قاسم حسين صالح
(Qassim Hussein Salih)
الحوار المتمدن-العدد: 4512 - 2014 / 7 / 14 - 22:30
المحور:
كتابات ساخرة
انتهت مباريات كأس العالم ،وفازت المانيا بالكأس و35 مليون دولار..كما توقع السيكولوجيون المهتمون بالرياضة لسبب اضافي رئيس هو شحن معنويات اللاعبين الالمان الى اقصاها ليلة فازوا على البرازيل،بهزيمة مذّلة، على ارضها وبين جمهورها الذي توشح بالأصفر الذهبي..وغدا النادر الغالي برخص التراب..حتى انني لحظتها تمنيت على المدرب الالماني ان يأمر فريقه ،بعد الهدف الخامس،ان يتوقفوا عن التهديف قائلا لهم (ارحموا عزيز قوم ذلّ).
كان العالم كله يتابع المباراة النهائية (مليار بحسب تقرير سي أن أن).فما الذي يدفعهم لمشاهدتها بحماس وتشجيع المانيا والارجنتين مع انهم ليسوا بالمانيين ولا ارجنتيين؟
خذ العراقيين مثلا الذين تابعوا المباراة،باستثناء اهل الموصل لأن داعش تحرّم مشاهدتها وتعدّها كفرا،فانهم انقسموا بين مشجع لالمانيا ومشجع للارجنتين..مع انه ليس في احدهم قطرة دم المانية او ارجنتينية؟
في مقالة سابقة اشرنا الى ان كرة القدم تنفرد بسيكولوجيا خاصة تعزف على اوتار الطبيعة البشرية وما ورثته من تاريخها الذي يعود لمرحلة الصيد قبل ملايين السنين..لما بينهما من شبه كبير.فالصياد يجري وراء الطريدة،ينفعل،ويصوّب ،ويسدد..وان صادها جرى له احتفال واستقبل استقبال المنتصر،وأن الآلية السيكولوجية ذاتها تعمل في لاعب كرة القدم والجمهور،مع ان اللعبة تبدو لآخرين سخيفة..اذ كل ما فيها ان (22) شخصا يتقاذفون كرة بأرجلهم ورؤوسهم..بطريقة تحرّك جهازنا الانفعالي و تثير ولعا وشغفا وهوسا..بل عنفا وعدوانا يؤدي الى القتل احيانا بين المشجعين.
واشرنا ايضا الى ان كرة القدم تجسّد ثلاث حاجات متأصلة في الطبيعة البشرية هي: حاجة الانسان الى (التغلّب) وقهر الخصم، ونزعته الى الصراع مع الآخرين، وحاجته الى التماهي بـ(المنتصر)..اي الشعور بالزهو وتوكيد الذات.
ان الحالة النفسية الصحية هي الاستمتاع بمشاهدة اللعبة والاعجاب بمهارة وذكاء هذا اللاعب او ذاك،فاذا ما تعدتها من الاعجاب الى التماهي فانها تعني شيئا آخر في الصحة النفسية.
قد نذهب بعيدا في هذا التحليل اذا قلنا ان المشاهد الذي (يتماهى ،يتوحد) بشخصية لاعب مميز (ميسي مثلا مع انه ليس افضل من روبن)..وانه يفرح لفرحه ،ويغضب اذا اصابه اذى او خسر فريقه.. وينفعل(وقد يسحب انفاسا متلاحقة من النرجيله، وكؤوسا بيضاء او حمراء،ويقضي ليلته كدرا ،ويجوز يتعارك مع زوجته..)..يمكن ان يكون تصرفه هذا مؤشرا عن شيء ينقصه(قل عنه الشعور بالنقص) بغض النظر عن نوعه ما اذا كان نفسيا،عاطفيا،اجتماعيا،او عضويا.
ومع ذلك فان التماهي (التوحد) بلاعب كرة قدم ليس مؤذيا..انما المؤذي هو التماهي بسياسي يلحق الأذى بشعبه او ارهابي يتباهى بقطع الرؤوس..والكارثة..ان الفريقين صارا يلعبان بالعراقيين في ساحة فيها مشجعون لكل فريق وليس فيها حكم!
#قاسم_حسين_صالح (هاشتاغ)
Qassim_Hussein_Salih#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟