صبري هاشم
الحوار المتمدن-العدد: 4512 - 2014 / 7 / 14 - 14:40
المحور:
الادب والفن
***
الملك الطفل
***
في الرابع عشر مِن تمّوز مِن العامِ 1958 للميلاد
قُتلَ في العراقِ الأخرقِ ملكٌ شابٌ
يا لحماقةِ القومِ
كان فتيّاً
وقيلَ
توّاً بلغَ سنَّ الرُّشدِ
وصار يحلُمُ بصبيّةٍ مثلهِ تماماً
تركبُ الخيلَ مثلَهُ
تُشاهدُ ألعابَ السّاحرِ مثلَهُ
وتنبهرُ بأفعالِ المُهرِّجِ في السّيرك
تماماً كانبهارِهِ
تماماً
تماماً يُريدُ أحلامَها تُشبِهُ أحلامَهُ
في دعةٍ يطوفُ حولَ البيتِ / القصرِ
يَلَفّهُ الصمتُ
وتملأُ روحَهُ السّكينةُ
مَرةً كان في الطريقِ إلى محطّةِ إذاعةِ أبيهِ الوطنيةِ
هل كانت سرّيةً ؟
هل كانت وطنيةً ؟
فقتلناهُ !
قتلْنا نحن الدّهماء مليكَنا
لماذا قتلْنا مليكاً لم يشتدّ عودُهُ بعد ؟
لماذا قطعّنا أشلاءَ وصيٍّ
لم يملكْ أمرَهُ
ثم وضعْنا برعمَ فحولتِهِ في دبرِهِ ؟
يا للخسّةِ !
لماذا " سَحلْنا " بالحبالِ
أجساداً بشريةً ؟
ما أبشعَنا !
أوباشٌ
سفّاحون
همجيون
غوغائيون
برابرةٌ
نحن ؟
كُتِبَ علينا أنْ نكونَ على أنْ لا نكونَ
قتلْنا ملاكاً وسمينا فعلَنا الدنيءَ ثورةً
بل سميّنا أفعالَنا الدنيئةَ ثوراتٍ
يا لعارِ الثوّارِ
أرواحٌ شريرةٌ داهمتْ صفاءَهُ هذا الصباح
ومَزّقتْ ، بالرّصاصِ ، جسداً فتيّاً
مع أُسرةٍ لم تَدرِ بما دَار
أجل
يا لعارِ الرجالِ
أقمْنا للقتلِ مهرجاناً وَحْشيّاً
هذا الصباح
في الرابعِ عشر مِن تموز 1958 للميلاد
أيّها الأشرارُ
مات الملكُ الشابُّ
كان البريطانيون ـ على نذالتِهم ـ أرحمَ مِن أتباعِ المراجعِ السياسيةِ طرّاً
أَكْرَمَ مِن أتباعِ الطوائفِ طرّاً
وكان البريطانيون أَطْهرَ مِن رعاةِ البقرِ وأَذنابِهم طرّاً
كان البريطانيون بحنكةٍ يتمتعون
و بِبُردةِ حكيمٍ يَتَلفّعون
قتلْنا الملكَ الطفلَ
مات الملكُ الطفلُ
قُتلَ الملكُ الصغير
يا لعارِ البلادِ
يا لعارِ الشعوبِ المتمرغةِ بذلِّها
يا لعارِها وقد ارتدت ثوبَ ضعتِها
مات الملكُ الشّاب
نحن قتلْناه
في الرابع عشر مِن تموزِ 1958 ميلادية
13 ـ 8 ـ 2011 برلين
***
#صبري_هاشم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟