|
الكيان الصلّعمي السعودي
علي الخليفي
الحوار المتمدن-العدد: 4518 - 2014 / 7 / 20 - 09:20
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الكل يتحدث عن الخطر الصهيوني والخطر الصفوي على دول هذه المنطقة ، ولكن لا أحد يتحدث عن المصدر الحقيقي للخطر على دول هذه المنطقة، والذي يمثله كيان "صلعم" السعودي ، والذي يُريد أن يصيغ دستور هذه المنطقة ، بل دستور العالم كله وفق تعاليم فتاهم صلعم ، تلك التعاليم التي أسست بالأمس لقيام أكبر إمبراطورية للبدو عرفها العالم ، تلك الإمبراطورية التي كانت الأحقاد والعداوات التي زرعتها ضد الآخر ممن إحتلت أوطانهم ، هي السبب الرئيسي في ظهور ما يسمى بالصهيونية والصفوية.
السؤال الذي كان مطروحاً دائماً هو هل الغرب بالفعل أخطأ الهدف عندما أرسل جحافله إلى كابل ومن بعدها إلى بغداد بحجة القضاء على الإرهاب الذي يتهدده في مهده ؟ .
لقد كانت خطة الغرب تقوم على نقل ساحة المعركة على الإرهاب من بلاده إلى البلاد التي تُصدر ذلك الإرهاب وتؤسس له ، فهل كانت كابل أو بغداد بالفعل هي مصدر ذلك الإرهاب ومُصدره للعالم.
الأحداث التي تلاحقت منذ قيام ما يسمى بربيع العرب كشفت على كثير من الخبايا ، وجعلت ذاك السؤال يُصبح أكثر إلحاحاً يوماً بعد يوم ، وجعل أيضاً القول بأن الغرب قد أخطأ في تحديد هدفه قول يفقد ما يدعمه من الحُجج ، مقابل قول آخر قائم على نظرية المؤامرة يقول بأن الغرب تعمد أن يَحيد عن هدفه .
لقد إنطلقت الحملة العسكريه الغربية على بغداد من أرض الصلاعمة المُقدسة ، وتم إسقاط بغداد ، وتجريف أساسات الدولة ، وجعلها ساحة مفتوحة لدعاة دولة صلعم وتجار الدين فيها ، ليحقنوا شبابها بتعاليمهم الصلعمية والتي نراها اليوم تؤتي أُكلها بقيام الخلافة الداعشية .
لو أن ما فعله الغرب في بغداد كان خطأً ، لرأينا الغرب يستفيد من ذلك الخطأ ويعتبر منه ، ولكن أحداث ما يسمى بالربيع العربي كشفت أن الغرب يكرر ذلك الخطأ مع سبق الإصرار والتعمد . فها نحن نراه يتحالف مع الكيانات الصلعمية في السعودية وقطر والإمارات في إسقاط دمشق ومن قبل إسقاط طرابلس الغرب وتونس ، ومحاولاتهم المُتكررة لإسقاط القاهرة ، فما الذي يسعى له الغرب من وراء تمكين الكيانا الصلعمية في المنطقة ، مع علمه بأن هذه الكيانا هي مصدر كل الأوبئة المُقدسة التي أنتجت الإرهابيين الإسلامجية من أمثال بن لادن والظواهري والبغدادي ، وهي أيضاً التي أنتجت الإرهابين القومجية ، من أمثال صدام والقذافي والأسد وغيرهم ، فهؤلاء جميعُهم كانو نتاج طبيعي لتعاليم الصلعمة القائمة على أسلمة وعربنة دول هذه المنطقة .
لو كان الغرب جاد في إخراج هذه المنطقة من درك التخلف التي ترزح فيه ، ذلك التخلف الذي كان هو العلة في تحول هذه المنطقة إلى مِفرخة تُفرخ حجافل الإرهابيين ، لجعل هدف حملته ضد الإرهاب هو الكيان الصلعمي المُقدس القائم في صحراء نجد والحجاز ، وكل ما تفرخ عنه من مشيخات وإمارات الخليج الفارسي.
لنا أن نتخيل لو أن تلك الجحافل الغربية التي تحشدت في في صحراء كيان صلعم موجهة فوهات مدافعها نحو بغداد ، لنا أن نتخيل النتائج المذهلة التي كانت ستحققها تلك الحملة لو أنها إستدارت للخلف ، ووجهة بنادقها ومدافعها نحو أسس ودعائم تلك الدولة الصلعمية القبيحة ، لنا أن نتخيل حال هذه المنطقة ودولها لو تم إسقاط كيان آل سعود ، وإقامة دولة مدنية محلها ، وعزل تلك المنطقة التي تحوي كُومة الحجارة المُقدسة التي يتاجرون بها ، عزلها في مقاطعة مُستقلة ، بحيث تُمنع من ممارسة أي نشاط سياسي ،ليكون وضعها كوضع مقاطعة الفاتيكان المسيحية .
لو حدث هذا لكان العالم الآن وبالتاكيد مكان أفضل لحياة الإنسان ، ولما إحتاجت دول الغرب لتصبب حممها على بغداد ودمشق وطرابلس لإسقاط طواغيتها ، فأولئك الطواغيت كانو سيتساقطون لوحدهم بسقوط المنبع والمصدر الذي يُغدي ويُمون الطغيان والإستبداد .
لم أكن في يوم من الأيام ممن يؤمنون بنظرية المؤامرة ، بل كنت دائما أراها كجزأ من التعاليم الصلعمية القائمة على القول المتوارث الذي يحذر أتباع تعاليم البداوة من تداعي الأمم عليهم كتداعي الآكلة على قصعتها . ما أؤمن به هو أن الغرب قد صنف هذه المنطقة كمنطقة موبؤبة وميؤس منها منذ زمن بعيد ، لأن الغرب يُدرك تماماً وإن لم يُفصح عن ذلك ، يُدرك أن العِلل التي تُعاني منها تلك المنطقة هي عِلل عقائدية تكمن في ثقافة ذات مرجعية دينية تقوم على تبخيس الحياة ، والحقد على الأحياء ، والثقافات القائمة على أسس عقدية يستحيل معالجتها أو تصوبيها ، ولا حلَّ لها سوى إجتثاتها من عروقها وحرقها ، فهل يُخطط الغرب لذلك ؟
ما نراه اليوم من إطلاق ليد الكيانات الصلعمية في المنطقة ، والسكوت عن دعمها للإرهاب الذي يحاربه الغرب ، وما نراه أيضاً من لين في التعاطي مع قيام إمارات إرهابية ككيانات مُستقلة ، ومحاولات تعطيل قيام حكومات تواجه هذه الكيانات ، كما يحدث في العراق اليوم وفي طرابلس الغرب ، كل هذا يُظهر لنا الغرب كمُبارك لقيام تلك الكيانات الداعشية الإرهابية ، بل وساعي لتمددها وإنتشارها ، وهو يعلم بأن تمددها ذاك سيشمل كل الكيانات الصلعمية في صحراء بدو قريش ومشيخات الخليج الفارسي في يوم قريب ، مما سينتج قيام تلك الدولة الداعشية الإرهابية في كل المنطقة تحت مُسمى خلافة ، خلافة ستتمكن من وضع يدها على كل ترسانات الأسلحة الفتاكة التي تُخزنها دول هذه المنطقة ، والسيطرة على الموارد النفطية ، مما سيحولها إلى دولة قوية قادرة على إستهداف الغرب في عُقر داره ، مما سيجعلها تشكل خطر حقيقي على كل سكان هذه الأرض ، ومما يقتضي إصطفاف كل سكان هذه الأرض صفاً واحداً في مواجهة هذا الخطر ، وهو ما سيكرر ما حدث مع النازية والفاشية من قبل.
بذلك تحدث المواجهة النهائية بين الكفر والإيمان ، أي بين الخلافة التي تدعي الإيمان بطوطم غيبي يسمى الله والكفر بالإنسان ، وبين الدول المؤمنة بالإنسان والكافرة بالطواطم الغيبية التي لا أحد متيقين من وجودها من عدمه .
سيتآلب العالم بأسره على تلك الخلافة النازية ، وسيسقطها ، وسيجعل من التعاليم الصلعمية التي أقامت عليها أسسها تعاليم مُجرمة ومُحرمة ، شأنها شأن تعاليم النازية والفاشية .
لو قُدر لهذا السيناريو أن يكون له جانب من الواقعية ، فنحن ولاشك على وشك بلوغ مرحلة مهمة في تاريخ هذه المنطقة ، مرحلة يتم فيها القضاء المُبرم والنهائي على تعاليم البداوة ، وإلغاء أي إحتمال لقيام دولة للبدو في هذا العالم .
إذا ما حدث هذا فجيلنا موعود بأن يكون الشاهد على نهاية هذه الأربعة عشر قرن العِجاف ، وأن يعيش شيخوخة مُريحة في أوطان يراها تضع قدمها على الطريق الصحيح نحو التأنسن والإلتحاق بركب الحضارة .
#علي_الخليفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا يكرهون إسرائيل ؟
-
بطالة العقول ~ عقول عاطلة عن العمل
-
خِلافة داعش الراشدة
-
مفاهيم مشوهة ~ القرامطة
-
صُرَّةُ الميراث
-
لِتَسْقُط مملكة الكورونا
-
مفاهيم مُشوهة ~ الخوارج
-
الفهم الخاطئ للإسلام
-
العَورة لا تُنجِب إلا أعور
-
مريم يحيى تتحدى بجيدها الجميل قُبح إلهكم
-
العسكرجية شرٌّ لابد منه
-
Turd sandwich ~ سندويتش الغائط
-
بين النعل والبيادة
-
نُصوص بدوية ~ الإله الماكر والحياة الضنكا
-
نُصوص بدويه ~ شجرة المعرفة المُحرمة
-
نصوص بدوية ~ البركة المسروقة والمُغتصبة
-
البداوة والمواطنة _ 3
-
البداوة والمواطنة _ 2
-
البداوة والمواطنة
-
الفتاوى المُقرفة قد تهديك السبيل
المزيد.....
-
حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق
...
-
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
...
-
لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م
...
-
فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب
...
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
-
المغرب: إحباط مخطط إرهابي لتنظيم -الدولة الإسلامية- استهدف -
...
-
حركة الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة في الميدان اعطى دفعا قو
...
-
الجهاد الاسلامي: استشهاد القادة بالميدان اجبر العدو على التر
...
-
أختري للعالم: هدف الصهاينة والأميركان إقصاء المقاومة الإسلام
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|