|
الموصل، نقطة التحول التأريخي في رسم خارطة الشرق الأوسط الكبير
ظافر الشمري
الحوار المتمدن-العدد: 4513 - 2014 / 7 / 15 - 21:38
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
في هذه المقالة سنستعرض أهم العناصر التي أدت الى الأنهيار السريع والفشل الذريع لقيادة المالكي السياسية والعسكرية في ادارة الملف الأمني وأيضا سنلقي الضوء على تداعيات هذا الأنهيار والفشل والمستقبل الذي ستؤول إليه الخارطة السياسية في العراق والشرق الأوسط وأهميتها بالنسبة للدول الأقليمية والدور الذي ستلعبه الولايات المتحدة في مايحصل في العراق. الإنهيار الأمني لم يكن مستبعدا، بل كان متوقعا في ظروف سياسية بالغة التعقيد ومراهنات على أدوار كبيرة لدول إقليمية تتصارع من أجل مصالحها في العراق خاصة مع وجود الأرضية الخصبة التي وفرها الصراع على السلطة من أجل نهب أكثر مايمكن من ثروات العراق من قبل سياسيي الغفلة الذين جاءت بهم الولايات المتحدة من الشوارع التي كانوا يتسكعون فيها في بلدان المهجر أن فشل المالكي وقيادتيه السياسية والعسكرية في إدارة ملفات العراق بشكل عام وملفات الأمن بشكل خاص نتيجة تشريعه وحمايته للفساد والفاسدين أدى الى تذمر شعبي كبير بين مختلف شرائح المجتمع العراقي بدءا بحلفاءه في ما يسمى بالتحالف الوطني وخاصة السيدين مقتدى الصدر وعمار الحكيم مرورا بالكورد حلفاء الشيعة الأستراتيجيين وإنتهاءا بالشركاء السنة في العملية السياسية وعلى رأسهم طارق الهاشمي المتهم بالارهاب ومن ثم رئيس البرلمان أسامة النجيفي. من أهم عناصر الفشل في كسب الشارع العراقي المتعطش للأمن والأستقرار أضافة للفشل الكبير في تقديم الخدمات الأساسية وأنتشار الفساد، هو اللغة البعيدة جدا عن الديبلوماسية التي يجب ان يتصف بها رأس السلطة التنفيذية و التي أستخدمها المالكي والمسؤولين الرسميين من حلفاؤه والتي إمتازت بالتحريض الطائفي وعبرت عن رغبة في توسيع الهوة الطائفية والتي صبت في مصلحة أجندة الجماعات المسلحة المتعاطفة مع المنظمات الأرهابية ،والتي إستغلت هذا النوع من الخطاب من أجل تحريض وتخويف الشارع السني من عواقب مخططات المالكي في الانفراد بالسلطة وتوزيع ثروات العراق ومقدراته ليس على طائفته الشيعيه وأنما على من يواليه من حزب الدعوة ومايعرف بدولة القانون تماما كما كان صدام يفعل في تفضيل مواليه ،لم يستسلم طارق الهاشمي المتهم بالارهاب والمحمي كورديا وقطريا وتركيا للأتهامات التي وجهها له المالكي ، والتقت أجندته بأجندة المطلوب رقم 2 من قيادات حزب البعث المنحل عزة الدوري و أيضا بالأجندة السعودية التركية في العراق ولم يكتف بالابتعاد في منفاه ، بل عمل جاهدا مع الجهات التي تقف معه وتتفق في العداء للسلطة "الشيعيه" الفاسدة خاصة الهارب عزة الدوري الموجود في السعودية ورغد صدام الموجودة في الأردن من أجل الأطاحة بهذه السلطة مهما كلف الثمن ولو كان ذلك عبر إستخدام المنظمات الإرهابية المدعومة فكريا ولوجستيا من السعودية وبعض الدول الأقليمية والتي تستخدم الاراضي التركية والسورية منطلقا لها يرى المكون السني في حكومة المالكي حكومة طائفية تمول هي وحليفتها في المنطقة إيران المليشيات الشيعية التي تمتلك السلاح وترعب العراقيين سنة وشيعه أينما تواجدت وخاصة مليشيات عصائب أهل الحق المنشقة عن جيش المهدي والتي كانت في يوم ما عدوة للمالكي قبل أن تصبح يده الضاربة لتصفية خصومه والتي قال عنها المالكي يوما أنها أسوء من القاعده، حينها لم ينقذ المالكي من براثنها سوى طائرات الأباتشي الامريكية وبقرار مباشر من الرئيس السابق جورج بوش. ماذا حصل في الموصل ؟ بعد ستة أشهر من فشل المالكي وقياداته العسكرية في تسجيل انتصار في معركته الثأرية التي أسماها "الثأر للقائد محمد" في محافظة الأنبار رغم التحشيد العسكري الكبير ورغم المبالغ الكبيرة التي صرفها على تسليح الجيش العراقي والتي وصلت الى 41 مليار دولار أمريكي وأيضا فشله السياسي في محاولات كسب التعاطف الامريكي والغربي من أجل دعمه في حربه هذه التي صورها على أنها حرب على الإرهاب ، أقتنعت الجماعات المسلحة المعارضة والتنظيمات الإرهابية المتعاطفة معها وخاصة تنظيم عزة الدوري وطارق الهاشمي والحزب الشيوعي - اللجنة القيادية وتنظيم داعش بأن المالكي لن يستطيع ادارة معارك عسكرية ولن يحصل على الدعم المطلوب سياسيا لاداخليا ولاخارجيا نتيجة القناعات الشعبية والسياسية بفساد المالكي وحكومته وايضا فساد قيادات جيشه التي تم تعيينها من مقربيه بعد منحهم رتبا عسكرية أو عبر بيعه لهذه المناصب التي وصل فيها سعر منصب أمر فوج الى 50 مليون دينار عراقي (حوالي 40 الف دولار امريكي) وسعر منصب شرطي أو جندي حوالي 5 ملايين دينار عراقي يجب ان يدفعها المتطوع من أجل قبول تطوعه في الجيش او الشرطة فيما وصل منصب أمر لواء وأمر فرقة الى أضعاف هذه الأرقام ،هذا الفساد الذي نخر الجيش بمباركة المالكي مكن التنظيمات الارهابية والمسلحة المعارضة من اختراق الجيش والحصول على معلومات استخباراتيه عنه مقابل المال حيث تعمل هذه المجاميع وعبر المعلومات التي تشتريها من الايقاع بوحدات من الجيش والهجوم عليها ونهب سلاحها وقتل افرادها وايضا الإستعداد لأي هجوم يستعد الجيش للقيام به على مقرات هذه التنظيمات المسلحة والارهابية ومخابئها الامنة بعد أن تمكنت المجاميع المسلحة والتنظيمات الارهابية من الدخول الى سامراء وبعد هروب قائد عملياتها اللواء صباح الفتلاوي الذي فشل في الحصول على معلومات استخباراتية عن حركة مئات المسلحين وعشرات السيارات وفشل الجيش في حماية سامراء أصبح واضحا أن الطريق أصبحت سالكة لدخول أكبر واهم مدينتين في الشمال هما الموصل وكركوك وانطلاقا من الحدود السورية - التركية على الرغم من وجود قائد القوات البرية علي غيدان وعبود قمبر في قيادة عمليات نينوى يقول الموالون لحكومة المالكي أن الانهيار الامني حصل نتيجة تأمر الاخوين اسامة واثيل النجيفي ، وأن افترضنا آن ذلك حدث فعلا فما دخل الاخوين النجيفي في ادارة عمليات عسكرية لمحافظة يقودها موالون للمالكي ؟!! ، فمن المعروف أن حماية المحافظة ليس من واجبات المحافظ الخدمية والادارية وانما هي من واجبات قيادة العمليات العسكرية والاستخباراتيه وعليه نتسائل لماذا سقطت كركوك والحويجة وصلاح الدين والعظيم وغيرها من مدن الوسط والشمال بهذه السرعه فهل أن هذه المحافظات سقطت عسكريا ايضا نتيجة لتآمر محافظيها؟ تداعيات الإنهيار العسكري خلف هذا الأنهيار تداعيات سياسية وأمنية كبيرة سيكون لها دور في رسم خارطة المنطقة من جديد ولاول مرة بعد رسمها الوزيران سايكس وبيكو أوائل القرن المنصرم. وأهم هذه التداعيات ستكون على ملف المفاوضات النووية الأيرانية الغربية، ولد هذا الانهيار خوفا كبيرا لدى الشيعه من احتمال فقدانهم للسلطة لحساب المنظمات الارهابية المتطرفة التي يقولون أنها مدعومة سعوديا وتركيا ساعد في ذلك التحضير النفسي على مدى سنين حكم المالكي من عودة البعث والتكفيريين للقضاء على الشيعة فكان أن تداعى قادتهم السياسيون ومرجعياتهم الدينية الى النداء من أجل جمع وحدة الصف الشيعي والدعوة للشيعة لحمل السلاح دفاعا عن وجودهم وتوج هذا التوجه دعوة المرجعية الى الجهاد الكفائي أي دعوة أتباعها لحمل السلاح دفاعا عن وجودهم ضد الهجوم الارهابي على مقدساتهم وممتلكاتهم. مع هذه الدعوات تزامنت دعوات من القيادات الشيعية الكبيرة للتيار الصدري والمجلس الاعلى وعلى لسان زعيم المؤتمر الوطني أحمد الچلبي إلى عزل المالكي وقياداته السياسية والعسكرية الفاسدة والفاشلة وتشكيل قيادة سياسية يحترمها الجميع ومن مكونات الشعب العراقي وقيادة عسكرية مهنية غير مدمجة من أجل مواجهة التنظيمات الارهابية والتكفيرية المتطرفة والجماعات المسلحة المتعاطفة والمتعاونه معاه ومحاربتها والقضاء عليها. على الجانب الاخر تحركت قوات الاسايش الكوردية واشتبكت مع المجاميع المسلحة التي احتلت كركوك وبعض مناطق محافظة ديالى واستطاعت دحرها واخراجها واعادة السيطرة على كركوك والمناطق الاخرى، هذه العمليات وان كانت في صالح العراق ككل، الا انها ستشكل مستقبلا نواة لصراع على أحقية "ملكية" وعائدية هذه المناطق الى أقليم كوردستان من عدمه . في ذات الوقت انقسم المكون السني الضحية الكبرى في هذا الاحتراب بين نيران المالكي ونيران الارهاب فلا هو يرغب بعودة قوات المالكي ولاحكمه ولاهو يرغب بسيطرة المجاميع التكفيرية والارهابية على مدنه. دوليا، أعلن الرئيس الأمريكي أنه سيدرس عدد من الخيارات من أجل مواجهة التطورات لكنه في نفس الوقت لن يقدم أي دعم لحكومة المالكي مالم تقدم دلائل ملموسة عن قيامها باصلاح حقيقي في المنظومة السياسية مما يعكس مدى تذمر الادارة الامريكية من سؤ إدارة المالكي للأزمة التي قد تتحول الى حرب طائفية شاملة كما هو مخطط لها من بعض أجهزة المخابرات الاقليمية المجاورة والقريبة من العراق. فيما أعلنت أيران أستعدادها لمحاربة التنظيمات التكفيرية وحماية "حق الشيعه" في الحكم وأعلنت السعودية وقطر عن الدعوات لحماية "السنة" من الهجمة الحكومية "الشيعيه" ، على الصعيد ذاته أعلنت تركيا أنها لن تقف مكتوفة الأيدي أذا ما تعرض التوركمان الى خطر يهدد وجودهم في شمال العراق. أن خلاصة ماسبق أن الفشل العسكري والسياسي والاستخباراتي هو السبب في الانهيار الامني السريع وهو يخدم عملية الدفع باتجاه رسم خارطة سياسية جديدة للمنطقة أدى كل طرف ماعليه من واجبات عبر السنين الماضية من أجل تهيأة الأرضية المناسبة شعبيا لتقبلها وأن هذه الخارطة السياسية ستكون نافعة لكل الدول الأقليمية التي ستسفيد من عراق مقسم لايشكل أي تهديد سياسي ولا أقتصادي لدول هددتها أنظمته سابقا طوال القرن الماضي وأيضا سيكون التقسيم الجديد ضامنا للسيطرة على منابع الطاقة ويضمن الأمن لأسرائيل ولتمدد نفوذها في الشرق الأوسط، فيما لن يتسبب هذا التقسيم في تهديد إيران وإزعاجها ، بل على العكس سيضمن لها دورا أكبر في المنطقة
#ظافر_الشمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل أسقط الكورد ورقة -الأرهاب- من يد المالكي في العراق
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
لمحات من تاريخ اتفاقات السلام
/ المنصور جعفر
-
كراسات شيوعية( الحركة العمالية في مواجهة الحربين العالميتين)
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
علاقات قوى السلطة في روسيا اليوم / النص الكامل
/ رشيد غويلب
-
الانتحاريون ..او كلاب النار ...المتوهمون بجنة لم يحصلوا عليه
...
/ عباس عبود سالم
-
البيئة الفكرية الحاضنة للتطرّف والإرهاب ودور الجامعات في الت
...
/ عبد الحسين شعبان
-
المعلومات التفصيلية ل850 ارهابي من ارهابيي الدول العربية
/ خالد الخالدي
-
إشكالية العلاقة بين الدين والعنف
/ محمد عمارة تقي الدين
-
سيناء حيث أنا . سنوات التيه
/ أشرف العناني
-
الجدلية الاجتماعية لممارسة العنف المسلح والإرهاب بالتطبيق عل
...
/ محمد عبد الشفيع عيسى
-
الأمر بالمعروف و النهي عن المنكرأوالمقولة التي تأدلجت لتصير
...
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|