أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - الكاتبة رفيقة العمر «٣»














المزيد.....

الكاتبة رفيقة العمر «٣»


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 4519 - 2014 / 7 / 21 - 00:40
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
    


اتسعت عيناى بالدهشة وسألتها: لم تلتق به إلا بعد أن تجاوزت الستين؟ وماذا فعلت فى الستين عاما الماضية؟ وكم سنة مضت على هذا اللقاء التاريخى بفتى أحلامك؟ ضحكت وهى تملأ صدرها بهواء الصبح شاخصة إلى الخط الفاصل فى الأفق بين البحر والشمس، وقالت:



- لا أعدّ عمرى بالأرقام والجمع والطرح، كما اكتشفت أنه ليس هو.



ومتى التقيت بالـ«هو» السعيد الحظ ؟



- الآن هنا على الشاطئ.



أنت امرأه غير معقولة!



- أنا لست امرأة.



أنت رجل.. غير معقول؟



- أنا كاتبة، لا رجل ولا امرأة، حسب التصنيف الزائل الأزلى.



هل أنت عصية على التصنيف؟



- نعم يا حمارة.



حين تقول «يا حمارة» أعرف أنها تشعر بالسعادة حين تقارن عقلها الأعلى بعقلى الأدنى، ومزاجها يكون رائقا لحظة الوقوع فى الحب، مثل زرقة السماء الصافية قبل زحف السحب، ومياه البحر الأبيض المقطرة قبل هوجة الأمواج، وأشعة الشمس الشفافة النقية قبل غزو جيوش الأدخنة وتحرش الأتربة وذرات الزفت والقطران.



كان السبت ١٩ يوليو ٢٠١٤، وهى ترشف قهوة الصباح، تتشمم باستمتاع شديد نكهة البن البرازيلى المحوج بالحبهان، تزيد لذة التذوق عندها مع حالة الحب الجديد والانسجام مع الكون أو القدر، هذا الذى تكنّ له العداء منذ ولدتها أمها، وأنا أجلس غير بعيدة عنها، أمامى صور القتلى بالصحف على المنضدة تحت الشمسية، من فوقها قطعة من الصخر انتزعتها من بين الرمال عند الحد الفاصل بين المياه والأرض، كاد الهواء مع رذاذ البحر يقذف الصحف (ومعها صور القتلى) فى الفضاء اللانهائى، لولا قطعة الصخر الصغيرة، بيضاء ناعمة كالرمال، وكنت أنتفض غضبا من الصحف والصحفيين ومن صور القتلى والمقتولين، كأنما لم أشهد من قبل صورهم، القتلى بالدبابات، بالقنابل، بالرصاص بالرشاشات، بالقبضات القوية وكعوب البنادق والأحذية الذكورية، تقول وكالات الأنباء إن نصف القتلى من النساء والأطفال من الفقراء والمهاجرين واللاجئين وساكنى القبور والخيام والعشوائيات.



ترتفع ذراعى الطويلة النحيلة إلى السماء لأضربها بقبضتى وأقول:



- أين العدل يا أنتِ؟



مجرمو الحرب والسلم يعيشون فى أمان ويحصدون الغنائم والأرباح، ويموت الأبرياء وتدمر بيوتهم، أين العدل يا ستنا الطاهرة؟



تتسع عيناها العسليتان بدهشة، تكتسبان زرقة البحر فى ضوء الشمس، وتبتسم فى هدوء الفلاسفة وتقول: أما زلت طفلة فى السابعة بعد تجاوزك السبعين من العمر؟ ألم تعلمك الحياة أنها لا تعرف العدل؟ التاريخ يا أستاذة، التاريخ لا يعرف إلا قوة العقل الذى يخترع الأفكار الجديدة وأقوى الأسلحة المطلوبة لمواجهة قسوة الحياة وغلظتها وظلمها وشهوتها اللا نهائية لقتل الضعفاء والأغبياء والعزل من السلاح. النساء ذوات الأسلحة الحديثة (غير الكحل والمساحيق والرموش وجراحات التجميل) أنجيلا ميركل وهيلارى كلينتون وميشيل أوباما، هؤلاء النسوة لا يمتن فى الحرب أو فى السلم، بل يقتلن الآخرين بدم ذكورى أنثوى بارد صلب، ولماذا تدمنين النظر فى الصحف كل يوم مثل مدمنى الهيروين والماكسيتون؟ وتحرمين نفسك من الصباح الجميل وهواء البحر الأبيض المملح مع نكهة البن البرازيلى المحوج؟ حتى بن القهوة لم نكتشفه بعقولنا ولم نصنعه بأيدينا، بل تصنعه بلاد تبعد عنا عشرات الآلاف من الأميال، تفصلها عنا محيطات وبحار وجبال، وتشحنه إلينا لنشرب قهوة الصباح!



أخذت رشفة طويلة من قهوتها مع شهيق عميق من هواء البحر الذائب فى أشعة الصبح، وسألتنى: ماذا أنتج عقلك العام الماضى من إبداع؟ هل وقعت فى الحب أو الكره؟ هل اخترعت جهازا مضادا للطائرات الأمريكية أو الدبابات الإسرائيلية أو على الأقل فيروساتهم الكيماوية؟ هل اكتشفت دواء لسرطان الدم أو تليف الكبد أو على الأقل هشاشة العظام؟



كانت تقضى الصيف بقرية على الشاطئ عند أقصى الحدود الغربية الصحراوية، دعتنى لزيارتها لتحكى قصة حبها الجديد.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكاتبة رفيقة العمر «2»
- ثقافة التفرقة وجذور الإرهاب
- الحب والصداقة والصفاقة
- تزييف الوعى والثورات الشعبية
- سؤال إلى وزير الصحة والنائب العام: هل تكون للدولة هيبة دون ت ...
- ما يختفي وراء جرائم الاغتصاب
- المرأة ونقد الفكر الرأسمالى
- انطق اسم أمك عالياً بكل فخر
- قضية النساء وتفاقم اللامساواة
- الأصوات التى ليس لها صوت
- قُصت أجنحتنا لكننا لازلنا نطير
- لا يقول الحقيقة إلا الخيال
- رجل الشارع والإنسان العادى
- رحلة لحلوان الثانوية للبنات
- رسالة أحمد دومة المنشورة
- النساء والبيئة وتوحش الحقيقة
- المعارضة الشرعية ونخب الميتافيزيقيا
- عبودية القرن الواحد والعشرين
- لن يغلبه زمن
- كافكا وأورويل وزويل وقانون الغابة


المزيد.....




- جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
- رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر … ...
- دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
- السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و ...
- دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف ...
- كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني ...
- قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش ...
- تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
- -مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
- اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو ...


المزيد.....

- الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات / ريتا فرج
- واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء / ابراهيم محمد جبريل
- الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات / بربارة أيرينريش
- المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي / ابراهيم محمد جبريل
- بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية / حنان سالم
- قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق / بلسم مصطفى
- مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية / رابطة المرأة العراقية
- اضطهاد النساء مقاربة نقدية / رضا الظاهر
- تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل ... / رابطة المرأة العراقية
- وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن ... / أنس رحيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات - نوال السعداوي - الكاتبة رفيقة العمر «٣»