|
هل هي فعلاً -ثورة الثورات-؟
مجيد البلوشي
الحوار المتمدن-العدد: 4508 - 2014 / 7 / 10 - 00:05
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هل هي فعلاً "ثورة الثورات"؟
مجيد البلوشي [email protected]
كنت قد كتبت المقال التالي كرد على مقال "ثورة الثورات" الذي كتبه الأخ الأستاذ علي الشرقاوي في عموده اليومي "بنـادر" في جريدة "الوطن" البحرينية الصادرة بتاريخ 11 أكتوبر 2008م، عملاً بمبدأ "الرأي، والرأي الآخر"، وأرسلته إليه لنشره في نفس الجريدة، وذلك قبل شهرين ونيف، إلاّ أنه فاجأني بعدم إمكانية ذلك بسبب ضيق المساحة. ولذا قررتُ نشره في جريدة "أخبار الخليج" البحرينية لأتشارك مع القُراء بعض الأفكار والآراء الواردة فيه. وأرجو من الأستاذ علي الشرقاوي أن يتقبّل ما جاء في مقالي برحابة الصدر وطول البال. فلنأخذ الجُمل والعبارات التي أوردها في مقاله والتي تتداخل فيها المفاهيم، بل ولا تخلو من المغالطات، وتربك القارئ إرباكاً: أولاً، يقول الكاتب: " ... أن الثورة الحقيقية التي يحق أن يطلق عليها اسم الثورة، هي ثورة سيطرة العقل على المادة، أو عودة الوعي إلى أهمية معرفة أن الإنسان روح قبل ان يكون جسداّ، والذي يعني أننا في غضون السنوات القادمة ... ستتغير كثير من العادات القديمة، وسنتعرف على عادات جديدة، لا نحتاج إلى العلاجات التقليدية، خاصةً بعد التوصل إلى خارطة الجينات ...". (الخطوط الموضوعة تحت العبارات هي من عندنا للفت الانتباه). ونحن نتساءل: ماذا يعني الكاتب بـ"ثورة سيطرة العقل على المادة"؟ لو كان يقول "سيطرة العقل على الجسم" (جسم الإنسان أو الكائن الحي، أو الأشياء المحيطة به)، أي يستخدم كلمة "الجسم"، أو "الجسد"، لهـان الأمر، ولكنه يستخدم كلمة "المادة"، ولهذه الكلمة شأن آخر وخاصة أنه يستخدمها مع نقيضها "العقل"، أو "الوعي" بالمعنى الفلسفي، وسنتوقف عند هذه المسألة، مسألة علاقة العقل (الوعي) بالمادة، بمعناها الفلسفي، في نهاية مقالنا هذا.
ثم نتساءل: ما علاقة خارطة الجينات (الجينوم Genome) بالعادات والتقاليد؟ فمن المعروف أن خارطة الجينات تتعلق بالصفات والمميزات الوراثية المختلفة للكائن الحي كفرد منفرد من حيث اللون والقامة، والذكاء والغباء ...إلخ، وهي الصفات التي يحددها وضع وترتيب محتويات الوحدة الوراثية "الجين" Gene الموجودة في الحمض النووي المنزوع الأكسجينDNA الموجود في صبغيات (كروموسومات) الخلايا النباتية والحيوانية بما فيها خلايا جسم الإنسان، علماً بأن نواة كل خلية من خلايا جسم الإنسان، وعددها حوالي 100 تريليون خلية، تتضمن 500 ألف جين. صحيح أن الجينوم البشري له علاقة بسلوك الإنسان الفرد (لاحظوا عبارة "الإنسان الفرد") أو بشخص من الأشخاص وتصرفاته، ذلك لأن تصرّف الشخص الذكي يختلف كثيراً عن تصرّف الشخص الغبي مثلاً، وتصرّف الشخص القوي البُنية يختلف كثيراً عن تصرف الشخص الضعيف البُنية ... وهكذا، ولكن لا علاقة لخارطة الجينات (الجينيوم) بالعادات والتقاليد البتة، اللهم إلا إذا كان القصد رفض هذا الإنسان الفرد لهذه العادات والتقاليد، وهي عادات وتقاليد راسخة في المجتمع ويمكن لأي فرد أن يقبلها أو يرفضها دون أن يلعب العلماء بخارطة جيناته! أما تغيير هذه العادات والتقاليد فإنه يحتاج إلى ثورة اجتماعية وليس حركة فردية "جينومية"، إلاّ إذا قام العلماء بتغيير جينات جميع أفراد المجتمع، وهم بالملايين، وهذا أمر شبه مستحيل.
ولكن مهلاً، فقبل أن ننتقل إلى مسألة أخرى نحب أن نذكر هنا أن الحمض النووي DNA لدى الإنسان يتشابه مع مثيله لدى الشمبانزي بنسبة 98%، بمعنى أنه لو كانت هذه النسبة 100% لكان الشمبانزي إنساناً كاملاً! أليس هذا دليل علمي على صحة نظرية التطور لتشارلز داروين؟
ونتساءل أيضاً: ماذا يعني الكاتب بـ"العلاجات التقليدية" ؟ هل هي علاجات المشاكل الاجتماعية حيث يربطها بـ"العادات القديمة" و"العادات الجديدة"؟ أم أنها علاجات المشاكل الطبية والأمراض المستعصية؟ (وأعتقد أن هذه الأخيرة هي المقصودة، إلاّ أنه لمْ يوضح لنا ذلك).
ثانياً، يقول الكاتب: " إن هذه الثورة التي نرى تصاعدها من خلال الملايين الذين يمارسون اليوغا ويلتحقون بدورات البرمجة العصبية اللغوية وبرامج الطيران اليوغي والطاقة الحيوية بجميع أشكالها، وبرامج التنفس وفن المشي على النار، وغيرها من البرامج التي تستخدم قانون العقل الباطن في توظيف العقل الواعي هي الثورة الباقية في غضون العقود القادمة، محركة للسلام العالمي والأخوة البشرية ... ". والسؤال هنا هو: ما هي علاقة "ثورة سيطرة العقل على المادة" – حسب تعبيره – باليوغا و"الطيران اليوغي" و"فن المشي على النار" ... إلخ؟ أليست رياضة "اليوغا" التي يمارسها ملايين البشر، و"المشي على النار" الذي لا يمارسه إلا عدد محدود من الهـُواة، وكذلك "الطيران اليوغي"، بل وأيضاً عملية سحب سيارة بالأسنان، مثلاً، أو جرّ شاحنة أو طائرة نفاثة بشعر الرأس، أو كسر مكعب من الاسمنت أو الخرسانة بإصبع اليد الواحدة ... وغيرها من الحركات "البهلوانية"، أليست هي كلها مهارات فنية وعمليات فردية تدل على مدى صلابة إرادة الإنسان الفرد ومدى تحملّ جسمه القوة والضغط الشديدين؟ إنها مهارات وممارسات ناجمة عن التمرين المستمر والتدريب المتواصل، ولا علاقة لها بالعقل بالمعنى الذي يطرحه الكاتب، كما أنها لا تعني البتة " سيطرة العقل على المادة ". ثم هل هو جادٌ في قوله أنها "محركة للسلام العالمي والأخوة البشرية"، وهل هي فعلاً كذلك؟ وما هو "قانون العقل الباطن"؟ وما دخله، إنْ وُجد، في تلك المهارات والممارسات المذكورة؟
ثالثاً، قوله: " إن طريقة استخدام العقل للسيطرة على المادة، أعني أنه من الممكن أن يصل الإنسان في العقود القادمة إلى تحريك الأشياء بقوة العقل، ربما هي نظرية قريبة من التدين...". (وضع خط تحت العبارتين الآنفتين هو من عندنا للفت الانتباه) قول لا يخلو من المغالطة، إذ كيف يمكن للإنسان أن يحرك الأشياء بـ"قوة العقل" والعقل نفسه ليس إلا صفة، أو ميزة، لمادة معقّدة وعالية التطور هي المـُخ الإنساني الذي ليس كمثله شيء. ومن المعروف أن هذا المخ مرتبط بجميع أجزاء الجسم ويتحكم فيها عن طريق الملايين من الخلايا العصبية المنتشرة في هذه الأجزاء والمكونة معه – مع المُخ - ما يُعرف بالجهاز العصبي – بفرعيه المركزي والطرفي - الذي يولّد الحواس الخمس المعروفة (البصر، واللمس، والسمع، والتذوّق، والشمّ) لدى الإنسان والتي بواسطتها يتمكن من التعرّف على المحيط الخارجي والتأثـّر به والتأثير عليه. فالعقل لا يوجد بصورة مطلقة أو مستقلة، أو هو معلق هكذا في الهواء، بل أنه مرتبط ارتباطاً عضوياً بحاويه المادي وهو المُخ الإنساني. ولذا فإن العقل لا يمكنه، لا الآن ولا مستقبلاً، أن "يحرك الأشياء" بنفسه، ويبقى حامله، وهو الإنسان، مكتوف اليدين دون حراك، وكأن الأمر هنا " كُنْ فيكون "، إن جاز التعبير. إن هذا مستحيل. فما يحرَك الأشياء هو ليس العقل بمعناه المجرد بل هو الإنسان حامل هذا العقل. ثم هل هناك تديّن، أو دين، يدعو إلى "تحريك الأشياء بقوة العقل" حتى يقول صاحبنا أن ذلك قريب من التدين؟
رابعاً، قوله: " وليكن في علمنا أن العلم في السنوات الأخيرة قد اقترب كثيراً من الدين، وخاصة فيزياء الكم " فقول مردود أساساً إذ أن العلم يعمل في وادٍ والدين يعمل في وادٍ آخر يختلف عنه تماماً، ولا يمكن أن يلتقيا قط، فالعلم يتعامل مع عالم الواقع، عالم الأشياء المادية المتغيرة، ولا علاقة له بعالم الغيب والأرواح والجنة والنار، عالم الأمور السرمدية الثابتة، فهذه أمور تتعلق بالدين. ولا علاقة لفيزياء الكم بالدين حتى تقترب منه حتى ولو قليلاً. ففيزياء الكم تتعامل مع الجزيئات الدقيقة كالذرّة ومحتوياتها الدقيقة من الإلكترونات والبروتونات والكواركات وغيرها، وهي كلها جزيئات مادية موجودة خارج العقل الإنساني. ومهمة الإنسان، وهو صاحب المُخ حاوي العقل، هي اكتشاف هذه الأشياء ومعرفة القوانين التي تسري عليها، ومن ثم استخدامها في صالحه. ولكن المصيبة الكبرى هي محاولة إقحام الدين إقحاما قسرياً في المعطيات العلمية لاثبات أن الدين لا يتعارض مع العلم.
خامساً، وأخيراً، لنتوقف عند مسألة علاقة العقل (الوعي) بالمادة، وهي المسألة الأساسية في الفلسفة كما يعرف جميع الناس الذين درسوا الفلسفة، وقد تطرقنا إليها في مقال لنا نشرته إحدى الجرائد المحلية في أكتوبر عام 2001م، ولا بأس من أن نعيد طرحها هنا، ولو بصورة مختصرة، لصلتها بالموضوع الذي نحن بصدده. نسأل: ما هو العقل ؟ ونجيب: إنـه، وحسب التعريف العام، " مَـلَـكَـة الاستدلال الصحيـح والاستنتاج لدى الإنسـان، وعرض أفكـاره بطريقة منطقية ". وهذه " المَلَكة " هي صفة مميزة لمادة شديدة التعقّد وعالية التطور، ألا وهي المخ الإنساني المتكون من آلاف الملايين من الخلايا، والقادر على عكس الواقع الموضوعي المحيط بالإنسان، وتصويره، بواسطة الحواس الخمس، والاحتفاظ بصورته في الذهن الإنساني، واستعادة هذه الصورة متى ما شاء على شكل ذاكرة وخيال وتصوّر. فالمخ الإنساني لا يكتفي بتصوير الأشياء على ما هي عليه، كما هو الحال مع آلة التصوير الميكانيكية، بل يتغلغل فيها ويمحصها ليكشف العلاقات الترابطية والسببية فيما بينها ويكوّن أفكاراً عنها، ويربط بين هذه الأفكار ليتوصل إلى نتائج كُلّيـة وقوانين عامة. أي أن العملية هنا عملية انتـقال من العيني المادي concrete إلى التجريد الذهني abstract ، أي من الأشياء المادية المحسوسة إلى الأفكار والصور المجردة الموجودة في ذهن الإنسان.
تلك هي وظيفة المخ الإنساني: إنها عملية التعقّـل والتفكير. والإنسان هو الكائن الوحيد الذي يتميز بهذه الميزة. ولأنه كائن اجتماعي أساساً نظراً لطبيعة عمله الإنتاجي الجماعي الذي يتطلّب قيام المجتمع الإنساني، فإنه يخلق له لغة يتفاهم بها مع أقرانه وهم أفراد المجتمع، ويعبّر بها عن أفكاره وتصوراته، ويتبادل معهم أفكارهم وتصوراتهم. وبذلك يتعمق في الواقع أكثر فأكثر، ويكتشف الإمكانيات اللامحدودة لتغييره. فهو هنا يؤثر في الواقع ويتأثر به: فكلما انغمس فيه أكثر، زادت أفكاره ومداركه ومفاهيمه، وتوسعت لغته .
ولا يكتفي الإنسان بمجرد حمل الأفكار والصور، التي يستمدها من الواقع، وحفظها في ذهنه، بل إنه يعبث بها، وقد أصبح مالكها، ويفعل بها ما يشاء، شأنه في ذلك شأن تعامله مع الواقع نفسه، وذلك على شكل تخيلات وتصورات، قد تكون شبيهة بالواقع أو مزيّفةً له، بل يحاول تجسيدها وإيجاد مثيلاتها في الواقع المحيط به. فيتخيل أشياءً وكائنات لا وجود لها ثم يرسم صوراً لها على جدران الكهوف أو على الورق، أو ينحت تماثيل من الحجر أو الرخام تشبهها، فيتخيـل فرساً بجناحين يطير بهما (بيغاسوس مثلاً)، أو أسداً رأسه رأس إنسان (أبو الهول مثلاً)، أو إنساناً ذا قوى خارقة (سوبرمان مثلاً) ... وهكذا. ليس ذلك فحسب، بل وأخذ يعبد مثل هذه المخلوقات، التي تشبه الإنسان أو تجمع بين الإنسان والحيوان في الصفات المبالغ فيها، ويعتبرها آلهة يقدّسها ويقدم لها القرابين. فها هم إخواننـا الهندوس، مثلاً، يعبدون إلهـاً خـارق القـوة، يسمى "هنومان"، جسده جسد إنسان ورأسه رأس قرد، ويستطيع الطيران في الجو بدون أجنحة، كما يستطيع أن يُطيل ذيلـه كما يشاء ويلفّ به أضخم الأشجار ويقلعها قلعاً وفقاً لكتب الهندوس المقدسة. وهناك أيضاً الإله " غنبـتي" أو "غنيش " بأياديه الأربع، وبرأس الفيل بخرطومه الطويل. وغير ذلك من الآلهـة التي تنتشر معابدها في جميع أرجاء البلاد، وتقام لها الطقوس والشعائر المختلفة بجانب الأعياد والمناسبات الدينية، وذلك منذ آلاف السنين، كما تدور حولها مختلف القصص والحكايات المليئة بالمعجزات التي يتم تلقينها للأطفال منذ نعومة أظافرهم، وإقناعهم بأنها كائنات حقيقية ووقائع مطلقة، بل ويتم تدريسها في المدارس والمعاهد الرسمية وغير الرسمية، وبمختلف الوسائل، منها الترغيب والترهيب، فتترسّخ في أذهانهم ترسّخاً من الصعب، بل من المستحيل أكثر الأحيان، التخلّص منها واعتبارها مجرد تخيلات وتصورات من صنع عقل الإنسان ولا وجود لها أصلاً. فلا غرو في أن نجد هناك الملايين من الناس الذين يؤمنون بمثل هذه الآلهـة إيماناً مطلقاً، ويستميتون في الدفاع عنها. وبين هؤلاء الملايـين يوجد العالم والعبقري والمثقف والفنان والمتخصص في هذا المجال أو ذاك، بجانب عامة الناس، مع العلم أن هناك أناساً آخرين يعتبرونها مجرد أساطير وخرافات. فالمسألة هنا هي مسألة اعتقاد وإيمان، أي أنها مسألة إدراك الناس لهذه الكائنات على أنها حقيقية دون برهان أو إثبات، مع أنه لا وجود لها في الواقع المحسوس. إنه إدراك خيالي يتميز به العقل الإنساني وحده بجانب الإدراك الحسّي الذي يشاركه فيه بعض الحيوانات الأخرى.
ولا شك في أن الإنسان، باعتباره صاحب العقل، يستطيع أن يتحكم في مدركاته الحسية والخيالية ويميز الصحيح منها وغير الصحيح، ولكـن قد يكون " غير الصحيح " هذا، أو " المدرك الخيالي"، أو الكائن الخرافي، ما يطمئنّ به قلبه ويرتاح له باله ويميل إليه وجدانه، وهو – أي المدرك - بصورته الخيالية، خاصةً عندما يتم الترويج له بصورة واسعة انطلاقاً من مصالح طبقية ولأسباب اجتماعية ومآرب سياسية وغيرها.
ومع أن العقل نتاج لإنعكاس الواقع الموضوعي، الطبيعي والإجتماعي، المحيط بالإنسان في الفترة الزمنية التاريخية المعيّنة، إلا أن بإمكان الإنسان أن يتخيل ويتنبّأ بوجود العديد من الأمور والأشياء التي لا تكون موجـودة في زمانه. فها هو الكاتب الإنجليزي هربرت جورج ويلز، مثلاً، يكتب في روايته العلمية "رحلة إلى القمر" عن نزول الإنسان على القمر قبل ما يزيد على خمسين عاماً وقبل أن تطـأه فعلاً أقدام نيل آرمسترونغ وزميله إدوين ألدرين، وهما أول رجلين يمشيان على سطح القمر، عام 1969.
فالعقل الإنساني المرتبط إرتباطاً عضوياً بالمخ البشري يتعاطى مع الأمور العلمية الجديدة في كل حين ولحظة وبنجاح تامّ. وما الإكتشافات والإنجازات العلمية الهائلة التي أحرزها الإنسان حتى الآن في مختلف المجالات إلا دليل على ذلك، إنها دليل على قدرة الإنسان صاحب العقل الجبار على الخلق والإبداع والإختراع، أي إيجاد الجديد بإستمرار. فهو لا يكتفي بأن ينظر إلى الأشياء كما هي، بل إنه يسبـر غورها ويكتشف ما بداخلها ليتوصل إلى حقيقة أمرها. فلم يكتف الإنسان بأن ينظر إلى الماء، مثلاً، كسائل لا لون له ولا طعم ولا رائحة، بل تعمّق فيه ودرسه واكتشف أنه يتكوّن من ذرتين من الهيدروجين وذرة واحدة من الأكسجين. ليس ذلك فحسب، بل سبر غور الذرة نفسها، فاكتشف أنها تتكوّن من بروتونات موجبة الشحنة، تدور حولها إلكترونات سالبة الشحنة بجانب النيوترونات المتعادلة كهربياً، ناهيكم عن الأجزاء الدقيقة الأخرى التي تُعد بالعشرات. وهي أمور يعرفها طُـلاب المدارس جيداً. وتلك هي قدرة العقل على معرفة الحقيقة، حقيقة الأمور الواقعية.
فالمُخ البشري، مولّد العقل وحاويه، هو القائد الأعلى لجميع أجزاء جسم الإنسان، وهو المتحكم فيها، وهو الرابط بين الإنسان ومحيطه الخارجي. فلولا المخ لما كانت العين ترى، وما كانت الأصابع تلمس وتحس، وما كانت الأُذن تسمع، وما كان اللسان يتذوّق، وما كان الأنف يشمّ، بل وما كان القلب يدق ويغذّي أعضاء الجسم، بما فيها المخ نفسه، بالدم. نعم ، القلب يقوم بذلك فعلاً ولكن بإيعاز من المخ نفسه. فالمخ، حاوي العقل، هو الإنسان، ولولاه لما بقي الإنسان إنساناً.
دكتور مجيد البلوشي [email protected] [نُشرت هذه المقالة في جريدة "أخبار الخليج" البحرينية بتاريخ 17 يناير 2009م]
#مجيد_البلوشي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تعقيب على مقالة -بعثُ الماركسية: علاج الجور الاجتماعي-
-
تعقيب على رسالة الدعوة بالجمعية الإسلامية (البحرينية) بعنوان
...
-
التعايش السلمي الديني هو الحل
-
ليس العقل هوالمخ بل هو وظيفته المميزة
-
214 آية قرآنية تدعو للجهاد والقتال
-
ماذا بدأ علماء الأحياء يفعلون؟
-
الاحتفال بمرور مائة وخمسة وخمسين عاماً على نظرية التطور
-
الروح والعلم – علم النفس
-
ملاحظات سريعة حول - العقل ما له . . وما عليه -
-
العقل الإنساني وعظمته
-
ما هذا الخلط الديماغوجي؟ تعقيب على مقال -ثورة في الفيزياء ال
...
-
هل يوجد فعلاً إعجاز علمي في القرآن؟ (2/2)
-
هل يوجد فعلاً إعجاز علمي في القرآن؟ (1/2)
-
حول مقولة كارل ماركس -الدين أفيون الشعوب-
-
العلمانية هي الحل (1/2)
-
العلمانية هي الحل (2/2)
-
المرأة وطغيان الرجل
-
ومات شارون الطاغية بعد أن حقّق ما كان يريده بنجاح!
-
ليس كل مَن يدّعي الإسلام صادقٌا!
-
ماهية كل من المادة والوعي والطاقة والروح (8 - 8)
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|