أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناجح شاهين - غزة وشلال الدم واحتفالات التوجيهي















المزيد.....

غزة وشلال الدم واحتفالات التوجيهي


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 4514 - 2014 / 7 / 16 - 15:49
المحور: القضية الفلسطينية
    




لا أرغب البتة في ممارسة هواية التحليل الشائعة هذه الأيام في فلسطين والعالم العربي. فهذه أصبحت طرفة محزنة لكل من عنده حس بالضمير أو شيء من العقل. تعرفون أن وزيرة خارجية الولايات المتحدة السابقة كونداليزارايس السمراء المشهورة باحتقارها للعرب، كانت تجيب على الأسئلة بشرح موقف الولايات المتحدة، أو مطالبة صدام حسين أن يتخلى عن أسلحة الدمار الشامل المخبأة في غرفة نوم زوجته ساجدة، أو تهديد كوريا الشمالية وحزب الله بالويل والثبور. لم تكن رايس لتشغل نفسها بتقديم التحليلات السياسية على الرغم من أنها كانت رئيسة دائرة العلوم السياسية في جامعة ستانفورد الشهيرة. التحليل يا أخواتي وإخوتي يقوم به مراقب حيادي، أو صحفي، أو عالم سياسة مقارنة أو علاقات دولية، أما رئيس الدولة ووزير خارجيته ووزير دفاعه فلهم شأن آخر يتصل بصناعة الحدث السياسي والعسكري الذي يترك فيما بعد لأقلام المحللين. وحدنا من دون شعوب الأرض وأممها امتهن زعماؤنا وقادتنا دور المحللين، فما تكاد تسأل أحدهم عن فلسطين وسيل الدماء في غزة حتى ينبري لتوضيح أبعاد السياسة الإسرائيلية ومشاكل نتانياهو حتى لتظن أنك أمام المفكر العربي صانع التحليل الأشهر في قناة الجزيرة العلامة عزمي بشارة. لا أريد أن أحلل هذه الظاهرة لأن المواطن العربي والفلسطيني كره نفسه جراء هذا "الهبل" الذي لا يشبهه شيء، لذلك أقول بسرعة: إن هذا تغطية للعجز عن الفعل، وربما، وهذا أخطر، رسالة ضمنية للمواطن العربي أننا نعاج –كما تفضل أمير قطر بإبلاغنا- لا حول لنا ولا قوة، وعلينا فقط أن ننتظر ما يتمخض عن نقاش إسرائيل الداخلي، أو في أحسن الأحوال نقاش إسرائيل مع أختها الكبرى الولايات المتحدة.
في السياق ذاته هناك ظاهرة أخرى تتصل بتوجيه النصح "التحليلي" للجماهير الفلسطينية بأن عليها أن تذهب إلى الانتفاضة الثالثة. وهذا "هبل" حتى من الناحية التحليلية لأن جمهور المواطنين لا ينزل للشوارع بناء على رغبات المحللين، ذلك أن هناك سيرورة معقدة تحكم الحراك الشعبي ليس من السهل التنبؤ بها. بل لعل أفضل طريقة لإعاقتها هي القيام بدور المعلم من قبل طرف لا علاقة له بالفعل. ومن المؤسف أن بعضاً من قوى المقاومة الفلسطينية ذاتها قد ابتلع هذا الدور العجيب وأخذ يوجه الإرشادات والنصائح للشعب وللسلطة الفلسطينية على الرغم من أن دوره هو النضال وليس التحليل ولا توجيه الإرشادات.
في ظل حالة تشكل القاع الجديد للأمة العربية في سياق "الشتاء العربي" الذي فتت بعض الدول وحولها إلى دول فاشلة (سوريا، ليبيا، العراق، اليمن) بينما جلب لنا قيادات وأنظمة على مقاس الاحتياج الأمريكي والإسرائيلي (تونس، مصر)، تقف غزة التي لم تنج "حكومتها" من ارتكاب الأخطاء السياسية القاتلة في حقبة الشتاء بالذات، تقاتل وحدها بدموع العين، وبالكف التي تواجه المخرز، وبعزيمة حفنة من الأبطال الذين أتقنوا إطلاق الصواريخ البدائية التي على الرغم من كل شيء تقض مضاجع الأعداء، وتنجح في إحالة حياة المستوطن في كل مكان من فلسطين إلى معاناة وقلق على مدار الساعة.
الوقاحة في التعبير عن التضامن مع إسرائيل سراً وعلانية هي ما يميز الموقف الرسمي العربي من المذبحة. أرأيتم كيف تلكأت الجامعة العربية في الاجتماع؟ ثم تمخض الجبل العربي الرسمي فولد المبادرة المصرية. ليس هناك من تداع لغزو إسرائيل أو محاصرتها مثلما حدث مع سوريا. ولا يبدو على دول "الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" أنها منزعجة من عدوان الجارة والصديقة إسرائيل على مدينة صغيرة فقيرة ومظلومة. وبعض العرب يبتسم في شماتة واضحة ويمصمص شفتيه منتشياً بقدرة إسرائيل على فعل ما لم يستطع أن يفعله بحق حماس وأطفال غزة. لكن ما يطم الوادي على القرى هو نوع آخر من الهبل الفلسطيني الخالص يتمثل في قدرة الحالة السياسية الراهنة على شرذمة الشعب إلى حد أن ما يحدث في كل مدينة أو قرية أو خربة يصبح شأنها الخاص، بينما يواصل باقي الوطن حياته المعتادة. وفي هذا السياق تنتشر الألعاب النارية في كل مكان في الضفة الغربية بسبب حادث استثنائي خارق يتصل بأن طلاب التوجيهي قد نجحوا في الامتحان، وهذا الحدث العادي في العالم كله يتحول في بلادنا بالذات إلى حدث كرنفالي عظيم باعتبار أن "الأولاد" قد أعادوا اكتشاف النار والحروف الهجائية والتفاضل ونظرية النسبية من بين اكتشافات أخرى. المحزن أن هذا حدث "طبيعي" في حياة الأفراد لا يجوز أن يضخم على الأقل في باب الرأفة بثلث الطلبة الذين لم يوفقوا إلى حفظ محتويات المقرر عن ظهر قلب ففشلوا في امتحان تعطيل القدرات العقلية وتحول الإنسان إلى ماكينة غبية تحفظ المعلومات عن ظهر قلب. فقط لأن لدى الناس في بلادي عقدة الغرب والشمال أقول إن أحداثاً من قبيل إنهاء الطالب للتعليم الثانوي لا تستوقف أحداً. وأين العجب في ذلك؟ كل الطلبة إن أرادوا يمكن أن ينهوا هذا التعليم وأن يلتحقوا بالجامعة ويأخذوا شهادة. أما أن تقصف نيويورك أو باريس بأنواع الموت بينما تعيش سان فرانسيسكو أو ليون حياة البهجة وتقرع الكؤوس بنجاح ابنة أو ابن في الثانوية فهو بلا شك فعل لا يمكن أن يتخيله عاقل في تلك البلاد ولا مجنون.
ثم نفيق في صباح اليوم التالي لنجد الصحف المحلية تمتلئ –نيالها- بالتهاني لتفوق يوسف بحصوله على 84% ونجاح سعاد المبهر بحصولها على 91%. وبالمناسبة يبلغ عدد الطلبة الذين حصلوا على درجات فوق التسعين الآلاف، وهي درجات للأسف لا تعبر عن أكثر من قدرة هؤلاء على استذكار المحتوى المقرر على امتداد عام من ممارسات الحفظ والترداد مثلما كان يحدث في تعليم الكتاتيب.
ترى لو طلبنا من المهنئين والمهنئات أن يدفعوا قيمة التهنئة التي تترواح بين 300 إلى 1000 شيكل مساهمة في شراء الأدوية والمعدات الطبية لدعم غزة التي تقبض على الجمر، هل كانوا سيوافقون؟ الجواب واضح بالطبع، ولكن ذلك جواب يؤشر على الحاجة الماسة إلى العمل على تغيير الوعي العربي والفلسطيني في مناحي السياسة ومغازي الفعل الكفاحي كي لا يظل الفعل السياسي العربي هبات "مجنونة" لا يعرف أحد إلى أين تقودنا: إلى درجة أعلى في السلم، أم إلى إعادة إنتاج للواقع، أم إلى حركة هابطة نحو حضيض جديد؟



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزة تتعمد بالدم في زمن مجاهدي داعش ومقاتلي التنمية
- المنظمات غير الحكومية في ديجور الفساد والبيروقراطية وعدم الف ...
- يحبونني موافقاً، يكرهونني معارضاً: من سمات الشخصية العربية ف ...
- إسرائيل رئيساً للجنة الدولية لتصفية الاستعمار صدق أو لا تصدق
- سيكولوجية المثليين والاقتصاد السياسي
- حول السلعة الميتة والإنسان الحي
- المخازي الأساس في الانتخابات السورية
- عزمي بشارة والانتخابات السورية والمصرية أو في حكمة الديمقراط ...
- فنون قتل الذكاء والإبداع في النشاطات الترفيهية المدرسية
- -متى ستقتلني؟- تسأل الفتاة خطيبها
- السيسي: إعادة إنتاج النظام
- استبدال الحمار/البغل بالسيارة
- اللغة الإنجليزية ومرجعيات العولمة
- قمر على رام الله، ودم على بيرزيت
- عداد الدفع المسبق، وخصخصة المياه، ووحشية رأس المال الفلسطيني
- خطاب رئيس الوزراء الكندي أمام الكنيست
- الهنود الفلسطينيون
- عزمي بشارة وألعابه الأيديولوجية
- خطة فرنسية لمساعدة المنظمات الأهلية الفلسطينية في تحرير فلسط ...
- انتصرت روسيا وإيران، أما سوريا فلا


المزيد.....




- لحظات مرعبة عاشوها.. شاهد اشتعال النيران في طائرة ركاب أثناء ...
- إسرائيل ترد على تصريح وزير خارجية لبنان بقبول نصرالله بوقف إ ...
- يتامى غزة.. سرق القصف أحبتهم وأحلامهم فذاقوا وجع الفراق وكبر ...
- ضاحية بيروت الجنوبية تشهد الليلة الأعنف: أكثر من 30 غارة وان ...
- -دول عربية شاركت إسرائيل الدفاع الجوي خلال عام من حرب غزة-- ...
- نتنياهو يزور الحدود مع لبنان
- صحيفة: -خطوات ملموسة- للانضمام إلى الناتو ستعرض على أوكرانيا ...
- منظمة -بريكس- تشارك روسيا في مبادرة إنشاء جامعة تقنيات المست ...
- الخبراء الروس يفككون أحدث نسخة من دبابة -ليوبارد 2 آ 6- الأل ...
- أطعمة تخفض مستوى فيتامين ?1 في الجسم


المزيد.....

- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- المؤتمر العام الثامن للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين يصادق ... / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- حماس: تاريخها، تطورها، وجهة نظر نقدية / جوزيف ظاهر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناجح شاهين - غزة وشلال الدم واحتفالات التوجيهي