لماذا يخلقنا الله ثم ينسانا ؟

احمد داؤود

الحوار المتمدن-العدد: 4508 - 2014 / 7 / 10 - 22:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

قبل مايقارب العام ونيف وحينما كنت متدينا بدائيا اؤمن بترهات اله الاسلام بادرني احد اصدقائي الملحدين بالسؤال اعلاه . ولاني كنت مؤمنا بفكرة الغضب الالهي تجاهلته .بل ودفنت راسي في الرمال كالنعام او قل ككل مؤمن بدائي يتمسك بتعاليم بدوي صدرت منذ القرن السابع الميلادي .قد كانت هنالك عوامل تمنعني من الخوض في مثل تلك التساؤلات او حتي التفكير في وضع اجابة لها .ولكن الان اعتقد بان تلك العوامل قد تلاشت . وهذا بالضرورة سيلزمني لا عادة ذات التساؤل . لماذا يخلقنا الله ثم ينسنا؟.

المتدين الساذج يؤكد باستمرار ان الله لم ينسنا .وانه سيكافئنا في العالم الاخر .ولكن مثل الترهات واهية وغير موضوعية .فالادلة التي بحوزتنا تشير الي ان الله نسانا .فالمئات من الابرياء يموتون كل يوم .واخرون تحصدهم الة الحرب .وفئة اخري تعاني من الجوع والفقر والخوف والجهل .ومع ان هذا الله يفترض ان يتكفل بحمايتهم الا انه فضل سياسة التغاضي والتجاهل حتي ان عبارة _يبدو ان الله نسانا _ ظلت تتردد علي لسان الكثير من المتدينين .

حسب ما اشرت سابقا ..المؤمنون يقولون ان الله لم ينسنا .ويؤيدون مقولتهم بالتبرير الواهي : انه يريد ان يبتلينا ليعرف المؤمن من الملحد .يا له من غباء ..ومع انهم يدركون مسبقا ان الله الذي خلق الكون والانسان ليس بحاجة لاختبار الناس ليدرك ما بداخلهم او حتي ردود افعالهم ازاء موقف بعينه .

نعود للسؤال السابق :لماذا يخلقنا الله ثم ينسنا ؟ هنالك احتمالين .

_الاحتمال الاول : انه لم يخلقنا .
_الاحتمال الثاني : انه خلقنا ولكنه عاجز.

اذا اخذنا الاحتمال الاول سنجد ذاتنا امام سؤال المؤمنين الواهي ،كيف يعقل ان ناتي من العدم؟ اي انهم يقولون بانه طالما ان لكل سبب مسبب فلا يعقل ان يكون الانسان جاء من العدم .اي بمعني اخر :بما ان الانسان سبب فلابد ان يكون هنالك مسبب .وهذا المسبب هو الله .وبما انه مسبب فهذا بالضرورة يعني انه خلقنا الامر الذي يعني بطلان هذا الاحتمال ،اي احتمال انه لم يلخلقنا . هذا التبرير او التفنيد يصاحبه عدة ثغرات مثل طالما ان لكل سبب مسبب فمن هو الذي تسبب بوجود الله .ولكني مع ذلك واحتراما لاراء المؤمنين ساتمسك باحتمال بطلان هذ الاحتمال ،اي احتمال انه لم يخلقنا .وهنا سنضطر للاخذ بالاحتمال الثاني .اي بمعني اخر :رغم ان الله خلقنا الا انه عاجز في ذات الوقت عن حمايتنا .انه نسانا وتجاهلنا .

ولكن هذا الاحتمال يسبب الما كثيرا للمؤمنين .فهم لا يتقبلون فكرة ان يكون الههم عاجز.شخصيا اتفهم ذلك جيدا .ولكن ستظل الحقيقة حقيقة رغم مرارتها .اذا ما بادرني شخصا ما بالسؤال :اي الاحتمالين تفضل . ساجيبه :كلاهما .فلا الله خلقنا ولا هو قويا بما فيه الكفاية ليحمينا .اي بمعني انه عاجز . ولكن يبرز السؤال :مالم يخلقنا الله فمن الذي خلقنا او من اين جئنا . قد نكون بسبب تفاعلات او اننا تكونا نتيجة عمليات او اننا ارتقينا الي ان اصبحنا علي ما هو عليه الان . قلت في مقال سابق بان هنالك بون شاسع بين اله الاديان السماوية واله هذا الكون لو كان هنالك اله .وهذه بالضرورة يعني بان الذي خلقنا هو اله هذا الكون وليس ذاك _ ال(الله)_ الخاص بالاديان .

ولكن حتي لو سلمنا جدليا بفكرة ان الذي خلقنا هو خالق هذا الكون وليس منزل الكتب التي قال عنها صديق مكدسة سنجد انفسنا مرة اخري امام السؤال :طالما انه خلقنا لماذا نسانا ؟.لسبب بسيط هو انه عاجز عن حمايتنا .فان كان قادرا لتكفل بحمايتنا من القتل والمرض والجهل . وبما انه لم يفعل ذلك فهو بالتاكيد عاجز وضعيف .

قد يبادرني اخر بالسؤال :كيف يعقل ان يخلقنا – اله الكون _ ثم يعجز في ذات الوقت عن حمايتنا ؟ ربما لانه متلذذ بذلك او ان هنالك اعتبارات اخري لم يكتشفها العقل البشري بعد وليس منها بالتاكيد فكرتي الابتلاء والاختبار .

(تلذذ الاله بعذاب الانسان ) فكرة قد يرفض معظم المؤمنين قبولها .ولكنها مع ذلك ستظل حقيقة .ماذا يمكن ان نسمي مشاهدة الاله لشخص يغتصب طفلة لم تبلغ التاسعة بعد دون ان يتكفل بحمايتها ..الا يعتبر ذلك تلذذا وقبول . اذا كان هذا الفعل يؤنب ضمير الانسان البسيط فما بالك باله يقول انه خلق الكون .

العاقل فقط من يقبل فكرة ان السماء لا تمطر ذهبا . وان الله لا يمكن ان يساعدنا باي شكل من الاشكال .لذلك فهو يعمل علي وضع معالجات ارضية لا انتظار معجزات او حتي اشياء خارقة كما يفعل المتدين الساذج .

الملحدين واللادينين يسعون جاهدين لرفع المعاناة عن كاهل البشرية . اما المتدينين فهم ينتظرون من الله ان يقوم بذلك .لذلك تجد مجتمعاتهم تضج بالجرائم والكوارث . مجتمعات يموت فيها البشر كالانعام .مجتمعات دم الانسان فيها ارخص من دم الشاه .ومع ذلك يقولون ان الله خلقهم ولم ينسهم ...ياله من غباء .

اذا ما وضع المتدينين تلك الحقيقة في الاعتبار لما اصبحت احوالهم علي ماهي عليه الان .عليهم ان يؤمنوا بان الله نساهم حتي يبحثوا عن معالجات لازماتهم الكثيرة .اما اذا ما ركنوا للغيب وانتظروا من الله ان يحميهم فليتقبلوا اوضاعهم الراهنة بكل شجاعة ويتخلوا عن الانتقاد والتذمر .

#احمد_داؤود (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات