نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..
(Nedal Naisseh)
الحوار المتمدن-العدد: 1275 - 2005 / 8 / 3 - 11:28
المحور:
كتابات ساخرة
الـ, Missed Calls أو المكالمات التي لم يتم الرد عليها, انتشرت بكثرة مع شيوع ثقافة استعمال الجوال ,فكثيرمن المكالمات لا تلقى إجابة وصدى لدى المتلقي لعدة أسباب ,وسنفترض حسن النية على الدوام من مثل الانشغال,أو عدم سماع النغمة بسبب قيادة السيارة أو النوم ,أو صوت المدرعة "جوزته"الطاغي على كل الأصوات,أو نشرة الأخبار ,والإزعاج الحاصل حين تشاهد مسئولي العربان على التلفاز,أو تسمع وترى صوت وشكل المذيع المكفهر الحمقان الذي ينسيك حليب ست الحبايب ايام الطفولة والرومانس, أو,وهو الأرجح على الدوام ,"ملعنة"وشيطنة,ونكاية وعدم الرغبة في سماع الصوت على الطرف الآخر,أو تهرب من لقاء,أو التزام ,أو دَيْن ,أو مشوار.ومن أدبيات استخدام الجوال أنه عند اكتشاف "مكالمة ضائعة" لم يتم الرد عليها,أن يقوم الشخص بالاتصال بالشخص الطالب وتطييب الخاطر وتبيان الاعذار ,أو تقديم"الكذبات" والتبريرات, كما هو حاصل ,في دنيا الكذابين الكبار.وللحق هناك بعض الأشخاص المزعجين والذين لا عمل لديهم,ولا نقود أيضا,ولا رصيد في بطاقتهم,ويريدون التحدث والثرثرة في الجوال مثل رجال البزنس المهمين, أو العشاق الولهانين,أو البطرانين الذي لايعرفون كيف يبذرون الأموال ,أو لـ"الفشخرة" و"البهورة" أمام الناس بأنهم مهمون ومشغولون على الدوام.وفي نفس الحالة هناك أناس لا يأبهون بمشاعر الغير ويتعمدون عدم الرد على أناس هم في حاجة ماسة لخدماتهم ,ومشورتهم,أو قضاء حاجة مهمة لهم,إما لعجزهم أو جهلهم,وهنا يصبح الموضوع غير أخلاقي على الإطلاق,كما هو الحال عندما يحاول أحدهم أن يوحي بأنه مهم جدا, ولا وقت لديه للرد على "صغار القوم",نظرا لانشغاله بأمور خارقة وفوق تصور البسطاء. وفي كل هذه الحالات يكون هناك الكثير من المكالمات الضائعة ,أو التي لم يتم الرد عليها.وكم من فتى نمرود أحمق داعب مخيلة حلوة هيفاء ومنّاها بالوعود والأحلام ,ثم مارس عليها لعبة الـ Missed Calls والنصب والتمني والإحتيال؟
وحال الشعوب التي لا تملك أي"رصيد" كاف من الحياة السياسية الصحية مع حكامها لإجراء أي حوار ومكالمة حتى للمجاملة والسؤال عن الأحوال التي لم تعد تسر على الإطلاق,هي كمثل حال هؤلاء في معمعة النصب والتجاهل والإعماء, وما يهمنا نحن ,بالطبع ,من كل هذا "العك والعلاك "اللاسلكي ,هو ذاك الكم الهائل من المكالمات التي أجرتها ,وتجريها لحد الآن هذه الشعوب المنكوبة الطفرانة التي لم "تفعّل" خدمة الديموقراطية لديها , ولا تجيد استخدام"الجوالات "وتقنية الإتصال حتى الآن.فقد أرسل الكتاب والمثقفون والمعارضات, التي فقست بالجملة ,هذه الأيام ,الكثير من الإشارات ,و"الرنات",والمكالمات الضائعة التي لم يتجشم الأباطرة من أصحاب العزة والكبرياء عناء الرد ,أو مجرد النظر إلى الهاتف ومعرفة هوية المتصل لأن ذلك ليس من ضمن اهتماماتهم على الإطلاق.وقد أجرت الشعوب البائسة الكثير من المحاولات ,وغيّرت "النغمة" عدة مرات من أغنية علوش ,إلى شاكيرا ,إلى "آخ ونص حبيبي أنت تعال بس شوف وبص ",كما غيرت مستوى الصوت والرنين والمطالبات,ومدة الطنين, ومن عدة جوالات بعد أن "انكشفت" جميع أرقام المتصلين,ومصدر المكالمات, وأصبحت معروفة للجميع ,وأجرت عدة محاولات من هواتف أرضية ثابتة ,أوالثريا الفضائية ,وإليكترونية إنترنتية,كما غُيرت الموسيقى من الصاخبة إلى الكلاسيكية إلى الدلعونا والأراصية ,لا بل كانت الحكومات في بعض الأحيان تقفل "أجهزتها" الفاخرة نهائيا ,أو تضعها على وضع "الصامت" حتى ساد السكون عقودا من الزمان,والمحصلة في كل مرة لاجواب ولا اتصال.وسنفترض دائما كما قلنا سابقا حسن النية والانشغال بقضايا الأمة والأوضاع المصيرية التاريخية والصراع مع الإمبريالية ووضع الخطط الإستراتيجية,وقص الشرائط الحريرية للمشاريع النهبوية .
وفي رقع القطيعة ,والتناحر ,والتطاحن,والتشرذم, والانشطار لم يعد أحد يرد على أحد ,وأصبحت المكالمات والحوارات كلها ضائعة,ولا يأبه بها أحد, وأهم ما يميز الأجواء,والحياة المشحونة بكل أسباب الانفجار, وكل يعمل على "موجة" خاصة من المستحيل أن تلتقط أية "ذبذبات" ولو من بضعة أمتار,أوبيوت الجيران.
وبما أن الحال من "بعضو",وكما تدين تدان,تحاول بعض من هذه الأنظمة أن تجري ولو اتصالا واحدا "خارجيا"فيما وراء البحار والمحيطات,ولكن يبدو أن الخط "لايعلّق" معها أبدا ,وتستمر في الرنين والطلب ,والإزعاج ,ولكن لا يتجشم القياصرة على عروش الدولار والقرار عناء الرد بغطرسة وقرف واشمئزاز واستكبار أحيانا ,وتتراكم المكالمات الضائعة التي لا يُرد عليها , حتى ولو من موظف استعلامات ليجبر بخاطر الشباب,الذين كادوا يفقدون صبرهم ,وكراسيهم من مرارة طلب نفس الأرقام.
فمتى ستمتد الأيادي البيضاء إلى الأجهزة الخرساء ,وتنفتح الأجواء,و"تفعّل" الخطوط بين جميع الفرقاء,وتتنازل بالرد على كل المكالمات السابقة الضائعات ؟ فلم يبق أي رصيد لدى هؤلاء الطفرانين البؤساء, و"البطارية" قد فرغت تماما, وأصبحت في مرحلة حرجة, وبحاجة لشحن وكهرباء, لتستمر وتمضي في الحياة من كثرة الطلبات والطنين والرنين والإزعاج ,الذي صدع الرؤوس ,وملأ الأجواء بالألحان,والأشجان.ومن حسن حظ الجميع,بما فيهم الحكومات, أن المكالمات الضائعة كلها بالمجان وإلا "لشحذ" الجميع الملح ,والخبز اليابس,وأجور المكالمات,وأوراق التوت التي تستر العورات.
وردّوا علينا, وافتحوا الخطوط,كرمال النبي ,يا شباب.
#نضال_نعيسة (هاشتاغ)
Nedal_Naisseh#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟