|
الخديوي إسماعيل المفترى عليه
محمد زكريا توفيق
الحوار المتمدن-العدد: 4512 - 2014 / 7 / 14 - 13:01
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
إذا سألت أي شخص ماذا يعرف عن الخديوي إسماعيل، غالبا ما تكون الإجابة: "حاكم مسرف، دين مصر وتسبب في احتلالها بالإنجليز؟". حقا لقد دينت مصر في عهد الخديوي إسماعيل، وكان هذا الدين هو سبب فقدها لاستقلالها. لكن، ما هو السبب في الدين؟ وهل نعرف إنجازات الخديوي إسماعيل التي تمت في عهده؟ هذا هو موضوع هذا المقال.
لم يكن الخديوي إسماعيل جميل الصورة. لكنه كان شخصية ساحرة. مظهره الخارجي غريب نوعا ما. لقد كان قصيرا يميل للسمنة. حاجبان كثيفان أحمران، وعينان نصف مختبئتان تعمل كل منهما مستقلة عن الأخرى. عندما يحدثك، يقفل إحداهما ويرمقك بالأخرى.
يتحدث عادة بالفرنسية التي يتقنها جيدا. ذكي، متألق، سريع البديهة. يبدع عندما يعطي حديثا، ذاكرته أسطورية. له قدرة فائقة على الإقناع، حتى بالنسبة للمتشككين في نواياه.
حكم إسماعيل مصر 15 عاما، من 1863م إلى 1879م. كانت سمعته تسبقه كحكيم ومدير ناجح من الطراز الأول في إدارة شئون ممتلكاته. عندما أصبح خديوي مصر، نمت طموحاته واتسعت آماله. لكنه، مثل معظم الحكام في عصره، لم يكن على دراية عميقة بالشئون المالية.
في عهده، تم حفر قناة السويس. وتم حفر 112 ترعة بطول 8400 ميل. شبكة الخطوط الحديدية، زادت في عهده من 275 إلى 1185 ميل. خطوط التلغراف زادت بمقدار 500 ميل. أقام 430 كبري وقنطرة على النيل وفروعه.
شيد ميناء الإسكندرية وميناء السويس. بنى 15 فنارة لإرشاد السفن. وأقام 64 مصنعا للسكر. في عهده، تم استصلاح مليون وربع مليون فدان من الصحراء. ما بين عامي 1862م و 1879م، ارتفع تصدير الورود المصرية من 4.5 إلى 13.8 مليون جنيه استرليني. بدأ فى تحسين مياه الشرب وإنارة الشوارع وإمداد الغاز.
قام بإصلاح الجهاز الإداري والقانوني للدولة. الجمارك والبريد حدث لهما تطوير كبير. كما زادت ميزانية التعليم في عهده، وسمح لأول مرة بإنشاء مدارس للبنات وهي الأولى بالنسبة للامبراطورية العثمانية كلها. وأنشأ دار العلوم لتخريج المدرسين، وأعاد تنظيم التعليم العام.
في عام 1863م، كان عدد المدارس الأولية 185 مدرسة، زادت في عهد إسماعيل إلى 4685 مدرسة، عام 1875م. مما جعل مراسل التايمز في الإسكندرية يكتب لجريدته بأن مصر تشاهد تقدما حضاريا رهيبا. فهي قد حققت تقدما عظيما منذ حكم محمد علي، يزيد على التقدم الذي حققته دول أخرى في 500 سنة.
في بداية ولاية الخديوي إسماعيل، قام الخديوي بزيارة باريس. اعجب إعجابا بالغا بالحضارة والعمران الباريسي. من ثم، عاد إلى مصر عاقدا العزم والنية على أن يجعل من القاهرة باريس أخرى على النيل.
طبعا القدر يلعب دورا هاما في حياة الشعوب. في هذه الأثناء، كانت الحرب الأهلية على أشدها في الولايات المتحدة، بسبب قضية تحرير العبيد. بالتالي كانت هناك أزمة في إنتاج القطن العالمي نظرا لغياب القطن الأمريكي.
اتجهت الأنظار إلى القطن المصري وغلا سعره. زادت صادرات القطن المصري إلى السوق العالمية من 16 مليون دولار عام 1862م إلى 56 مليون دولار عام 1864م. القطن كان بالنسبة لمصر في ذلك الوقت، مثل البترول بالنسبة لدول الخليج بعد حرب 1973م.
مما جعل حجم الأرباح التى تتوقعها مصر مبالغاً فيها. فى غضون هذه النشوة، كان حلم إسماعيل باشا هو تغيير مصر وتحويلها إلى بلد أوروبي، وبناء إمبراطورية قوية تمتد جذورها إلى عمق أفريقيا. كان هذا الحكلم يفوق الواقع، وخصوصا مع تربص قوتين عظمتين يراقبان مصر ويقفان لها بالمرصاد، هما إنجلترا وفرنسا.
الفلوس موجودة، والنية معقودة، والأيدي العاملة رخيصة ومتوافرة، والخديوي كان يقول: "هوايتي الطوب والمونة". فماذا ينقصنا الآن؟ الذي ينقصنا هو الخبرة. فلنستورد الخبرة اللازمة. لذلك تطلعت الأنظار إلى خبرة المهندسين الإيطاليين والفرنسيين في تخطيط المدن والمعمار.
اقترض إسماعيل باشا كثيراً، حتى يسرع في عملية البناء، وتحويل مصر من دولة متخلفة إلى مصاف الدول الأوروبية جمالا وروعة في أقصر وقت. على أمل أن الدخل من حصيلة القطن وقناة السويس مستقبلا، كفيلان بسداد تلك الديون.
بدأ حركة البناء على قدم وساق، مما جعل الخديوى إسماعيل عام 1879م، يقول: "إن بلدى لم تعد فى أفريقيا، نحن الآن أصبحنا جزءاً من أوروبا.
لذلك، أسس الخديوي إسماعيل مدرسة الري والمهندسخانة في العباسية، التي أصبحت فيما بعد كلية الهندسة بجامعة القاهرة. وأسس أيضا مدرسة الفنون والحرف ببولاق، التي صارت نواة لكلية الهندسة جامعة عين شمس فيما بعد.
ميدان العتبة وكذلك باقي منطقة وسط البلد، كانت أرضا بلقعا وبركا ومستنقعات حتي نهر النيل. تغمرها مياة الفيضان معظم الوقت. يرجع الفضل في تعمير منطقة وسط البلد للخديوي إسماعيل ووزيرة علي باشا مبارك.
قام الخديوي بتجفيف أكثر من نصف مليون فدان من المستنقعات، وتحويلها إلى أراضي زراعية وسكنية. وأنشأ كورنيش النيل، وعمل مجرى للسيول، حتى لا تتعرض القاهرة للفيضان سنوياً
قام علي باشا مبارك بتعيين الأوروبيين، وخصوصا الإيطاليين منهم، في وزارة الأشغال وفي المشاريع الخاصة بالبناء وتخطيط القاهرة الجديدة، وبناء قصور الخديوي والفيلات الخاصة.
بعض الأسماء التي لمعت هي: فرانسيسكو باتيجيللي، كارلو برامبوليني، برتو أفوسكاني، كارلو فيرجيليو سيفاجني، لوجي جافاس، أوجستو سيساري، وجوزيب جاروزو، الذي قام ببناء متحف الآثار المصري، وقصر عابدين، وفندق شبرد، ومبنى المطافي في ميدان العتبه الخضراء.
معظم المباني التي بناها الإيطاليون كانت على غرار مباني عصر النهضة في إيطاليا. حيث الأعمدة "التوسكان" والدعامات "الأيونية" والشبابيك والأبواب المزينة بالتماثيل.
أما المهندسون الفرنسيون، فكانوا مشهورين بالطراز "الباروكي" الفرنسي، الذي ظهر في بعض مباني القاهرة وحي جاردن سيتي والظاهر. حيث البلكونات الرقيقة، وشغل الحديد و"الفرجيه" في الأبواب والشبابيك ومداخل الرخام والمشايات.
قام "باريليه ديشامبز" المهندس الفرنسي مع "ديلشيفاليريه"، بتصميم حديقة الأزبكية على نمط الحدائق الفرنسية. ونقلت إليها مجموعة أشجار ونباتات نادرة الوجود من كل أنحاء العالم. عملت بها بحيرة صناعية صغيرة بها قوارب للنزهة تعمل بالبدال مثل الدراجات.
أنشئت فوق البحيرة عدة كباري. وبنيت على ضفافها استراحات شرقية لتناول الشاي، ومطاعم لتناول الوجبات الخفيفة واستديو للتصوير الفوتوغرافي، وسرادق على النمط الصيني، ومدرسة للتدريب على رياضة الشيش، ومسرح (مسرح الأزبكية) ومول تجاري.
كان الخديوي يعرض الأراضي الفضاء في منطقة وسط البلد للبيع بثمن بخس بشرط أن تقوم بالبناء في خلال 18 شهر، وأن لا تقل التكلفة عن 30 ألف فرنك للمبنى الواحد.
أمر الخديوي ببناء دار الأوبرا الخديوية في الأزبكية عام 1868م، على نمط دار أوبرا "لاسكالا" في ميلانو. بناها الإيطالي "بيترو أفوسكاني" في خمسة شهور.
لكي تعرض فيها أوبرا عايدة لفيردي، والتي كتبها مدير المتحف المصري جان فرانسوا شامبليون. لكن الأوبرا لم تكن مكتملة عند افتتاح قناة السويس، بسبب تأخر المركب التي شحنت عليها الملابس والديكورات. لذلك عرضت بدلا منها الأوبرا الإيطالية "ريوجوليتو" وهي أيضا لفيردي.
تم أيضا بناء كوبري قصر النيل في عصر الخديوي إسماعيل عام 1871م. وهو أقدم الكباري التي انشئت في القاهرة. يقع بالقرب من ميدان التحرير، ويتميز بتماثيل الأسود الأربعة، القابعة عند مدخلي الكبري. قامت ببنائه شركة فرنسية. وتم إعادة بنائة عام 1932م في عهد الملك فؤاد.
حديقة الحيوان بالجيزة، أمر بانشائها الخديوي إسماعيل. تم افتتاحها عام 1891م في عهد الخديوي توفيق. كانت توجد بها زهور ونباتات وأشجار مستوردة. بها قرابة ستة آلاف حيوان، تمثل 175 نوعا مختلفا. بينها أنواع نادرة من التماسيح والأبقار الوحشية. كانت تقع على مساحة 80 فدان.
كانت توجد بها جداول مائية وكهوف بشلالات وجسور خشبية. وبحيرات للطيور المعروضة. وكان بها أيضا مجموعة نادرة من الطيور والزواحف ومتحف للحيوانات والطيور والفراشات المحنطة.
سرعان ما أصبحت القاهرة مدينة لا تضاهيها مدينة أخرى. لا في الشرق ولا في الغرب، لا يوجد مثلها في أوروبا ولا في أمريكا.
كان على باشا مبارك يشرف بنفسه على تصميم شوارعها وميادينها، وكان مصرا على أن تكون شوارع وميادين القاهرة أفضل من شوارع وميادين مدينة باريس.
أحد قصور الخديو إسماعيل، الذي خصص سابقا للزوار الكبار وملوك ورؤساء الدول الأجنبية، أصبح فندق شبرد فيما بعد. شارع الهرم المزين بالأشجار على الجانبين، كانت به استراحة للخديو تحولت إلى فندق ميناهوس.
القصر المخصص للملوك وكبار الزوار في افتتاح قناة السويس، الذي كان يقع في أرض الجزيرة، المعروفة حاليا بالزمالك، والذي نزلت به الامبراطورة أوجيني من فرنسا، وولي عهد بروسيا، وغيرهم من الزوار. هذا القصر أصبح الآن فندق ماريوت.
في شارع شبرا، كانت أشجار الأكاسيا والجميز على الجانبين. وكان من أهم شوارع القاهرة. لأن علية القوم حذت حذو الخديوي في بناء الفيلات والقصور الفارهة على الجانبين.
بدأت السياحة تزدهر في مصر بشكل كبير. وكانت السائحة تذهب من الإسكندرية إلى أسوان وحدها، لا يرافقها سوى صبي صغير، تتنقل على ظهر دابة في أمان، دون خوف من اللصوص وقطاع الطريق. ذلك بفضل نظام العمد والخفر الذي كان يطبقه إسماعيل باشا بصرامة.
قبل ظهور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، حظر إسماعيل باشا العبودية وتجارة الرقيق فى مصر، وكان يقوم بفتح أماكن كثيرة فى أفريقيا لمنع تجارة الرقيق بها.
كان يؤمن بحرية العقيدة الدينية. حث الأغنياء على التبرع للمؤسسات الخيرية، بالنسبة لجميع الأديان والمنظمات الدينية. عين القساوسة الأقباط فى عمليات تعليم وتثقيف أفراد الجيش المصري.
أدخل إسماعيل باشا الديمقراطية إلى مصر فى 26 نوفمبر 1866، ولأول مرة تم تكوين مجالس القرى المحلية، حتى وصل بها الأمر إلى أن يكون لهذه المجالس تأثير هام على الشئون الحكومية، لاسيما فى مجالات ملكية الأراضي والامتيازات الضريبية والإصلاح القضائي.
وفر التعليم للجنود المصريين وأبنائهم. عين خبراء أجانب لتدريب الضباط عل فنون الحرب الحديثة. أسسل جيشا قويا، نجح في ضم دارفور عام 1874 إلى إمبراطورية مصر والسودان، وحاول ضم جنوب أفريقيا.
حث الأرستقراطيين فى مصر على إرسال أبنائهم للتعلم فى أوروبا، وعندما عادوا إلى بلادهم جلبوا معهم الحضارة، وزرعوا البذور التى أثمرت مصر الليبرالية وثورة 1919 وإنهاء الاحتلال البريطاني.
أصر على إلغاء نظام السخرة، في مفاوضاته بشأن الدين المصري، الذي كانت تتبعه شركة قناة السويس في جمع المصريين للعمل في الحفر بدون أجر.
لكن، أين ذهبت هذه الكنوز التاريخية الفنية المعمارية؟ أين ذهب هذا التراث؟ كيف تثنى للفرنسيين الحفاظ على ثروة باريس المعمارية وتحويلها إلى أسطورة، بينما كنوزنا المعمارية بوسط البلد، قمنا بتحويلها إلى عيادات مهملة وورش ودكاكين وبوتيكات قبيحة المنظر.
كيف أضاع الاهمال والغباء وعدم الوعي وربما الخيانة، أعمالا تاريخية حضارية فنية شديدة الخصوصية والرقي والروعة. كانت في يوم من الأيام آيات للفن والتاريخ والثقافة والحضارة.
ما يقرب من ثلاثمائة عمارة ومبنى وسط القاهرة، تترك للقذارة والزبالة والحشرات والقوارض والرطوبة. تحول معظمها إلى ورش وعيادات ومحلات حلاقة وقهاوي بلدي. لا تلقى الحد الأدنى من العناية والصيانة اللازمة. ذاكرة تتآكل لبلد يتحلل وينتحر.
حديقة الحيوان التي كانت تصنف من أجمل حدائق الحيوان في العالم، اقتطع جزء كبير من أرضها لبناء كلية الهندسة بكافة مساحاتها ومبانيها ومعاملها. لكي تتقلص مساحتها من 80 فدان إلى 357 الف متر فقط. مع استمرار التدمير والتشويه للحديقة، تراجع التقدير العالمي لها، وأصبحت من أسوء حدائق الحيوان في العالم. وهذا وسام يجب أن يعلق في رقاب من حكموا مصر في هذه الآونة.
حديقة الأزبكية التي أنشأها المهندسون الفرنسيون، والتي كانت بها 800 شجرة نادرة وكشك للموسيقى الحية، تم اغتصابها واغتيال نضرتها وقتل نباتاتها وردم بركتها وتقليص مساحتها حتي لم يبق منها شئ الآن.
تم تقسيم ميدان الأزبكية إلى أربعة أماكن. تضم حاليا مبنى البنك المركزي الجديد ومحطة بنزين وجراج الجمهورية ومبنيين لوزارة الشئون الاجتماعية والتأمين الصحي.
أما الحديقة نفسها، فقد قسمت وشيد على جزء منها سنترال الأوبرا، واخترقها شارع 26 يوليو فقسمها نصفان. فلم تعد حديقة وميدان الأزبكية كما كانت، وأصبحت ذكرى من هذا الزمن الجميل الذي لن يعود.
حديقة التحرير، هي الأخرى تم تحويلها إلى مواقف أوتوبيسات. حديقة قصر محمد علي بشبرا، التي كانت تبلغ مساحتها 50 فدان، كانت تعتبر من روائع القاهرة ومن أندر حدائقها. أين هي الآن؟ القصر نفسه كان من أندر القصور في العالم.
لكن دوام الحال من المحال، انتهت الحرب الأهلية الأمريكية عام 1865م، وبدأت تضخ كميات كبيرة من القطن الأمريكي في السوق العالمية. إنخفض تبعا لذلك دخل مصر من حصيلة بيع القطن المصري إخفاضا كبيرا. وبدأت متاعب الخديوي إسماعيل الإقتصادية.
ظلت الديون تتراكم، إلى أن اضطر الخديوي في صيف عام 1875م، إلى بيع نصيبه من أسهم شركة القناة. وكان إسماعيل يمتلك 176602 سهما من مجموع الأسهم الذي بلغ 400 ألف سهم. حصيلة بيع أسهم الخديوي كانت 4 مليون جنيه إسترليني.
في الواقع، لم تشتر إنجلترا كل أسهم قناة السويس، بل 44% منها. وبالرغم من ذلك، كان تأثير ذلك مريعا على مصر واستقلالها.
لم تكن مصر وحدها التي كانت في ضائقة مالية في ذلك الوقت. كانت الإمبراطورية العثمانية على وشك الإفلاس. وكانت أيضا إسبانيا والعديد من دول أمريكا اللاتينية، وكانت بريطانيا ترفض التدخل لحماية المستثمرين البريطانيين وأصحاب الأسهم والسندات في هذه الدول. لكن مصر كانت مختلفة. لأنها تقع وسط الطريق إلى مستعمرات بريطانيا في الهند.
مع إنهيار سوق الأوراق المالية المصرية، طلب الخديوي النصيحة من بريطانيا. أرسلت بريطانيا بعثة برئاسة "كيف" في ثوب ناصح أمين، ولكن الهدف كان التفاوض على سيطرة بريطانيا على الاقتصاد المصري نظير المساعدة.
كان إسماعيل باشا، لتحقيق مشروعه الحضاري، يقترض أموالا من البنوك والشركات المصرفية الأوروبية بأسعار فائدة مركبة وعالية، الأمر الذى أدى إلى ازدياد التدخل الأوروبى فى الشئون المالية لمصر، بالرغم من قيام مصر بدفع الديون وفوائدها فى مواعيدها. لكن لم تكن الديون هي السبب الرئيسي للاحتلال البريطاني والوصاية البريطانية –الفرنسية على مصر.
بريطانيا وفرنسا كانتا من الدول الاستعمارية مصاصة الدماء، التي تهدف إلى السيطرة على مقدارت الشعوب الضعيفة. لقد كان هدف بريطانيا هو احتلال مصر سواء كانت مديونة أم لا. هذا يذكرنا بقصة أيسوب. "الذئب والحمل، وتعكير صفو ماء الجدول الصافي من المصب، لا المنبع"
إنجازات إسماعيل باشا عاشت طويلا، وقدمت فوائد كبيرة لكل المصريين، وأعتقد أن الخديوى إسماعيل كان يتوقع التدخل والاحتلال الأوروبى، وأنه شر قادم لا مفر منه، فأخذ على عاتقه بناء مصر، وهو لا يزال فى السلطة وعلى حساب أوروبا.
الدول تستدين للبناء والتعمير. والأفراد تستدين لبناء البيوت. والتجار تستدين للتوسع في التجارة. الإستدانة في حد ذاتها ليست عملا شريرا، إذا كان الهدف نبيلا.
أمريكا في فترة العشرينيات، استدانت أموالا طائلة للتشييد والبناء. مما أدي إلى تقدم إقتصادي كبير وطفرة علمية هائلة في صناعة السيارات والسينما والراديو والكيماويات والمواصلات وتحقيق حلم الرجل الأمريكي في وظيفة وبيت مستقل. ثم مرت الولايات المتحدة بفترة الكساد العظيم وعجزت عن تسديد ديونها، ولم يقم أحد بإحتلالها.
لكن ما قد بناه وأنجزة الخديوي إسماعيل في فترة حكمه القصيرة نسبيا، لا ينكره إلا جاحد أو مكابر. ثم يأتي مسلسل سراي عابدين، على نمط مسلسل حريم السلطان التركي. لكي يصور لنا الرجل في أسوأ وأحط صورة. دون وازع أخلاقي أو وطني أو حتى إنساني. ولكي يضع في أذهان المصريين والعرب المشاهدين، صورة كاذبة سيئة لرجل عظيم، باني مصر الحديثة، هو وجده محمد على باشا الكبير.
فهل من حق صناع الدراما، تشويه التاريخ باسم الفن؟ هذا سؤال يترك للسادة القراء.
#محمد_زكريا_توفيق (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الكستيس، ليوريبيديس - هل يمكن أن تفدي الزوجة زوجها بحياتها؟
-
نساء طروادة، ليوريبيديس - صرخة ضد الحرب والعبودية
-
إفيجينيا، ليوريبيديس - التضحية بالأبناء إرضاء للرب
-
إلكترا، لسوفوكليس
-
أنتيجون لسوفوكليس، أقدم صرخة في وجه الدكتاتورية
-
الدراما الإغريقية
-
بروميثيوس مغلولا لأسخيلوس
-
هل يمكن أن نقتدي بعصر النهضة الأوربية
-
إراسموس – من رواد عصر النهضة
-
قصة الموسيقى الغربية – ديفورجاك-تشايكوفسكي-آخرون
-
في عيد أمنا الأرض
-
قصة الموسيقى الغربية – فاجنر
-
قصة الموسيقى الغربية – ميربير-ليست-برامز
-
قصة الموسيقى الغربية – مندلسون
-
قصة الموسيقى الغربية – شومان
-
من نحن – أصل الإنسان
-
من نحن – الجانب المظلم
-
من نحن – مخ الإنسان، نعمة أم نقمة؟
-
من نحن – الدين والتدين
-
قصة المماليك – الظاهر بيبرس (3 / 3)
المزيد.....
-
لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن
...
-
مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد
...
-
لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟
...
-
إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا
...
-
مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان
...
-
لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال
...
-
ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
-
كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟
...
-
الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
-
مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|