أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - ماكبث المِصراع الثاني القسم الرابع















المزيد.....



ماكبث المِصراع الثاني القسم الرابع


أفنان القاسم

الحوار المتمدن-العدد: 4512 - 2014 / 7 / 14 - 13:13
المحور: الادب والفن
    



حطت طائرة ماك الخاصة في مطار جون كنيدي، فتقدمنا على السجادة الحمراء لنستقبله عند قدم السلم. كانت هناك مجموعة من أساطين الشر والخير النيويوركية، من بينهم الثلاثي الإيطالي لاكي لوتشيانو جيل رابع وفرانك كوستيللو جيل رابع وجو أدونيس جيل رابع. أخذوا يقبلون يده، وكأنهم يقبلون يد قديس. وكان هناك العود الأحمر كارل روجرز ومعه ميراندا نائبة رأس التنين، وكان هناك التين الأسود والزيتون الأسود والغضب الأسود. رفض ماكبث السلام عليّ، وهو ينبر في وجهي:
- تتزوج دون أن تنتظر عودتي!
وجدتني أقف وحيدًا على البساط الأحمر، بعد أن تبع الكل نجم المال العالمي إلى قاعة الشرف حيث كلمهم واحدًا واحدًا، وهو يعبط هذا، ويشد على يد أو كتف ذاك. أحسستني كالبخار المتصاعد من الإيست ريفر، موجودًا وغير موجود، فسارعت إلى اللحاق بالآخرين، لكن ماكبث جعل الأستاذ جوزيف ماكدويل إلى جانبه، وتركني أنتظر بين آخر الموجودين. عندما وجدتني أخيرًا أمامه، شبك قدميه في وجهي، وقال من طرف شفتيه:
- وكما أعلمني منذ قليل لوتشيانو جيل رابع وكوستيللو جيل رابع وأدونيس جيل رابع، جعلت زوجتك تُوَلّي الأدبار خلال غيابي، وعهدت بالكلب اليقظ إلى سِحاقيتين.
- الآنسة ستون والآنسة مارتن كانتا ستصبحان مدونتين لك لو اخترتهما بدلاً من كيلي، زوجتي كيلي، أعني الآنسة ستيوارت، والسِحاقية أفضل من أي امرئ كان على حفظ "شرف" النادلات إذا لم تكن تعلم، فهي تَغير على كل ما هو أنثوي، أضف إلى ذلك أن الآنسة ستون والآنسة مارتن تتحابان، إنهما أفضل اختيار، يا ماك.
- لنفترض أن كل هذا صحيح، لكنك لم تأخذ رأيي.
- كنت واثقًا من موافقتك، ثم... اسمع، يا ماك، أنا كلي أسف، لم أكن أعتقد بأن زواجي دونك سيغضبك إلى هذه الدرجة، ما أردت...
- لن أفتح هذا الموضوع ثانية معك.
- لقد تم كل شيء بسرعة. كانت كيلي تعيش على أعصابها...
- أرجو أن تضاجع جيدًا، هذا كل ما هنالك.
- وكنت أنا بكل بساطة مع العمل الجديد لا أعيش، كنت لا أعيش...
- أرجو أن تضاجع جيدًا، قلت لك. لم تنتظر عودتي، لم تشأ أن أكون هنا، كنت أظنني أخًا كبيرًا لك، حتى أنك لم تأخذ رأيي. بعد فعلتك هذه أنت مشكوك فيك!
أشار إلى الأستاذ جوزيف ماكدويل، وقال:
- يكفيني أن يكون معي سيد كل العادلين!
وأنا أقول لنفسي لم أعد إلهام الشيطان لذاتي، ولا نفث المني له، قام مغادرًا صالون الشرف، وكلنا نتبعه. كالكلاب. كانت في جسد ماك كتيبة من المقاتلين، لهذا السبب استطاع التغلب على حالات في أقصى التعقيد، واستطاع تحدي الكون، تحدي الجميع.

* * *

حان الوقت للطرق على باب التاريخ.
حال عودة ماكبث، بدأ حملته الأولية للانتخابات الرئاسية على صدر الحزب الديمقراطي، كان شعاره: الماليون للشعب. شعار ذكي جدًا. لم يقل الأموال للشعب. قال الماليين للشعب. له. لخدمته. لتكريس أموالهم من أجله. كان يقصد نفسه. كان يقصد كل طبقة رأس المال. كان يقصدها دون أن يمسس أموالها. لكن أموالها ظلت الهدف المراد بلوغه. لم يرفع شعارًا ديماغوجي البعد مثل "التغيير ممكن"، أو غير ملموس مثل "من أجل أمريكا الغد". كان شعاره "الماليون للشعب". شعار يبهر، ويقنع، خاصة إذا ما جاء من العبقري المالي والاقتصادي ماكبث.
أما الصدمة الكبرى، أعني المفاجأة الكبرى، فأنا أستعمل المصطلح بمعناه الإيجابي، عندما قرر ماك أن يكون نائبه في سباقه إلى البيت الأبيض مروحة الورق الأبيض، المسئول المالي في الثالوث. لقد سبق وكان أحد رؤساء الولايات المتحدة، أحد الرؤساء وليس أحد نواب الرئيس، لقد سبق وكان أحد رؤساء الولايات المتحدة أسود، إذن فليكن نائبه صينيًا. لِمَ لا؟ ليكن صينيًا. الطائفة الصينية كبيرة، وهي تتمتع بكل حقوق المواطنة كأي طائفة أخرى. وعدا عن الحنكة المالية لمروحة الورق الأبيض، أن يكون صينيٌ نائبَهُ، هذا يعني أن كل الصين ستقف إلى جانبه، وهذا البلد العملاق ببشره واقتصاده كان يريد ماكبث اقتحام سوقه بنفس الطريقة التي يقتحم فيها السوق الأمريكية، أو، على الأقل، الوصول إلى توازن مالي بين العملاقين. كانت النظرة بعيدة المدى ذكية ومدهشة.
بدأ جولته في كاليفورنيا، ولم يكن الاختيار عشوائيًا، اختار كاليفورنيا لأن نسبة التعددية اللغوية فيها تصل إلى 40 بالمائة. دومًا ما كانت نظرة ماك تعددية، كونية، كما كان في كل فعل ينجزه، مالي أو غير مالي. كانت نظرته متعددة في الشمول، وشمولية في التعدد. كان كونيًا. وكان إنسانيًا. لهذا عندما كان يقول أمريكا كان الأمريكي يرى الكون، كل الكون، وعندما يقول الكون، كان هذا الأمريكي ذاته، أينما كان موقعه، وأيًا كانت مهنته، كان يرى أمريكا، وبشيء من الفخار، لأنها أمريكا جورج واشنطن، وأمريكا أبراهام لينكولن، وأمريكا تيودور روزفلت، وأمريكا جون كنيدي، وخاصة جورج واشنطن الذي ارتبطت صورته بالدولار، والدولار هو العصب الأساسي للحياة، شيء كالحبل الشوكي، في أمريكا والعالم، هو الشبق في الفراش، الدعوة إلى الحب، كالدعوة إلى الموت.
أمام جمهوره في لوس أنجلس، قال هذه الكلمات:
- كلما فكرت أن المال من صنع الإنسان دون أن يكون في خدمته غَضِبْتُ أشد ما يكون، على المال أن يكون في خدمة الإنسان، المال في خدمة الإنسان يزداد أكثر فأكثر، فينعم الماليّ، ويزدهر الإنسان. لهذا أقول لزملائي في أمريكا والعالم ألا يخافوا على أموالهم، ستكون أموالهم دومًا لهم، لكنها ستكون في الوقت ذاته لنا جميعًا عندما نرمي إلى الاستثمار والاستثمار والاستثمار في أمريكا وكل العالم.
وتقريبًا كان يكرر الشيء نفسه وسط عاصفة من التصفيق في كل الولايات المتحدة، في تكساس، وفي تكساس الجديدة، وفي الأريزونا، وفي النيفادا، وفي الكولورادو، وفي فلوريدا، وفي الإلينوا، وفي بنسيلفانيا، وفي ميتشيغن، وفي المينزوتا، وفي المونتانا، وفي... وفي... وفي... وفي نيويورك، وفي واشنطن. وفي واشنطن ألقى بين جحافل مؤيديه:
- سيقول لنا الجالس على كرسيه المريح في المكتب البيضوي إن الأزمات كلها، على رأسها الأزمة المالية، لسوف يحلّها خلال الأربع السنوات القادمة، هذا وعد من رئيس يفي بكل وعوده، وخلال السنوات الأربع الماضية، لماذا لم تحلّها كل هذه الأزمات، يا سيادة الرئيس، فهل وفيت بوعودك؟ أنت لم تحل أية أزمة، ولن تحل، بل فاقمتها، وأنت ترمي بالأسباب على ظهر غيرك، وأبدلت حياة الأمريكيين بالجحيم.
وفي كل مرة، بعد الخطاب، وبعد عواصف التصفيق، كان يدعو الحضور إلى مأدبة عملاقة، فيأكلون المشاوي، ويحتسون الجعة، وشتى أنواع الكحول. بالنسبة لي، كان كل هذا شيئًا رائعًا، أروع من رائحة اللحم المشوي وقت الجوع، وألذ مما هو عليه بين أسنان الآلهة. كنت على استعداد أن أعطيه لحمي، لكن ماكبث، أهملني تمامًا. أهملني، وأبعدني عنه. كنت أراه كيف يسترقّ غيري من مقربيه، فأحسدهم على ذلك. كان مجرد أن يعملوا تحت إمرة ماك شيئًا سحريًا، كان ماك صنمًا، نوعًا من الآلهة الوثنية، بفكره المادي، بفكره المالي، ولكن في الوقت ذاته كان قدسيًا، وأُلوهيًا. تركتني أذهب معه من ولاية إلى ولاية، بعد أن عهدت بمنصبي كرئيس لبلدية نيويورك لنائبي، واحتملت كل جفائه عليّ. كنت أنظر إلى معاملته لجوزيف ماكدويل بعين الحسد، وعندما كنت أحاول الاقتراب منه، منهما، أن نكون معًا نحن الثلاثة، كما كان عهدنا في الماضي، كان يأمرني بالابتعاد، ويسبني، لأني "أعبث" كثيرًا بين قدميه. كنت أعيقه عن الحركة كما يجب، على حد قوله، ولهذا كان لا يريدني أن أبقى قربه. وعندما كنت أبدي انزعاجي، كان يكلفني بالإشراف على عد أصوات الناخبين التي كانت معظمها في صالحه وصالح نائبه، لأن منافسيه كانوا دون مستواه، لا كاريزما لديهم، وكانوا يتهربون من مواجهة الأزمات الداخلية وتقديم الحلول لها بالحلول الخارجية، مثل تضييق القبضة على آبار النفط، أو شن الحرب على الإرهاب. لم أستسلم لإرادة الاستسلام التي كانها أيضًا ماك، فيلعن الله، ويلعن الكون، ويلعن أمه، يلعن دانكان، يلعن مالكولم، ويصرخ بي أنه بحاجة إلى كل هدوئه وكل رأسه.
- هل هذه أنت، يا جين؟ سأل ماك.
- هذه أنا، أجابت جين.
- الآن تجيئين؟
- تأخرتُ قليلاً، فمعذرة.
- تأخرتِ قليلاً.
- تأخرتُ قليلاً.
- تأخرتِ قليلاً.
- ليس أكثر مما يجب.
- ليس أكثر مما يجب.
- لم تصبح بعد رئيسًا للولايات المتحدة.
- حقًا إذن، ليس أكثر مما يجب.
- مم أنت خائف؟
- مم أنا خائف؟
- لا تخف، يا حبيبي.
- أنا... أنا خائف، يا حبيبتي.
- لا... لا تخف، يا حبيبي.
- أعيش حياة القاتل.
- لهذا أنت خائف؟
- لهذا أنا خائف.
- لا تخف، يا حبيبي... أنا هنا الآن، يا حبيبي.
- حياة القاتل.
- عدم الوجود.
- عدم تقدير العواقب.
- يعضل الداءُ الدواءَ.
- الإنسان كائن مجرم.
- ماذا تفعل هذا المساء؟
- أقتل.
- تتعامى عن الخطر.
- عن حسن نية.
- تأخرتُ قليلاً، يا حبيبي.
- تأخرتِ قليلاً، يا حبيبتي.
- ليس أكثر مما يجب، يا حبيبي.
- ليس أكثر مما يجب، يا حبيبتي.
أخذها بين ذراعيه، وبكى على كتفها. سمعته يهمهم: ماما، معذرة، يا ماما.

* * *

قبل عدة أسابيع من الانتخابات الرئاسية، كان الرئيس ومستشاروه يسترخون بقمصانهم النصف الكم في مقاعدهم هنا وهناك من المكتب البيضوي، كانوا يفكرون في موضوع سبق لهم وتناولوه حسبما يبدو. بعد عدة لحظات من الصمت، فتح الرئيس فمه، وقال:
- حقًا غدت الطريق إلى البيت الأبيض مفتوحة لماكبث، لكن هذا لا يعني أن كل الشروط الرابحة في حوزته. هناك ناحية هامة في حياة الأمريكيين: الأمن، يمكننا استغلالها.
ابتسم نائب الرئيس:
- فكرة جيدة، يا سيادة الرئيس!
تدخل المستشار الأول، وهو يبتسم بدوره:
- بل فكرة جهنمية، يا سيادة الرئيس!
قال المستشار الثاني عابسًا:
- ألا تزنون سوء مغبة ما يمكن أن يقع؟
طلب الرئيس:
- دعنا نفكر في الأمر.
تدخلت المستشارة:
- رجال الإف بي آي لن يقبلوا أبدًا، يا سيادة الرئيس.
- بالطبع لن يقبلوا.
- والقانون يمنعك من دفعهم إلى ذلك.
- أعرف.
- إذن ماذا، يا سيادة الرئيس؟
- لم أقصد هم.
ابتسم نائب الرئيس من جديد:
- لستَ رئيسًا ببلاش، يا سيادة الرئيس.
نظر الرئيس إلى كل واحد، وأوضح:
- لنترك غير الإف بي آي يفعل بمعرفة الإف بي آي.
صاح المستشار الثاني محتجًا:
- وإذا ما افتضح الأمر؟ الرابح الوحيد سيكون ماكبث. لست متفقًا معك، يا سيادة الرئيس. وفوق هذا، أنا أحذرك.
قال المستشار الثالث متجاهلاً كلام زميله:
- مجانين الله كثيرون، يا سيادة الرئيس، وبعضهم تحت الحراسة المشددة، التخفيف من هذا، مع مهمة للتحريض عواء مواقعنا "الإرهابية" المبثوثة هنا وهناك، سيدفع ذلك أحدهم إلى ارتكاب الحماقة التي نريدها.
صاح المستشار الثاني محتجًا من جديد:
- لست متفقًا، يا سيادة الرئيس. ستكون هناك ضحايا، هل فكرتم في هذا، يلعن دين، سيسقط أبرياء.
تنفس الرئيس الصعداء:
- إنه داعي المصلحة العليا مع الأسف.
ثم، توجه بالكلام إلى مستشاراته:
- في الواقع يا بنات، الحق أني أريد عهدة ثانية، أنا أفضل هذا على كتابة مذكراتي، "رجال حياتي"، احفظن جيدًا هذا العنوان.
نهض، وراح يربط ربطة عنقه، ويقول لنائبه:
- أنا لا علاقة لي بالأمر، هل تفهم؟ أنا لا أعرف عن الموضوع شيئًا، أوكي؟ اتصل بأصحابنا في الإف بي آي، ورتب الأمر معهم.
أنهى ربط ربطة عنقه، ارتدى جاكيته، وتوجه إلى الحضور:
- سيداتي سادتي خلال خمس دقائق سأستقبل رئيس الوزراء البريطاني.
خرج الكل، وقبل أن يخرج نائب الرئيس بدوره، أمسكه الرئيس:
- بعد أن يقوم الأهبل بفعلته، يجب تصفيته في الحال، ومحو كل أثر، مفهوم؟
- وإذا لم تجر الأمور كما نريد؟
- يجب أن تجري الأمور كما نريد، ودون أية زلة قدم.
- هذا ما أتمناه، يا سيادة الرئيس.
وذهب عابسًا، دون أن يسلم على رئيس الوزراء البريطاني الذي كان يقف في فوهة الباب.
هتف الرئيس مرحبًا:
- سيد رئيس الوزراء!
وتقدم ليسلم عليه بحرارة، بينما أغلقت السكرتيرة الباب.

* * *

شقت دراجة السكوتر شوارع نيويورك من هارلم إلى مدرسة خاصة في بروكلين، وعلى متنها شاب ملتح يحمل على كتفه قِرابَ كَمان جهير. كان الوقت ظهرًا، والأطفال يعودون مع آبائهم إلى بيوتهم من أجل طعام الغداء. الأطفال، الحمام، الأحلام. أوقف الشاب الملتحي دراجته، وأخرج من قِرابِهِ سلاحًا رشاشًا. سلطه على أبٍ مع صغيرِهِ، وأمٍ مع صغيرتيها، وأرداهم قتلى. التين الأحمر، الزيتون الأحمر، الغضب الأحمر. أعاد وضع سلاحه في القِراب، وصوّر الجريمة الفظيعة بفيديو هاتفه المحمول. امتطى دراجته من جديد، وغادر المكان كملاك من ملائكة الجنة. كان الهلع بين صغار المدرسة وذويهم قد وصل أقصاه، وبعد قليل جاءت سيارات الشرطة.
لم ينتبه أحد إلى المختبئ في الوجه المقابل، وهو يتكلم في لحيته. ومع أول لفة قام بها المجرم، لاحقته سيارات الشرطة وطائرات الهيلوكبتر. تركوه يذهب حتى دخل شقته في الطابق الثاني من بناية متواضعة في هارلم، وحاصروه من كل ناحية، من فوق، ومن تحت، ومن جنب، من كل ناحية: بوليس، وإف بي آي، ومارينز، وعشرات القنوات التلفزيونية، وكلها تركز على أمن الأمريكيين، وكلها تردد أن الإدارة الأمريكية على رأسها الرئيس لا هم لها سوى أمن الأمريكيين، وهي تبذل أقصى ما تستطيع عليه من قوة في سبيل ذلك: أمن الأمريكيين. وفي الوقت ذاته، ألقت الحملة الإعلامية بكل بؤس الأمريكيين على أكتاف أولئك الجهاديين المجرمين، برابرة القرن الحادي والعشرين. حضر سكرتير الدولة للدفاع بنفسه كي يقود عملية الأخذ والرد مع المجرم الملتحي، ووصلت المساومة بينهما إلى أن يسلم الإسلامي نفسه على الساعة الحادية عشرة والنصف مساء. الوقت، الفضاء، الخراء.
أقامت المجزرة الدنيا ولم تقعدها، أدان البيت الأبيض الحادث بشدة، وعبر عن هم الرئيس الأول الذي هو حماية مواطنيه. قال الناطق بلسان الرئيس إن هذا لن يساوم الإرهابيين في شيء، وإنه بكل الخبرة التي لديه والتي ليست لغيره سيقاتلهم بسلاحهم، وسيقلعهم، سيقتلعهم من جذورهم، وهو في سبيل دم الضحايا الذي ذهب باطلاً مستعد لتقديم دمه دون أدنى تردد. الديماغوجية، النعامة، البجعة.
كانت اللعبة بائنة لماك ولنا جميعًا، فاجتمعنا كلنا في الكلب اليقظ، كلنا وأعمدة الملاك الأصفر. رافقتني زوجتي كيلي لجسامة الأمر، وشاركَتْ في النقاش الذي تركز على كيفية مواجهة هذا الهجوم العنيف من طرف رئيس الولايات المتحدة الحالي. ثلاث كؤوس ويسكي ناشف شربتُها كي أفكر جيدًا، كان ذلك في حانة ليست بعيدة، وتأملتُ رؤوس البيسونات المحنطة.
قالت كيلي لماكبث:
- هذا الهجوم، لأنه عنيف، في صالحك، الناس ليسوا كلهم نعامًا، وقت الخطر، هم لا يدفنون رؤوسهم في الرمل، إن لهم رؤوسًا تفكر على الرغم من كل شيء.
قلت لماكبث:
- مهما يكن مدى هذا الهجوم، فهو لن يؤثر في الرأي العام كثيرًا الذي يعطيك 75 بالمائة من الأصوات دومًا.
انتهرني ماكبث:
- أنت ثمل، أضف إلى ذلك أنا لم أطلب رأيك!
وراح بي متهكمًا:
- مهما يكن مدى هذا الهجوم!
ثم طردني:
- يلعن دين! أخرج في الحال، واهتم بأمر الحراسة!
قمت على التو، وقامت كيلي إلا أن ماك أوقفها:
- أنت تبقين، اتركيه يذهب وحده.
بادلتني زوجتي نظرة قانطة، وعادت إلى مكانها، بينما تركتهم يتابعون نقاشهم. وأنا قرب الباب، سمعت الأستاذ جوزيف ماكدويل يقترح:
- وإذا ما ذهبت أنت، ماك، لمساومة الرئيس في ذلك؟
قال ماكبث:
- بل أنت الذي سيذهب لمساومة نائبه. يجب أن يتوقف كل هذا، كل هذه الحملة الهستيرية، قل له، وإلا سنفعل ما سنفعل.
على الحادية عشرة مساء، نصف ساعة قبل أن يسلم القاتل نفسه، رأينا على الشاشة الصغيرة كيف تم الانقضاض الذي استعملت فيه كافة الأسلحة حتى الثقيلة منها، فتهدمت الشقة المقصودة وطرف من البناية. أخرجوا جثة الشاب الملتحي من تحت الأنقاض، كان كله مخرقًا، فطلبت المذيعة من المتفرجين إبعاد أطفالهم. الأطفال، الحمام، الأحلام.
على الساعة الثانية عشرة مساء، أي عند منتصف الليل، انفض الاجتماع في الكلب اليقظ، مع صعود بنات الكباريه على خشبة المسرح. كانت العلبة كعادتها ملأى بالزبائن، وكأن لا شيء يجري في هارلم، وكانت الآنستان مارتن وستون تتابعان كل صغيرة وكبيرة، وتقبل الشقراء والسمراء بعضهما من الفم من فترة إلى أخرى. قال ماك إنه يريد أن يكون وحده، فتركناه يذهب. بقي قليلاً في بيته، الوقت اللازم لوضع المساحيق على وجهه، الباروكة على رأسه، المنقار العريض على فمه، ثوب النعامة على جسده، ثم أخذ تاكسي إلى غرينويتش فيلاج، وصعد مع أول عاهرة.
- ماذا تريدني أن أفعل، يا رجل؟ سألت العالمة، وهما في السرير.
لكنه بقي صامتًا دون حراك.
- إنه لا يحسن النطق، يا ابنة القحبة، قالت لنفسها. تصرفي إذن، يا ابنة القحبة.
خلعت عنه ثوب النعامة، وبعد ذلك تناولته بفمها، ولا سبيل إلى رجولته. كانت الدموع تسيل على خديه، والعالمة تهمهم لنفسها: إنه امرأة، يا دين الرب!
ونبرت:
- إذن لماذا، يا دين الرب؟
اعتدل، وجعلها تتناوله من جديد، وراح يضغطها بكل قواه، فصاحت:
- إذا كنت تريد هذا، فلتنتظر.
تناولته بين أسنانها، وراحت تعض، وماكبث يصرخ، ولما أرخته خشية، أخذها بعنف، فعادت تعضه، وماكبث يصرخ من جديد دون أن تبالي هذه المرة بصراخه. غرزت أنيابها في عضوه حتى تفجر دمه، وهو يصرخ أعظم ما يكون. تراخى في الأخير، وذهب نائمًا كفرخ النعام.


* * *

قال جوزيف ماكدويل لنائب الرئيس هادئًا:
- لعبتكم واضحة، يا سيد نائب الرئيس.
أجاب نائب الرئيس مبتسمًا:
- أثبت أنها لعبتنا، يا أستاذ ماكدويل.
- إنها لا تحتاج إلى إثبات. أنا أتوجه إليك، وأنا أعلم أنك تعرف أني أعرف، وبوصفك تعرف أني أعرف أبلغك ما يطلبه ماكبث منكم، أنت والسيد الرئيس وباقي الشلة هنا في البيت الأبيض، أن توقفوا الحملة الإعلامية الدائرة حول الأمن في الحال، وإلا جعل ماكبث من أمنكم الشخصي أمره. هذه الدسائس الدنيئة لا تمشي عليه، دسائس دفع الأبرياء ثمنها غاليًا. وهو لهذا يجد نفسه في الموقع المناسب من أجل الدفاع عنهم والثأر لدمهم.
ظل نائب الرئيس مبتسمًا:
- استطلاع الرأي العام اليوم يعطي للسيد الرئيس عشرة بالمائة زيادة، الشعب الأمريكي سيقف إلى جانبه.
- هل هذا ردك على ماكبث.
- هذا ردي.
وقف المحامي ماكدويل ليغادر هادئًا دومًا، ولكن كلماته كانت تتفجر عنفًا:
- ها أنا، باسم موكلي، أنذركما، أنت والسيد الرئيس، إذا لم توقفا كل شيء آخر أجل حتى الغد مساءً تصرفنا.
وأغلق الباب بهدوء من ورائه.
لم تتوقف الحملة الإعلامية حول الأمن وشجاعة رجال الأمن وخاصة شجاعة الرئيس قائد الأمن الفعلي، وإقدامه من أجل الدفاع عن الأمريكيين في أمريكا والعالم. واصلوا طرحه كالبديل لنفسه في الانتخابات القادمة، فأهليته الأمنية هي الأساسي مقابل الأهلية المالية لخصمه، ماكبث، أضف إلى ذلك ما ليس لخصمه، سلطته وخبرته ونفوذه، وأن على الأمريكيين أن يختاروا بين أمنهم وخبزهم، وهم على التأكيد سيختارون أمنهم.
عندما عاد نائب الرئيس إلى فيلّته في تلك الليلة الحالكة من الليالي الأمريكية، ليلة دون قمر ولا نجوم، وجد صديقه الذي يتقاسم حياته معه مكممًا ومربوطًا على كرسي في المطبخ. ذهب لنجدته مضطرباً، وإذا بعملاقين أسودين يظهران من ورائه. أراد أن يضرب بقدمه على زر يربطه بالإف بي آي إلا أن أحد العملاقين الأسودين اقتلعه، بينما أمسكه الآخر بصلابة. فرش العملاقان الأسودان أصابعه على طاولة الأكل، وأطلق كل منهما طلقة على يد من كاتم صوته. ألقياه على الأرض، وهو يزحف في دمه، ويصرخ صراخ المعتوه، وغادرا المكان سرًا كما دخلا.
توقفت الحملة الإعلامية حول الأمن تحت ذريعة المصلحة العليا للشعب الأمريكي، هكذا خرج نائب الرئيس بيديه المضمدتين للناس على شاشة التلفزيون معلنًا، ولتجنب الأخطار المحدقة بحياة الأمريكيين. بعد أسبوعين، كانت الانتخابات الرئاسية، وكان النصر، بالطبع، حليف ماك، بأغلبية ساحقة.
في الصباح الباكر، غادرنا كلنا المقر العام للانتخابات، وتفرقنا في شوارع العهدة الجديدة من التاريخ الأمريكي. كنا تعبين جدًا، حتى الأحلام في رؤوسنا كانت تعبة جدًا، أحلامنا كانت ترغب في النوم مثلنا، والأمواج كانت ترغب في الراحة مثلنا. كان البحر في رؤوسنا في جزر، جسده المتلاطم منذ قليل، والذي كان بتسونامي سلطته يسحق العالم، كان يتراخى على ضفاف خيالنا كما يتراخى على ضفاف هاواي. قرب بائعة الزهور، أوقف ماك ليموزينته، ودخل الدكان بقدمين مثقلتين. كانت الزهور لم تزل في كراتينها في تلك الساعة من الصباح، والفتاة الجميلة تعمل كل ما في وسعها على إفراغها. غاب الرئيس الجديد للولايات المتحدة لبعض الوقت، كأي فرد عادي، ثم ما لبث أن عاد بباقة من الورود البيض، وهو يشمها، وهو يضمها، وهو يبتسم ابتسامة الموناليزا.

* * *

مضت عدة أشهر على ماك رئيسًا للولايات المتحدة، عين ميراندا ماكماهيليان وزيرة للخارجية، كانت أصغر وزيرة للخارجية في كل تاريخ أمريكا، وأجمل وزيرة للخارجية، وأذكى وزيرة للخارجية، جعل من زوجتي كيلي مستشارة له، بل كبيرة المستشارين، وجوزيف ماكدويل مديرًا عامًا للبيت الأبيض، أما أنا، فلا شيء، قال لي احتل مكتبك في بلدية نيويورك، ولا ترني وجهك إلا عند الضرورة القصوى. جين كانت أسعد مخلوقة على وجه الأرض، وهي مشغولة، جد مشغولة بصبغ حجرات البيت الأبيض التي لا تعد ولا تحصى، وفي كل مرة تبدل رأيها، فتعيد صبغها، كانت تقضي معظم وقتها في إعادة صبغها. والأهم من كل هذا؟ سيسألني أحدهم. الأهم من كل هذا كان تأسيس ماكبث نظام مالي عالمي جديد، لم يَعُدْ بالمال الوفير على الماليين، كما كان يَعِدُ في برنامجه الانتخابي، وهو لهذا أثار كل خصومه ضده، في كل مكان، في الإدارة، في الجيش، في القطاع الخاص، وخاصة في أوساط رأس المال، لدى عظماء نادي جورج واشنطن أول هذه الأوساط، في كل مكان، في كل مكان، حتى في أعماق الأرض، حتى في أعالي السماء، في كل مكان، في كل مكان، في كل مكان. حاول البعض الاتصال بي عندما عرفوا ما بيني وبين ماك من توتر لتحريضي عليه، وذهب البعض إلى حد الطلب مني العمل معهم على "إقصائه"، والإقصاء يعني من بين ما يعني تصفيته الجسدية، فهددتهم، وقلت لهم إذا مس أحد شعرة من شعره كان حسابه عسيرًا معي. لم يكونوا يعلمون أن ماك وإن أساء إليّ يحسن صنعًا بي، وإن شح عليّ يكرمني. ذهبت عنده في المكتب البيضوي، فرأيته، وهو يدفن رأسه في ملفاته. قبض على مخلب نعامة، وشبك قدميه في وجهي، وهو يستمع إليّ. نقلت إليه كل شيء، وفي النهاية، قلت له هذا هو سر الأسرار، فانتبه إلى نفسك، وأردت الخروج، لكنه راح يهمهم كمن يكلم نفسه:
- المجهول للنقود كالمجهول للقبلة، لمعرفته عليك أن تمضي إلى الفعل، ولكنك تفاجأ بأسراره الكثيرة، فتذهب من سر إلى سر، على لسانك طعم المالنخوليا اللذيذ، وفي رأسك حيرة الرياضيين أمام مشكلة عويصة، لأن الأسرار كثيرة، جِدّ كثيرة، أسرار لا تعد ولا تحصى، وذهابك من سر إلى سر لا يكشف عن مجهول النقود، مجهول القبلة، فلا تتوقف، تداوم على امتطاء جوادي اللذة والحيرة، وتطارد الإبهام وقد غدا اللذة، وقد غدا الحيرة، تطاردك الكآبة، يطاردك القلق، القلق كإحساس ميتافيزيقي. هل يَصْدُقُ الإحساس بجزيل النعمة على شواطئ الكانكون؟ كان عليّ أن أقبِّلَ أكبر عدد من الفتيات، وإلا فلن أقف على كل أسرار المجهول للقبلة. فْرِنْشْ كِسْ، قبلة فرنسية، كان الشرط أن تكون قبلة فرنسية، أن أدخل لساني في فم الربة، وأن تدخل الربة لسانها في فمي، وأن نعقدهما في الجحيم الخَضِلِ، وأن نقرضهما. قبلة فرنسية كنت أصرخ، كبائع الفطائر. قبلة فرنسية. كانت هناك من الثغور ما تقبل، وكانت هناك من الثغور ما ترفض. قبلة فرنسية. هذا الثغر، وهذا اللسان، وهذا السر، وهذا القتل، وهذا الموت، وهذا الخلق من عدم، وهذه المحنة، هذه المحنة، هذه المحنة، هذه المحنة، هذه المحنة، هذه المحنة. قبلة فرنسية. كن يضحكن. كن يعتذرن. كن يغنجن. كن يقدمن شفاههن للذبح مجانًا. وأنت ما أن تقف على سر حتى تظهر لك أسرار، كما هو عليه الحال في البورصة. قبلة فرنسية. تنسى نفسك. تنسى أنك تسعى لفك أحاجي قبلة. تتذكر أنها عابرة. قبلة عابرة. قبلة واحدة. قبلة وحيدة. لن تتكرر. تتذكر، وكأن الحاضر الذي أنت فيه قد مضى. وكأن الحاضر هو الماضي. كجسدين يتعانقان على مقربة هناك، فوق الرمل الناعم الأبيض، الأبيض الناعم، ليس بعيدًا، وفي انعكاس أشعة الشمس يبدوان جسدًا واحدًا. تسقط في بحر المالنخوليا، وهذه المرة، لا لذة هناك لطعمها على لسانك، بل لذة طعم الملح، لذة طعم القلق، لذة طعم الكآبة. كل كانكون عالم للكآبة. وأنت تهرق دم قبلة من أحلى القبلات. كل المكسيك عالم للقلق. كل النقود في العالم لا تساوي شيئًا. هذا هو سر الأسرار الذي لن نعرفه عندما يتعلق الأمر بالمجهول في أحلى ثغر وفي أثرى بورصة.
نادى على ميراندا، وأبلغها ما أبلغته، فلم تجد ميراندا شيئًا آخر تفعله غير ما تفعله على طريقتها. اكتشفت عجزه، فانفجرت تبكي مرددة أن لا حظ لها معه. اقترحت عليه وصفة لذلك، وصفة عن أمها. لحم النعام. بيض النعام. خراء النعام. لم تنتظر منه جوابًا، إذ سارعت إلى طباخ البيت الأبيض تبلغه أمر الرئيس. على الفطور بيض النعام. على الغداء لحم النعام. على العشاء خراء النعام. وهذا كل يوم لأربعين يومًا. وصفة أمها. لأربعين يومًا. امتلأت حديقة البيت الأبيض بالنعام، وصناديق قمامته برؤوس النعام المذبوحة وسيقانه المقطوعة. أكل الرئيس من لحم النعام حتى ملت أسنانه، حتى التقزز، حتى جيشان النفس، و... دومًا دون فائدة. كانت عاهرة غرينويتش فيلاج ملاذه الأخير، أنيابها، طريقتها في العض، في إهراق الدم، اللذة الوحيدة التي بقيت له، كلما كان لديه بعض الوقت، وهو كان لديه الكثير من الوقت، لا كما يقال عن رئيس أعظم دولة في العالم. أضف إلى ذلك، نيويورك لرئيس الولايات المتحدة كانت على مرمى حجر، وكل وسائل النقل الجوية والبرية والبحرية التي كانت تحت تصرفه. عندما علم شيوخ بلدان الخليج الفارسي بحب الرئيس للنعام، جاءوه ببيضة نعامة ضخمة من الذهب الخالص. قالوا إنها هديتهم مقابل بعض الملفات الصغيرة عن قضايا العرب التي يريدون حلها: مصر، سوريا، لبنان، الأردن، العراق، السودان، الصومال، النعال، ليبيا، تونس، الجزائر، المغرب، البحرين، اليمن، الغائط، وإن شئت الخراء... فلسطين. بعض الملفات الصغيرة. ودون أن يطلب منهم الإذن، فتح الرئيس سرواله، أخرج عضوه، وشخ عليها، وهم يقهقهون، بينما هو يهمهم مرتاح البال، هانئ الضمير: لم يعد ينفع إلا لهذا.

* * *

كان الاجتماع في مكان سري لا يعرفه أحد، لم يكن في البنتاغون، ولم يكن في السي آي إيه، ولم يكن في الإف بي آي، كان في مكان يجهله حتى الحاضرون من كل أجهزة الدولة والكارتلات والرأسماليين، وكان أهم الحاضرين نائب الرئيس، مروحة الورق الأبيض. بدأ الكلام أحد جنرالات الجيش:
- أيها السادة، اجتماعنا اليوم، سيغير مجرى التاريخ، وسيكون من الواجب علينا أن نتخذ قرارات خطيرة تتوقف عليها مصائرنا ومصير أمريكا والعالم. النظام المالي العالمي الجديد الذي يعمل على إنشائه رئيس الولايات المتحدة الحالي، يهدم بين ليلة وضحاها كل ما بنته أمريكا خلالَ قرونٍ من العمل والتضحيات. السياسة السياسية والسياسة الاجتماعية والسياسة الاقتصادية التي تم ترسيخها بعرق ودم مواطنينا إلى عشرات السنين بل مئات الأعوام يُختلق اليوم غيرها لنجد أنفسنا نهبًا للشك والضياع. الدفاع عن الوطن والموت في سبيله غَدَوَا لا شيء يُذكر أمام الدفاع عن أوطان الغير والموت من أجلها. النظام المالي العالمي الجديد يعني أن تأخذ الدول التي هي تحت سباطنا اليوم مكان أمريكا، وحكام تلك الدول الذين كنا نقول لهم ارفضوا، فيرفضون، اقبلوا، فيقبلون، لأنهم كلابنا، عملاء لنا، وهم في خدمتنا، يستخدمون شعوبهم لحماية مصالحنا، هؤلاء الحكام سيملون علينا إرادتهم، وسيستخدمون شعوبهم بكل الوسائل وتحت كل الأشكال حتى الأشكال التي يقال عنها ديمقراطية وثورية لحماية مصالحهم هم لا مصالحنا نحن. أيها السادة، بعد هذا العرض القصير، فلتُفرش كل الاقتراحات على الطاولة!
قال أحد جنرالات المخابرات:
- فليسمح لي الحاضرون، أعتقد أن كل الاقتراحات يمكن إيجازها في اقتراح واحد: قتل الرئيس.
ضجت القاعة بالصرخات بعضها موافقًا وبعضها معارضًا، ونائب الرئيس، مروحة الورق الأبيض، يرسم على شفتيه ابتسامة شاحبة. انتظر جنرال المخابرات إلى أن عم الصمت:
- مع النظام المالي القديم، النظام بلا زيادة، تتغير الأشياء أو لا تتغير، وعندما تشتد الأزمة نقوم بإصلاحات تطيل من عمر النظام دون أن تزيل الأزمة، فالأزمة تبقى أزمة، الأزمة إلى الأبد ستبقى، ونحن نعيش معها، دونها تكون نهايتنا. هذا ما يجري اليوم، الرئيس الجديد يحاول استئصال الأزمة ونحن معها.
قال أحد عظماء نادي جورج واشنطن:
- أوافق على التحليل ولا أوافق على التنفيذ. قتل الرئيس مخالف لمُثُلنا وقوانيننا!
عاد جنرال المخابرات إلى القول:
- إنها الطريقة الوحيدة للتخلص منه فورًا، والأسهل من أية طريقة أخرى.
قال أحد جنرالات الأمن:
- موافق، ولكن كيف؟
تدخل أحد الموجودين من رؤساء الكارتيلات:
- انتظروا، أيها السادة! لم نصل بعد إلى كيف. مصرع الرئيس ماكبث بعد مصرع الرئيس كنيدي ليس بالأمر الهين، حتى وإن كان تنفيذ ذلك سيتم بأسهل الطرق. أعني أن النتائج ستكون وخيمة العاقبة، سينهار كل النظام القديم، ونحن معه، وربما كان ذلك مدعاة للذهاب بنظام ماكبث إلى أقصاه، وفي كل الأحوال ستكون نهايتنا.
علق جنرال الجيش:
- ستكون النتائج وخيمة العاقبة ولكن ليس إلى هذه الدرجة، أنتم تنسون، أيها السادة، أن نائب الرئيس، الذي هو معنا هنا، سيؤدي اليمين في الحال بعد مقتل ماكبث، سيمسك زمام الحكم بقبضة قوية، وسيعيد كل الأمور إلى نصابها.
نظر الجميع إلى مروحة الورق الأبيض ليسمعوا منه تأكيدًا أو تعليقًا، لكنه داوم على رسم ابتسامته الشاحبة على شفتيه.
سأل العظيم الرأسمالي:
- ولماذا لا نرغمه على الاستقالة؟
- نرغمه على الاستقالة كيف؟
- نحن لن نرغمه على الاستقالة.
- الدستور.
- الدستور لن يرغمه على الاستقالة.
- الدستور معه.
- إذا بدرت عنه تصرفات المجنون، الدستور لن يبقى معه، الدستور سيرغمه على الاستقالة.
- ليس هناك أعقل من ماكبث، أيها السادة.
- إذا ما لوحنا للملأ أن كل هذه الإجراءات مضرة على الزمن البعيد، وأيدتنا وسائل الإعلام، اتهمناه بالجنون، وقضينا عليه دون أن نقتله، وفي كل الأحوال، نائبه جاهز لأخذ مكانه (بينما يواصل مروحة الورق الأبيض رسم ابتسامته الشاحبة على شفتيه). أما إذا أردتم أن يكون بالفعل مجنونًا، فالوسائل كثيرة للضغط على طبيبه الشخصي.
- أُفَضِّلُ هذا، أحسن من قتله، وتلويث أيادينا بدمه.
- ولكنكم، أيها السادة، كما أرى، تبتعدون عن الموضوع كثيرًا.
- لنقتله إذن، ولكن كيف؟
- لنقتله إذن.
- ولكن كيف؟
- ولكن كيف؟
- لن أكشف لكم عن الخطة، ستبقى خطتي، وستظل سرية إلى الأبد، قال جنرال السي آي إيه. ولكن هناك نقطة اعتراض واحدة.
- ما هي؟
- نائب الرئيس.
- ما له نائب الرئيس؟
- ألا ترون أنه صينيّ؟
انفجروا كلهم ضاحكين، ومروحة الورق الأبيض يداوم على الابتسام بشحوب إلى ما لا نهاية.
- نرى أنه صينيّ، رئيس سابق للولايات المتحدة كان زنجيًا، وماذا يعني ذلك، صيني أم غيره؟ وحتى عربي، ماذا يعني ذلك؟ في كل مرة نوحي مع المحتل للمكتب البيضوي أن هناك عهدًا جديدًا، والواقع أن النظام القديم هو نفسه دومًا، بوجوه جديدة، وهلم جرا، منذ جورج واشنطن.
- صينيٌّ أم غيره الأهم هو إدارة الأزمة، أيها السادة.
نهضوا جميعًا، ومروحة الورق الأبيض يداوم، يداوم، يداوم على رسم ابتسامته الشاحبة على شفتيه.

* * *

لم يكن أحد في ممرات البيت الأبيض، ومن النوافذ، في الليل، كانت الأشجار لا تتحرك، وكأنها من شمع. كان الصمت هو المهيمن، لم يكن صمت المتاحف، ومع ذلك كانت رائحة الماضي في كل مكان. كان الماضي في المرايا، وكان يبتسم مع زهو الألوان. كانت للماضي ابتسامة شاحبة، وكان الماضي لا يتوقف عن الابتسام. لم تكن جميلة، ابتسامة الماضي، ولم تكن لتستفز أحدًا، فلم يكن أحد هناك، في ممرات البيت الأبيض، عند تلك الساعة البعيدة من الليل. ما عدا... إدي وبوبي، العملاقين الأسودين. كانا واقفين كتمثالين أمام باب غرفة نوم الرئيس. كانا يقومان بالحراسة، ولم يكونا يتحركان. كانا كتمثالين أفريقيين من تماثيل الاسترقاق، وكانت على عينيهما نظارة سوداء لا يبين الحاضر منها.
وعلى حين غرة، جاء رجلان من رجال السي آي إيه، جاء أحدهم من طرف، والثاني من الطرف الآخر، جاءا كلهبين أبيضين من جحيم المستقبل، فالتفت كل من إدي وبوبي إلى الاتجاه المضاد. ورجلا السي آي إيه على مقربة منهما، أخرجا كاتم صوتهما، وبسرعة البرق أطلقا، أطلق كل منهما في رقبة الدائر رأسه نحو الآخر. فتحا باب غرفة نوم أقوى رجل في العالم، ودخلا على رؤوس أصابع رجليهما، فلم يكن الرئيس في سريره، كانت جين. استولى على جين الرعب، وتفجرت عيناها بصمت، كما هو عليه في الأفلام الخرساء. غابت عن الوعي، عندما جاء رجلان آخران من رجال السي آي إيه، وقتلا زميليهما، ولم تر كيف جاء رجلان آخران بعد الآخرين من رجال السي آي إيه، وقتلا هما أيضًا زميليهما، ورجلان آخران، ورجلان آخران، ورجلان آخران. كل هذا بينما كان الرئيس في غرينويتش فيلاج يمارس إهراق دمه، وهو يصرخ من الألم واللذة. وككل مرة بعد قتل الروح، عاد يرتدي ثوب النعامة، ليعود خِفية كما جاء خِفية. لكنه، وهو في الزقاق، لم ينتظر اعتداء بعض السوقيين عليه. غصبوه نقوده، واغتصبوه، بينما هو يردد: أنا الملكة مارغو! أنا الملكة مارغو! وعلى سماع نفير سيارات الشرطة، امتطوا أجنحة الظلام.
- ماذا قلتِ لي، يا داناوي؟ سأل ماكبث ودانكان ترفعه بين ذراعيها.
- أردت أن أشاهد سقوطك، أجابت داناوي وهي تسكّن بأصابعها أوجاعه.
- في نظرتك ليس غير الاحتقار.
- الوضوح.
- حقًا! لا شيء غامض ابتداء من اليوم.
- أية شجاعة شجاعتك، يا ماك!
- تقولين عن الجبن شجاعة؟
- وأية قوة، وأية بصيرة!
- كلماتك الحلوة.
- أية مسئولية!
- أية لامسئولية!
- أية عقلانية!
- أية لاعقلانية!
- أية أُبالية!
- أية لاأُبالية!
- لعبت بك الهموم.
- تلاعبت بي الرياح.
- لم تدرِ بمن تلوذ.
- هل هي دعوة إلى الموت؟
- أنتَ لن تفضل الموت؟
- أريد أن أبقى معك.
- تعرف أن هذا مستحيل.
- لا شيء مستحيل وقد اكتملت النبوءة.
- ولكن لا أريدك أن تبقى معي.
- أما أنا، فأريد.
- أريدك أن تبقى معك.
- مسؤولية كبيرة أن أبقى معي.
- والوضع هذا لهذا.
- مدي لي يد العون.
- يلازمني النحس.
- تتملصين من واجبك.
- تُثَقّل على كاهلي ما تريد.
- تحيطين بكِ الالتباس.
- تُلْزِم نفسي بتضحيات.
- تلقين بنفسي في مأزق.
- تتمخض الليلة عن صباح أسود.
- داناوي!
- ...
- داناوووي!
- ...
- داناووووووووووووي!
في مركز شرطة غرينويتش فيلاج، عرف رجال الأمن في المعتدى عليه رئيس الولايات المتحدة، فذُهلوا. شاهد الأمريكيون رئيسهم في ثوب النعامة على شاشات التلفزيون، وهو يقدم استقالته، فقام العالم على الخبر ولم يقعد: مئات آلاف سيارات الإف بي آي والبنتاغون والسي آي إيه، مئات آلاف الأضواء الزرقاء والحمراء والصفراء والخضراء والبيضاء والسوداء والبرتقالية والقهوية والقمرية والقهرية والقبرية والزَّهْرية والزُّهَرية، مئات آلاف القنوات الناقلة لصور ماكبث في ثوب النعامة، ومزيد من الصور، ومزيد من الصور، ومزيد من الصور، الصور، الصور، الصور، سلطة الصور، ربوبية الصور، عبادتها، عبوديتها، السجود لها، التبرك بقدسيتها، بأُلوهيتها، بعهريتها، بشيطانيتها، بخرائيتها، بقيئيتها، المزيد من صور العار، المزيد من الصور الخلابة لرقصته، رقصة العار، في حفل الإغواء الإعلامي، رقصته المذهلة، المزيد من صور رقصته الفريدة، رقصته الغائطية، ومزيد من الصور، ومزيد من الصور، ومزيد من الصور، كان العار صورًا لانهائية، وكان العار على الرغم من كل دمامته فاتنًا أقحبَ خلابًا. وفي الليلة نفسها، أدى نائب الرئيس اليمين كما تحتمه الإجراءات الدستورية، وغدا مروحة الورق الأبيض، أول رئيس من أصل صيني للولايات المتحدة الأمريكية.

* * *
لا يوجد شر في ذاته، إنها الظروف التي تجعل من شخص خَيِّرًا أو سيئًا، أو من الشخص ذاته خَيِّرًا وسيئًا.
أول عمل قام به الرئيس الأمريكي الجديد المجيء إلى البيت الأبيض بالثالوث الذي كان يعمل معه: كارل روجرز أو العود الأحمر نائبًا، صندل القش للعلاقات والاتصالات، سيد البخور للطقوس والتجنيد. طرد كل من يعارض سياسته، وأبقى كل من يوافق عليها، طرد زوجتي كيلي، وأبقى ميراندا، ورمى الأستاذ جوزيف ماكدويل في ريكرز آيلاند، وأكثر من أي شيء، ملأ البيت الأبيض بجنود سيد البخور. أخذت تتصاعد رائحة العفن من البيت الأبيض، رائحة قديمة كانت حبيسة، رائحة مزكمة للأنوف غلبت على كل الروائح الأخرى كرائحة الأري المحترق أو رائحة البط المبرنق أو رائحة أزهار البرقوق، الرمز الوطني للصين. حتى ما هو عديم الرائحة كفضة القمر في المساء أو ذهب الشمس في النهار كانت له رائحة عفنة مزكمة للأنوف. كانت كل صفحات التاريخ التي كتبت في البيت الأبيض تند عنها رائحة عفنة مزكمة للأنوف، وكل ظلال العظماء الذين يعرفهم هذا المكان المَعْبَد اختلطت بظلال الحكام الألاعيب ورائحة نعال الجلادين الذين نفذوا بالحديد والنار في شعوبهم من الجرائم ما يُثقل الذاكرة. لم نعد نسمع في الممرات غير اللغة الصينية، ولم نعد نرى غير الظلال الصفراء، ولم نعد نقرأ على أبواب المكاتب غير أرقام تشير إلى هوية من يشغلها: 438 لسيد البخور، 432 لصندل القش، 426 للقطب الأحمر، 438 لنائبة رأس التنين، 489 لصاحب المكتب البيضوي، إلى آخره، إلى آخره، والكثير من 49 حيث يقيم الجنود. كان الله صينيًا في البيت الأبيض، وهو ككل شيء فيه كالأدوات المنزلية المتحركة بالكهرباء كالسيارات كالمسلسلات التلفزيونية كالفساتين القصيرة كربطات العنق يفوح برائحة عفنة تزكم الأنوف.
بدأت البنوك تعلن إفلاسها واحدًا تلو الآخر، وكان لهذا الوباء علاج وحيد يقوم به مروحة الورق الأبيض، ألا وهو الاستدانة من الصين، فتراكمت الديون، وغدت أضعاف أضعاف ما كانت عليه، وتضخمت الفوائد، والفوائد على الفوائد. لم يعد بالإمكان دفع الرواتب إلا بالأموال الصينية، لم يعد بالإمكان صيانة الجيش إلا بالأموال الصينية، لم يعد بالإمكان تشغيل المصانع إلا بالأموال الصينية، وبكل بساطة لم يعد بالإمكان العيش (الأكل الشرب اللبس النوم العمل التنفس الشخ التغوط التضاجع) إلا بالأموال الصينية. احتلت الصين أمريكا بأموالها، وكانت تلك الخطوة الأولى قبل اجتياحها، ونحن نرى دباباتنا صدئة، ومدافعنا صدئة، وبوارجنا صدئة، وحاملات طائراتنا مهجورة، وطائراتنا دون قطع غيار. كان الخطر كل الخطر يصدر عن قنابلنا النووية وصواريخنا العابرة للقارات، إذن ما تبقى لدينا من قوة خصصناه لها، لأن عدم الاعتناء بها يعني انفجارها، بيدِ طفلٍ يمكن انفجارها، وانفجار أمريكا والعالم معها. كان تفكيك هذه الأجهزة الجهنمية، يكلف أكثر مما كلف صنعها، لهذا فضل الجنرالات صيانتها بانتظار، بانتظار ماذا؟
في أحد الأيام، أمام ضعف المارينز وتدني عتادهم بالمقارنة مع العتاد الصيني، عتاد النانوتكنولوجيا، آخر طراز، وكذلك لاضطرار الجنرالات إلى التعاون مع الصين، وذلك بسبب اجتياحها المالي للولايات المتحدة، اجتياح القوي الذي لا يتزعزع، ولا يؤثر فيه شيء مهما عظم، تمامًا كما كانت أمريكا منذ عدة عقود، نزلت في موانئ نيويورك فرق جيش تحرير الشعب غير بعيد من تمثال الحرية، وذهبت في عرضٍ لها في الشارع الخامس، من سنترال بارك إلى ميدان واشنطن. كان الرئيس الأمريكي الصيني الأصل بابتسامته الشاحبة على المنصة هناك لمشاهدتها، وهي تسير في رتلٍ يتلو رتلاً، وكان يحرك يده لها علامة الرضاء والإعجاب، وإلى جانبه المرأة الحمراء. كان كل هذا يدعى بتوسع "الفار ويست" الجديد على حساب الأمريكيين، كل الأمريكيين، ففي الأزقة المؤدية إلى الشارع الشهير، كانت اعتقالات المحتجين بالعشرات، بالمئات، بالآلاف، والمظاهرات تقمع بالحديد والنار والتين الأصفر.


يتبع المِصراع الثالث القسم الأول



#أفنان_القاسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماكبث المِصراع الثاني القسم الثالث
- ماكبث المِصراع الثاني القسم الثاني
- ماكبث المِصراع الثاني القسم الأول
- ماكبث المِصراع الأول القسم الثالث
- ماكبث المِصراع الأول القسم الثاني
- ماكبث المِصراع الأول القسم الأول
- شهادات (15) دكتورة ندى طوميش
- شهادات (14) دكتور بركات زلوم
- شهادات (13) دكتور حسام الخطيب
- شهادات (12) دكتور سهيل إدريس
- شهادات (11) دكتور إحسان عباس
- شهادات (10) دكتور جان-فرانسوا فوركاد
- شهادات (9) دكتور محمد بلحلفاوي
- شهادات (8) دكتور جمال الدين بن الشيخ
- شهادات (7) دكتور أوليفييه كاريه
- شهادات (6) دكتور الأخضر سوامي
- شهادات (5) دكتور دافيد كوهن
- شهادات (4) دكتور جاك بيرك
- شهادات (3) دكتور دانيال ريج
- شهادات (2) دكتور أندريه ميكيل


المزيد.....




- -جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
- -هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أفنان القاسم - ماكبث المِصراع الثاني القسم الرابع