أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الرأسماليةُ الحكوميةُ استبدادٌ ديني














المزيد.....


الرأسماليةُ الحكوميةُ استبدادٌ ديني


عبدالله خليفة

الحوار المتمدن-العدد: 4523 - 2014 / 7 / 25 - 09:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



ظهرتْ الأديانُ نتيجة لعجزِ الإنسان عن السيطرة على الوجود، ومهما تطورت قواهُ الإنتاجيةُ فهو يظلُ في هذا الأفق التاريخي المنظور، تابعاً للطبيعة الخارجية والداخلية البشرية.
هذا العجزُ قادهُ إلى اعتماد القوى الغيبية كحافظةٍ لهذا الوجود الناقص، الضعيف في المحيط الهائل الكوني، وقد جعلَ من قواه القرابية، وهي الشكل الأسريّ مرآةً منعكسةً على السماء، فغدتْ القبيلةُ قبيلةً إلهيةً متعددةَ القوى، وفي فترةٍ كانت ثمة أوليةٌ للأم المقدسة ثم ظهرتْ وحدةٌ بين الأبِ والأم، ثم هيمنَ الأبُ في الأسرة البشرية، فظهر الأبُ الإلهي، بين الرحمةِ والقسوةِ، بين العدل والظلم، بين الخير والشر، فأنقسمَ بين الإلهِ والشيطان!
وإذا كان الغربيون التحديثيون في ثورتِهم الرأسمالية الطويلة قد حصلوا على فرصةٍ تاريخية لتكييفِ الدين مع هذه الثورات التحويلية الاقتصادية، فإن الشرقيين لم يحصلوا على مثل هذه الفرصة، فتدرج الغربيون من تكوينِ مذاهب الإصلاح إلى التنوير ومن ثم العلمانية السياسية الديمقراطية، مكيفين المسيحية وخاصة على أثواب النمو الرأسمالي المتعدد المستويات الإنتاجية والثقافات القومية الغربية.
الشرقيون غدتْ لديهم لمحةٌ من لمحاتِ الفكر النهضوي التنويري في القرن التاسع عشر، حيث بدأ ظهورُ فئاتٍ وسطى حرة، لكن عاصفةَ الاستعمار من جهةٍ وعاصفةَ التحررِ القومي من جهةٍ أخرى، لعبتا دورَ التعجيل السياسي الفكري، الإجهاضي للتطور الغربي المتدرج ذاك، فتوجهت بعضُ الأممِ الكبرى الشرقية نحو الإلحاد ونحو الاشتراكية، وكان هذا مظهر التجلي لرأسماليةِ دولٍ سريعة النمو الاقتصادي وشمولية التحكم.
كان التصورُ بأنه يمكنُ القضاء على الملكيةِ الخاصة لوسائل الإنتاج وتصفية التناقضات الاجتماعية البشرية وبالتالي القضاء كذلك على الأديان. لكن تشكيل الرأسماليات الحكومية الشرقية كان استمرارًا للاستغلال، كما أن مناكفتَهُ للتطورِ الغربي جعله لا يشكل فتراتِ نهضةٍ ديمقراطية وتنوير وعلمانية، فكان الإلحاد مظهراً لدكتاتورية الدولة، وتحولها إلى إلهٍ، فظهرتْ رموزُ القادةِ على هيئاتِ آلهةٍ وأنبياء ومرسلين معبودين، استمرارًا للتطور الشرقي الشمولي السائدِ عبر العصور، من أجل التحكم في هذه العامة المغتربةِ عن نتاجِ عملها وعن التحكم في سلطاتها التي تقول إنها تعبر عنها، لكنها أقصتْ أدوات الديمقراطية الفاضحة لها.
وكما أن رأسماليات الدول الشرقية أخذتْ تعودُ إلى الأشكالِ الاستغلالية القديمة، كذلك فإن الآباءَ الاشتراكيين تلاشوا، وعادَ الآباءُ القدامى للمؤمنين. ولأن عمليات الاستغلال الجديدة يمكن تمويهها عبر الأشكالِ التقليدية من الأديان بشكلٍ أكبر، كذلك فإن حشودَ المؤمنين الكثيرة يمكن أن تشكلَ قوى ادخارية مفيدة لرأسمالٍ اجتماعي متكلس.
في الصين التي نحتْ الأديانَ من الحياة الاجتماعية بشكلٍ واسع، لم تحتج إلى تحولاتٍ دراماتيكية في العبادات، مثلَ الهند التي كانت التعددياتُ الهنديةُ تاريخيةً لديها، وواصلتْ اليابان تنحيةَ البوذية التي كانت علمانية تاريخية قديمة، وفي حياة المسلمين فإنهم واصلوا مأزقَهم التاريخي في عدم القدرة على تطوير رأسماليات الدول تطويراً تثويرياً صناعياً ديمقراطياً.
هذا على المستوى الديني أدى إلى تفاقم ظاهرة المذهبيات المتصارعة، وهي تعبيرٌ عن عجزِ الأدواتِ الحكومية التنموية عن تسريع قوى الإنتاج البشرية والمادية، وعن توحيد الأقسام البشرية الجغرافية وتوحيد نهوض الرجال والنساء معاً. إن غيابَ التوحيد الديمقراطي على المستوى الاقتصادي هو غيابُ التوحيد على المستوى الديني.
اعتمدت أغلبيةُ الدولِ الإسلامية على رأسمالية الدولة كنظامٍ مهيمن، وهذا ماثل عبر الشكل الفكري، بسيادةِ المذاهبِ السنية المحافظة، ونظراً لتدهور هذه الرأسماليات وغياب الرقابة الشعبية والديمقراطية، فقد برزتْ المذهبياتُ المضادة، بشكلِ الإماميات المتعددة، وعبر نموذج القاعدة، تعبيراً عن تمردِ الأريافِ والبوادي، التي بعثتْ الأشكالَ الفكرية المحافظة والمناطقية، احتجاجا على غياب التخطيط والمركزية غير العادلة في توزيع الثروات.
بتطوير هذه الرأسماليات الحكومية بالديمقراطية وبالنمو الواسع للقطاعات الخاصة الحرة، وبخلقِ أشكالٍ من التعاون الوطني بينها، وبتنمية لأحوال الأغلبيات الشعبية وقوى الإنتاج العربية الإسلامية المستقلة، يمكن أن يحدث نمو مشترك للمذهبية السائدة وللمذاهب المختلفة باتجاه التحديث، وعبر العلمانية المتدرجة خاصة، للخروج من الدائرة المغلقة.



#عبدالله_خليفة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النساءُ والسياحةُ
- السياحة بابٌ مهمٌ للعيش والتقدم
- ضرورة الطليعة الوطنية التقدمية
- مسؤول إعلامي متفتح
- سوريا العواصف والمذابح (3)
- سوريا العواصف والمذابح ( 2)
- سوريا العواصف والمذابح (1)
- أي رقابة هذه؟!
- الجيتوات والمذبحة
- أهو اقتصاد حر أم موجه؟
- تحويل الثقافة إلى خرافة
- فوضى كارثية
- العلمانية كخطٍ سياسي حاسم
- مشروعُ الدولة الوطنية العلمانية
- جذورُ الكتابة الفارغة
- الناقد ذو الرأسِ الفارغ!
- حاوي ومناضل عالمي!
- معارك كبرى لقوى التخلف
- عسكر شمولي
- مثقفو الأكاذيب والتزوير


المزيد.....




- استعانوا بطائرات هليكوبتر.. كاميرا تُظهر إنقاذ مئات المتزلجي ...
- عبدالملك الحوثي: لن نتوقف عن مهاجمة إسرائيل مهما كانت الضغوط ...
- ضابط شرطة يطلق النار على كلب عائلة ويقتله.. وخلل فني في كامي ...
- تحطمت فور ارتطامها بالأرض واشتعلت.. كيف نجا بعض ركاب الطائرة ...
- إعلام حوثي: إسرائيل قصفت مواقع في صنعاء والحديدة.. ولا تعليق ...
- رويترز عن مصادر: نظام الدفاع الجوي الروسي هو الذي أسقط الطائ ...
- إعلام عبري يكشف تفاصيل جديدة عن تفجيرات إسرائيل لـ-بيجرات- ح ...
- نائب أوكراني: زيلينسكي فقد ثقة الشعب والقوات في بلاده
- مقتل العشرات ونجاة آخرين إثر تحطم طائرة ركاب في كازاخستان
- قوات -أحمد- الروسية: الجيش الأوكراني يتحصن عند أطراف مقاطعة ...


المزيد.....

- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله خليفة - الرأسماليةُ الحكوميةُ استبدادٌ ديني