم مادية للطرفين الخاطف والوسيط ، في حين انها أعتبرت رعايا دول عربية مسلمة كفاراً ومارقين وطبقت عليهم حد القتل وبالسرعة التي لم يتمكن السماسرة الأتصال بدولهم وأهاليهم لدفع مايستوجب الدفع . حقاً لقد كان موقفاً جديراًبالأهتمام والملاحظة ، فقد اماطت هذه التنظيمات اللثام عن مكنوناتها العقلية واساليبها في التعامل مع الأطراف الدولية ، فقد سبق ان اطلقت سراح أيطاليين وفرنسيين ومن دول أخرى غير عربية ، في حين انها طاردت الرعايا العرب والمسلمين ، مما يدفع بالأعتقاد أندفاع هذه التنظيمات الأرهابية العمل بأتجاه معين واحد في الساحة العراقية التي تعج بالغرائب والعجائب مما ولده النظام الساقط الذي كان يحتضن كل هذا الهجين من العقول التي تقودها عقول مستوردة لم تكن بأحسن من حالها وأحوالها .
ومن الناحية القانونية فقد عالج قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لسنة 1969 جريمة أخذ الرهينة ضمن احكام الباب الثاني من الفصل الاول ، حيث عاقبت المادة 421 منه بالحبس على كل من قبض على شخص او حجزه او حرمه من حريته باية وسيلة كانت بجون امر من سلطة مختصة في غير الاحوال التي تصرح بها القوانين والانظمة بذلك ، ثم شدد النص على العقوبة اذا حصل الفعل بان تزيا الفاعل بزي حكومي او ابرز امرا كاذبا او مزورا واذا صحب الفعل تهديد بالقتل او تعذيب نفسي او بدني او وقع الفعل من شخصين او اكثر او من شخص يحمل سلاحاً ظاهراً ، وأذا زادت مدة الحجز او الحرمان من الحرية على خمسة عشر سنة وأذا كان الغرض من الفعل الكسب أو الأعتداء على عرض المجني عليه او الأنتقام منه او من غيره ، وأذا وقع الفعل على موظف أو مكلف بخدمة عامة اثناء تأديته لوظيفته . وجائت نصوص المواد 422-427 من قانون العقوبات تعالج قضايا الخطف للقاصرين او بأستعمال طرق احتيالية . وهذه الجرائم وأن بدت جديدة على المجتمع العراقي ، اذ كانت قليلة الحدوث في المجتمع العراقي في جميع فتراته ، فأن استفحالها في المجتمع العراقي بالشكل الذي نلمسه يوميا تشكل ظاهرة خطيرة وشائنة وسط مجتمع لم يزل يتمسك بقيم عديدة تتناقض مع الخطف وأخذ الرهائن مهما كانت الأسباب والدوافع . أن هذه الجرائم انتشرت في أوساط البلدان المتخلفة أو المحكومة من قبل الانظمة غير الديمقراطية ، أو من التي تنتشر العصابات المنظمــة فيها تمارس جرائمها بشكل سافر وخطير ، لذا صارت تسبب قلقاً شديداً للمجتمع الدولي ، وارتفع مستوى خطورتها الأجرامية ليصل الى مصاف الاعمال الأرهابية ، لابل أصبحت من الممارسات الأرهابية التي تقدم عليها هذه التجمعات . وظهرت في العراق جرائم خطف النساء والأطفال ، وهي من الجرائم الخسيسة التي يلجأ اليها المجرم في مساومة أهالي الضحايا في أطلاق سراح النساء والأطفال لقاء فدية مالية على الأغلب عالية ، وعند عدم تنفيذ توفير الفدية المالية يقدم الجناة على تعذيب الضحايا ومن ثم الأقدام على القتل والأغتصاب في أغلب الأحيان . أقدمت مجموعات أجرامية على خطف عاملات في لجان حقوق الأنسان وفي منظمات الأغاثة الأنسانية ، ويؤدين دورهن الأنساني في تقديم المساعدة الأنسانية للعراقيات والعراقيين ، وكانت طلبات الخاطفين غير واقعية ولاتتعلق بحياة الضحايا ، وتبريرا لأقدام المجرمين على قتل الضحايا بأساليب تنم عن تدني في الخلق وأنعدام في المشاعر الأنسانية . كما استمرأت مجموعات الأعمال الأرهابية هذه الأفعال وصارت لها أسلوباً متميزاً ، كما أقدمت تنظيمات أخرى على اعمال الخطف لقاء اموال درت عليها أرباحاً كبيرة من دول اوربية لقاء وسطاء باتوا معروفين بسمسرتهم في هذا المجال . وهزت هذه الجرائم اوساط المجتمع العراقي حيث صار الأهالي يخشون على اطفالهم من الخطف والأعتداء الجنسي ، والأهل على بناتهم بعد تكرار عمليات الخطف وألأعتداء الجنسي ، كما صار بعض يخشى من عدم توفر الأمكانيات المادية للمقايضة من ان يفقد احد افراد عائلته ، بالأضافة الى خشية المتمكنين ماديا من أستغلالهم بخطف اولادهم وأبتزازهم . أن نشاط هذه المجموعات الأجرامية بمختلف اشكالها ومظاهرها وبصرف النظر عن الستائر والأغطية التي تتبرقع بها والأسماء التي غالباً ماتشير الى آيات وأسماء دينية ، جميعها تقع في التوصيف القانوني تحت باب جرائم الأرهاب ، ومها كان اسم الجهة وايا كان التبرير فأن هدف الجريمة يرفع من خطورتها الأجرامية الى مستوى الجناية الفتاكة بالمجتمع ، وخصوصاً في فترة عصيبة يمر بها المجتمع العراقي ، مما يوجب أن ترتفع ليس فقط الجهود اللازمة والحازمة لأجتثاث هذه الجرائم من مجتمع مثل المجتمع العراقي ، وأنما ينبغي أن تتظافر الجهود اللازمة للقضاء على مثل هذه الأفعال والقبض على مرتكبيها بعد أن يقرر البرلمان العراقي أن تكون العقوبة المقررة لمثل هذه الأفعال الأعدام أسوزة بكل الجرائم الأرهابية ، وبغية حماية المجتمع وصيانة حقوق الأطفال وأنسجاماً مع الجهود الدولية لوضع حد لهذه الممارسات البعيدة عن الأنسانية ، والساعية الى خراب العراق . عليه فأن الأمر يستوجب أن يتم تعديل النص القانوني في رفع سقف العقوبة الجزائية في المادة 421 فيما يتعلق بفقرة خاصة بأعمال الخطف في ظل الظروف الحالية التي يمر بها المجتمع العراقي الى الأعدام بأعتبارها من أعمال الأرهاب ، كما يكون تعديل عقوبة النص انسجاماً مع قرارات مجلس الامن ذات الصلة والتي تدين كافة اعمال الارهاب ، بما فيها اخذ الرهائن ولاسيما القرار الدولي 1440 / 2002 في 24 تشرين الأول 2002 و القرار 2003/40 في 23 نيسان /2003 . لقد تم ممارسة جريمة اخذ الرهائن تحت شتى الحجج والذرائع ، ومع أن هذه الجرائم وسائل خسيسة للوصول الى نتائج أكثر خسة مهما كانت درجة نجاحها وتأثيرها ، مما دعى المجتمع الدولي الى أن يقف منها موقفا صارماً ومتكاتفاً من أجل مكافحتها . وتعدى الأسلوب في أن يستطيع بعض المجرمين القبض بطرق دنيئة على بعض العاملين من الأجانب الذين حضروا الى العراق بحثا عن العمل وتقديم جهدهم الفني والأختصاصي في مجالات البناء والأعمار ، ليتم خطفهم وحجزهم وأعتبارهم رهائن ، وطلب شروط لاتتعلق بشخصية المخطوف من قبل الخاطفين وتتعلق بسياسة دولهم ، ومن المؤسف ان يتم كل ذلك تحت شعارات واهداف تحاول الأساءة الى الدين الأسلامي ، وجميعنا نعرف ان الدين الأسلامي يتعارض مع هذه الأفعال ، بل ويدين أعمال الخاطفين الأجرامية أيا كان أسمهم وشعارهم . وتوسعت اعمال التنظيمات التي تتخذ من خطف الصحفيين والعاملين في وكالات الأنباء مساراً لها ، واستطاعت بوكلائها أن تتصل بسلطات المخطوفين وتساومهم في مبالغ الفدية ، حيث حصت على مبالغ مالية كبيرة ، مما يتعارض مع التضامن الدولي في أتخاذ كافة التدابير التي تساهم في الحد من هذه الأفعال وتسعى لعدم تنفيذ رغبات الخاطفين المريضة . ومن هنا نستطيع ان نتلمس الحقيقة الواضحة في التناقض المريع في تصرفات ومزاعم الأرهابيين ومجموعات القتل حين يكون شعارها الحقيقي ماتحصل عليه نتيجة هذه الأفعال الأجرامية ، وتتخلى عن زعمها وأدعائها انها تقوم بتطبيق افكارها المتطرفة والمرفوضة من الدين الأسلامي والمجتمع الأنساني قسراً على الناس . أن جريمة خطف الرهائن من الجرائم الماسة بحرية الانسان والتي تحدث خللا خطيراً في المجتمع ، مما يوجب أن يتم توعية المواطن للمساهمة في التصدي لهذه الجريمة الخسيسة ، ومكافحتها بالأبلاغ عن تحرك الجناة ، وأن تتخذ الوسائل والأساليب التي تساهم في القضاء على هذه الظاهرة نهائياً ، وان ترتقي العقوبات الجنائية التي يفرضها قانون العقوبات النافذ الى المستوى الذي يحمي المجتمع العراقي . بالرغم من ان نص المادة 423 رفع مستوى العقوبة الى الأعدام أو السجن المؤبد أذا صحب الخطف وقاع المجني عليها أو الشروع فيه ، وأيضاً اذا افضى الاكراه والتعذيب الى موت المخطوف ، الا اننا نجد ان عملية الخطف في ظل الظروف الأستثنائية التي يمر بها العراق لاتقل خطورة وأجراماً عن تلك الجرائم التي ينبغي التأكيد على عقوبتها الرادعة حماية للمجتمع والأمن والأستقرار . وتجد الظروف المشددة العامة مجالا فاعلا في تطبيقاتها على هذه الجرائم ن بالنظر لباعثها الدنيء ، واستغلال فترة ضعف مؤسسات السلطة والمجني عليع ، بالاضافة الى استعمال طرق وحشية وغالبا مايتم استغلال صفة الجاني ، مما لايجوز للمحكمة ان تلتمس للجناة اي ظرف قضائي مخفف ن وهكذا فان توافر عدة ظروف مشددة يلزم المحكمة ان تقضي بالاعدام بدلا من السجن المؤبد . مارست مجموعات الأجرام عمليات الخطف في الفترة الأخيــرة بالعراق تحت التهديد بالسلاح ، وقامت بتعذيب المخطوفين وأستعملت كل طرق الأحتيال والأكراه ، وجمعت كل نصوص الفقرات التي اوردتها المواد القانونية في افعالها ، غير أن نصاً قانونياً صريحاً يرتقي بالعقوبة الى مستوى هذه الأفعال الخطيرة أنسانيا ، وينسجم مع ماتشير له القرارات الدولية في ضرورة محاربة الأرهاب بكل اشكاله ، يساعد على تنفيذ الأحكام وتطبيق العدالة في ظل الظروف الأسثنائية التي يعيشها العراق . والحقيقة فأن عدة جرائم يتم ارتكابها خلال الأقدام على خطف الرهينة ، منها تقييد حرية الأنسان وحجزه ، والتعدي على حرمته ، والقبض عليه دون اذن قانوني وتحت تهديد السلاح ، او اعتماد اساليب مزورة او غير حقيقية وخادعة في سبيل تسهيل عملية الخطف ، كما يتم ممارسة الأرهاب والتعذيب للمخطوف ، كذلك تصويره بأوضاع مزرية وبثها من قبل قنوات تتعامل مع هذه الظاهرة كما تفعل قناة قطر ( الجزيرة ) وتساهم في ترويع المواطنين وتشيد بالخاطفين تحت مزاعم انهم يمثلون منظمات أسلامية للمساهمة في الأساءة للأسلام ولقيم المجتمع العراقي لأعتبارات مرسومة . أن نمط هذه الجرائم انتشر كالوباء الحديث في العراق ، وظهر بشكل واضح بعد سقوط الطاغية ، بالنظر لتشكيل العصابات التي تتخذ من هذا الأسلوب أحترافاً لها ، مما يقتضي أن تلتفت وزارة الداخلية الى هذا الأمر وتخصيص شعبة خاصة لمكافحة هذا النمط الخطير من الوسائل المتدنية في الاسلوب الجرمي المتبع ، وأن توليها الأجهزة المختصة مكانة تتناسب مع خطورتها ، وأن تعمل جميع المؤسسات البحثية لدراستها وتشخيصها ومحاربتها بالأساليب التي تنظف العراق منها .
#زهير_كاظم_عبود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فارسية الكرد الفيلية
-
هل تكفي ثلاثة دقائق للصمت ؟
-
حرب الأرهاب ضد الأنسانية
-
صدام أخذنا بقانون القوة فلنأخذه وأعوانه بقوة القانون
-
ياسالم البدراني
-
نداء الى الأخوة في الجمعية الوطنية العراقية
-
رسالة الى الوطن
-
فيلق العراق الاعلامي
-
مرثية الى العامل احمد عبد الأمير
-
الأبيض والأسود
-
نريده عراقيا
-
هولير التي لن يتوقف حلمها ابدا
-
في بيتنا أيراني
-
ماذا يريد الأيزيدية من الدستور العراقي الجديد
-
زمن الخفافيش
-
القتل الخطأ .. القتل الغبي
-
فهمي هويدي يحلل من موقع الظالم
-
السنابل العراقية تصير 71 سنبلة
-
مظفر النواب الساكن في ضمير العراق
-
الايزيدية والدستور¨- القسم الأول
المزيد.....
-
في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً
...
-
مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن
...
-
مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة
...
-
ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا
...
-
كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة..
...
-
لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
-
صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا
...
-
العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط
...
-
الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|