أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الربضي - وباء السلفية التكفيرية و ضرورة الاستئصال.















المزيد.....

وباء السلفية التكفيرية و ضرورة الاستئصال.


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4520 - 2014 / 7 / 22 - 13:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وباء السلفية التكفيرية و ضرورة الاستئصال.

لا يعرف التاريخ الحديث وحشية ً مثل ممارسات السلفية التكفيرية، فهي تتجاوز بأذاها و شرها كل ما يمكن أن يتصوره عقل أو يقبله منطق حربي، و تُعتبر جرائم منتسبيها من أبشع ما يمكن أن تقترفه أيدي البشر، جامعة ً في نفسها مجموعة متنوعة من بشاعات العنصرية و الطائفية و التطهيرين العرقي و الديني و اللصوصية و الاغتصاب الجنسي و الديكتاتورية الفكرية و التوتاليتارية الدينية الفاشية و الرجعية و معاداة الحضارة و مصادرة الحق الإنساني و التعصب و كراهية الحياة و استعداء الفرح و العشق المريض للموت باتخاذه هدفا ً و لذة ً نكروفيلية و الانفصال عن الواقع و الإغراق في الوهم و الخرافة و هذيانات أيدولوجيات نهاية العالم و قصر النظر الاستراتيجي و ضحالة في التعامل مع مشاكل الحياة و فروض الواقع و تسطيحا ً للحلول و الانتكاس نحو بربرية و همجية لفظهما العالم المتحضر منذ قرون.

من الخطأ محاولة تفسير أنماط السلوك العدائي السلفي كرد فعل دفاعي على اضطهاد ديني أو عرقي تعرض له منتسبوها أو نتيجة الفقر و الظلم السياسي و التهميش الاجتماعي و الصدمة الحضارية عند الانتقال من بيئات ريفية و بدوية محافظة إلى مجتمع مدني منفتح، فهذا التفسير يصلح كدافع وراء الانخراط في المنظومة تطلبُه رؤية دينية متشددة، لكنه لا يعبر عن بنية جذر الممارسة لدى السلفي، لأن هذه الأنماط السلوكية تتطلب تركيبا ً نفسيا ً مستعدا ً لارتكاب هذه الفظاعات و استدامتها و ابتداع أنماط ٍ جديدة دون مراجعة ذاتية بل و بتكريس ٍ كامل ٍ و انغماس ٍ مُغرق في جوهر ٍ عدائي متشدد مشوه إنسانيا ً و مريض.

يكمن خطر السلفية التكفيرية في المنهج الذي تربي عليه أجيالها، و الذي يتبنى ثقافة ً تفسر ممارساتها و تستديمها و تنقلها إلى الأجيال المتتابعة لتشوه إدراكها و تفسد إنسانيتها و تضمن بقاءها و انتشارها، فيمتد ُ تأثيرها و يستمر ليقتل أجيالا ً شابة ً تصعد و أخرى لم تولد، زارعة ً فكر العشق النكروفيلي لإنهاء الحياة و استعدائها، لتعيد تشكيل هوية المجتمع و تغير نظرته للحياة و تخلق من أجياله القادمة أعداء ً للحضارة و الناس و تصطدم َ بكل تأكيد مع قيم العالم المتحضر، معتمدة ً على فكر ٍ غيبي خرافي لا يعترف ُ بالواقع و الظروف و ديناميكية الحياة و حاجات المجتمعات.

لا يمكن مقارنة الإجرام السلفي بإجرام الدول المتحضرة، فعلى الرغم من أن هذه الدول اقترفت و تستمر ُ في اقتراف ِ بشاعات ٍ مُقزِّزة و آثمة و مُدانة بحق أعدائها بإلقاء القنابل و إسقاط المتفجرات إلا أن هذه الإجرام يعرف ُ حدودا ً و يخدم ُ أهدافا ً اقتصادية ً و حضارية ً بعيدة َ المدى، و لا يجب أن يُفهم هنا أنني أؤيده أو أقبله، فعلى العكس أقف ُ ضده و أدينه، لكنني هنا واصف ٌ لخصائصه و تأثيره المحدود و الذي لا يملك ُ ذات عمق ِ التهديد السلفي و لا نوعيته، فالإجرام الدولي ما زال مضبوطاً بإيقاع القانون و حدوده و يمكن محاسبة المتسببين فيه و إدانتهم و اتخاذ إجراءات مستقبلية تحد منه و تقلل من إمكانات ِ حدوثه، كما أن الثقافة َ العالمية للدول المتحضرة هي ذاتها التي تحاربه و تدينه و تزرع في عقول شعوبها حب الحياة و الرغبة في بناء الحضارة و التقارب مع الشعوب الأخرى و تشجع الحرية الفكرية، و تضمن ُالحريات المجتمعية و الدينية و تتخذ من مبادئ الليبرالية و العلمانية شعارات ٍ و أدوات ٍ لبناء الدول و الارتقاء في الإنسان.

الإجرام الدولي و إرهابه مظهرانِ لم تخلو منهما أي حضارة ماضية و لن تخلو منهما أي حضارة مستقبلية، لكنه لا يرتد نحو مواطني دولها و لا يهدم بنية مجتمعاتها و لا يشوه الإدراك الفردي بصورة ٍ تجعله ينقلب إلى وحش ٍ يعيث فسادا ً في الدولة و يستعدي المواطنين و يستأصل المخالفين، و يبقى أثره محصورا ً بالدولة التي يتم الاعتداء عليها، و هنا تتفعل ُ قوانين ُ الحروب ِ بين الدول و تدخل منظمات ُ الأمم المتحدة و التحالفاتُ الإقليمية ُ و الاقتصادية ُ إلى ساحة ِ التأثير و فضاء الحلول ليتم احتواء الأذى الدولي و تقيم أضراره و تعويض المتضرر، و تحجيم الإرادة و القدرة المستقبلية للمعتدي لمنع أو تقليل تكرار مثل هذه الإدعاءات. و في كل الحالات لا تتأذى الثقافة الإنسانية المتحضرة و لا تتهدم البنية النفسية السليمة للأجيال القادمة من البشر، لأن الثقافة َ الجمعية البيوفيلية التوجه و العاشقة للحياة و المريدة لها و المساهمة في استدامة الحضارة و الارتقاء بها مصونة بقوة الإجماع الدولي و الحضاري.

أما في الحالة ِ السلفية فنحن ُ أمام منهج ِ مجاميع بشرية تحكمها بوهيمية دينية تستعدي القيم الإنسانية بشكل ٍ مباشر و تريد تدمير الإجماع الإنساني على المشتركات التوجهية للبشر، هذه المشتركات التي تتمثل بالرغبة في الحياة بحسب الإمكانيات و الاحتماليات المتاحة، و السعي نحو تحقيق السعادة و الفرح و الارتقاء بالمستوى النفسي و الصعيد الشخصي ضمن منظومات اجتماعية متنوعة تعترف للفرد بحقه في الوجود و الاختلاف و التميز و التعبير عن النفس و الإبداع، هذا المنهج الذي سيؤدي في النهاية إلى نضوب النضارة ِ في شريان ِ الحياة المجتمعي و جفاف ِ الدافع الحياتي و تحويل الناس إلى أشباح َ متماثلة في الصبغة، ثم توريث هذه الصبغة للأجيال القادمة التي تنشأ ميتة ً منذ ولادتها لا تعرف معنى الحياة لأنها لن تتعلمه من أجيال َ سابقة و لن يسمح لها باكتشافه و ستتم برمجة عقولها على عشق الموت و استعداء الآخر و السعي نحو إنهائه مدفوعة ً بأوهام الاستعلاء الزائف و أحقاد الرؤية الدونية للمختلف.

إن الخطر السلفي يمثل ُ تهديدا ً استراتيجيا ً بعيد المدى ينبغي أن يتصدر الرؤية الدراسية التحليلية لمنتسبيه و قادته و جوهره، و الذي على أساسه تُوضع الحلول للتصدي لخطره و تحيده و استئصال شأفتِه و حرق جذره و محاربة منتسبيه و إعادة تأهيل من يستجيبون منهم ممن بقي لديهم حسٌّ إنساني قابل ٌ للتعامل معه و يمكن التأثير عليه، بينما يُقاتَل ُ من يحمل السلاح َ منهم و لا يستفيد من أي عذر مخفف أو ظروف ٍ استثنائية لتكون الرسالة قوية ً و واضحة ً في عقول الأجيال برفض هذه الجماعات رفضا ً تاما ً و كاملا ً و قاطعا ً.

تقع على الدولة المُبتلاة بالمجاميع السلفية مسؤوليات ُ أكثر من سواها، لكنها تستطيع ُ أن تنجح َ في هذه الحرب بواسطة تبنِّي سياسات ٍ اقتصادية ٍ ترفع من المستوى المعيشي للأفراد و تقلل من نسب الفقر و البطالة، و أخرى تضمن المشاركة السياسية لجميع أطياف المجتمع و التمثيل العادل للمناطق الجغرافية و كينونات الهوية الوطنية، لتحقيق توازُن ٍ في تلبية الاحتياجات الإنسانية يقطع الطريق أمام تجنيد ِ الطاقات الشبابية في المجاميع السلفية، و يحرمها من مصدرها الأساسي الذي تحتاجه.

تقوم ُ المجتمعات ُ الحديثة على أُسس العلم و الثقافة المنفتحة و الفكر النقدي و الإنتاج، و ينبغي على الدول المُبتلاة بالوباء السلفي ذاتي التدمير أن تتبنى هذه الأسس لتعكس َ مناهجُ التدريس في المدارس و الجامعات الأسس و القيم السابقة، مع إبراز و إعلاء المواطنة كجامع ٍ رئيسي و أعلى للمواطنين يضمن مساواتهم أمام القانون و أمام بعضهم، مع تشجيع الاعتدال الديني و اتخاذ الإجراءات التي تنزع ُ في النهاية أي سلطة موازية لسلطة الدولة من أي كيان ديني فردي أو حزبي، نحو علمانية ٍ تفصل الدين عن الدولة و تعيد سادن الدين إلى معبده، ليعبد ربه، و يستقبل من يريد ان يعبد ربه، و يتحدث فقط عن ربه، و يدع للدولة ما للدولة و لرب السادن ما لرب السادن، فيسلم العابد ُ و تسلم الدولة من حماقة السادن، و يسلم هو من نفسه، و تسلم منه الحضارة و الإنسان.



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزة - 3 – أربعة أطفال و قذيفة.
- في الموت – قراءة أولى كأحد وجهي الوجود.
- غزة – 2 – إستمرار جرائم الحرب الإسرائيلية و ردود الفعل الشعب ...
- غزة – وضاعة استباحة الحياة و ازدواجية الاعتراف بالحق الإنسان ...
- قراءة في اللادينية – الإلحاد كحركة دينية مُجدِّدة.
- من سفر الدين الجديد – الفصل الأول - آمر لي مارهو
- قراءة في جدلية ما بين المنظومة الدينية و الواقع– المعجزات و ...
- في نفي دونية المرأة – 4 – الانسجام الجيني الأنثوي مع حاجة حف ...
- من سفر الله – 3 – في جدلية تنافر الطبيعة البشرية مع التكليف ...
- قراءة في مشهد– من وحي محاضرة في علم الفلك و الفضاء – الممارس ...
- من سفر الله – 2 – في الدين و الإلحاد – تمظهرات العداء و الاج ...
- بوح ٌ في جدليات – 4 – امتداد الوعي الكوني، فرضية.
- قراءة في الوحشية – 2 – منهج الذبح عند السلفية الجهادية نموذج ...
- بوحٌ في جدليات – 3 – حين أنطلق
- قراءة في ظاهرة التنمُّر المدرسي – مريم المغربية و وليم الأرد ...
- قراءة في الإنسان – 4 – في الصواب السياسي و توظيفه لخدمة الإب ...
- البابا فرنسيس في عمان – انطباعات
- بوح ٌ في جدليات - 2 - عين ٌ على مستحيل ٍ مُمكن ٍ مستتر
- هل سنبقى ندور ُ في حلقة؟
- بوح ٌ في جدليات


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نضال الربضي - وباء السلفية التكفيرية و ضرورة الاستئصال.